رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
يا أبى العزيز .. أريد العوده كتبت : " أبى العزيز ، أود العودة إلى المنزل " . بعد وقت طويل من التفكير وأنا جالس بجانب طريق سريع مزدحم ، مزقت الورقة نصفين وحولتها إلى كرة صغيره. لقد بدأت كتابة هذه الرسالة عدة مرات، ولكننى لم انهها أبدا . أريد العودة إلى والدىّ وإخوتى، ولكن.... لقد هربت من البيت بعد انتهائي من المدرسة الثانويه، فلقد أصر والدى على أن ألتحق بالجامعه، ولكننى مللت التعليم، لقد كرهته، فقد عقدت العزم على عدم الذهاب، وإلى جانب ذلك، كان ابى متشددا جدا معى، فكان لابد أن اقوم بأعمال كثيره فى المزرعه، وقد كنت أكره هذا العمل ذات يوم، وقع شجار بينى وبين والدى، فجمعت بعض الأشياء فى حقيبه وتركت المكان غاضبا وكان ابى ساعتها يصيح علىّ قائلا: إذا رحلت، فلا تعد مره أخرى ! " وكانت أمى تبكى بصوت عال، ولقد رايت تلك الدموع فى مئات من الليالى التى لم اذق فبها طعما للنوم فكان لابد من كتابة هذه الرسالة : أبى العزيز لقد مضى اكثر من عام حتى الآن، ولقد سافرت شرقا وغربا، وعملت فى العديد من الأعمال والوظائف ، ولكنى لم احصل منها على الكثير، فكان دائما ما يُطرح علىّ نفس السؤال : " ما مقدار التعليم الذى حصلت عليه ؟ " يبدو انهم يريدون دائما جامعيين للوظائف الجيدهأبى، لقد كنت انت وامى على خق فى كل شئ، وإننى أعرف الآن أن العمل فى المزرعه لم يكن مؤلما لى، وأنا مقتنع الآن بأننى أحتاج إلى الجامعه ، كما أننى مقتنع أيضا بأنكم تحبوننى. لم تكن تلك الرساله سهله فى كتابتها، فلم يكن باستطاعتى كتابتها على مدار عام مضى. لقد قابلت اناسا دمثى الخلق منذ كنت بعيدا عن المنزل، وقابلت أيضا أناسا ذوى طباعا سيئه ويتصفون بالعنف، ولقد ظننت أن باستطاعتى التعامل مع كل أنواع البشر، ولكن لم يكن الأمر سهلا أحيانا، وخاصه أنه لم يكن لى منزل جميا لألجأ إليه مساء، حيث أجد\ الحب والأمان . لم اكن بالفعل واعيا ولا مدركا لما يعنيه البيت والأسره حتى اصبحت بعيدا لعدد من الشهورأبى، لقد تعلمت الدرس وأريد ان أعود إلى البيت. أعرف أنك قلت لى إننى إذا غادرت فلا يمكننى العوده، ولكنى اتوسل إليك أن تغير رأيك، إننى اعرف أننى أغضبتك فى ذلك اليوم، وسببت لك الما لن الومك إذا رفضتنى، ولكن يجب ان اطلب هذا منك. أعرف أنه كان يجب أن أكتب إليك قبل ذلك، ولكننى كنت خائفا من أنك لا تريد أن تسمع عنى شيئاأريد العوده الى بيتنا وأن اكون جزءا من الأسره مره اخرى. أود الذهاب إلى الجامعه وان اتعلم كيف أكون مزارعا ناجحا، وحينئذ، غذا سمحت لى، يمكننى أن اعمل بالزراعه معكإننى فى الطريق الآن، وعلى هذا لن يمكنك أن تردعلىّ برساله . ولكن خلال أيام قليله ( لا اعرف أى يوم لأننى سوف اسافر متطفلا) ، سوف أمر على المزرعه. فإذا سمحت لى يا ابى بالعوده إلى المنزل، فرجائي أن تترك أنوار الشرفه مضاءه، حيث إننى سوف أمر ليلا، وإذا لم أجد ضوءا، سأستمر فى طريقى ولن اشعر بأى ضيق إذا لم اجد الشرفه مضاءه، وسوف أفهم ما هو المطلوب مع حبى واشواقى لأمى وإخوتى إبنك عندما طويت الرساله ووضعتها فى مظروف شعرت براحه تدب فى جسدى. وكأن حملا ثقيلا قد تم إزاحته عن اكتافى. وضعت الرساله فى جيب قميصى وحزمت حقيبتى