رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
اوريجانوس في الميزان تهم اوريجانوس:- التهمة الأولى : النفوس خُلقت قبل خلق الأجساد وحبست فيها لأجل خطايا ارتكبتها ، أو أن النفوس خلقت مع الملائكة فى يوم واحد ولما خالفت الله انحدرت إلى الأرض واتحدت بالأجساد . الرد : قال اوريجانوس عكس هذا الكلام فى كتابه المبادئ وفى تفسيره لسفر التكوين وفى كتابه " ضد كلسوس " . قال أن النفس البشرية المخلوقة على صورة الله هى ذلك الإنسان الأول الذى ذكر عنه سفر التكوين أنه خلق فى اليوم السادس . أما إنحدار النفوس الذى أتهم به فلعله يكون قد أتهم به خطأ لأن الأرواح التى إنحدرت كان يقصد بها أرواح الملائكة الذين سقطوا وقد ذكر ذلك فى كتابه المبادئ وفى تفسيره لسفر حزقيال . التهمة الثانية : اتهموه أنه قال أن نفس المسيح خُلقت واتحدت باللاهوت قبل زمان التجسد . الرد : قال اوريجانوس ضد هذا الكلام فى كتابيه المبادئ وضد كلسوس وفى تفسيره لأنجيل يوحنا وتفسيره لمزمور 42 وقال أن الكلمة أخذ جسد ونفس ناطقة عند التجسد . التهمة الثالثة : اتهموه أنه من فرط محبته للناس قال أن الشياطين سيخلصون . وكذلك الأشرار سيخلصون أيضاً . الرد : الثابت أنه قال كلاماً عكس هذا فى كتابيه المبادئ وضد كلسوس . قال أن الملائكة قسمان قسم أطاع الله فخلص خلاصاً أبدياً وقسم سقط فهلك هلاكاً أبدياً .وعبارة هلك هلاكاً أبدياً معناها أن الشيطان لا يمكن أن يخلص وأما عن الجنس البشرى على الرغم من سقوطه فى خطيئة آدم الأصلية يمكن أن يخرج من الهوة التى وقع فيها ويتمجد بالله وبملائكته الأبرار غير أن الذين يسترسلون فى ضلالهم يصبحون عبيداً للشيطان فيهبطون إلى الهاوية الأبدية . وهذه العبارة تعنى إيمانه بالهلاك الأبدى للأشرار أى أنهم سوف لا يخلصون أبداً . التهمة الرابعة : اتهموه أن قال أن الأجساد الحالية لن تقوم فى يوم القيامة ، وإنما ستتحد الأرواح بأجساد أخرى غيرها . الرد : قال عكس هذا تماماً فى تفسيره للمزمور الأول وفى كتابيه المبادئ وضد كلسوس وفى تفسيره لأنجيل متى . ويكفى أن نورد قول أشهر مهاجميه وهو جيروم الذى قال " من يستطيع أن يدّعى أن اوريجانوس أنكر قيامة الأجساد !! " . وفى نفس المجال اتهمه البعض أنه قال أن الأجساد تتغير إلى نجوم وكواكب ، وفى الحقيقة لم يشبهها اوريجانوس بذلك إلا فى الجمال والبهاء مثلما قال بولس الرسول " نجم يمتاز عن نجم فى المجد " ( 1 ـ كورنثوس 15 : 41 ) . كما اتهمه البعض أنه قال أن بولس الرسول شبه أجساد الأشرار بعد القيامة بالبهائم وأجساد الأبرار بالكواكب ( 1 ـ كورنثوس 15 : 39 ، 40 ) ، فاوريجانوس قال أنه ليس معنى الكلام أن الأشرار سوف يلبسون أجساد بهائم والأبرار يتحولون إلى كواكب . وبهذا يكون قد قال عكس ما أتهم به . التهمة الخامسة : اتهموه أنه يؤمن بتقمص الأرواح ، وهى تهمة وصلت إليه وذاعت فى أيامه . الرد : ورد عليها قائلاً فى كتابه " ضد كلسوس " عن نظرية