كانت المفاجأة مرة للمتآمرين كما لرئيس الكهنة وأعضاء مجمع السنهدرين حين طلب رئيس الكهنة من الأمير ليسياس أن يحاكم أمام مجمع السنهدرين, فإذا بالأمير يهز كتفيه قائلاً: "لقد تحولت القضية لفيلكس الوالي بقيصرية، بولس الآن أمام الوالي!" لقد فشلت خطتهم ومؤامرتهم لقتله في الطريق.
تقدم ترتلس وقد كان خطيبا خاصا يدعى لتقديم وعرض قضايا رؤساء اليهود الدينية أمام الحاكم الروماني. وقد وجه ترتلس ثلاثة اتهامات لبولس هي:
(١) أن بولس يهودي مرتد يحرض اليهود في كل العالم
(٢) أن بولس قائد شغب واضطراب وتمرد لطائفة دينية غير معترف بها، وضد القانون الروماني
(٣) أن بولس قد دنس الهيكل.
وكان رؤساء اليهود يرجون لو أقنعت هذه الاتهامات فيلكس الحاكم حتى يقضي على بولس ليحفظ السلام في فلسطين.
لم يكن أحد يجهل مدى كراهية رئيس الكهنة والشيوخ للوالي الروماني، حيث يتطلعون إليه كحمل موضوعٍ على عنقهم. كانت قلوبهم مشحونة بالعداوة ضد فيلكس، لكن في كراهيتهم لاسم يسوع قالوا لبيلاطس أنه ليس لهم ملك إلا قيصر، والآن يحسبون فيلكس حليمًا (ع4 ) ومهتمًا بمصالحهم من أجل تحقيق هدفهم من جهة القديس بولس.
(ع 10-21 رد بولس )
لم يهتز الرسول بولس من كلمات الخطيب الأجير، ولا أعطى لكلماته اهتمامًا، إنما وجه الحديث بكل توقير للوالي، وقد ظهرت عليه علامات السرور والبهجة لا الاضطراب والخوف.
كان أول اتهام قدمه ترتلس ضده أنه مفسد ، فكان رد بولس انه كيف يكون هذا صدقً، وهو لم يدخل في حوارٍ مع أحد، ولا على مستوي التجمعات، ولا في داخل الهيكل، بل كان في الهيكل ينفذ نذرًا، ويحتفظ بشركته في العبادة مع شعبه، ولم يتحد أحدًا منهم
أما عن الاتهام الثاني الذي قدمه ترتلس بأنه زعيم لفئة الناصريين فرد بولس إن كان قد لقبهم ترتلس بالناصريين استخفافًا بهم وتحقيرًا لشأنهم، فإن الرسول بولس لم يشغله اللقب، ولا يدخل في حوار غير هادف. فلم ينكر الرسول بولس عضويته في ما يدعونه هم بالشيعة، فهو يعتز بانتسابه للمسيحيين....
أما ما يدعونه هم شيعة أو بدعة هو في الحقيقة "الطريق"، به يعبر البشر إلى الله ويتمتعون بالشركة معه... و أوضح الرسول ما هو الإيمان المسيحي بقوله: "هكذا أعبد إله آبائي مؤمنًا"، حيث يربط العبادة بالإيمان معًا.
اما عن اتهامه بإثارة الفتن ... فكيف يُتهم بمثير فتن وهو إلى سنوات طويلة لم يصعد إلى أورشليم، والآن إذ يصعد يأتي إلى أورشليم بصدقاتٍ وتقدماتٍ بسبب ما حل بالمدينة من مجاعة وحين ألقوا القبض عليه كان معه يهود قادمون من آسيا وكان هو متطهرًا منشغلاً بخدمة مقدسة حيث يوفي بنذره، ولم يدخل الهيكل ومعه جمهور أو شغب.