على كتفى ووقفت بجانب الطريق، واشرت بإبهامى لأول سياره تمر بى. كان لابد أن امشى طريقا طويلا قبل ان اعرف الرد حل المساء ولم اكن قد انهيت سوى خمسين أو ستين ميلا منذ الظهيره. وضعت الرساله فى مكتب بريد صغير غير ذى شأن، وعندما أسقطت الرساله فى فتحة الصندوق، كنت عصبيا إلى حد ما. ربما كان يجب ألا ارسلها بالبريد، ولكن الأمر انتهى ولا بد أن اسير فى طريقى كنت احيانا أركب لمسافه طويله وأحيانا لمسافه صغيره. لم أنم فى الليله السابقه، فقد كنت مرهقا ومتعبا. عبرت الطريق متجها إلى شجره عملاقه على حافه أحد الحقول واستلقيت على الأعشاب وحاولت أن انام. ولكن النوم لم يأت بسهوله. فقد كان صوت محراث آلى يصدر من حقل قريب. ومن المنزل الريفى الموجود فى وسط مجموعه من الأشجار على أحد التلال، كنت اسمع صوت اطفال يلعبون ومجموعه من الدجاج تُحدث جلبه. وتصورت أننى اشم رائحه فطيرة تفاح طازجه. وأمكننى ان ارى بيتى وأنا مغمض العينين، المنزل الذى تركته بطريقه متهوره فى لحظة غضب. وسالت نفسي ماذا كانت أخواتى يفعلن. تـُرى أى نوع من الطعام تطهيه امى الآن، لقد كانت دائما تقول عندما نجلس إلى المائده : " لقد أعددت هذا لك أنت فقط يا بنى " . لم أستطع تحمل هذه الأفكار اكثر من ذلك ، فنهضت على قدمى وبدأت اسير فى طريق المنعزل، الطويل إلى المنزل بعد يومين ، كنت قد اصبحت على مسافة خمسين ميلا من المنزل. لم أعثر على أية سياره تقلتى لمدة ساعات. وجاء الظلام ببطء، ومشيت ولم انتظر أية سيارة لكى تقف. فقد كانت هناك قوة داخليه تدفعنى الى الأمام نحو المنزل. ولكن كلما اسرعت السير، كلما زادت شكوكى. لنفرض أن الشرفه كانت مظلمه؟ ماذا يمكننى ان أفعل؟ أين اذهب؟ أثناء ذلك، أبطأت إحدى الشاخنات وتوقفت. فعدوت نحوها وركبت سالنى السائق : كم يبعد المكان الذى تريده؟ أجبنه : " حواى أربعين او خمسين ميلا من هنا. هل انت ذاهب هذه المسافه؟ قال : ابعد من ذلك كان الحديث بيننا قليلا، فلم يكن من السهل التحدث معه، لذا تظاهرت بأننى نائم، اضطجعت وأغمضت عينى، وبدا تساقط المطر بعد نصف ساعه، كان بطيئا فى اول الأمر، ولكنه بدا يهطل بغزاره بعد ذلك، وكان النوم يغالبنى من حين لآخر كنا نقترب من مزرعة أبى والمطر يهطل بغزاره وكنت يقظا تماما. هل سيكون ضوء فى الشرفه ؟ كنت أحدق بعينى خلال الظلام والمطر. فجأه، وصلنا هناك. لم أستطع النظر، ولك اكن أستطيع تحمل عدم رؤية الضوء، فأغلقت عينى بإحكام، وزادت ضربات قلبى ضحك السائق وتحدث بدهشه قائلا: " أنظر إلى ذلك ، لو سمحت ! الى هذا المنزل ، المنزل الذى مررنا عليه لتونا. لا بد ان به بعض المجانين ! فهناك ثلاثة أو أريعه كراسى موضوعه فى الشرفه، ومصابيح مضاءه على كل واحد منهما، ورجل كبير فى السن يقف بالخارج ومعه كشاف مصوب نحو الطريق ، ونور المدخل الأمامى للمنزل مضاء أيضاً |
23 - 08 - 2016, 10:43 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: يا أبى العزيز .. أريد العوده
قصة غاية فى الروعة
شكراً جداً |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
العوده من السبي |
يا مريم رحمتك الغنيه لليائسين |
اتمنى العوده.... |
ده اقتراحي عشان نعوض فماتش العوده |
صورة معبره جدا بمناسبه العوده للمدارس |