رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
نص حيثيات حكم بطلان تعيينات النيابة الإدارية
قضت المحكمة الإدارية لرئاسة الجمهورية بوقف تنفيذ إعلان هيئة النيابة الإدارية رقم(1) لسنة 2015 وبطلان قرارات التعيين التي صدرت استنادًا إليه صدر الحكم برئاسة المستشار عادل لحظى ـ نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشاري: بهجت طلعت وأسامة عبد التواب وأحمد بركات وأحمد محسن وأسامة صلاح ومحمد توفيق وعصام رفعت وأحمد عوض الله وذكرت المحكمة في حيثيات حكمها التي حصلت "فيتو" على نسخة كاملة منها؛ أن الإعلان الصادر عن هيئة النيابة الإدارية؛ جاء منطويًا على تفرقة تحكمية بين مواطني الدولة الراغبين في التقدم لشغل الوظائف المعلن عنها؛ على أساس النطاق الجغرافى ـ محل الإقامة ـ إذ حجبت الجهة الإدارية من لديه رغبة من جموع المواطنين ممن توافرت فيه الشروط الأخرى عن التقدم لشغل الوظائف المعلن عنها، في حين أن المشرع الدستورى حرص دومًا على تحقيق مبدأ المساواة أمام القانون وتكافؤ الفرص وعدم التمييز بين المواطنين إعمالا للمبادئ التي رسخت في وجدانه وحرصت على ترديدها جميع الدساتير المتعاقبة فضلا عن استهلال نصوصها به؛ لما لها من سمو ورفعة ترقى بها لأن تكون من دعائم قيام الأمم وبناء الحضارة وأن في تغييبها غيابا للدولة وتقويضا لأركانها وزعزعة لاستقرارها ونشرا لما قد يوغر الصدور بسبب التمييز أو المعاملة التفضيلية المهدرة لضمانة جوهرية لتحقيق العدل والسلام الاجتماعى؛ إذ يضحى المجتمع بغيرها؛ كأعجاز نخل منقعر ما من عمد يقيمه ولا كيان يرفعه، وهو ما يقيد الجهة الإدارية وهو بصدد سن قواعد عامة ومجردة؛ اقتفاء أثرها وترسم خطاها انصياعا منها لأحكام الدستور والقانون ونزولا على مبادئهما وألا تحيد عن الأطر التي يُبينهما وأن تصدع لأحكامهما حتى لا تسقط تصرفاتها في حمأة عدم المشروعية،وهذا ما حرص عليه وشمله؛ قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية " الذي صدر الإعلان في ظل سريان أحكامهما " إذ أوجبا أن يتضمن الإعلان كافة البيانات التي تضمن تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، بما يضمن الحماية المتكافئة للحقوق جميعها، وإذ صار هذا التمييز؛ حاجزًا مانعًا لجموع المواطنين عن التزاحم على شغل الوظائف المعلن عنها، دونما سند من الدستور أو القانون، ولا ريب؛ أن الجهة الإدارية عندما اشترطت في هذا الإعلان إقامة المتقدمين لشغل الوظائف المعلن عنها في محافظات بذاتها؛ قد فارقت بذلك قانون الخدمة المدنية ولائحته التنفيذية، لإخلالها بمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، وانطوى تصرفها هذا على أحد صور التمييز المنهى عنه دستوريًا، بنص آمر قطعى الدلالة والثبوت؛ بعدم التمييز بين الموطنين على أساس جغرافى، كأحد الحقوق والحريات والواجبات العامة التي تتبوأ أعلى مكانه وأرفع منزلة، بما يترتب على هذه المخالفة؛ عدم مشروعية ما يصدر عن أي من السلطات العامة في هذا الشأن ـ وأيا كان وجه الرأى في الاعتبارات التي دعت الجهة الإدارية إلى تقرير ذلك ـ فإن خضوع الدولة بجميع سلطاتها لمبدأ سيادة القانون؛ قد بات أصلًا مقررًا وحكمًا لازمًا لكل نظام ديمقراطى سليم، وتبعًا لذلك؛ يكون لزامًا على كل سلطة عامة أيا كان شأنها وأيا كانت وظيفتها وطبيعة الاختصاصات المسندة إليها، النزول على قواعد الدستور والقانون ومبادئهما والتزام