الترابط والادراك
إن علم النفس الترابطي كان يرى أن الأشياء تبرز في مجال إدراكنا نتيجة نشاط عقلي يربط بين إحساسات منفصلة مختلفة ، ومن هذا الترابط تتألف الأشياء التي ندركها .
ومن أهم العوامل الموضوعية التي تنتظم بمقتضاها التنبيهات الحسية في وحدات مستقلة بارزة .
عامل التقارب :
إن التنبيهات الحسية المتقاربة في مكان أو في الزمان تبدو في مجال إدراكنا وحدة مستقلة محددة وصيغة بارزة .
عامل الشمول :
تميل بنا الملاحظة إلى أن ندرك النجمة نجمة لا مثلثين متداخلين، لأن النجمة تتميز باحتوائها وشمولها جميع العناصر المكونة لها.
عامل التشابه :
إن التنبيهات الحسية المتشابهة في اللون أو الشكل أو الحجم أو السرعة أو الشدة وكذلك النغمات التي تعزف بآلة واحدة ندركها صيغا مستقلة وذلك لأنها متشابهة من حيث المصدر .
عامل الاتصال :
إن النقط التي تصل بينها خطوط تدرك صيغة واحدة .
عامل الإغلاق :
من الملاحظ أن التنبيهات والأشكال الناقصة تميل في إدراكنا إلى اكتمال فنحن نرى الدائرة التي بتر جزء منها دائرة كاملة .
إلى جانب هذه العوامل الخارجية الموضوعية المؤثرة في عملية الإدراك الحسي ، فإن هناك عواملا أخرى ذاتية ترجع إلى الشخص نفسه ونذكر منها ما يلي :
عامل الذاكرة :
المقصود من هذا العامل في عملية الإدراكالحسي هو أن الإنسان يدرك الأشياء التي سبق أن خبرها في الماضي أسهل من الأشياء التي لم يسبق أن مرت بخبراته ، فنحن نقرأ الكلمات الإنجليزية التي سبق أن حفظناها بطريقة أسهل من الكلمات الجديدة علينا .
عامل التوقع والتهيؤ النفسي :
نشير من خلال هذا العامل إلى أن الفرد يدرك الأشياء كما يتوقع أن تكون عليه، لا كما هي في ذاتها ، وقد عرض باحثون مجموعة من الكلمات عديمة المعنى على شاشة سينما على مجموعتين من الأشخاص ، وقبل العرض أخبرت المجموعة الأولى على أن الكلمات التي ستعرض عليهم تدور حول وسائل المواصلات والسفر، وأخبرت المجموعة الثانية على أن الكلمات تدور حول الحيوانات والطيور .
فكانت إجابات المجموعة الأولى تدور حول وسائل المواصلات بنسبة تقدر بـ 71% بينما كانت إجابات المجموعة الثانية عبارة عن أسماء طيور وحيوانات بنسبة تقدر بـ 64% ، واعتمادا على هذه التجربة نستطيع القول
إن إدراك الفرد قد يتأثر بالاستعداد العقلي والتهيؤ النفسي للشخص المدرك .
عامل الحالة الجسمية والنفسية :
كذلك يتأثر إدراكنا للعالم الخارجي بحالاتنا الجسمية والنفسية أثناء عملية الإدراك ، حيث عرض بعض الباحثين عدة صور وراء زجاج غير شفاف على جماعة من الأطفال في حالة جوع شديدة ، فأدرك هؤلاء الأطفال الصور مأكولات وفواكه وأطعمة ، هذا كما يتأثر الإدراك بالاتجاهات العقائد والعواطف والميول والنزعات الشخصية للفرد .