رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
شفاء ابن خادم الملك "هذا إذ سمع أن يسوع قد جاء من اليهودية إلى الجليل، انطلق إليه وسأله أن ينزل ويشفي ابنه، لأنه كان مشرفًا على الموت". [47] لم يفعل السيد المسيح شيئًا سوى أنه تكلم، مقدمًا كلماته واهبة للحياة، إذ كان الابن قد قارب الموت [47]. خادم الملك Basilibos، وهو حارس في القصر الملكي.يرى كثير من الدارسين أن الملك هنا هو هيرودس أنتيباس رئيس ربع علي الجليل، كان الشعب يدعوه "الملك". يرى القديس چيروم أن اسمه Palantinus، بينما يرى آخرون أنه خوزي Chuza (لو ٨: ٣) وهو زوج يونا السيدة التي كانت تتبع السيد المسيح مع النساء اللواتي كن يخدمنه من أموالهن الخاصة، وآخرون أنه مناين Manaen (أع ١٣: ١). جاء الوصف هنا دقيقًا، إذ يقول: "سأله أن ينزل..."، لأن السيد كان في قانا الجليل وهي علي هضبة عالية جدًا بينما كفرناحوم تقع على شاطئ بحر الجليل في مستوى البحر. هذا يؤكد أن الكاتب يدرك تمامًا طبيعة المنطقة. جاء خادم الملك من كفرناحوم إلى قانا، وهي مسافة تبلغ حوالي 16 ميلًا. يقول القديس يوحنا الذهبي الفم أن هذا الشخص إما أن يكون من الأسرة الملكية، أو نال كرامة عظيمة بسبب وظيفته، لهذا لقب بالنبيل أو الشريف. كما يقول أن البعض يحسبونه ذات الشخص الوارد في مت 8: 5، لكن القديس يرفض ذلك، فإن الاختلاف بينهما ليس من جهة الكرامة فحسب، وإنما من جهة الإيمان أيضًا. فالوارد في إنجيل متى حتى عندما أراد يسوع أن يذهب إليه توسل إليه أن يبقى؛ أما هذا فقد طلب من السيد أن يأتي إلى بيته دون أن يسأل السيد هذا. الأول قال "لست مستحقًا أن تدخل تحت سقفي" والثاني حثه علي المجيء قائلا: "انزل قبل أن يموت ابني". في الحالة الأولى كان السيد نازلًا من الجبل داخلًا كفرناحوم، أما هنا فجاء من السامرة ولم يدخل كفرناحوم بل قانا حيث قابله الرجل. الأول كان خادمه مصابًا بفالج، أما هنا فابنه مصاب بحمى[559]. "فقال له يسوع: لا تؤمنون إن لم تروا آيات وعجائب". [48] لم يقل له السيد أنه ليس له إيمان، بل كان ضعيفًا في إيمانه. لم يكن قادرًا أن يؤمن بأن السيد يشفيه ما لم يحضر بنفسه من قانا إلى كفرناحوم.إنه الإيمان الضعيف الذي يقوم علي أساس المعجزات، وهو إيمان كثيرًا ما لا يتعدى العقل، لذا يتعرض للضعف والشك. هذا بخلاف الإيمان خلال إعلان الله للنفس، وتمتعها بأسرار الكلمة الإلهية. يتساءل القديس يوحنا الذهبي الفم لماذا قال السيد المسيح هذا مع أنه واضح أن هذا الشخص كان مؤمنًا، وما أن سمع كلمة من السيد المسيح حتى آمن [50]؟ ويجيب علي ذلك بقوله: [إما أنه استخدم هذه الكلمات لتزكية السامريين، لأنهم آمنوا دون آيات، أو لكي يلمس بها كفرناحوم التي يظن إنها وطنه، والتي جاء منها هذا الشخص. أضف إلى هذا ما قاله شخص ما "أؤمن يا سيد فأعن عدم إيماني" (مر 9: 24). هكذا إن كان هذا الحاكم قد آمن، فإن إيمانه لم يكن كاملًا، أو لم يكن سليمًا، هذا يظهر من سؤاله عن الساعة التي فيها أخذ يتعافى[52]، ليعرف إن كان ما قد حدث طبيعيًا أم بناء على أمر المسيح[560]. "قال له خادم الملك: يا سيد انزل قبل أن يموت ابني". [49] مع إيمانه الذي جعله يتحرك ليقطع هذه الرحلة، ويلتقي مع السيد المسيح، تاركًا ابنه علي فراش الموت، لكنه في ضعف لم يدرك أنه يتحدث مع غالب الموت وواهب القيامة. في مرارة كان يتعجل تحرك السيد المسيح إلى بيته قبل أن يموت ابنه. لقد ملك الفزع علي قلب أب كاد أن يفقد ابنه، وقد أظهر السيد نوعًا من التباطؤ، ليس في عدم مشاركة لمشاعر الأب المرتعب من موت ابنه، وإنما لبنيان نفسه ونفوس كثيرة. يريد السيد أن يوجه أنظار الأب وكل من حوله إلى سرّ الحياة والقيامة، إلى شخصه كمخلص العالم. أما عمل الآية فيُعطى كهبة إضافية كمن يطلب ملكوت الله وبره. كثيرا ما تحدث القديس أغسطينوس عن ضعف علاقتنا بالله وانحرافها، حينما لا يشغلنا سوى التمتع بالنعم والبركات الزمنية من الله صانع الخيرات عوض الانشغال به واقتناءه في داخلنا. بنفس الروح يطالبنا القديس بولس ألا تكون علاقتنا بالقديسين مجرد علاقة للتمتع بمعونتهم، خاصة في حل المشاكل المادية أو المعنوية أو الاجتماعية، إنما في الدرجة الأولى علاقة حب داخلي كأساس للإقتداء بسيرتهم في المسيح