صور| حرب أكتوبر بعيون جنرالات إسرائيل

[Mary Naeem]

صور| حرب أكتوبر بعيون جنرالات إسرائيل



بمناسبة الاحتفال بالذكرى 42 لنصر أكتوبر 1973، نقدم لكم بعضا من شهادات جنرالات إسرائيل عن ذلك اليوم الخالد فى التاريخ، وكيف عاشوا الرعب.

قال الجنرال آهارون ياريف مساعد أركان حرب القوات المسلحة الإسرائيلية، فى حديث تليفزيونى أيام الحرب الأولى: "إن إسرائيل تخوض الآن أكثر الحروب ضراوة منذ قيامها عام 1948، وتواجه جيوشاً من أحسن الجيوش العربية تسليحاً، وعلينا أن نخوض قتالاً كبيراً ستكون فيه الأعصاب موضع اختبار".



وأعلن أن إسرائيل لن تكون ألبتة إذا لم تتمكن من رد المصريين بطريقة أو بأخرى، مشيرا إلى أن خط بارليف قد استولى عليه المصريون بقوة نيران ساحقة وحشد قوات هائلة.

وفى تصريحات أخرى قال آهارون: "إن شبكة الدفاع الجوى المصرى قد أسقطت عددا كبيرا من الطائرات وهى سبب خسائرنا فى الطائرات"، مضيفا: "هذه حرب لم تخضها إسرائيل من قبل وقواتنا تكبدت خسائر جسيمة".



ويقول الكاتبان ماريوس شاتنر وفردريك شيلوه فى كتابهما الذى صدر حديثا بعنوان "حرب الغفران لن تحدث: "إن إسرائيل حصلت على معلوماتها بشكل مباشر من الجاسوس أشرف مروان زوج ابنة الرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر الذى كان جزءا من الأوساط المحيطة بالرئيس المصرى أنور السادات".

ويرى الكتابان مستندين إلى وثائق رفعت عنها السرية مؤخرا أن مروان قام بلعب دور مزدوج حيث حذر إسرائيل فى وقت متأخر للغاية بعد عدة تنبيهات خاطئة.



ومن جهته، يؤكد وزير الدفاع السابق موشيه يعالون أن الجيش الإسرائيلى يتحمل جزءا من المسؤولية مؤكدا: "أحد أسباب فشلنا فى بداية الحرب تأتى من الشعور بالتفوق الذى انتشر فى صفوفنا بعد الانتصار الصاعق فى حرب يونيو 1967، مضيفا: "لكن لن نقوم أبدا بالتقليل من شأن العدو".

وقدم إسحق رابين الذى استدعته جولدا مائير بعد أن ترك الخدمة العسكرية تقريراً عما شاهده فى الجبهة المصرية، يقول فيه: "لقد عبر المصريون، هناك كبارى على القناة غير أنه ليس واضحاً لماذا لا تعبر القوات المصرية بالمدرعات، فمن الناحية العملياتية فإن قواتنا أصبحت غير قادرة على تعويقهم أو اعتراضهم، ذلك لأنه لم يتبقَ من القوات المدرعة الإسرائيلية سوى ثلث عدد الدبابات بعد أن دمر المصريون الثلثين الآخرين، لقد أصبح المصريون يسيطرون تمام السيطرة على طول خط القناة بنقاطه الحصينة بواسطة قوات المشاة وأسلحتهم المضادة للدبابات، إن إمدادات الدبابات الإسرائيلية لن تصل إلا فى وقت متأخر".

وأضاف رابين: "أول فرقة إسرائيلية ستصل إلى منطقة القتال هى فرقة اللواء أڤراهام أدان بيرن، وهى الفرقة المدرعة رقم 162، وصلت عشرون دبابة إلى المنطقة ولم ندفع بها إلى القتال حتى الآن، إن سلاح الجو هو حالياً الذى يمتلك الحل فى الجبهتين الشمالية، أى السورية، والجنوبية المصرية".

وقال الجنرال كالمان قائد أحد المواقع فى شمال سيناء: "إن القوات المصرية الخاصة تدخل سيناء من كل مكان ومن كل اتجاه وبكل الوسائل، بطائرات الهليكوبتر وبالقوارب وسيراً على الأقدام، هذه القوات تقاتل بشراسة وهى مُسلحة بأحدث الأسلحة".



وقال دافيد أليعازر، رئيس هيئة أركان حرب الجيش الإسرائيلى فى اجتماع لمجلس الوزراء الإسرائيلى يوم 8 أكتوبر 1973: "إن قوة المدرعات الإسرائيلية فى سيناء قد تلقت ضربة مخيفة، مضيفا: "كانت هناك حين بدأت العمليات ثلاثمائة وخمسون دبابة لم تبق الآن فى سيناء وعلى طول المسافة من خط الجبهة إلى العريش غير تسعين دبابة".

وقال موشى ديان فى مذكراته: "إنى أريد أن أصرح بمنتهى الوضوح بأننا لا نملك الآن القوة الكافية لإعادة المصريين إلى الخلف عبر قناة السويس مرة أخرى".

وأضاف ديان: "المصريون يملكون سلاحا متقدما، وهم يعرفون كيفية استخدام هذا السلاح ضد قواتنا، ولا أعرف مكانا آخر فى العالم كله محميا بكل هذه الصواريخ كما هو فى مصر".

