قد تسوقنا الشفقة إلى تبرئة المذنب، تاركين القصاص لله الذى لا يغفل و لا ينعس و لا ينام.
لكن لن تساعدنا عواطفنا فى تذنيب البرئ، الا إذا غاب عنها الضمير، الضمير الصاحى الواعى الحى.
وقف المحامى فى ساحة القضاء يدافع عن متهمه:
يا حضرات المستشارين، يا سيدى القاضى
إن موكلى برئ، برئ بكل المقاييس، برئ من كل تهمة لصقت به ، إلا من تهمة واحدة، ألا و هى قلبه الأبيض الناصع الطيب الشفوق.
لقد صار القلب الطيب عيباً عنده و عبئاً عليه.. فماذا كان يمكنه ان يعمل موكلى ؟
ففى وقت عودته من حقله إلى منزله، إذ بالعجلة التى اتهم بسرقتها، قد سال لعابها على البرسيم الذى يحمله دوابه، فسارت خلفه. و من أدبه الجم رفض ان يزجرها او يضربها، و سرعان ما وجدها فى بيته، ثم فى حظيرته، ثم بين ماشيته هل ستحاسبونه على قلبه الابيض ؟
ام ستحاسبونه على كرمه الواسع ؟
و هنا اقتطع القاضى هذه الكلمات و هو يقول يا استاذ المسروق عَجَلَة و ليس عِجلَة.
فى يوم الدينونة سنفاجأ ببعض الامور الغريبة: فبينما سيحاسب الله قايين لانه قتل هابيل أخاه، سيدين الله شاول الملك لانه لم يقتل أجاج ملك عماليق، و سيكافئ فينحاس ابن العازار ابن هارون الكاهن، لانه قتل رجلاً اسرائيلياَ زنى فى العلن و الجهر مع إمرأة مؤابية
فلنترك الحكم للحاكم و الدينونة للديان و مخيف هو الوقوع بين يَدىَ الله العادل
لان الله مُبرئ البرئ لا مُذّنِبهُ و مُذّنِبُ المذنب لا مُبّرئه