لاهوت المسيح
إن ما قيل حتى الآن يثير موضوع لاهوت المسيح. فهناك فرق بين الألوهية واللاهوت، حسب استعمال هاتين الكلمتين في يومنا هذا. هناك مفهومية خاصة، بها يستطيع جميع الناس الادعاء بأنهم إلاهيون ذلك لأنهم مخلوقون على صورة الله. ففيهم شبه الله. ولكن ما من إنسان يستطيع الادعاء بأن له لاهوتاً فهذا امتياز خاص بيسوع الجليلي روي عن أسقف درهام أنه قال "إن المسيح الذي ليس إلهاً جسر مكسور عند طرفه الآخر".
1. طبيعة ميلاده
لم تحدث قط ولادة كولادة الطفل في بيت لحم وعنها يقول متى الرسول "أما ولادة يسوع المسيح فكانت هكذا. لما كانت مريم أمه مخطوبة ليوسف قبل أن يجتمعا وجدت حبلى من الروح القدس. فيوسف رجلها إذ كان باراً ولم يشأ أن يشهرها أراد تخليتها سراً. ولكن فيما هو متفكر في هذه الأمور إذا ملاك الرب قد ظهر له في حلم قائلاً يا يوسف ابن داود لا تخف أن تأخذ مريم امرأتك لأن الذي حبل به فيها هو من الروح القدس" (متى 1: 18 – 20).
ويؤيد لوقا قصة متى هذه بل ويعززها بقوله "وفي الشهر السادس أرسل جبرائيل الملاك من الله إلى مدينة من الجليل اسمها ناصرة. إلى عذراء مخطوبة لرجل من بيت داود اسمه يوسف واسم العذراء مريم فدخل إليها الملاك وقال سلام لك أيتها المنعم عليها الرب معك مباركة أنت من النساء. فلما رأته اضطربت من كلامه وفكرت ما عسى أن تكون هذه التحية. فقال لها الملاك لا تخافي يا مريم لأنك قد وجدت نعمة عند الله وها أنت ستحبلين وتلدين ابناً وتسمينه يسوع" (لوقا 1: 26 – 31) ثم في العدد الخامس والثلاثين يشرح لوقا كيفية ولادة المسيح بهذه الكلمات "فأجاب الملاك وقال لها الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك أيضاً القدوس المولود منك يدعى ابن الله". أما الذين ينكرون ولادة المسيح من عذراء فإنما ينكرون صدق كلمة الله.
2. نسق حياته
عاش المسيح حياة كاملة. وعنه يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين "مجرب في كل شيء مثلنا بلا خطية" (4: 15). لذا استطاع يسوع أن يتحدى أعداءه لكي يذكروا ولو خطية واحدة بها يؤثمونه "من منكم يبكتني على خطية؟" (يوحنا 8: 46). ثم إن عبارة بيلاطس ما زالت فتوى الدهور "إني لا أجد علة في هذا الإنسان" (لوقا 23: 4). وقد قال عنه رومانس "إن أغرب ما في المسيح هو حقيقة أن عشرين قرناً قد أخفقت إن تثبت عليه علة".
لا أحد يستطيع أن يحيا مثل هذه الحياة الإ ابن الله.
3. الصفات المميزة لتعليمه
عندما أرسل رؤساء الكهنة رجالهم لكي يلقوا القبض على يسوع ويحضروه إلى المجمع عادوا دون أن يأتوا به وعندما سألوهم عن فشلهم في تأدية مهمتهم أجابوا "لم يتكلم قط إنسان هكذا" (يوحنا 7: 46).
لم يتكلم إنسان مثل هذا الإنسان لأنه لم يوجد إنسان كهذا الإنسان. لقد رأى العالم خطباء مفوهين سحروا الجماهير بقوة بلاغتهم. ورأى علماء بهروا الناس بعلمهم. ولكن لم يتكلم قط إنسان مثل يسوع. فقد كانت كلماته بسيطة وعميقة. سمعه العامة بسرور بينما تعجب أحكم الحكماء لكلماته. ذلك أن المبادئ التي اختطها كانت وما زالت نبراس الدهور.
4. أعماله الخارقة
عندما جاء نيقوديموس الرئيس اليهودي ليلاً إلى يسوع وقال له "يا معلم نعلم أنك قد أتيت من الله معلماً لأن ليس أحد يقدر أن يعمل هذه الآيات التي تعمل إن لم يكن الله معه" (يوحنا 3: 2)، وهذا ما فسر به يسوع نفسه عجائبه إذ واجه الجموع في أورشليم قائلاً "أما أنا فلي شهادة أعظم من يوحنا لأن الأعمال التي أعطاني الآب لأكملها هذه الأعمال بعينها التي أنا أعملها هي تشهد لي أن الآب قد أرسلني" (يوحنا 5: 36).
5. مجد قيامته
لقد صرح بولس بأن قيامة يسوع هي البرهان الأكيد على لاهوته. "عن ابنه الذي صار من نسل داود من جهة الجسد وتعين ابن الله بقوة من جهة روح القداسة بالقيامة من الأموات يسوع المسيح ربنا" (رومية 1: 3 – 4). لقد سمر على الصليب وترك معلقاً حتى مات. أما جسده المائت فقط أنـزل عن الصليب ووضع في قبر منحوت في الصخر.
حجر كبير دحرج على باب القبر وختم بالخاتم الروماني. وللتأكد من عدم العبث بالجسد وضع حرس من الجنود الرومانيين لحراسة القبر. ولكن ما إن وافى اليوم الثالث حتى خرج ذلك الجسد المائت من القبر حيث عاش من جديد ممجداً. وهذا، كما يقول بولس، هو البرهان القاطع على لاهوت المسيح.