رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مواكب الوزراء تتحدى الترشيد.. والشعب ملزم بالتنفيذ
منذ ستينات القرن الماضى بدأت الحكومات المتعاقبة ترفع شعار التقشف، وتطالب الشعب المصرى به، وكانت حجة الحكومة وقتها أن البلد فى حالة بناء، ومن ثم التزمت الحكومة بهذا المبدأ إلى حد كبير وهو ما جعل الشعب يتحمل البلاء، وجاءت فترة السبعينات ليسمع الشعب المصرى لأول مرة عن سياسة شد الحزام، وكانت حجة الحكومة فى ذلك أن خزانة البلاد خاوية بسبب نكسة 1967 ونتيجة لرغبة المصريين فى رد الاعتبار وتحرير الأراضى المصرية تحملوا أيضاً السياسات التقشفية التى اتبعتها الحكومة وقتها، وتحملوا الفقر وكل شىء فى سبيل إعادة بناء الجيش والنصر على إسرائيل، وحينما تولى الرئيس المخلوع مبارك الحكم فى أوائل الثمانينات دعا إلى اتباع سياسة شد الحزام أيضا بزعم أن سياسة الانفتاح التى اتبعها الرئيس السادات أضرت بالاقتصاد المصرى، وظل طوال فترة حكمه التى وصلت إلى 30 عاماً يطالب المصريين هو وحكوماته المتعاقبة بشد الحزام، فى حين ترك الحبل على الغارب لحاشيته تفعل بمصر ما تشاء من فساد ونهب لثرواتها واستغلال للنفوذ حتى زكمت رائحة الفساد الأنوف، وقامت الثورة فى 25 يناير ليحلم معها المصريون بغد أفضل دون شد الحزام، ولكن جاءت الرياح بما لا تشته السفن، فقد حرصت حكومات ما بعد الثورة جميعها على توجيه نفس الحديث للمصريين، الجميع يطالب الشعب بشد الحزام والتقشف فى العيش – على حد تعبير الدكتور هشام قنديل، رئيس الوزراء فى عهد مرسى – وكذلك فعل المهندس إبراهيم محلب فى حكومته الأولى، حينما أعلن التقشف وطالب رجال الأعمال بعدم نشر صفحات التهنئة فى الصحف، وتوجيه هذه الأموال إلى الأعمال الخيرية، وإلغاء الموكب الرسمى لرئيس الوزراء ووزرائه والاكتفاء بسيارة واحدة، ومنع تقديم المياه المعدنية داخل مجلس الوزراء لمشاركة البسطاء حياتهم، ولكن هذه القرارات لم تجد صدى كبيراً على أرض الواقع لا فى عهد «محلب» ولا بعد رحيله، فما زالت مواكب الوزراء تجوب شوارع مصر مؤكدة ان الحكومة فى واد والشعب فى واد آخر، فبينما تزيد معاناة الشعب كل يوم بسبب ارتفاع الأسعار وانهيار الجنيه المصرى أمام الدولار ونقص الانتاج، نجد الوزراء يعيشون فى كوكب آخر من الرفاهية، سيارات حكومية لهم ولأسرهم، حراسات خاصة، بدلات ورواتب خيالية، ويكفى أن نذكر أن مصر الفقيرة التى تطالب حكوماتها الشعب بالتقشف وشد الحزام تعد من أكبر دول العالم التى لديها وزارات، ففى حين يبلغ عدد االوزارات فى أمريكا 14 وزارة، وفى ألمانيا 13 وفرنسا 15 والصين 18، نجد أن مصر بها 33 وزارة، وفى كل حكومة يتم فك وتركيب بعض الوزارات ليزيد العدد عن ذلك، ورغم الأزمة الاقتصادية التى تعانى منها مصر منذ الثورة إلا أن معدلات الإنفاق الحكومة فى تزايد مستمر، فعدد الوزارات كبير وعدد العاملين فيها يحمل الدولة أرقاماً خيالية للرواتب وتشغيل المقرات والسيارات الحكومية التى كانت تكلف الدولة ما يزيد على 300 مليون جنيه سنوياً قبل رفع اسعار البنزين وهو ما يعنى أن هذا الرقم قد تضاعف الآن، بالاضافة إلى 430 مليون جنيه أدوات مكتبية من أوراق وأقلام وأحبار وخلافه. بذخ حكومى ورغم كل هذا فما زالت الحكومات مصرة على الإسراف فى إنفاقها على وزارات لا طائل من وجودها، ففى التعديل الوزارى الذى سبق اقالة المهندس ابراهيم محلب استحدثت الحكومة وزارة التعليم الفنى، ليقوم المهندس شريف إسماعيل، رئيس الوزراء الجديد، بإلغائها وضمها لوزارة التعليم كما كانت من قبل، فلا استفاد المصريون شيئاً من الوزارة الجديدة حين إقرارها ولا بعد إلغائها، ومنذ قيام الثورة سمع المصريون عن وزارة العدالة الانتقالية، وحتى يومنا هذا لا يعلم المصريون ما هو دورها ولا ما هى إنجازاتها، ومع ذلك فكل من تولوا مسئولية تشكيل الحكومة لم يفكروا