حدودهما، ومحارمهما، فإن هي خالفت ذلك أو تجاوزته؛ شِيب عملها بعيب عدم المشروعية. وإذ تمادت هيئة النيابة الإدارية "تشهيًا " في تمييزها بين المواطنين ـ على أساس جغرافى؛ حين اقتصرت في إعلانها؛ بمن يتقدم لشغل وظيفة كاتب رابع أعمال سكرتارية عامة؛ أن يكون من مُقيمى محافظتى القاهرة والجيزة ومنطقة شبرا الخيمة؛ ولم تتبع ذات النهج الذي أخذت به في إعلانها بالاقتصار على محافظات بذاتها فمن غير المتصور أو المفهوم؛ إدارج منطقة بذاتها للتقدم لشغل هذه الوظيفة، وهو ما يدعو لمساورة الشك للمحكمة، وأدنى القول فيه؛ إن الجهة الإدارية قد وطأت به موطئ الشك والريبة منها، وكان أحرى بها أن تنأى بكيانها عنه، أما وأن إعلانهاهذا؛ قد ران عليه ما ران من التمييز بين المواطنين على أساس جغرافى، وحجبت به مواطنى الدولة ومن بينهم المدعى عن التقدم لشغل الوظائف المعلن عنها، وهو ما يمثل ـ على نحو ما انتهينا إليه ـ انتهاكًا لحدود الدستور والقانون وافتئات وفرية عليهما، وإخلالًا بأحكامهما وعزوفًا عن النزول على مبادئهما وسيرًا على غير هدّيهما، بما يوصمه بعيب عدم المشروعية الجسيم. وإذ فرقت الجهة الإدارية في شرط السن بين الوظائف المعلن عنها، دونما أن يتضح للمحكمة؛ أن تقديرها هذا؛ سائغًا ومبررًا عدلًا ومنطقًا، لاسيما أنها اشترطت فيمن يتقدم لشغل وظيفة حرفى مساعد " سائق، نجار، سباك، كهربائى " ألا يتجاوز السن عند التقديم عن (35) سنة، في حين أنها اشترطت لمن يتقدم لشغل الوظائف الفنية والكتابية الواردة بالبند (خامسًا وسادسًا وسابعًا ) وشغل وظيفة معاون خدمات معاونة "عمال" الوارده بالبند تاسعًا، ألا يتجاوز السن عن (28) سنة، ثم عدّلت هذا الشرط ليكون السن (30) سنة، فإنه فضلًا عن تخبطها إزاء هذا البند، إذ يفترض في الجهة الإدارية حال الإعلان عن شغل الوظائف الشاغرة والممولة لديها تحديد الشروط المتطلبة في المتقدمين على وجة الدقة، وأنه ولئن كان يحمل هذا التعديل في ظاهره ميزة لجموع المواطنين ممن تخطوا سن (28) سنة؛ بفتح باب الأمل لزيادته إلى (30) سنة، بيد أن هذا التعديل يحمل بين أعطافه الشك والريبة، بشمول أشخاص بذاتهم ممن لم يتوافر فيهم شرط سن (28) سنة عند التقديم، وما كان لها ذلك؛ حتى تنأى بكيانها عنه، كما أنه لا يستقيم منطقًا، بل إنه يجافي طبائع الأشياء؛ أن تشترط فيمن يقوم بأعمال مكتبية ألا يزيد سنه عن (30) سنة في حين أن من يقوم بأعمال حرفية وما يستبع ذلك من مشقة ألا يزيد سنة عن (35) سنة، وكان أولى بها؛ أن تفسح الفرصة بزيادة سن من يقدم لشغل الوظائف التخصصية ـ التي تناسب مؤهل المدعى ـ وكذا المكتبية؛ من باب أولى إلى هذا الحد، كما أنها فرقت بين من يقوم بعمل الخدمات المعاونة، وجعلت شرط السن بالنسبة لهم؛ ألا يزيد عن (30) سنة، وكان أولى بها أن تساوى بينهم وبين من يقوم بعمل حرفى المحدد له سن (35) سنة؛ وذلك من باب أولى؛ لاستواء المشقة في الغالب، لاسيما أن ممارسة الجهة الإدارية لسلطتها التقديرية في مجال التعيين لشغل الوظيفة العامة سيظل على وجه الدوام واجب يستهدف الصالح العام باختيار أكفأ العناصر وأنسبهاـ دون ميل أو هوى ـ وهو أمر سيبقي محاطًا بإطار المشروعية التي تتحقق باستهداف المصلحة العامة دون سواها وذلك بالتمسك بضرورة توافر ضمانات شغل الوظيفة والقدرة على مباشرة مهامها، وإذ لجأت الجهة الإدارية إلى التفرقة بين المتقدمين وغيرهم ممن لم يتوافر فيهم شرط السن الذي أعلنت