تقمص الأرواح أن هذا الرأى لا يمكن أن يخطر لمجنون فى منامه التهمة السادسة : اتهموه أنه قال بخلق عوالم أخرى قبل عالمنا ، وسوف يخلق عوالم أخرى بعد عالمنا هذا . الرد : هو رد على هذه النظريات فى ردوده الكثيرة على الفلاسفة . .................................................. ........... اساس التهم 1ـ كثير من هذه التعاليم المنسوبة إليه أو ربما كلها لم تظهر إلا فى الترجمة الخاطئة التى نشرها روفينوس لكتاب المبادئ لاوريجانوس . وهذه الترجمة لم يجعلها روفينوس ترجمة حرفية دقيقة وإنما أصلح بعض عباراتها فشوه معناها ، وهو نفسه قال عن هذه الترجمة " انى لم أقصد إلى إصلاح عبارات اوريجانوس إلا بقصد تهذيبها " لدرجة أن أنسطاسيوس بابا روما فى أواخر القرن الرابع حرم ترجمة روفينوس ولم يحرم الأصل اليونانى لآوريجانوس . 2 ـ بعض هذه الأخطاء التى نسبت إلى اوريجانوس عزاها البعض إلى خطأ النساخ لأن اوريجانوس كان أحياناً يملى بسرعة أو يتكلم بحماس وعاطفة فلا يستطيع أن يتتبعه جميع الناسخين والمختزلين . وقد قال اوريجانوس فى البحر 25 لتفسيره انجيل القديس لوقا " أنه من أسباب سرور أعدائى أن ينسبوا إلى أراء لم أتصورها قط ولم تدر بخلدى . حتى أن صديقه أمبروسيوس الغنى الذى كان ينفق على كتاباته هو أيضاً نشر له بمحبة خاطئة بعض أراء لم يراجعها اوريجانوس . 3 ـ إنه من غير المعقول أن تكون تلك الإتهامات صادقة وحقيقية ومع ذلك يوجد أنصار لاوريجانوس فى عصره وبعد عصره من كبار القديسين العظماء المعترف بهم فى الكنيسة الجامعة . وهذا يجعلنا نفحص أصدقاء اوريجانوس وأعداؤه . ................................................. أعداء أوريجانوس : أشهر أعداء اوريجانوس من القديسين هم : 1 ـ الأنبا ديمتريوس الكرام أسقف الاسكندرية .( لقب بابا بدأ إطلاقه على بطاركة الاسكندرية منذ البابا ياروكلاس الثالث عشر وخليفة ديمتريوس الكرام وتلميذ اوريجانوس ) . 2 ـ البابا ثاوفيلس 23 3 ـ القديس أبيفانيوس أسقف قبرص . 4 ـ القديس جيروم ( ايرونيموس ) . 5 ـ ثودوسيوس اسقف كولومبيا . ملاحظات : 1 ـ القديس جيروم : والبابا ثاوفيلس الاسكندرى كانت بدايتهما كصديقين معجبين جداً باوريجانوس ، وكتب جيروم مديحاً كثيراً لآوريجانوس ووصفه بأنه المعلم الأول للكنيسة بعد الرسل ووصف تعاليمه بالأرثوذكسية وقال أن أعداؤه حُساد . ثم انقلب جيروم بعدما تأثر بأبيفانيوس اسقف قبرص ، والبابا ثاوفيلس كان من أشد المعجبين باوريجانوس كما روى المؤرخان سقراطس ، وسوزمين ( من أشهر المؤرخين فى القرن الرابع ) . وكان أيضاً محباً للأخوة الطوال ومنضماً إليهم فى محبة اوريجانوس ضد كلام ابيفانيوس ، ولما اختلف مع الإخوة الطوال حرمهم وحرم اوريجانوس معهم . فذهب هؤلاء إلى القسطنطينية وشكوا الأمر للقديس يوحنا ذهبى الفم ففحص الموضوع ووجدهم على حق فحاللهم ، وكان هذا سبب خصومة بينه وبين ثاوفيلس ، فعقد ثاوفيلس مجمعاً وحرم القديس يوحنا ، ثم رجع واصطلح مع الإخوة الطوال ورسم واحداًُ منهم اسقفاً ، ولم يحالل ذهبى الفم إلا بعد موته . 