ومن الجدير بالذكر أن تلك الأخطاء المزعومة هي في كثير من الأحيان أمور زهيدة للغاية، وليس هناك في أي حالة عقائد هامة أو حوادث تاريخية عرضة للتساؤل. فحينما يصوب عليها نور أقوى فإن أكثرها يذوب كما يذوب الجليد ما أن تضربه حرارة الشمس ويختفي كما تختفي أشباح الليل مع وضح النهار ولا تعود تُرى بعد. وإذا ما وُجد شيءٌ من ذلك القبيل فهو قليل العدد ولا يعدو كونه أغلاطاً من قبل النسَّاخ أو المترجمين. ومن المؤكد أنه ليس لأحد الحق في القول بأنه توجد أخطاء في الكتاب ما لم يظهر بدون أدنى شك أنها كانت موجودة في المخطوطات الأصلية.
والصعوبات القليلة الباقية للآن هي زهيدة للغاية لدرجة لا يجوز معها لأحد أن ينزعج منها. ولدينا كل الأمل بأنه متى ازدادت معرفتنا عن بعض المواضيع المتعلقة بالكتاب، فإنها بدورها ستزول. ولا نكون مغالين في الأمر إن قلنا بأن هذه الأمور الباقية تشبه بضع حبات من الرمل التي قد توجد هنا وهناك في رخام مبنى البارثنون في أثينا مثلاً! ونظراً للاختبارات الماضية من المهم أن نتذكر أنه هناك احتمال كبير في ألا تكون هذه أخطاء حقيقية، احتمال يمكن قياسه عندما نأتي بكل البراهين القوية التي تثبت بأن الكتاب المقدس هو مرشد جدير بكل ثقة في كل الأمور الأخلاقية والروحية.
وعندما نتذكر بأن تدوين الكتاب المقدس قد استغرق ما يزيد عن ألف وخمسمائة سنة، وأن عدد كتبته جاوز الأربعين شخصاً عاشوا في عصور مختلفة وكانت لهم أهداف مختلفة في الحياة ومواهب أدبية متنوعة، وأن التاريخ الديني والسياسي للبلاد كان معقداً للغاية، وأن المؤرخين الرومان المعترف لهم بالدقة قد أخطأوا في سردهم حوادث معاصرة لهم، فالعجب كل العجب هو في قلة الأمور التي يصعب فهمها في الكتاب المقدس.