وأنا فى طريقى لحضور حفل عمر خيرت بالأمس، كنت أستمع إلى خطاب الرئيس مرسى وهو يطالب بالإفراج عن عمر عبدالرحمن، تذكرت فتاوى الشيخ الجليل عن جواز سرقة محلات تجار الذهب الأقباط واغتيال السادات وفرج فوده وذبح نجيب محفوظ الذى كان يرى أنه لو كان قد عوقب على رواية «أولاد حارتنا» لكان قد تعلم سلمان رشدى من الدرس ولم يقدم على كتابة روايته!!، استمع إلى رأى الشيخ عمر عبدالرحمن فى الأقباط على هذا اللينك
http://www. youtube. com/watch?v=xZBKLJw4SCM، من الممكن أن تكون الحالة الصحية المتدهورة لسجين بعينه هى مبرر طلبنا بالعفو عنه ويتساوى فى ذلك الجميع، لكن أن تكون دعوة لنسيان جرائم إرهابية روعت مصر والمصريين وقتلت مبدعيها وبسطاءها وسياحتها فى شارع أسما فهمى والعجوزة وأسيوط والأقصر تحت راية مقدسة استخدمت لخداع البسطاء، فهذا هو المرفوض والذى يجب أن نتصدى لمنعه، مصر لا ينقصها استيراد إرهاب أو الإفراج عن إرهابيين، مصر ينقصها استيراد علماء ومبدعين وصناع حضارة ومحبى حياة لا تجار موت، مصر على الحافة وعليها الاختيار بين العمرين.
كانت حفلة عمر خيرت المزدحمة خير تصويت على أن وجدان مصر ما زال فيه الرمق، ما زال يعافر، شباب وكهول، رجال ونساء، يتشبثون بأهداب الفن السحرية، تطبطب على أرواحهم أنامل عمر خيرت السحرية، دموع الجمهور وهو يعزف «فيها حاجة حلوة» تصرخ بأن مصر بالفعل فيها حاجات كتير حلوة يجب البكاء عليها لو ضاعت، تفاعلهم مع «يبقى أنت أكيد المصرى» تشبث بالجذور الوسطية الأصيلة للمصرى المتجرد من عباءة بدو الوهابية، أخذنا خيرت إلى جنة الفن التى تذكر الرئيس أهلها أخيراً فى خطاب التحرير بعد أن تناساها فى خطابه الأول، أيقن الجميع أن أعداء الفن هم أعداء الحياة، عرفنا أن من لا يهتز لنغمة أو يطرب لإيقاع فهو غير جدير ببناء حياة ومستقبل، من لا يبكى عندما يشاهد فيلم «نهر الحب» أو «حبيبى دائماً»، ولا يضحك عندما يشاهد الريحانى أو عادل إمام ويتذكر فقط أن الأول مسيحى والثانى يستحق السجن!، فهو غير مؤهل لخوض مغامرة تغيير مجتمع وبناء وطن، من يرى فى راقصة الباليه مجرد ملابس قصيرة تثير غريزته الجنسية، هو إنسان مريض نفسياً مكانه مستشفى الخانكة ولا ينبغى أن تكون له المرجعية!، ومن يستمع إلى مزامير الشيطان فى موسيقى الساحر عمر خيرت فهو أصم غليظ الحس متبلد الوجدان.
استمعوا إلى عمر خيرت فى هذه الأيام الضنك، احتفوا واحتموا بموسيقاه، ارقصوا واطربوا وفكوا صواميل الكبت والقهر والتزمت، وذوبوا نشا الصمت والتواطؤ والخوف على إيقاع موسيقى هذا العبقرى الجميل.