( الرب يجرح ويعصب يسحق ويداه تشفيان )
" أي 18:5 "
الرب الخالق يحب خليقته . خلق الأنسان على صورته ومثاله ، لا في صورة الجسد ، بل في البر والقداسة والطهارة . لا يقبل الخطيئة ، لهذا أنذر البشر قائلاً ( أجرة الخطيئة هي الموت ) وبسبب الخطيئة طرد الأنسان المخلوق من نعيم الفردوس وفقد الصداقة مع الخالق . بعد ذلك وضع الله للأنسان الخاطىء الوصايا لكي يعمل بها ، ولمحبته اللامتناهية للأنسان قدم أبنه الوحيد لكي يكون هو الذبح العظيم على خشبة الصليب . هو الله دفع الثمن بشخص أبنه ، لكن رغم ذلك فالأجيال المتعاقبة ما تزال تسقط في خطايا كثيرة بسبب ضعفاتها وشهواتها الرديئة وبسبب أغراءات هذا العالم وسيده . فلأجل خلاصنا نحن البشر يستخدم الله وسائل كثيرة لكي يعيدنا الى طريق التقوى وأعلان التوبة للعودة أليه . ومن تلك الوسائل التي يستخدمها ضد الخاطىء هي عصا التأديب وخاصةً لمن يرفض التوبة . في الكتاب المقدس قصص كثيرة لشعبه المختار في العهدين القديم والجديد توضح لنا كيف تركوا آبائنا الطريق القويم لكي يعيشوا بعيدين عن البر . فشعب أسرائيل بعد أن خلصهم الرب من قبضة فرعون أتى بهم الى سيناء في طريقهم الى أرض الميعاد التي وعد بها أبيهم أبراهيم لكي يهبها لنسله ، لكنهم رفضوا العطية وأرادوا العودة الى مصر والى عبادة آلهة أخرى ، فأدبهم بعصا غليضة ولمدة أربعين سنة ولم يدخل من ذلك الجيل أحداً الى أرض الميعاد ، وحتى موسى النبي ، عدا أثنين فقط وهم يشوع بن نون وكالب بن يفنة القنزي " يش 6:14" . لكن بعد موت يشوع بن نون الذي قاد الشعب بعد موسى ، عادوا الى عبادة الأوثان فسلمهم الله الى أعدائهم لكي يتأدبوا . بعدها صرخوا الى إلاههم الحقيقي لكي ينقذهم . وهكذا نرى الرب يعطف الى شعبه في فترة زمن القضاة فيرسل اليهم المنقذ ، لكنهم يعيدوا أيضاً الى الكفر . كرروا هذه المآساة عشرة مرات . كما نقرأ عن تمردهم وكفرهم أيضاً في زمن ملوك يهودا وأسرائيل ، فكان الرب يعاقبهم لكي يعوا ويعودوا الى الصواب ، فسبي بابل كان تأديباً طويل المدى طال 70 سنة لبني أسرائيل بسبب عبادتهم لآلهة غريبة وعدم ألتزامهم بوصايا الرب .
وأما في العهد الجديد فأستخدم الله عصا التأديب مع من أراد العيش بعيداً عنه . فكان ينذر الخطاة لكي يتوبوا ، فيقول لكل منهم ( تذكر من أين سقطت ، وتب وأعمل الأعمال الأولى ، وإلا فأني آتي عن قريب وأزحزح منارتك من مكانها أن لم تتب ) " رؤ 5:2" .
هناك من يستغل طول أناة الله فينغمس في الشهوات رغم أنذرارات الله فتأتي العقوبة . فالمرأة الزانية التي أعطاها الله وقتاً للتوبة عن زناها ولم تتب ، ألقاها في فراش المرض وعاشت في ضيقة عظيمة " رؤ 22:21 " . كما أنذر ملاك كنيسة اللاودكية لحياة الفتور الذي كان يعيشه شعبها ، ويقول ( أني كل من أحبه أوبخه وأودبه فكن غيوراً وتب ) " رؤ 19:3" .
أما القديس بولس فيقرر العقاب لخاطىء كورنتوس الذي زنى مع زوجة أبيه ، فيقول ( أن مثل هذا يسلم للشيطان لهلاك الجسد لكي تخلص الروح في يوم الرب ) " 1 قو 5:5 " لكن بعد أن قدم توبة صادقة ، قال مار بولس لأهل قورنتوس (يكفي ذلك الرجل المذنب القصاص الذي أنزله به أكثركم . وعلى نقيض ذلك ، فأحرى بكم الآن أن تسامحوه وتشجعوه ، وإلا فإنه قد يبتلع في غمرة الحزن الشديد ، لذلك أتوسل إليكم أن تؤكدوا له محبتكم ) " 2 قو 2: 6-8 " .
إن تأديب الله لأولاده هو أفضل من تأديب الوالد لأبنه ، لأن تأديب الله نابع من محبته الخالصة والهادفة الى خلاص تلك النفس . لهذا يقول أيوب البار ( لا ترفض تأديب القدير ) " أي 17:5" .
أما القديس بولس فيقول (.. الله يؤدبنا دائماً من أجل منفعتنا ، لكي نشترك في قداسته )
" عب 10:12 " .
إذاً تأديب الله لأولاده المؤمنين هو لأجل خلاصهم فبتجارب التأديب تجعل الأنسان يتزكى لكي ينال أكليل الحياة " يع 1: 12-13" فأمينة هي عقوبة الرب لمحبيه ، فلو لا تأديب وأنذارات من الرب لسقط الكثيرين وماتوا في الخطيئة لهذا يجب أن يعلم كل مؤمن بمحبة الله ويتحمل تأديبه ، ويقول له مع المرنم :
( طوبى للرجل الذي تؤدبه يا رب )
" مز 12:94"
بقلم/ وردا أسحاق