من أنا؟..ومن أنت؟ أيها الحبيب..حتى متى يقف الرب على باب قلب كل منا قارعاً؟
من أنا؟ ومن أنت؟ حتى يقف سيد الكل وملك ملوك الأرض على باب قلبينا قارعاً بصبر عجيب, وقد تطول وقفته لسنوات طويلة حتى نفتح ونسمح له بالدخول؟ إن صوته الحنون ينادينا: "هانذا واقف على الباب وأقرع. إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي" (رؤ3: 20). أيها القلب العجيب في داخل الإنسان..
من يستطيع أن يعرفك؟
من يستطيع أن يقيس الارتفاع الذي يمكنك الوصول إليه, أو العمق الذي تستطيع الغوص إليه؟
ياللبركات غير المحدودة, أو الأحزان اللانهائية التي في قدرتك الوصول إليها.
ما أصفي سماءك, وما أظلم هاويتك!!
خليق بنا أن نتعلم كيف نميز بين حياة العواطف وحياة العقل, ونعتزم أن لا نعيش فيما بعد حياة العواطف, بل أن نبني حياتنا على صخر الإرادة المطيعة.
اعلم أيها الحبيب أن الله يقرع على باب قلبك لتفتح له وتتعرف عليه, وتتقابل معه وجهاً لوجه, شخصاً لشخص.
إن الله يقف قارعاً على باب كل نفسي دون أن يكل أو يمل مهما طال الانتظار وهو يقول لها "افتحي لي يا أختي يا حبيبتي يا حمامتي يا كاملتي لأن رأسي امتلاً من الطل وقصصي من ندى الليل" (نش5: 2)
فتقول هي: "صوت حبيبي قارعاً" (نش5: 2).
إنها دعوة مملوءة شفقة وحب من فم الرب بقوله:
"تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (مت 11: 28)
إنها دعوة مملوءة شفقة لأولئك الذين يتطلعون في شوق وحنين, لأن يقتنوا السعادة والراحة, ولكنهم لم يجدوها في زحمة العالم ومشاغل الحياة.
لهؤلاء تكون الإجابة التي ترضي حاجاتهم وتحقق مطالبهم وهي: "تعالوا إلى..وأنا أريحكم".
أما الذين لا يشعرون باحتياجهم إلى المسيح, ويرفضونه بإصرار, الذين يغلقون أبواب قلوبهم في وجهه حتى لا يدخل.
لهؤلاء يذهب المسبح في رقة وتواضع واشتياق, حتى عندما يجد جميع الأبواب مغلقة أمامه, والطرق مسدودة, يقف كشحاذ قارعاً سائلاً.
هذا هو الشحاذ السماوي, الذي يظل واقفاً يقرع على أبواب قلوبنا المغلقة في مثابرة عجيبة.