وتابع: "المصريون يستخدمون الصواريخ المضادة للدبابات وللطائرات بدقة ونجاح تام، فكل دبابة إسرائيلية تتقدم نحو المواقع المصرية تصاب وتصبح غير صالحة للحرب"، مستطردا: "الموقف الآن هو أن المصريين قد نجحوا فى أن يعبروا إلى الشرق بأعداد من الدبابات والمدرعات تفوق ما لدينا فى سيناء، والدبابات والمدرعات المصرية تؤيدها المدافع بعيدة المدى وبطاريات الصواريخ والمشاة المسلحون بالصواريخ المضادة للدبابات".

واستكمل ديان: "السلاح الجوى يواجه الكثير من المصاعب، والخسائر فيه كانت الكثير من الطائرات والطيارين وذلك بسبب بطاريات الصواريخ والسلاح الجوى المصرى"، مضيفا: "إننى أقول بمنتهى الصراحة بأننا لو كنا استمررنا فى محاولاتنا لدفع المصريين عبر القناة مرة أخرى لكانت الخسائر فى العتاد والرجال جسيمة لدرجة أن إسرائيل كانت ستبقى بلا أية قوة عسكرية تذكر".

ويؤكد ديان: "الأهم بالنسبة للإسرائيليين والعالم الاعتراف بأننا لسنا أقوى من المصريين، وأن حالة التفوق العسكرى الإسرائيلى قد زالت وانتهت إلى الأبد، وبالتالى فإن النظرية التى تؤكد هزيمة العرب فى ساعات، إذا ما حاربوا إسرائيل خاطئة.



وبعد انتهاء الحرب قامت لجنة التحقيقات الإسرائيلية بإعفاء القيادات السياسية جولدا مائير وموشيه ديان، من تحمل مسؤولية الهزيمة وألقت باللائمة كليا على القادة العسكريين إلا أن الانتقادات الشديدة ظلت تلاحق ديان و مائير مما اضطرهم للاستقالة وتقاعد ديان عام 1974.

وفى مقابلة أجرتها صحيفة "يديعوت أحرونوت، مع يوسف رحمان، الضابط الإسرائيلى الذى شارك فى حرب 1973، بعنوان: "شهادة ضابط رأى صدمة الحرب" قال إنه "بسبب أهوال المعارك مر بفترة علاج للشفاء مما رآه فى ميدان القتال".

يروى رحمان: "قمنا بتدريبات فى هضبة الجولان، عرفنا كل صخرة وحجر فى هذه الهضبة لكن حين نشبت المعارك لم تساعدنا هذه التدريبات العسكرية فى شىء، لقد كانت حرب يوم الغفران أصعب الحروب التى خاضتها تل أبيب فى تاريخها وما زالت وقائعها الكارثية محفورة فى ذاكرتى، فجأة تم القضاء على كل الدبابات فيما عدا واحدة، تلك الخاصة بقائد كتيبتى، لم يكن هناك ببساطة من يشغلها، فى صباح اليوم التالى، اليوم الثانى للحرب أخذت أفرك عينى من المشهد الذى رأيته، كانت هناك حالة من الفوضى فى صفوف الجيش الإسرائيلى ومئات السائقين العسكريين يتحركون بشكل غير منتظم هم وعرباتهم".



وأضاف: "كنا نتسابق على الطريق مهرولين هاربين، وكان هناك من يلوح بيده كالمجنون، وكانت صافرات الإنذار تدوى من مقصورات القيادة"، لافتا إلى أنه "بشكل يومى كان هناك تخوفات من احتمال هجمات الكوماندوز علينا، لهذا كنا دائما فى حالة ذعر وتأهب، وفى اليوم الثالث للحرب أدركنا الكارثة، قتلى ومصابين ودبابات مستهدفة بالصواريخ وما زالت النيران تشتعل بها، قائد أحد السرايا فقد قديمه".

وتابع "تلقينا الضربات والنيران من قبل الطرف الثانى على مدار 3 أيام بلا توقف، لم تنجح تل أبيب فى إيصال أى مساعدات لنا".

وأشار رحمان إلى أن العديد من الجنود والضباط المصابين تأثروا بصدمة الحرب، قائلاً: "كان هناك من انهار نفسيًا وعقليًا بسبب الهجوم المصرى السورى، سادت حالة من الكآبة على الجميع، لم أستطع تحمل ما أراه أمامى، كان هناك جنود فقدوا عقلهم ولم تعالجهم إسرائيل وتركتهم دون إبداء أى أسباب وراء قيامها بذلك، لقد أفقدهم الذعر والرعب ذهنهم، دائما ما أتذكر هذه الصور، ولا يمكننى نسيانها، من بينها ما قام به قائد إحدى السرايا العسكرية الذى ظل يدور فى خيمة القيادة واضعًا يديه وراء ظهره ويتمتم لنفسه مرارًا وتكرارًا بسبب الصدمة.. لقد فقدت ثقتى فى الدبابات، لقد عرفت هذا القائد جيدا لكنى فوجئت به وإذا به يتحول لشخص آخر، حادثته لكنه لم ينظر حتى إلى، بعدها بفترة طويلة علمت أنه غادر إسرائيل مع عائلته ويعمل الآن نجارًا فى نيويورك".



أما جولدا مائير، رئيسة الوزراء الإسرائيلية عام 1973، فقد بررت فشل إسرائيل العسكرى بأنهم كانوا يتحدثون أكثر من اللازم قبل السادس من أكتوبر وكان ذلك يمثل أحد مشكلاتهم "فقد تعلم المصريون كيف يقاتلون بينما تعلمنا نحن كيف نتكلم، لقد كانوا صبورين، كما كانت بياناتهم أكثر واقعية منا، كانوا يقولون ويعلنون الحقائق حتى بدأ العالم الخارجى يتجه إلى الثقة بأقوالهم وبياناتهم".