2 ـ الأنبا ديمتريوس : له وضعه الخاص ، البعض يتهمه بالغيرة والحسد من اوريجانوس الذى عظمت شهرته عليه ونحن لا نريد أن نفحص القلوب التى لا يعلمها إلا الله وحده ولكن يكفى أن نقول أن اوريجانوس اصطدم مع سلطة ديمتريوس لأنه قبل رسامة الكهنوت من غيره فتضايق منه [يوجد كثيرون من مناطق مختلفة رسموا فى مناطق أخرى خلاف مناطقهم الأصلية بيد أساقفة غير أساقفتهم ، فالمهم دائماً هو وحدة الإيمان ] ، ويضاف إلى هذا أن قوانين الكنيسة أو تقاليدها لم تكن تشجع بأن يرسم فى الكهنوت من يخصى نفسه ، إنما يمكن رسامة من يخصيه الأعداء فى حرب أو فى عبودية أو فى أسر ، وعلى أى الحالات لم يذكر إطلاقاً فى قرار الحرم الذى وُقِعَ على اوريجانوس أنه بسبب هرطقته . وقد قال كثير من المؤرخين أن هذا الحرم لم يعتد به كثير من أساقفة العالم وفبلوا اوريجانوس فى الشركة المقدسة على الرغم من صدور الحرم ضده ، بل أنه بعد حرمه تتلمذ على يديه القديس غريغوريوس صانع العجائب ومدحه ، كما مدحه أيضاً البابا ديونيسيوس الاسكندرى ( 14 ) ، وطلب إليه الرجوع إلى الإسكندرية لتولى مسئولياته العلمية فاعتذر اوريجانوس ، وقد رثاه ديونيسيوس وقد كان من تلاميذه . 3 ـ القديس ابيفانيوس : أسقف قبرص ، وقد كان رغم بره وتقواه بسيطاً ، ومن الجائز أن يكون قد ردد إنتقادات غيره ، خاصة أنه تعلم فى مصر وعاشر رهبانها ، وكان البابا ثاوفيلس كثير التردد على الرهبان فى مصر . وقد كتب فى كتابه " ضدالهرطقات " كثيراً ضد اوريجانوس وجمع البدع ضده وكان يجول من بلد إلى آخر ليهاجمه ويثير الكل عليه ، ويعتبر من أشد معارضيه فى أواخر القرن الرابع . 4 ـ ثودوسيوس أسقف كولومبيا : ( فى كيليكية ) . الذى صار أسقفاً فيما بعد على مدينة صور وقد ألف كتاباً ضد اوريجانوس ويقال أنه أول من ألف كتاباً ضده ، ولكن رجع فى أواخر أيامه وندم على الأمر ، وكتب كتاباً فيه إعجاب شديد باوريجانوس . هذا عن أعداؤه . ....................................... احباء اوريجانوس من بين أصدقاء اوريجانوس كثير من القديسين العظماء من أمثال البابا ديونيسيوس الأسكندرى والقديس غريغوريوس العجائبى والقديس باسليوس الكبير والقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات والقديس غريغوريوس أسقف نيصص أخو القديس باسليوس والقديس يوحنا ذهبى الفم والقديس ديديموس الضرير والقديس أثناسيوس الرسولى والقديس بامفيليوس والقديس ايسيذوروس الفرمى والقديس هيلارى أسقف بواتييه والقديس امبروسيوس والقديس مار أوغريس والقديس روفينوس الأكويلى . 1 ـ القديس باسليوس الكبير والقديس غريغوريوس الثيؤلوغوس جمعا مقتبسات كثيرة من كتبه ونشراها فى مؤلف مشهور باسم الفيلوكاليا . 2 ـ القديس يوحنا ذهبى الفم تتلمذ على كتبه ولم يكن يعرف له معلماً سوى أوريجانوس ، واختص محبيه من الإخوة الطوال وبسببه نفى إلى ذلك النفى الذى أدى إلى وفاته فهو من أشد المعجبين باوريجانوس ومن شهدائه . 