رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
تسبحة العذراء مريم (الاستنارة)
غريغوريوس صانع العجائب وإذ عاشت العذراء القديسة وهي على الأرض حياة نقية غير فاسدة وسلكت في كل الفضائل وعاشت حياة أسمى من كل الناس، لهذا أخذ كلمة الله الآب منها جسداً، لكي بنفس الجسد الذي به دخلت الخطيئة إلى العالم، وبالخطية الموت، يدين الخطية في الجسد، ويُهزم المجرب بموت وقيامة المسيح، وبذلك تظهر القيامة وتتأسس الحياة الأبدية في العالم وتنشأ الشركة والألفة بين الله والناس. فقد أرسل جبرائيل إلى العذراء القديسة، غير الجسدي أرسل لمن سلكت في الجسد سلوكاً نقياً، وعاشت في الفضائل. وحينما جاء إليها خاطبها أولاً بالتحية: "سلام لك أيتها الممتلئة نعمة الرب معك". السلام لك أيتها الممتلئة نعمة لأنك مستحقة للفرح إذ أنك لبست ثوب النقاوة، وتمنطقت بمنطقة الفطنة. السلام لك أيتها الممتلئة نعمة لأن نصيبك هو أنه تكوني مركبة الفرح السماوي. السلام لك أيتها الممتلئة نعمة لأنه بواسطتك أعطي الفرح للخليقة كلها، واستعاد الجنس البشري بواسطتك كرامته الأولى. السلام لك أيتها الممتلئة نعمة لأنك ستحملين خالق الكل بيد ذراعيك ... السلام لك أيتها العذراء القديسة فإن رب كل القوات السمائية رب كل المخلوقات، قد اختارك أنت القديسة والحسنة تماماً، ومن احشائك المقدسة العفيفة وغير الملوثة، تأتي اللؤلؤة المضيئة لأجل خلاص كل العالم، حيث أنه من بين جنس البشر، أنت القديسة أكثر من الكل، وأنت مكرمة جداً والأكثر طهارة والأكثر تقوى من الجميع .. والإسم الذي أعطي للعذراء هو مريم وهذا معناه "الاستنارة"، وأي شيء أكثر إضاءة ولمعاناً من العذراوية؟ لهذا أيضاً دعيت الفضائل "عذارى" بواسطة أولئك الذين يجاهدون لبلوغ طبيعتهم الحقيقية. فإن كان هو بركة عظيمة جداً أن يكون للإنسان قلب عذراوي فكم بالأحرى حينما يكون الجسد أيضاً عذراوياً مع النفس! هكذا كانت العذراء القديسة وهي في الجسد تحتفظ بحياة غير فاسدة، وتقبلت ما أعلنه لها رئيس الملائكة بإيمان. بعد ذلك ذهبت العذراء بسرعة إلى قريبتها إليصابات في الجبال. ودخلت بيت زكريا وسلمت على إليصابات "فلما سمعت أليصابات سلام مريم، إرتكض الجنين في بطنها، وامتلأت إليصابات من الروح القدس" (لو 1). وهكذا كان صوت مريم مملوء بقوة جعلت أليصابات تمتلئ من الروح القدس. وأرسلت لسانها كما من ينبوع متدفق، فجرَّ عطايا من النعمة، بالنبوة لقريبتها. وبينما كان الجنين مربوطاً بقدميه، تهلل ورقص. وكان هذا علامة تهليل عجيب. لأنه حيثما وجدت الممتلئة نعمة فهي تملأ كل الأشياء بالفرح. "وصرخت إليصابات بصوتٍ عظيم وقالت: "مباركة أنتِ في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك! فمن أين لي هذا أن تأتي أم ربي إليَّ" مباركة أنت في النساء، لأنك صرت للنساء بداية الخليقة الجديدة. وأعطيت لنا جراءة للدخول إلى الفردوس، وجعلت عدونا القديم يهرب. وبعدك لم يعد جنس النساء موضوع عار. ولن تخف بنات حواء من اللعنة القديمة أو من أوجاع الولادة. لأن المسيح، فادي جنسنا ومخلّص كل البشرية، آدم الروحاني، الذي شفى جراحات الخليقة