توغله في الصحراء:
لم يزل سائراً حتى وصل إلي شاطئ النهر حيث وجد هناك جميزة كبيرة فسكن هناك، ولازم النسك العظيم والصوم الطويل. وكان بالقرب من هذا الموضع قوم من العرب، فاتفق يوم من الأيام أن أمرآة من العرب نزلت مع جواريها إلي النهر لتغسل رجليها ورفعت ثيابها وجواريها كذلك، فلما رأي القديس أنطونيوس ذلك حول نظره عنهن وقتاً ما ظناً منه أنهن يمضين. لكنهن بدأن في الاستحمام في النهر! فما كان من القديس إلا أن قال لها: يا أمرآة: أما تستحين مني وأنا رجل راهب؟ أما هي فأجابت قائلة له: أصمت يا إنسان. من أين لك أن تدعو نفسك راهباً؟ لو كنت راهباً لسكنت البرية الداخلية لأن هذا المكان لا يصلح لسكنى الرهبان[2].
فلما سمع أنطونيوس هذا الكلام لم يرد عليها جواباً. وكثر تعجبه لأنه لم يكن في ذلك الوقت قد شهد راهبا ولا عرف الاسم[3]. فقال في نفسه ليس هذا الكلام.
من هذه المرأة، لكنه صوت ملاك الرب يوبخني. وللوقت ترك الموضع وهرب إلي البرية الداخلية وأقام بها متوحداً. لأنه ما كان في هذا الموضع أحد غيره في ذلك الوقت. وكان سكناه في قرية قديمة كائنة في جبل العربة، صلاته تكون معنا أمين.