3 ـ البابا ديونيسيوس الـ 14 كان من تلاميذه الملتصقين به جداً وأرسل إليه يقول له ان اسمه سيظل محبوباً ومحترماً إلى الأبد ، ودعاه إلى العودة إلى مصر ، ولما توفى رثاه وذكر أفضاله على الكثيرين وعلى الكنيسة بوحه عام وعليه هو بوجه خاص . 4 ـ القديس غريغوريوس العجائبى أسقف قيصرية الجديدة كان من تلاميذه وكتب دفاعاً عنه وقال أنه عندما رأى اوريجانوس لأول مرة قال شعرت وكأن جمرة نار وقعت على نفسى فأشعلتها وألهبتها بالمحبة الفياضة نحو الكتب المقدسة ونحو هذا الرجل الذى يفسرها وأنستنى كل ما كان يهمنى فيما مضى فلم أعد أعبأ بدراساتى السابقة بل لقد نسيت بلادى وأقاربى والسبب الذى لأجله جئت إلى قيصرية . 5 ـ القديس غريغوريوس أسقف نيصص كان يدعوه أب الفلسفة المسيحية وحفظ الكثير من مؤلفاته وبالأخص النسكيات منها ، ونشر هذه التعاليم على الناس . 6 ـ القديس أثناسيوس الرسولى مدح كتاب المبادئ لاوريجانوس وأشار على من يطالعه أن يفرق بين أراء أوريجانوس ، وبين الأراء المناقضة التى يوردها ذلك الفيلسوف ويرد عليها . ويقال أن القديس أثناسيوس الرسولى استعان ببعض تفسيرات اوريجانوس اللاهوتية فى مجمع نيقية المقدس سنة 325 م . .................................................. ........ مكانة اوريجانوس لم يكن اوريجانوس بالرجل الهَيِنْ إنما تلمذ جيلاً بأكمله فى بداية القرن الثالث وما زال العلماء يتتلمذون على كتبه . قال عنه الكسندروس أسقف أورشليم أنه أمير شراح الكتاب المقدس . وقال عنه غريغوريوس أسقف نيصص إنه أمير الفلسفة المسيحية . وقال عنه كثيرون إنه أستاذ الأساقفة ، لأن كثير من الأساقفة تخرجوا على يديه . ولم يكن عالماً فحسب بل كان رجلاً تقياً له حياته الخاصة مع الله ، ولذلك قال عنه يوسابيوس المؤرخ " لقد كانت حياة هذا الرجل أفضل مفسر لعظاته " . وقال عنه القديس جيروم الذى انقلب عليه فيما بعد : " كان اوريجانوس هو المعلم الأول لجميع الكنائس بعد الرسل ، ولم يكن مجرد مؤلف فاق أقرانه فى التأليف ، أما الذين أكل الحسد قلوبهم واتهموه بالهرطقة فما هم إلا كلاب كَلِبَةُ " . وللقديس جيروم فى بعض رسائله مديح كبير فى اوريجانوس لدرجة أنه اسماه Adamantus أى الرجل الديناميتى ذو الطاقة المتفجرة . كان كثير القراءة والكتابة ، يقرأ وهو يأكل ، ويقرأ وهو يمشى ، وأنه كان يملى على جملة نساخ فى وقت واحد . كما قال عنه جيروم إنه لا يوجد العقل البشرى الذى يستطيع أن يتصفح جميع الكتب التى دبجها يراع اوريجانوس مهما كان القارئ مولعاً مولعاً بالقراءة . وقال عنه القديس ابيفانيوس " ان مؤلفات اوريجانوس تزيد على الستة الآف مُصَنَفاً ، ولعله قد كان منها أكثر من ألف عظة " . ولقد كتب اوريجانوس باليونانية ، وترجمت كثير من مؤلفاته فى حياته وبعد حياته إلى اللاتينية ، ومن أشهر كتبه ما يأتى : 1 ـ كتاب المبادئ Principes . 