رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القيم و المبادئ بين مسميات ومفاهيم بقلم: البابا شنودة الثالث إن القيم التي يقتنع بها الإنسان ويمارسها في حياته, هي التي تحكم طباعه وسلوكه وتعامله مع الآخرين. وكلما كانت هذه القيم سليمة, يكون سلوكه سليما. فإن انحرفت القيم التي يؤمن بها, انحرفت حياته كلها. فما هي إذن مصادر هذه القيم في حياة الانسان ؟ أول مصدر للقيم هو الضمير ثم يتلقاها الطفل في الاسرة, ليس فقط عن طريق التعليم, بل بالأكثر عن طريق القدوة الصالحة والتدريب العملي.. وهنا نتذكر قول الشاعر وينشأ ناشئ الفتيان منا.. علي ما كان عوده أبوه بعد ذلك يأتي دور المدرسة.. وحينما يخرج الطفل من بيته الي المدرسة, يجد نفسه في مجتمع أوسع وفي حرية أكثر.. والمدرسة ليست هي مجرد المناهج والمقررات, إنما تشمل أيضا المدرسين وارشاداتهم وكذلك الزملاء. ولكل هؤلاء واولئك تأثيراتهم علي قيم الطفل, الذي ينتقل بعد ذلك في مراحل التعليم الي مجتمع أكثر اتساعا تختلف فيه القيم, ولاشك سيكون له تأثيره عليه, وبخاصة القراءة ووسائل الإعلام. فهل ستبقي قيمه كما هي أم تتطور.. أم تتغير ؟ فعلينا إذن أن نهتم بكل مصادر هذه القيم ووضعها تحت إشراف, لكي تكون أكثر نقاوة وأكثر ملاءمة. ومن القيم الثابتة الأساسية التي تلزم لكل إنسان: محبة الوطن والدفاع عنه, والتضحية من أجله بالدم, اذا احتاج الأمر: ومن القيم الثابتة أيضا الصدق والأمانة والعفة, مع الحرص علي نقاوة القلب, ومحبة العطاء والبذل وإجمالا محبة الخير ومحبة الغير, مع التطبيق العلمي السليم لكل هذا.. وكلما نما الشخص في السن والمعرفة, يجد أن هذه المبادئ الاساسية لها تفرعات كثيرة. فالعفة مثلا تشمل عفة الجسد, وعفة اليد, وعفة اللسان, والأمانة أيضا لها تفرعات منها الأمانة في اداء الواجب, والأمانة في حفظ أسرار الناس, والحرص علي اداء الواجب, والأمانة في حفظ أسرار الناس, بحيث لا يأخذ الشخص ما ليس من حقه, ولا يأخذ أزيد من حقه إلا اذا وهب ذلك. علي أن هذه المبادئ والقيم قد تصادفها بعض المشاكل والعقبات, ينبغي للشخص أن ينتصر عليها: فمن جهة قول الصدق ماذا يفعل إن كان قول الصدق يسبب له حرجا, أو يوقع غيره في مسئولية؟ من الخير في هذه الحالة أن يمتنع عن الاجابة, ولا يقول ما هو غير الحق, أو يحاول أن يجد وسيلة سليمة للتخلص. كذلك ماذا يفعل من جهة تأثير الوسط عليه, ومحاولة شده الي نطاق آخر بعيدا عن القيم التي تعودها هنا ينبغي عليه أن يقاوم. ويحتفظ بالقيم دون أن يكسرها, مجاهدا في سبيل ذلك وبقدر جهاده وثباته يكافئه الله, وتثبت شخصيته بدون انحراف. والقيم ليست مجرد مسميات, إنما لها مفهومها السليم لمن يترك الشكليات ويدخل الي العمق.. فلا ندرب إنسانا علي الحكمة, دون أن نشرح له ما هي الحكمة ؟ وكيف يسلك بها في شتي ظروف الحياة.. كذلك لا ندريه علي الشهامة, دون أن نشرح له محتواها ومجالات استخدامها, والبعد بها التطرف... أيضا الحرية. فكل إنسان يحب الحرية من صغره وبخاصة في مرحلة الشباب, ولكن عليه أن يفهمها بمعناها السليم. فليس معني الحرية أن يسلك الشخص حسب هواه دون ضوابط. فنحن نؤمن بالحرية المنضبطة, التي يكون فيها الشخص حرا في سلوكه, بحيث لا يعتدي علي حقوق وحريات الآخر, وبحيث لا يخرج عن نطاق النظام العام, ولا عن القانون, ولا عن وصايا الله. وهذه مجرد ضوابط للحرية وليست منعا لها. مثال ذلك شاطئا النهر.. إنهما لا يمنعان مياهه من السير في مجراه, ولكنهما يضبطان هذه المسيرة بحيث لا تتدفق المياه من الجوانب وتتحول الي مستنقعات!! نلاحظ أن البعض قد يحاول التخلص من هذه المبادئ والقيم, في اتباع مبدأ آخر هو المتعة.. أمثال هؤلاء يجعلون المتعة هدفهم, الذي يسعون اليه بكل جهدهم! علي أن الله ـ تبارك اسمه ـ لم يمنع عن الانسان المتعة, ولكن في حدود العفة, وعدم السلوك بما لا يليق. كذلك لا يجوز أن يركز كل شخص علي متعة الجسد والحواس, ويتجاهل الاهتمام بمتعة الروح. فالروح تجد متعتها في محبة الله وفي محبة الفضيلة, وفي التأمل والصلاة, والقراءة الروحية والتسبيح.. فهل كل إنسان يهتم بهذا كله ؟! موضوع آخر, يبدو عند البعض عائقا في تنفيذ ما تستلزمه المبادئ والقيم هو( الذات) الـego وما تتطلبه هذه الذات في بنائها واستمرار تقدمها وعلوها. علي أن بناء الذات ليس خطيئة. إنما الخطيئة هي في الأساليب الخاطئة التي بها يبني الإنسان ذاته.. فالبعض قد يجعل ذاته هي الهدف, وفي سبيل بنائها لا مانع عنده من أن يخرج علي بعض القيم اذا ظن أن ذلك يلزمه. وفي الحقيقة أن اتباع المبادئ والقيم هو الطريق السليم لبناء الذات علي أساس ثابت. لكن ذلك قد يحتاج الي بعض الجهاد وإلي الصبر. أما الوسائل الأخري فقد تبدو سهلة وتوصل الي الغرض بسرعة!! ولكنه وصول زائف علي غير أساس. النقطة الأخيرة هي أن موضوع المبادئ او القيم ينبغي ان ينال الاهتمام به من الصحف ووسائل الإعلام, ومن المناهج الدراسية, ومن نشاط مراكز الشباب أيضا, فهذا واجب علي الدولة تقوم به, لتبني جيلا سليم المبادئ. |
13 - 05 - 2012, 04:52 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
ميرسي كتير لموضوعك الجميل ربنا يباركك |
||||
24 - 08 - 2016, 11:33 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: القيم و المبادئ بين مسميات ومفاهيم
العظة مفيدة جداً
ربنا يبارك خدمتك |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|