" لكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين"
&&***************&&
(مت 24: 12)
في عالم يضجّ بالخوف والوجع والتّشرّد والحرمان والعوز والقلق والحقد، لا بدّ من صرخة محبّة.
الإثم نتيجة لرفض المحبّة الإلهيّة، وانحدار إلى ما دون مستوى صورة الله المنطبعة في الإنسان. لذلك يقول الرّبّ: " لكثرة الإثم تبرد محبة الكثيرين" (مت 24: 12). فالمحبّة لا تبرد بذاتها ولا تخبو، لأنّها مشتعلة أبداً، بل نحن نستبعدها ونبتعد عنها، فتبرد فينا.
ولمّا كان الإثم نتيجة لرفض المحبّة، أصبح الإنسان قادراً على تشويه العالم واقتياده إلى الهلاك، لأنّه يبحث عن محبّته لذاته بمعزل عن الآخر. وحبّ الذّات من جهة الأنانيّة فعل شرّ لأنّه سعي إلى تدمير الفكر، واضطراب النّفس، وتشويش الرّوح. لذا نرى عالم اليوم قد فقد بوصلته، واتّجه نحو هلاكه وهو يظنّ أنّه يتحرّر.
لقد أعطي الإنسان أن ينمو ويعظم بالمحبّة، فيستنير. لكنّه اختار أن يبقى في الظّلمة ويحقّق ذاته بذاته وتاه عنه أنّه يخضع للنّقص والضّعف، وتحقيق الذّات لا يتحقّق كاملاً إلّا بالرّبّ. كثر الإثم وبردت المحبّة وبات الإنسان يعيش في هيكليّة الإثم. أي أنّه أمسى يعيش على مبدأ الإثم معتبراً المحبّة شواذاً عن القاعدة. فلا نسألنّ بعدُ عن سبب غرقنا في مستنقعات هذا العالم، ولا نتساءلنّ عن مدعاة تراجعنا الإنسانيّ رغم كلّ التّقدّم العلمي. ولا نستفهمنّ عن حجّة الهوّة بين الإنسان والله، إذا ما كنّا فارغين من المحبّة. " لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم. إن أحب أحد العالم فليست فيه محبة الآب." ( 1 يو 15:2).