2 ـ كتاب الشهير " ضد كلسوس " Contra Celsum سنة 249 م . 3 ـ كتابه فى الحث على الإستشهاد . 4 ـ كتابه عن الصلاة . 5 ـ كتابه عن القيامة . 6 ـ تفاسيره التى لا تُعد لأسفار الكتاب المقدس . وقد ترجمت كثير منها إلى الفرنسية فى مجموعة " Sources chretunnes " منها أسفار موسى الخمسة وحياة موسى وكتاب عن أيوب ونشيد الأناشيد وبعض كتب الأنبياء وكتاب عن يشوع ، وله كتاب أيضاً فى المزامير وتفاسير الأنبياء الكبار . ونشرت له مجموعة آباء ما قبل نيقية تفسيره لانجيلى متى ويوحنا . وكتبه : ضد كلسوس ، والمبادئ . ونشرت له مجموعة Ancient Christian Writers كتبه : الحث على الإستشهاد وعن الصلاة وفيه فصل كبير عن الصلاة الربانية . ومن أشهر أعماله مجهوده فى جمع الكتاب المقدس الذى انشغل به 28 سنة يجمع النسخ والترجمات ويقارنها مع بعضها البعض ، وقد انتفع جيروم بمجهوده كثيراً حين وضع ترجمة الفولجاتا Volgata . ومن أشهر مجهوداته فى الكتاب المقدس الهكسابلا Hexapella وتتكون من ستة أعمدة فى أحدهما الأصل العبرانى وفى الثانى الكلام العبرانى بحروف يونانية وفى الثالث ترجمة أكيلا وفى الرابع ترجمة سيماخوس وفى الخامس ترجمة ثيؤدوسيوس وفى السادس الترجمة السبعينية ، وبعدها أضاف ترجمتين آخريين وجدهما فى فى رحلاته إذ كان يجول باحثاً عن نسخ الكتاب المقدس ليفحصها ويقارنها . .............................................. من هو اوريجانوس عاش بين سنتى 185 ، 254 م ، ولد بالاسكندرية من أبوين مسيحيين وكان أبوه عالماً ، ودرس على أبيه أولاً ، ثم قبض على أبيه ونال اكليل الشهادة ، وعندما كان أبوه فى السجن وهو لا يزال صبياً أرسل إلى أبيه رسالة يحثه على الإستشهاد ويشجعه ويقويه . وكان أوريجانوس كثير القراءة حتى كان يستأجر المكتبات وهو حدث صغير ويبيت الليالى يقرأ الكتب حتى تحول هو إلى خزانة كتب ولأنه اضطر إلى إعالة اسرته بعد إستشهاد أبيه اشتغل بالتعليم حتى اشتهر أمره فإستدعاه البطريرك ديمتريوس الكرام ( 12 ) فتولى رئاسة الاكليركية بعد وفاة اكليمندس . واستطاع أن يعلى من شأن الاكليريكية ويجعلها منارة العلم فى العالم المسيحى كله يقصدها الناس من كافة البلاد ، وأدخل فيها الرياضة والطبيعة والفلك والموسيقى ، وكان صاحب مدرسة قوية فى التفسيرات انتشرت فى العالم أجمع وتتلمذ عليها كثيرون منهم القديس أغسطينوس وهى مدرسة التفسير الرمزى . وحقد الوثنيون على اوريجانوس واعتبروه عمود المسيحية فى جيلهم ويجب القضاء عليه ، وهكذا أُضطهد وطورد فى كل مكان ، ولم يكن للاكليريكيه مكان فى عهده ولكن حيثما كان يوجد اوريجانوس توجد الاكليريكية ، وكان يستأجر القاعات للتدريس ، وكانت تتحطم القاعات أو يطرد منها بواسطة الوثنيين حتى رفض أصحاب القاعات تأجيرها له . ونكاد نُضَم اوريجانوس إلى جماعة المعترفين فى الكنيسة المقدسة . فقد ألقى به فى السجن من أجل المسيح وصمد كالضخر فى إيمانه . وكان