الترابية، جاء من أحشاءك المقدسة. مُباركة أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك، لأن الذي يحمل لنا كل البركات ظهر كثمرة منك. هذا نقرأه في كلمات العاقر، ولكن نقرأه بوضوح أكثر فيما عبرت عنه العذراء نفسها، حيتما قدمت لله تسبحة مملوءة بالشكر والقبول، والمعرفة الإلهية، معلنة عن الأمور القديمة مع ما هو جديد، ذاكرة الأمور القديمة مع التي تتحقق في ملء الزمان، وملخصة أسرار المسيح في عبارات قليلة. "وقالت مريم: تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي ... عضد إسرائيل فتاه ليذكر رحمة كما كلم آباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد" (لو 1) ها أنت ترون كيف فاقت العذراء القديسة، كمال البطاركة وهي تثبت العهد الذي عمله الله مع إبراهيم حينما قال: "هذا هو عهدي الذي تحفظونه بيني وبينكم" (تك 17). فقد جاء وثبّت العهد مع إبراهيم، إذ قبل سرياً في نفسه علامة الختان، واثبت أنه هو نفسه تحقيق الناموس والأنبياء. هذه التسبحة النبوية، قدمتها القديسة والدة الإله، لله، قائلة "تعظم نفسي الرب وتبتهج روحي بالله مخلصي، لأن القدير صنع بي عظائم واسمه قدوس". فقد جعلني أم الله كما أنه حفظني عذراء، وبواسطة (ما في) أحشائي جمع كل الأجيال للتقديس لأنه بارك كل الأعمار، الرجال والنساء، الشباب والشيوخ. "صنع قوة بزراعه" لأجلنا، منتصراً على الموت والشيطان، إذ مزق صك خطايانا. "شتت المستكبرين بفكر قلوبهم"، فقد شتت إبليس وكل شياطينه. ذلك الذي تعجرف في قلبه وتحاسر أن يقول: "أصعد فوق مرتفعات السحاب أصير مثل العلي"(إش 14). ويوضح النبي كيف شتت إذ يقول "لكنك إنحدرت إلى الهاوية" وكل جنودك معك. فقد أبطل الرب مذابحه في كل مكان، وعبادة الآلهة الكاذبة، وأعد لنفسه شعباً خاصاً من الأمم الوثنية. "وانزل الأعزاء عن الكراسي ورفع المتضعين". في هذه العبارة إشارة مختصرة إلى استبعاد اليهود ودخول الأمم إلى الإيمان. لأن شيوخ اليهود وكتبة الناموس والذين تنعموا بامتيازات كثيرة، استخدموا غناهم بطريقة رديئة وسلطانهم بطريقة غير مشروعة، لذلك انزلهم عن كراسيهم سواء في النبوة أو الكهنوت، سواء في التشريع أو التعليم، وتعرّوا عن غناهم الموروث، ومن ذبائحهم وأعيادهم العديدة، وكل الامتيازات الشريفة الخاصة بالملكوت. وحرموا من كل هذه الخيرات، وكلاجئين عرايا طُرحوا في السبي. وعوضاً عنهم رفع المتضعين، أي شعوب الأمم المتعطشة للبر. فهؤلاء إذ اكتشفوا وضاعتهم، وكانوا جائعين إلى معرفة الله، وطلبوا الكلمة الإلهية، لينالوا ولو الفتات مثل المرأة الكنعانية، ولهذا فقد امتلئوا بغنى الأسرار الإلهية. لأن المسيح الذي ولد من العذراء أعطى كل ميراث البركات الإلهية للأمم. "عضد إسرائيل فتاهُ"، ليس أي إسرائيل على وجه العموم بل "فتاهُ"، ذاك الذي يحفظ في كل عمل من أعماله سمو ونبل إسرائيل حقاً. ولهذا السبب أيضاً تُسميه العذراء "فتاهُ" أي ابنه والوارث له. وحينما وجد هذا يجتهد في الناموس، دعاه بالنعمة. هذه هو إسرائيل الذي دعاه ليعضده ويذكر رحمة. "كما كلم آباءنا لإبراهيم ونسله إلى الأبد". في هذه الكلمات يمكننا أن نفهم