«ويدعى اسمه .... مُشيراً» (إشعياء 9: 6)
رأينا فى العدد السابق أن اسم الرب «عجيب» لأنه هو الله وانسان فى ذات الوقت، وهنا نرى الاسم الثانى الذى أُعطى له فى إشعياء9: 6 وهو «مُشير». وبحق هو عجيب ومُشير كما هو مكتوب فى إشعياء28: 29 «عجيب الرأى عظيم الفهم». وقال الرب عن نفسه فى أمثال8: 14 «لى المشورة والرأى. أنا الفهم لى القدرة». وفى رومية 11 نجد القول المبارك عن إلهنا «يالعمق غنى الله وحكمته وعلمه. ماأبعد أحكامه عن الفحص وطرقه عن الاستقصاء». فهو يمتلك كل الحكمة ولايحتاج لمشورة أحد «من صار له مُشيراً». وهو لايحتاج أن يغيِّر مشورته أو رأيه «رأىى يقوم وأفعل كل مسرتى» (إشعياء46: 10).
والرب يسوع المسيح هو مُشيرنا لأنه جاءنا بصفته مُعلناً مشيئة الآب، حيث تكلم الله فيه بكل مافى قلبه. وكلامه يعرفنا سبيل الحياة ويدلنا على الطريق المأمون الوحيد الذى ينبغى للشعب السائح أن يسير فيه عبر عالم ملئ بالخطية والضلال.
وكما نعلم أن الملوك والرؤساء يحتاجون إلى أصدقاء حكماء ليساعدوهم فى اتخاذ القرارات الصحيحة، فكان للملك داود مُشيرون مثل حوشاى الأركى صاحبه، وأيضاً يهوناثان عم الملك داود كان رجلاً مُشيراً ومُختبراً وفقيهاً (أخبار الأيام الأول27: 32). وفى العهد الجديد نقرأ عن يوسف الذى من الرامة كان مُشيراً ورجلاً صالحاً باراً (لوقا23: 50). ونحن جميعاً نحتاج إلى حكمة ومشورة من الله ليقودنا فى هذا العالم الشرير. والمسيح له المجد هو مشيرنا ومعلمنا الذى ينصحنا، فهو الذى صار لنا حكمة من الله (1كو1: 30). وحينما كان الرب يسوع هنا على الأرض بالجسد أعطى الله له الروح القدس بدون حدود «ليس بكيل يُعطى الله الروح» (يوحنا3: 34) الذى هو روح الحكمة والفهم - روح المشورة (إشعياء11: 2).
ولقد تغنى موسى عن الرب بعد خلاص الشعب من أرض مصر قائلاً «تُرشد برأفتك الشعب الذى فديته تهديه بقوتك إلى مسكن قدسك» (خروج15: 13). وتغنى أيضاً آساف قائلاً «برأيك تهدينى وبعد إلى مجد تأخذنى» (مزمور73: 24).
ويُسَّر الرب أن يعطى المشورة والنُصح للمؤمن «أعلمك وأرشدك الطريق التى تسلكها. أنصحك عينى عليك» (مزمور32: 8). ولكن بكل أسف غير المؤمنين يرفضون مشورته «لأنهم عصوا كلام الله وأهانوا مشورة العلى» (مزمور107: 11) ويقبلون مشورة الأشرار (ميخا6: 16). كما قبل أبشالوم فى البداية مشورة أخيتوفل .
والرب يسوع يخاطب ملاك كنيسة اللاودكيين «أشير عليك أن تشترى منى ذهباً مصفى بالنار لكى تستغنى وثياباً بيضاً لكى تلبس» (رؤيا3: 18). فلقد كانت حالة كنيسة اللاودكيين مُكدرة للرب حتى أنه مُزمع أن يتقيأها من فمه لأن لهم صورة التقوى مع انكار قوتها. فلم يكن الموقف محدداً؛ لا بارداً ولا حاراً، إذ أن هذه الكنيسة تنتسب إليه ولكن لاتبالى به ولاتعمل له حساباً. ولكن الرب فى نعمته ومحبته يقدم مشورته المقدسة لها موجهاً نظرها إليه وحده مصدر البر الإلهى والغنى، ويريد أن يعطيها القوة لحياة القداسة والبر العملى.
ومازال الرب فى محبته ونعمته يوّجه الدعوة الآن لكل شخص مُنتسب له اسمياً، متدين فقط بدون مصدر للقوة بداخله، أن يلجأ إليه تائباً معترفاً به رباً وسيداً على حياته.
صديقى العزيز .. أرجوك أن تؤمن ايماناً قلبياً بالفادى العظيم الذى مات لأجلك على الصليب فتمتلك الحياة الأبدية ويُصبح المسيح مُشيراً لك كل أيام حياتك.
«ويقودك الرب على الدوام. ويشبع فى الجدوب نفسك، وينشط عظامك فتصير كجنة رياً وكنبع مياه لاتنقطع مياهه» (إشعياء58: 11).