فى تقليص عدد الوزارات بل إنها فى تزايد مستمر. ورغم أن عجز الموازنة أصبح مشكلة سنوية تعانى منها الحكومة حتى ان الرئيس «السيسى» أعاد الموازنة العامة للدولة إلى الحكومة فى العام الماضى لإعادة النظر فيها، إلا أن موازنة العام المالى الحالى 2015/ 2016 والتى أعلنتها الحكومة مؤخرا جاءت بنسبة عجز 9.9% بما يقدر بحوالى 281 مليار جنيه، إلا أن الحكومة لم تفكر فى ابتكار وسائل جديدة لتخفيض هذا العجز المزمن، وإنما اكتفت بالقرارات السنوية التى تصدر بشكل روتينى عن وزارة المالية والتى تؤكد اتباع سياسة التقشف لكن على الورق فقط، حيث تغير مسمى القرار مع تولى حكومة شريف إسماعيل السلطة من ترشيد الإنفاق الحكومى إلى تحقيق الانظباط المالى والادارى ورفع كفاءة الإنفاق الحكومى، وتضمن القرار ميكنة مرتبات العاملين بالحكومة، وآليات تنسيق الجهات مع وزارة المالية بشأن طلباتها المالية، وتحصيل حقوق الدولة المتأخرة وحصرها واخطار المالية بها كل 3 أشهر، وتحصيل جميع مستحقات الخزانة من ضرائب ودمغات ورسوم جمركية وضريبة المبيعات والتأمينات الاجتماعية وغرامات التأخير، وتنظيم شراء المركبات الحكومية وادارة الأصول العقارية وترشيد استهلاك الكهرباء والمياه وتنفيذ المشروعات الاستثمارية، جدير بالذكر أن وزارة المالية حينما أصدرت قرار مماثل العام الماضى إبان تولى المهندس إبراهيم محلب رئاسة الحكومة، أكد مسئولوها أن ترشيد الإنفاق الحكومى سيوفر للدولة 3.2 مليار جنيه إذا التزمت الجهات الحكومية بعدم استيراد السلع التى لها مثيل محلى، وتقليل المشتريات الحكومية وتقنين استخدام السيارات الحكومية، ومع ذلك ورغم صدور مثل هذا القرار سنوياً بشكل دورى إلا أنه لا يجد طريقه للتنفيذ ليصبح التقشف وترشيد الإنفاق مطلباً حكومياً لا تطبق الحكومة على نفسها، وهو ما دفع الدكتور صلاح الدسوقى، الخبير الاقتصادى، مدير المركز العربى للدراسات الاقتصادية والانمائية، إلى القول إن سياسة الترشيد وشد الحزام يجب أن تكون سياسة متكاملة يتبعها الشعب والحكومة معاً، وليست مجرد تصريحات أو قرارات، فالأمر يتطلب عدة إجراءات حكومية أولها الرقابة على الواردات ومنع استيراد السلع الاستفزازية، وفرض ضرائب مانعة على هذه السلع الاستفزازية والكمالية، بحيث تكون قيمة هذه الضرائب مرتفعة جداً بما يمنع الأفراد والجهات من استيرادها، كذلك يجب أن تكون الحكومة قدوة للشعب بتقليص عدد الوزارات فكيف تعانى مصر من أزمة اقتصادية وعجز مزمن فى الموازنة العامة للدولة ويكون لدينا كل هذا العدد من الوزارات التى لا فائدة منها، فلابد من إدماج أكبر عدد ممكن من الوزارات معاً لتقليل عدد الوزارات وبالتالى تقليص النفقات، فعلى سبيل المثال يوجد لدينا وزارة للعدل وأخرى للعدالة الانتقالية فما هى الفائدة التى تعود على الشعب من وراء ذلك؟ كذلك هناك مشكلة تعيين المستشارين ونواب ومساعدى الوزراء وهذه كلها مناصب ومسميات تعد اهدارا للمال العام، فكل هذا العدد يمثل عبئاً على الموازنة العامة للدولة، كما أن عدد السيارات الفارهة التى تخصص للوزراء والمسئولين بالدولة ومنها ما يتم تخصيصه لأسرهم تعد عبئاً آخر على الميزانية، وإنفاقاً لا طائل منه، ويطالب الدكتور الدسوقى بمنع الاستثناءات والإعفاءات التى تمنح على الطرق أو فى بعض الجهات لبعض الأفراد أو المنتمين لهيئات بعينها تحت مسمى الأجهزة السيادية، فكل هذه الاستثناءات لها تأثيرات اقتصادية واجتماعية سيئة، وطالب أيضاً بضرورة ترشيد الإنفاق فى المشتريات الحكومية وتطبيق القانون بحزم على المخالفين وإغلاق الباب الذهبى للفساد المسمى ببند تسهيل الاجراءات، مع ضرورة العمل على محاربة الفساد وإلغاء قانون التصالح الذى قد يفيد الدولة فى تحصيل بعض الأموال لكنه سيؤدى إلى تشجيع الفساد. نقلا عن الوفد |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|