فتح مخك فكها شويه ما تحبكهاش
أبونا مرقص عزيز
عندما يرى البعض إنساناً مدققاً و يسلك بالطريق المستقيم يقولون له تلك العبارة المألوفة التي هي سبب غالبيه كوارثنا "فتح مخك " فهل يا ترى هذه العبارة تسد في كافة نواحي الحياة ؟
هل تقول للتلميذ " فتح مخك " من جهة الجهاد في الدراسة و لا تهتم لكي تنجح ؟! .. هل تقول للمحاسب " فتح مخك " و لا تهتم كثيراً بضبط الأرقام للحصول علي نتائج صحيحة ؟! .. هل تقول للمهندس " فتح مخك " و لا تدقق كثيراً في أصول الهندسة و سوف يكون المبنى علي ما يرام ؟! .. هل نقول للكيميائي " فتح مخك " و لا تدقق في ضبط مقادير المواد و سوف يكون كل شئ حسناً ؟! .. هل نقول لقائد الفرقة الموسيقية " فتح مخك " و لا داعي لضبط الأوتار و سيكون اللحن رائعاً ؟! .. هل نقول للمصور " فتح مخك " و لا تدقق كثيراً و سوف تكون الصورة رائعة الجمال ؟! .. هل نقول للتمثال " فتح مخك " و التمثال سيكون في غاية الإبداع بدون تدقيق .. هل نقول للقائد " فتح مخك " لا تدقق في التصويب نحو الهدف و سوف تحقق غايتك ؟! .. هل تقول للمسافر " فتح مخك " ولا تدقق في معرفة الطريق لأنك ستصل إلي مكانك المقصود مهما كان الأمر ؟!
إذا كانت الإجابة في هذه كلها بالنفى !! فهل يجوز التدقيق في كل شئ ما عدا الأمور الروحية التي تقرر حياتنا هنا ومصيرنا الأبدي في عالم الخلود ؟! أخيراً اهمس في أذنك ، لا يجوز لك أن تفتح مخك مع الموظف الذي يفتح لك درج مكتبه لتضع فيه رشوة لأجل قضاء حاجتك، فإن الوحي الإلهي يقول " ملعون من يأخذ رشوة " (تثنية 27 : 25) "مبغض الرشوة تطول أيامه" (أمثال 28 : 16).
** توظف شاب في أحد المتاجر ولكنه رأى بعد قليل أنهم يأمرونه بأن يتصرف بعض التصرفات التي لا تتفق مع التعاليم الدينية ، و لكنه سلك حسبما يرضي قلبه وضميره وديانته مما جعل صاحب العمل يطرده فعاد إلي زوجته التي سألته عن سبب عودته مبكراً فأجابها عما حدث فقالت الزوجة " ألم أقل لك فكها شويه وما تحبكهاش!!! ها أنا وأولادك سنحصد الألم من جراء هذا الأمر " و لكنه شجعها بوعد الله القائل " اطلبوا أولاً ملكوت الله وبره وهذه كلها تزداد لكم " فقالت الزوجة " سنرى .. هذا حقاً قول الله ولكن الله طويل الأناة" ولم يمضي إلا وقت وجيز وقد سمع أحد الرجال الشرفاء عن هذا الشاب فأرسل إليه . حينئذ قالت الزوجة لزوجها وهي تودعه أمام باب المنزل " إياك أن تحبكها فكها شوية علشان ربنا يفكها " (دعك من تحمسك الزائد للدين ، خليك دبلوماسي ، استعمل الكياسة والسياسة واللطف لعلك تنجح ولا تتعب وتتعبنا معك ) وذهب الشاب فاستقبله كاتب المتجر وتجاذبا أطراف الحديث وفي أثناء ذلك قدم له سيجارة فأبى كل الإباء ، فأجابه " يظهر أنك لن تصلح للعمل معنا " وجاء صاحب المتجر وكان الجو بارداً فقدم له كأساً من الخمر فرفض ذلك بل نصح الاثنين أن يمتنعوا عن التدخين والخمر فأظهر له الإثنان مظهر الضيق ووبخاه علي عدم لطفه وبأنه لا ينفعهما بشئ ، و رجع إلي البيت ، وعندما عرفت زوجته ما حدث عنفته بشدة قائلة له " ألم أقل لك ماتحبكهاش وفكها شويه وأن تستعمل اللطف والكياسة ؟ و لكن في ذات اليوم دعاه صاحب المتجر واخبره ان الأمر كله كان حيلة لاختباره وعينه بأجر كبير مهنئاً له علي شجاعته وتمسكه لمبادئه وقيمه.
** ذرة الرمل مهما صغرت ، لا يستهان بها إذا دخلت ساعة يدك .. الأمين في القليل أمين في الكثير أيضاً ، والذي يسرق بيضه يمكنه ان يسرق أيضاً جملاً. .. سارق المليم أو الفلس خائن .. الخطيئة الصغيرة مثل حبة الرمل في العين ..لا تحتاج السفينة إلي ثقبين لتغرق فثقب واحد يكفي ؟ !
** كان يسير في شارع رئيسي فتقدم منه أحد المصورين و قدم له كارت به اسم وعنوان محل التصوير الذي يعمل به و قال له (إحضر غداً في هذا العنوان لتأخذ صورة طبيعية لك وأنت تنظر في مجلتك ) وهنا انتبه الشاب لنفسه وقال " لابد من السلوك بالتدقيق ، كذلك لابد أن أذكر ان السماء أيضاً تسجل علينا كل شئ ونحن لا ندري)..إن ذلك يذكرني بقصة رجلا كان يعمل كشغال (خادم) في أحد القصور الكبيرة و قام بتقديم مشروب حلو لأحد الضيوف … فأبقى الضيف جزء في الكوب فعندما خرج الخادم به ، وقف لحظات وحدثته نفسه أن يشرب ما بقي فيه فرفعه إلي فمه ، ولكنه لم يكن يدري أن سيده لاحظ هذا الأمر ، وفي تردده أسرع سيده فالتقط له صورة وهو يجرع ما بقي في الكوب وبعد برهة رجع الخادم إلي غرفتة فرأى صورة مخجلة له كل الخجل إذ رأى صورته والكوب علي فمه . إن السماء تسجل كل شئ فلنحترس و ندقق .