سر التدبير كله. لأنه من أجل خلاص جنس البشر وتحقيق الوعد الذي أعطي لأبائنا، فإن المسيح "طأطأ السماوات ونزل" (مز 18). وهكذا يظهر لنا ذاته بقدر ما نستطيع أن نتقبله، لكي يمكننا أن نراه، ونلمسه ونسمعه حينما يتكلم. لذلك، فإن الله الكلمة أخذ لنفسه جسداً. أي ناسوت كامل من امرأة، هي العذراء القديسة، ووُلد إنساناً ليوفي الدين الذي علينا، ويحقق في نفسه فرائض العهد الذي صنعه مع إبراهيم، في طقس الختان، وكل الأمور الشرعية المتصلة به. وبعدما تكلمت العذراء بهذه الكلمات، ذهبت إلى الناصرة، ومن هناك أتت إلى بيت لحم، بسبب أمر القيصر. ولأنها من بيت داود الملكي جاءت إلى بيت داود مع يوسف خطيبها. وهناك تم السر الذي يفوق كل العجائب - العذراء ولدت وحملت بين ذراعيها ذاك الذي يحمل كل الخليقة بكلمته. "ولم يكن لهما موضع في المنزل". لم يجد مكاناً ذاك الذي أسس الأرض كلها بكلمته. والعذراء غذت بلبنها ذاك الذي يعطي قوتاً وحياة لكل كائن حي. وقمطت بالخرق ذاك الذي يضبط الخليقة كلها بكلمته. ووضعت في مزود ذاك الجالس فوق الشاروبيم. اشرق نور من السماء حول ذاك الذي ينير المسكونة كلها. وجنود السماء سبحوه بتماجيدهم، ذاك الذي هو ممجد في السماء قبل كل الدهور. وقاد النجم بضياءه أولئك الذين أتوا من أقطار بعيدة إلى ذاك الذي هو "الشرق" الحقيقي. جاء الذين يحملون الهدايا من الشرق إلى ذاك الذي إفتقر لأجلنا. والقديسة والدة الإله حفظت هذه الأمور متفكرة بها في قلبها، كمن هو مخزن لكل الأسرار. مدحك، أيتها العذراء كلية القداسة، يفوق كل مديح بسبب الإله الذي أخذ منك جسدأً ووُلد منك إنساناً. كل الخلائق في السماء وعلى الأرض وما تحت الأرض، تقدم لك الكرامة اللائقة بك، لأنك أنت بالحقيقة قد اُفرزتِ لتكوني العرش الشاروبيمي الحقيقي. أنت هو النور اللامع الذي يضيء في الأماكن العالية لممالك العقل، حيث يُمجد الآب الذي بلا بداية، والي ظللك بقوته، والابن أيضاً يُعبد ذاك الذي حملته بالجسد، وحيث يُسبح الروح القدس الذي تمم من أحشائك ولادة الملك القدير. أيتها الممتلئة نعمة، بواسطتك الثالوث المتساوي في الجوهر، يُعرف في العالم. واحسبينا معك أهلاً أن نصير شركاء النعمة الكاملة التي لك في يسوع المسيح ربنا، الذي له مع الروح القدس ومع الآب المجد الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين. المرجع: كتيب "البشارة بمجيء المسيح للقديس غريغوريوس صانع العجائب، ترجمة د. نصحي عبد الشهيد، مركز الآباء بالقاهرة. ANF 6 |
24 - 07 - 2016, 02:15 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: تسبحة العذراء مريم (الاستنارة)
ربنا يفرح قلبك دايما يا مرمر
|
||||
25 - 07 - 2016, 01:31 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تسبحة العذراء مريم (الاستنارة)
شكرا على المرور
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تسبحة السيدة العذراء مريم |
أمتلأت تسبحة العذراء مريم بأمور كثيرة |
إكرام مريم العذراء في ترتيب تسبحة نصف الليل اليومية |
تسبحة العذراء مريم |
ذكصولوجية للسيدة العذراء مريم - تقال في تسبحة نصف الليل |