في شبابك كنت تقول أتوب إذا ما كبرت،
فمضى الشباب وجاء الكبر ولم تتب.
أفنيتَ شبابك بأوجاع الشهوات والذنوب،
وعندما كبرتَ لا ترغب أن تتوب.
من يوم إلى يوم تطرد التوبة،وأظنُّها قد هربت منك.
في شبابك قلت أبقى حتى أصنع هواي وأتوب، فها الآن قد كبرت.
اطلب التوبة قبل أن يطلبك الموت، فإنه بعد الموت ليست هناك توبة.
الأيام التي مضت تخبرك عن الأيام التي تأتي.
الأولى لم تختبئ والأخرى لا تبقى
قد كنتَ بعيداً عن يومك، فجاء وأدركك
وها هو أيضاً مسرع إلى الذهاب كما ذهبت الأيام الخوالي.
أنظر لنفسك قبل أن يجوز يومك، واذكر أن شبابك لن يدوم.
تعبر مثل الظّل أيامك، ومعها تنقضي حياتك.
التوبة هي أم الحياة، وطوبى لمن يولد منها.
التوبة هي ترياق لأوجاع الخطيئة القاتلة، وعذاب عظيم للشيطان مضادها.
إنها التوبة تجعل الزُّناة بتوليين، كما تُجلي النوراني الذي علاه الصَّدأ
هي تجتذب من الطرقات إلى الملكوت، ومن بين السياجات تُدخل إلى العُرس
إنها قائمة بباب الختن السماوي، وكل من عبر بها استقبلت وجهه بيدها
هي هي أم النور، وكل من ولد منها أنبتت له أجنحة من نار،
ومع الروحانيين يطير إلى العلا
هي هي ملحمة الطّب السماوي، ومن وضعها على وجهه برء لوقته
إنها تزور الأموات، وكل من بلعه الموت
ودنا من أحضانها شقَّت الموت وأخرجته من جوفه
إنها حصن تحفظ ما بداخله، وجبَّار يرد كل من سُبي.
هي هيكل للأمم الطاهرة، ومنها يأخذون قُدساً لقدسهم
هي خزانة لجميع الكنوز، وكل من قرع بابها أخذ منها حاجته
فمن ذا الذي لا يحبُّك أيتها التوبة، يا حاملة جميع التَّطويبات.
ليس من تمسَّك برجائك ونزل إلى الجحيم
ولا من صعد إلى السماء بدونك.
من يرى الله بغيرك؟
من تمسَّك برجائك ووقع في يد الشيطان؟
ومن تطهَّر ولم تكوني أنت التي غسلتيه؟
مباركة أنت يا أم الغفران، يا من أعطانا إياك الآب المملوء رحمة.
هي التي تجدِّد البتولية التي اتَّسخت،
وتحفظ بلا عيب تلك التي لم تفسد بعد.
المسيح جاء وخلصنا، وبصوته نادانا قائلاً:
"توبوا فقد اقترب الملكوت"
المرجع: التاريخ الطقسي لسر التوبة والاعتراف، للراهب القس أثناسيوس المقاري