اوريجانوس قدوة صالحة لتلاميذه ، كان رجلاً ناسكاً مشهوراً بالصوم يصوم معظم الأيام ولا ياكل إلا قليلاً ، ينام على الأرض ولا يلبس إلا قليلاً ، يمشى حافياً وينام بلا وسادة ولا غطاء ، وقد مدحه القديس غريغوريوس وقد كان من تلاميذه . من الأخطاء التى تنسب إليه أنه خصى نفسه وسبب ذلك ليس هروباً من الشهوة لأنه كان رجلاً ناسكاً قوياً ولكن فعل ذلك منعاً للتقولات أنه كان يدرس على يديه من كل نوع من الرجال والنساء ، ولعله قصد ذلك حين قال " أيها البرج العالى كيف سقطت " . وقد حدث أن سافر إلى بلاد العرب لمقاومة بعض الهرطقات ، كما أرسله ديمتريوس 226 م . إلى أخائية ليقاوم الهرطقات أيضاً ، وعند رجوعه حدثت المشكلة الكبرى فى حياته ، وهى أن الكسندروس أسقف أورشليم وثيوسستوس أسقف قيصرية فلسطين قاما بسيامته كاهناً إذ عز عليهم أن معلم الجيل كله وأستاذ الأساقفة لا يكون حاصلاً على أى درجة كهنوتية ، وعند ذلك قامت القائمة عليه فى الاسكندرية وغضب عليه ديمتريوس وعقد مجمعاً فى 231 م . وقام بحرمه ، والعجيب أن هذا كان فى أواخر أيام ديمتريوس الذى تنيح 232 م . أى بعد ذلك بسنة . حرم اوريجانوس لسببين : 1 ـ قبوله الكهنوت من أسقفية أخرى . ويرد على هذا بأن ماذا يمنع ما دام هناك وحدة فى الإيمان ودليلنا على ذلك كمثال البابا ابرآم بن زرعة الذى حدث فى عهده نقل جبل المقطم كان سريانى الجنس . 2 ـ خصيانه لنفسه . وقلنا أنه فعل هذا ليس بسبب شهوته ، ولكن منعاً لتقولات الناس على المؤمنات اللائى كثيراً ما كن يستمعن له منفردات . وذهب إلى فلسطين وأسس مدرسة لاهوتية هناك واستقبلوه بكل ترحاب كمعلم كبير فى الكنيسة وتنصر على يديه القديس غريغوريوس العجائبى وتتلمذ على يديه وصار أسقفاً واستبقاه لديه ، وكان يتمنى لو صار تلميذاً له طيلة عمره . وكتب كتاباً كبيراً فى مدحه . ولما تنيح ديمتريوس الكرام خلفه اثنان من تلاميذ اوريجانوس هما ياروكلاس ( 13 ) ، وديونيسيوس ( 14 ) ، وكان ديونيسيوس من أكبر المعجبين به وقد أرسل له رسالة جميلة يقول له أن اسمه سيظل محترماً ومحبوباً على مر الأيام ويدعوه للرجوع والجهاد من أجل الإيمان ، ولكن اوريجانوس فضل البقاء فى فلسطين ليتمم العمل الذى بدأه هناك . .................................................. ............ فى فلسطين أسس اوريجانوس مدرسة لاهوتية غطت على شهرة مدرسة الإسكندرية فى زمانه لأن المدرسة هى الأستاذ وليس المبانى ، وفى غربة اوريجانوس عن وطنه كان له مجال كبير للتأليف وأصدر كتباً عديدة كما كان له مجال للوعظ والتعليم ، وقد هدى كثيرين إلى الإيمان من مختلف الطبقات فكما هدى أسقف البصرة ، كذلك هدى رجلاً اسمه أمبروسيوس كان قد وقع فى الغنوسية ( من أتباع فالنتيان Valentianos ) وكان هذا رجلاً غنياً ، وتبع أوريجانوس وأنفق عليه الكثير من ماله وهكذا أمكن أن يكون له كثير من النساخ والمختزلين يكتبون له ، وكان أوريجانوس موضع ثقة الكثيرين ، وكان