عنه، وجعلت منه شرطًا يُبتنى على أساسه منع التزاحم بين جموع المواطنين لشغل الوظيفة العامة؛ وتلاشى به ضمان تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وكان أولى بها أن تجعل من شرط الكفاءة والجدارة المنصوص عليهما قانونًا أساسًا تقيم به المفاضلة بين المتقدمين؛ من خلال الاختبارات التي أعلنت عنها باعتبار أن هذا الاختبار يتم في إطار مسابقة عامة تجريه الجهة الإدارية، وتتاح فيه الفرص المتكافئة لجميع المتقدمين إليه بما يجعل معيار المفاضلة بينهم عند الاختيار مرتبطًا بالتفوق والجدارة التي يمتاز بها بعضهم على بعض، وهى النتيجة الحتمية للتفاوت القائم بينهم في الملكات والقدرات الذاتية، وتبعًا لذلك تكون المفاضلة حينئذ حقيقية وجادة بين المتقدمين للتعرف على مدى تفاوتهم، وبذلك يكون لكل درجات مما عملوا، وهو أمر تمليه قواعد المشروعيةـ إذا لم يقع الأمر على هذا الوجه فسد الاختيار وفسد القرار الذي اتخذ على أساسه ـ ومن ثم ما كان للجهة الإدارية وما ينبغى لها؛ أن تجعل من شرط السن "دون مبرر له وفقًا لما انتهينا "حدًا للمفاضلة بين جموع الموطنين، وإذ لم تراع الجهة الإدارية مبدأ المساواة بين الموطنين، وإذ غدا هذا الشرط مانعًا من تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين وحجب كثيرين عن التقدم لشغل الوظائف المعلن عنها، بما يمثل ذلك؛ إخلالًا بالحقوق المتكافئة بين المتقدمين وغيرهم من المواطنين ـ ومن بينهم المدعى ـ الذين حجبوا عن التقدم لشغل تلك الوظائف، وتجاوزت بذلك ؛ الجهة الإدارية حِمى الدستور والقانون عصفًا بحقوق المواطنين، على نحو يجعل إعلانها هذا؛ قد وقع في حمأة عدم المشروعية. لما كان ما تقدم؛ وكان لا مُمَاحَكَةَ في أن الشارع لم يترك أمرًا ما شرعه ليذهب سدىً ولم يذر ما ينطق به من حق ليذهب هباءً بل أحاطه بسياج قوامه بسط المحكمة رقابتها وولايتها على مسلك الجهة الإدارية؛ لتبيان مدى موافقته لأحكام القانون وانصياعه له، وإذ اشتمل إعلإن الجهة الإدارية المدعى عليها ـ على نحو ما انتهينا إليه ـ على عنصرين انزلق به إلى عيب عدم المشروعية الجسيم، بما يفقده كيانه ويجرده من صفاته ويزيل عنه مقوماته كتصرف قانوني نابع من جهة الإدارة، وانخلع عنه ما كان يتوجب عليه أن يلتحف به من عباءة القانون التي تبرئه من مواطن العوار والزلل - بعد أن وزنته المحكمة بميزان المشروعية مقسطة غير قاسطة ـ إعلاءً لكلمة القانون ومقالة الحق، بعد أن أجرت ميزان المشروعية عليه وزنا يرتاح إليه ضميرها راحة من أدى الأمانة على وجهها لتبيان مروقه على مبادئ وأحكام الدستور والقانون؛ إزالة لما ران عليه من عدم المشروعية واستجلاءً وصونا للحقوق وإعلاء لمبدأ المساواة بين جموع المواطنين، وردا للجهة الإدارية المدعى عليها إلى جادة الصواب إذا تفرقت بها السبل جانحة عن أحكام الدستور والقانون ونصوصه ومبادئه التي ارتضاها المجتمع له نبراسا وقبلة وإرساءً لقواعد العدالة ودعائم السلم الاجتماعى، لما كان ذلك ؛ وإذ هوى هذا الإعلان إلى عيب عدم المشروعية الجسيم ـ على نحو ما انتهت إليه الجمعية العمومية لقسمى الفتوى والتشريع بفتواها السالف بيانها ـ مما يغدو بهذه المثابة، منعدمًا، وتبعًا لذلك؛ يُرجح إلغاؤه وإلغاء ما يُبتنى عليه حال نظر الشق الموضوعى؛ إعمالًا للقاعدة الأصولية أن ما بنى على باطل فهو باطل. هذا الخبر منقول من : الوطن |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|