يسوع. " انظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم". * انظر إلى أقوال خادم الملك، كيف تبين ضعفه، لأنه كان واجبًا عليه أن يتصور في ربنا تصورًا عظيمًا من أجل ابنه. لأن بقوله للمسيح: "يا سيد انزل قبل أن يموت ابني" أنزله بمنزلة من هو ليس مقتدرًا أن يقيم ابنه بعد موته، وكما لو كان غير عارفٍ بحال الغلام. لهذا السبب فإن المسيح لامه، لامسًا ضميره، مظهرًا أن معجزاته تتم لحساب النفس. هنا يشفي الأب المريض في ذهنه لكي يحثنا أن نهتم به لا لأجل الآيات بل بتعليمه. فإن الآيات ليست للمؤمنين بل لغير المؤمنين[561]. القديس يوحنا الذهبي الفم * لديه إيمان قليل في ذاك، إذ ظنه لا يقدر أن يشفي ما لم يكون حاضرًا بالجسد. لو أنه آمن بالكامل لعرف أنه لا يوجد موضع ليس فيه الله حاضرًا... فالذي خلق كل شيء بإرادته يحقق الشفاء بمجرد أمر منه[562] البابا غريغوريوس (الكبير) "قال له يسوع: اذهب ابنك حي؟ فآمن الرجل بالكلمة التي قالها له يسوع وذهب". [50] اهتمام السيد المسيح بتوجيه خادم الملك إلي الإيمان الحي القوي لا يعنى تجاهله الجهد الذي بذله بحضوره إليه وقطعه هذه الرحلة، فإن مسيحنا لا ينسى تعب المحبة، ولا يتجاهل كأس ماء بارد يُقدم باسمه. هذا وهو الكلي الحب لا يتجاهل مشاعر أب يرى ابنه علي سرير الموت، وقد اعتصر قلب الآب. وأخيرًا فإن لجاجة الرجل لها تقديرها، إذ يطالبنا أن نصلي ولا نمل، وقد مدح الأرملة التي من أجل لجاجتها سمع لها القاضي الظالم. بقوله: "اذهب ابنك حي" أعلن سلطانه المطلق، فهو ملك الملوك ورب الأرباب له "الحياة في ذاته"، صاحب سلطان، ينتهر الأمراض فتهرب، والموت فيولي هاربًا. أما خادم الملك فيعرف ما للأوامر الملكية من سلطان وقوة، فلا تًقاس فيها. تقبل الكلمة كأمر ملكي وانطلق في يقين بلا جدال ولا حوار ليتمتع بهذا الكنز الثمين: الأمر الإلهي النافذ العمل! آمن القائد، لكن بقي الإيمان مشروطًا في داخله، وهو أن يتأكد بأن ابنه قد شُفي، لذلك قيل فيما بعد: "فآمن هو وبيته كله" (٥٣). "وفيما هو نازل استقبله عبيده وأخبروه قائلين: إن ابنك حيّ". [51] "فاستخبرهم عن الساعة التي فيها أخذ يتعافى، فقالوا لهأمس في الساعة السابعة تركته الحمى". [52] بسؤاله كشف خادم الملك عن ضعف إيمانه، لكن كما قيل عن السيد: "فتيلة مدخنة لا يطفئ، وقصبة مرضوضة لا يقصف" (مت 12: 20). إنه الراعي الذي يهتم بالخراف الضعيفة حتى يسندها، ويدخل بها إلى حظيرة الإيمان. "ففهم الآب أنه في تلك الساعة التي قال له فيها يسوعإن ابنك حي، فآمن هو وبيته كله". [53] "هذه أيضًا آية ثانية صنعها يسوع لما جاء من اليهودية إلى الجليل". [54] سبق فأشار الإنجيلي إلي معجزة تحويل الماء خمرًا عندما قال بأن يسوع جاء إلى قانا الجليل [46]، وها هنا يشير إليها بقوله: "هذه أيضًا آية ثانية صنعها يسوع..." وكأن الإنجيلي أراد أن يربط بين الآيتين، الأولي في بداية خدمة السيد المسيح حيث حوَّل العالم إلي عرس أبدي ليتمتع الكل بخمر محبة الله وفرح السماء الذي لا ينقطع. والثانية حيث أشرف ابن خادم الملك علي الموت، وغالبًا ما كان أمميًا، فوهبه الشفاء ليعلن أنه يطلب سلامة الشعب أو سلامة عروسه. تمجد السيد المسيح في المعجزة الأولى أمام صاحب العرس اليهودي، وتمجد هنا أمام الجموع التي جاءت في بيت خادم الملك الأممي. ويرى القديس يوحنا الذهبي الفم أن الإنجيلي ذكر هذا ليكشف عن سمو السامريين الذين آمنوا بالسيد المسيح دون أن يروا المعجزة الأولى أو الثانية، بل قبلوه من خلال تعليمه. يحوى هذا القول أيضًا مديحًا للسامريين، موضحًا أن اليهود بعد أن تمت "آية ثانية" لم يصلوا بعد إلى علو أولئك السامريين الذين لم يبصروا ولا آية واحدة. لم يذكر الإنجيلي كلمة "ثانية" بلا هدف، وإنما لكي يزيد من دهشة السامريين بإظهار أنه حتى عندما تمت آية ثانية فإن الذين شاهدوها لم يبلغوا بعد إلى سمو الذين لم يشاهدوها[563]. القديس يوحنا الذهبي الفم |
24 - 03 - 2015, 06:22 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: شفاء ابن خادم الملك
موضوع جميل
ربنا يعوضك |
||||
24 - 03 - 2015, 03:12 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: شفاء ابن خادم الملك
شكرا على المرور |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|