أعلمك وأرشدك الطريق التي تسلكها. أنصحك. عيني عليك (مز32: 8)
« من قِبَل الرب تتثبت خطوات الإنسان (البار) » (مز37: 23). هذه بركة عظيمة قد لا يفطن لها المؤمن الحديث الإيمان، لكن عندما يرى اختبارياً وحشة البرية وتشابك المسالك في هذا القفر، يجد كم هو ثمين وهام أن يقود الرب قدميه وأن يثبِّت خطواته.
وإن كنا نتطلع إلى الرب لأجل الإرشاد، فكل شيء يبدو سهلاً وواضحاً. ومن عند الرب يصل إلينا شعاع من النور يبدد الغشاوة والضباب فلا يكون هناك مكان للحيرة. وما أعجبها تعزية لنفسي أن أعرف أنه لا يوجد شيء واحد بمفرده في حياتي ليست لله الآب فيه إرادة إيجابية موجهة ومرشدة .. ما أعظمه امتيازاً أن لا أخطو خطوة إلا ومحبة الله الآب تكون فيها جاهزة لتقديم المعونة اللازمة.
« أرشدك ... » ما أجمل أن ننتظر الرب، ولا نتعجل، أو نندفع بإرادتنا « انتظاراً انتظرت الرب »، ولا شك أنه يهتم ويعتني ويدبر، وفي كل شيء يستطيع أن يرشد. ولست أشك إطلاقاً أنه إن التصقنا بالرب وتمسكنا به تماماً، فإن روحه القدوس لا بد يرشدنا في علاقاتنا مع الناس من حولنا. وعندما يأتينا الإرشاد، كثيراً ما لا نفطن إليه، لكن الكلمة تأتي من عند الرب وتصل إلى النفوس وتنخسها، وواجبنا هو أن نحتفظ بصلة وثيقة بالرب حتى تكون النتيجة « لا أنا بل المسيح يحيا في » وهكذا هو يعمل فينا وبنا دون أن تعمل إرادتنا الخاصة، لكننا بوعي نحس أنه يستخدمنا.
إن الخراف تسمع وتميز صوت الراعي. فإذا لم يتكلم الراعي يجب أن تبقى الخراف في حالة انتظار حتى تسمع صوته، فإن صوتاً واحداً هو الذي تعرفه الخراف. صحيح هناك عديد من الأصوات الأخرى، لكن الخراف لا تعرفها. إن في طبيعة الخراف الغباوة والجهالة، لكنها تميز صوت الراعي لأنه صوت واحد متميز بذاته. ومتى وصل إليَّ صوت المسيح وميزته، فهذا يكفيني، لأن فيه سلاماً وهدوءاً لنفسي لا أجدهما في شيء آخر غيره. وهذا لا يتأتى من حكمة عظيمة أو من قوة كبيرة، بل من سماع صوت الراعي ومعرفته. فإن لم يكن الصوت صوت الراعي فلنَحذَره. إن الخراف لا تسمع صوت الغريب بل تهرب منه، ذلك لأن الراعي الحقيقي لا يُخيف الخراف، بل يطمئنها ويشجعها، ومعه لا تحتاج إلى شيء.