ما تفسير قول السيد المسيح للآب " وهذه هى الحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الإله الحقيقى وحدك ويسوع المسيح الذى أرسلته " ( يو 3:17 ) ؟
الجـــواب:
*
جاء السيد المسيح إلى العالم ليقود إلى التحرر من العبادة الوثنية بعبادة الإله الحقيقى إله إبراهيم . وليعرف العالم أن الإله الخالق هو نفسه الإله المخلص الذى أحب العالم " حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية " . ( يو 16:3 ) .
* هناك شرطان للوصول إلى الحياة الأبدية :
- الشرط الاول : أن يعرف الانسان أن يهوه هو الإله الحقيقى وحده ، رافضاً الآلهة الوثنية التى ليست بالحقيقة آلهة .
- الشرط الثانى : أن يؤمن بأن يهوه الآب قد أحب العالم حتى أرسل ابنه الوحيد فادياً ومخلصاً للعالم بذبيحة الصليب . وأن يتبع تعليم السيد المسيح المرسل من الآب إلى العالم .
* ومما يؤكد قصد السيد المسيح بعبارة :
" أنت الإله الحقيقى وحدك " ماذكره معلمنا بولس الرسول فى رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس " فمن جهة أكل ماذبح للأوثان نعلم أن ليس وثن فى العالم ، وأن ليس إله واحداً . لأنه وإن وجد ما يسمى آلهة ، سواء كان فى السماء أو على الارض ، كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون . لكن لنا إله واحد الآب الذى منه جميع الأشياء ونحن له . ورب واحد يسوع المسيح الذى به جميع الأشياء ونحن به " ( 1كو 4:8 – 8 ) .
فمن الواضح هنا فى تأكيد عقيدة الإله الواحد ، أن الرسول يرفض كل الآلهة الأخرى الوثنية المسماة آلهة والتى هى ليست آلهة حقيقية .
* وحينما يقال عن الآب أنه هو الإله الحقيقى وحده ، فالمقصود أنه بجوهره الالهى يسمو على جميع الآلهة الوثنية الأخرى وينفرد بالألوهه الحقيقية .
ولكن ليس الآب إلهاً بجوهره مستقل والابن إلهاً بجوهر مستقل أخر ، بل إن الآب وكلمته هما جوهر واحد وطبيعته واحدة .
* الآب أقنوم متمايز عن أقنوم الابن ، ولكن ليس التمايز فى الجوهر أو الوجود أو الكينونة ، بل فى حالة الوجود أو حالة الكينونة . فالآب مثل الينبوع والابن مثل التيار المولود منه بغير تقسيم . فإن كان الآب هو الإله الحقيقى وحده بين جميع الآلهة ، فإن الابن هو " اله حق من إله حق " مثلما نقول فى قانون الإيمان . والآب والابن والروح القدس إله واحد فى الجوهر ، وإن كانوا ثلاثة أقانيم متساوية فى المجد والكرامة والقدرة الأزلية وكل الصفات الإلهية .
* ومن الامور الملفتة للنظر أن القديس بولس الرسول بصيغة المترادفات : " كما يوجد آلهة كثيرون وأرباب كثيرون . ولكن لنا إله واحد الآب ... ورب واحد يسوع المسيح " . ( اكو 5:8 – 6 ) فهو يتحدث عن تعدد الآلهة والارباب ولكن فى الايمان المسيحى لا يوجد مثل هذا التعدد فيقول :
" لنا إله واحد : الآب ... ورب واحد : يسوع المسيح " وهو بقوله : " لنا رب واحد : يسوع المسيح " لم يستبعد الآب من أن يكون رباً . وكذلك وبنفس الإصرار بقوله : " لنا إله واحد الآب " لم يستبعد يسوع المسيح أن يكون إلهاً ولكنه يقصد أنه طالما نؤمن بالإله الواحد المثلث الأقانيم فهذا هو الإله الواحد والرب الواحد تحقيقاً لقول الكتاب :
- " أسمع يا إسرائيل الرب رب واحد " ( تث 6:6 ) .
- " للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " ( لو 8:4 ، تث 13:6 ) .
* فإذا قيلت هذه العبارة : " لنا رب واحد : يسوع المسيح " فهى عبارة قاطعة تثبت أن يسوع المسيح هو الإله الحقيقى الذى هو مع أبيه والروح القدس جوهر واحد ولاهوت واحد نسجد له ونمجده .
* كذلك ورد فى رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل أفسس قوله : " رب واحد . إيمان واحد . معمودية واحدة . وآب واحد للكل . الذى على الكل وبالكل وفى كلكم " . ( أف 5:4 ، 6 ) .
وفى ذلك يتحقق نفس المعنى المقصود فى القول السابق عن الرب الواحد والإله الواحد . لقد قال السيد المسيح : " أنا والآب واحد " ( يو 30:10 ) .
بمعنى أنهما إله واحد ورب واحد . فإن قيل عن الآب إنه إله واحد فالمقصود عدم وجود آلهة أخرى غير الآب وكلمته وروحه ، وإن قيل عن الابن رب واحد فالمقصود هو عدم وجود أرباب أخرى غير الابن والآب والروح القدس الذين هم واحد فى الربوبية كما فى الألوهية : ثالوث واحد نسجد له ونمجده