مشهوراً حتى بين الملوك والأباطرة ، وقد دعته الامبراطورة " ماميا " لتتناقش معه فى أمور دينية ، وخطابه إلى الامبراطور فيليبس يدل على ما تمتع به من نفوذ وثقة وسط الحكام . وقد طال أوريجانوس كثير من عذابات الإضطهاد المُرة فى عهد الامبراطور ديسيوس حيث عُذب عذابات كثيرة فى سجنه تضعه فى مرتبة المعترفين . وأخيراً توفى فى مدينة صور عن 69 سنة ودفن هناك . وهكذا صمت العقل الكبير الذى لم يستطع الرؤساء تحمل قوة كما قال القديس جيروم ( ايرونيموس ) [ أولاً قبل أن ينقلب عليه ] ، والذى كان كما قال نفس القديس " إذا تكلم لا يستطع أحد أن يفتح فاه " . ويعتبر أكبر عالم أنجبته المسيحية منذ نشأتها حتى يومنا هذا ، لم يقم مثله عالم آخر . أما أساتذة أوريجانوس فنذكر منهم القديس أكليمندس الاسكندرى مدير الكلية الاكليريكية السابق له ، وأيضاً أمونيوس السقاص الذى درس عليه الفلسفة ، كما استمع إلى دروس هيبوليتوس Hippolytus . وقد كان لاوريجانوس أصدقاء رفعوه إلى أعلى علو ، وله خصوم هبطوا به إلى أن وصفوه بالهرطقة واتهموه بإتهامات دينية كثيرة ( ذكرناها فيما سبق ) . .................................................. .... والآن نسأل هل تأثر أوريجانوس بالفلسفة الوثنية ؟ : نحن لا ننكر أنه قرأ للفلاسفة الوثنيين أو الفلسفة اليونانية التى كانت موجودة فى أيامه أو قبلها ، ولكنه كان يقرأ بوعى ولذلك حذر تلميذه غريغوريوس العجائبى من الرجوع إلى الفلسفة البشرية فيما يختص بأمور الدين . وقد قرر فى كتابه المبادئ نبذ كثير مما ورد فى الفلسفة اليونانية ، وقال أن فلاسفة اليونان ينشرون أراء كثيرة فاسدة . ورفضه للأراء الخاطئة فى الفلسفة اليونانية لم يمنعه من الإستفادة من النافع منها فليست كلها خطأ وليست كلها صواباً . وقد قال لتلميذه غريغوريوس العجائبى " كما أن العبرانيين استفادوا من ذهب المصريين وفضتهم وصنعوا منها تابوت العهد والكاروبين وأوانى المذبح كذلك نحن المسيحيين نستفيد من النافع من الفلسفة اليونانية ، فلننقل إلى هيكل الحكمة الإلهية هذه الزينات التى يسيء أربابها إستخدامها ، ولنأخذ عن اللغة اليونانية التى استعملت فى مدح الرذيلة نأخذ عنها سلاستها وعذوبتها ونزين بها حقيقتنا الباهرة ، ولنحذر أن ننقل من ضلالها شيئاً إلى الدين لئلا نكون مثل يربعام بن نباط الذى تزوج ابنة فرعون وعاد مع عروسه ناقلاً عبادة الأصنام إلى بلاده " . للأسف نحن لم نعرف اوريجانوس وفى الابدية سنراه مكللا بأكاليل نورانية هذا العالم الجليل القديس الذى ظلم مثل سيده .... |
19 - 12 - 2015, 07:22 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| الإدارة العامة |::..
|
رد: اوريجانوس في الميزان
ميرسى على مشاركتك الجميلة
|
||||
20 - 12 - 2015, 10:42 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: اوريجانوس في الميزان
شكرا على المرور |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|