+ انتهز بولس بذلك الفرصة ليكرز لمن يحاكمونه ولفيلكس نفسه بايمانه بالمسيح المخلص القائم من الاموات , وذلك لان رسالة بولس كخادم كانت اهم هدف له فى حياته , فكان يحول كل موقف الى فرصة للخدمة . فليتك تنتهز كل فرصة لاظهار المسيح من خلال محبتك وتصرفاتك الحسنة وكلامك الطيب , ولا تخف من احد لان الله يسندك فى كل مواقف حياتك
(ع 22 – 27 تأجيل القضية )
كان فيلكس على علم بالإيمان بالسيد المسيح، ربما من زوجته دروسيلا... ولكن واضح أن فيلكس قد أعجب بالرسول بولس، حتى وهب له حرية اللقاء مع أصدقائه وكل زائريه. هذا يظهر من لقائه هو وزوجته مع بولس على مستوى عائلي. لقد استدعاه ليسمع منه عن يسوع المسيح، وعن الإيمان المسيحي الذي لديه بعض المعرفة عن هذا الأمر. ولعله استدعاه بناء على طلب زوجته التي كان لديها حب استطلاع للتعرف على هذا الطريق من الرسول نفسه.
لم يجامل الرسول بولس الوالي وزوجته غير الشرعية دروسيلا، بل شهد لإنجيل المسيح بكل قوة، وتحدث عن البرّ والعفة والدينونة العتيدة فارتعب الوالي، ولم يحتمل أن يسمع، لأن ضميره صار يبكته، ولعله خشي من تأثير الرسول بولس على دروسلا فتفكر في التوبة وتترك فيلكس.
شتان ما بين سجان فيلبي الذي سأل: "ماذا ينبغي لي أن أفعل لكي أخلص؟" (أع16: 13-31)، وبين فيلكس المرتعب، لكنه عوض طلب الخلاص، قال: "أما الآن فاذهب ومتى حصلت على وقت أستدعيك". فإنه كان مبتلعًا بملذاته وشهواته، وليس لديه وقت للاهتمام بخلاص نفسه.
والعجيب أن دروسلا لم ترتعب لحديث الرسول بولس، ويعلل البعض إنها كيهودية ظنت أنها قادرة بتقديم تقدمات وممارسة بعض الطقوس أن تتمتع بالصفح عما تعيش فيه، لهذا تبلد فكرها وقلبها وضميرها مهما سمعت عن البرّ والعفة وعن الدينونة.
أم فليكس فقد ختم ولايته بأن ترك الرسول أسيرًا ليس اعتقادًا بأنه مخطئ، وإنما ليكسب اليهود حتى بعد تركه الولاية. فضل بولس أن يبقى في السجن سنتين عن أن يدفع رشوة ويُطلق سراحه. أما فيلكس فحتى عند تركه الولاية ترك بولس سجينًا ليكسب ود اليهود.
+ ان الله يحول كل شئ للخير لاولاده فلم يكن فيلكس يعلم ان هذا التصرف سيكون سببا فى سفر بولس على حساب الدولة الى روما العاصمة ليحاكم هناك , ويكرز فى روما باسم المسيح كما تمنى مرار .فاقبل تدابير الله حتى لو كانت عكس مشيئتك لان الله يحبك ويدبر الخير لك
+++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
صلاة : ربي الحبيب ليتني مثل القديس بولس الذي اقتناك بداخله, فصار بالحقيقة ملكاً صاحب سلطان, إذ حملك فيه, يا ملك الملوك .... قدم رئيس الكهنة ورجاله كل الإمكانية ليحركوا ساكنًا لرسولك بولس! استخدموا على لسان الخطيب كلمات التملق للوالي الظالم,
لعلهم يسحبون من فم فيلكس كلمة إدانة لبولس.... كيَّلوا اتهامات وجرائم خطيرة...أما بولس الرسول، فلم يهتز سلامه الداخلي. ... ربي الحبيب اعطني من سلامك السمائي فاتقوي مثل بولس الرسول بك وفيك .