رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إمرأة متسربلة بالشمس _ ميثوديوس الأوليمبي إمرأة متسربلة بالشمس (إستشهد عام 311م) "وظهرت آية عظيمة في السماء امرأة مُتسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها إكليل من اثنى عشر كوكباً وهي حبلى مُتمخضة ومتوجعة لتلد. وظهرت آية أخرى في السماء. هوذا تنين عظيم أحمر له سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان، وذنبه يجر ثلث نجوم السماء فطرحها إلى الأرض. والتنين وقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها متى ولدت. فولدت ابناً ذكراً عتيداً أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد. واختطف ولدها إلى الله وإلى عرشه. والمرأة هربت إلى البرية حيث لها موضع مُعد من الله لكي يعولوها هناك ألفاً ومئتين وستين يوماً" (رؤ 12). إن المرأة الملتحفة بالشمس، التي تظهر في السماء، وعلى رأسها إكليل من اثني عشر كوكباً والقمر تحت قدميها، تلك المرأة التي تصرخ من ألم المُخاض، بحسب التفسير الدقيق هي أمّنا - بصفتها قدرة في حد ذاتها مميزة عن أبنائها - تلك التي سماها الأنبياء في الرؤيا التي رأوها عن الأزمنة الآتية تارة أورشليم، وتارة العروس، وتارة جبل صهيون، وتارة هيكل وخيمة الله، فهي القدرة التي تعطي الإستنارة بحسب قول النبي إشعيا، حين هتف الروح القدس بصوته: "قومي إستنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليكِ، لأنه ها هي الظلمة تُغطي الأرض والظلام الدامس الأمم. أما عليك فيشرق الرب ومجده عليك يُرى. فتسير الأمم في نورك والملوك في ضياء إشراقك. إرفعي عينيك حواليك وأنظري قد اجتمعوا كلهم، جاءوا إليك. يأتي بنوكِ من بعيد وتُحمل بناتك على الأيدي" (إش 60). إنها الكنيسة التي يأتي إليها أبنائها بكل سرعة، ويسرعون إليها من جميع الأطراف بعد القيامة. إنها تبتهج بإستقبالها النور الذي لا يتضاءل، وتتغطى بسطوع الكلمة (اللوغوس) وكأنه رداء يلفها، فأي زينة أخرى أكثر عظمة وكرامة من اللائق أن تُزين بها الملكة لكي تُزفَّ كعروس إلى الرب، إذ أنها قد تقبلت كساء النور، ودُعيت من قِبل الآب. لنتأمل هذه المرأة الرائعة، المزينة زينة العذارى للعرس، فإن جمالها الظاهر الذي لا شائبة فيه يُشعّ كاملاً وثابتاً، وليس هناك أنوار لا تضاهيها سطوعها، لأن النور نفسه هو الذي يرتديها كالجلباب، وبمثابة حجارة كريمة فإن النجوم المتلألئة هي التي تحملها جبهتها على سبيل الزينة. وما هو رداء لنا، فإن النور هو رداء لها. وما هو لنا الذهب والحجارة الساطعة، فإن النجوم هي لها، لكن هذه النجوم ليست كالنجوم المزروعة في الفضاء السماوي، بل هي أسطع وأكثر تألقاً، حتى إن نجومنا ليست سوى صور ونُسَخ. وعبارة "القمر تحت رجليها" ترمز إلى إيمان المطهَّرين من الفساد بتجديد المعمودية، لأن ضوء القمر يبدو أنه يغمرنا كالماء الفاتر، وأن كل ما هو رطب يتعلق بالقمر. فالكنيسة إذن ترتكز – برمز القمر - على إيماننا وفعل التبني، إلى أن يدخل ملؤ الأمم (رو 11)، فهي إمرأة في مخاض تحمل الناس الطبيعيين وتلدهم كأناس روحيين، وهي في ذلك أمّ بلا شك. وكما أن المرأة حين تحصل على الزرع الذكري، من دون أن يكون له شكل، تلد، بعد انقضاء الوقت، كائناً بشرياً كاملاً، هكذا أيضاً الكنيسة لا تنقطع عن الحبل في أحشائها، بالذين يلتجأون إلى الكلمة (اللوغوس)، وتكوّنهم وتصوغهم على صورة المسيح ومثاله، لتجعل منهم، بعد انقضاء الأيام، مواطنين لتلك الأبديات الطوباوية. لذلك من واجبها أن تُشرف على غسل المعمودية، بصفتها أم الذين اغتسلوا فيها. وهكذا تسمى الوظيفة التي تقوم بها في هذا الغسل "قمراً"، لأن الذين يُجددون فيها ويولدون ثانية يضيئون بضوء حديث أي بضوء جديد. وهذا ما يجعلهم يسمون أيضاً "المستنيرين الجدد". قد يعترض البعض على تلك الأقوال ويسأل: "كيف يكون هذا الشرح موافقاً لفكر الكتاب المقدس، إذ أن سفر الرؤيا يوضح أن الكنيسة تلد ولداً ذكراً، بينما الشرح نسب الحمل والمخاض إلى أولئك الذين يغتسلون بالمعمودية؟ سنجيب إذاً: هيا أيها الممحاك، لأنك أنت أيضاً لا تقدر أن تثبت أن الولد هو المسيح نفسه، لأن سر تجسد الكلمة قد تمَّ قبل سفر الرؤيا بكثير، وإن أقوال يوحنا تعني الحاضر والمستقبل. هذا وإنّ المسيح - حين حبل به منذ عهد بعيد - لم يُخطف من ساعة الولادة إلى عرش الله خوفاً من إصابات الحيَّة. بل لهذا ولد، ونزل بذاته من عرش الآب، لكي يمكث ويصرع التنين الذي إعتدى على الجسد. فأنت مرغم على التسليم بأن الكنيسة هي التي تحبل وتشتاق إلى ولد، وبأنها تلد المُفتدين، كما ورد على لسان الروح القدس في فقرة من سفر إشعيا: "قبل أن يأخذها الطلق ولدت. قبل أن يأتي عليها المخاض ولدت ذكراً. من سمع مثل هذا؟ من رأى مثل هذه؟ هل تمخض بلاد في يوم واحد؟ أو تولد أمة دفعة واحدة؟ فقد مخضت صهيون بل ولدت بنيها" (إش 66). مِمَّن أفلتت، صهيون الروحية، إن لم يكن حتماً من التنين، لتلد شعب الرجولة، القادر على التخلي عن الأهواء المخنثة، وعن الإنحلال، ولتذهب نحو وحدة الله وتتخذ طبع الرجال عن طريق الورع. فالكنيسة هنا تلد الولد الذكر، وذلك لأن المستنيرين ينالون حقاً ختم يسوع وصفاته الرجولية، فإن شبه الكلمة مطبوع فيهم، ويولد فيهم بواسطة المعرفة الحقيقية والإيمان الحقيقي، ولذلك في كل واحد منهم تتم ولادة المسيح بشكل روحي. هكذا تتمخض الكنيسة حتى يتصور المسيح فينا (غل 4)، لكي يولد كل واحد من القديسين بصفته مسيحاً، باشتراكه في المسيح، بحسب ما ورد في فقرة من الكتاب المقدس: "لا تمسُّوا مُسحائي ولا تُسيئوا إلى أنبيائي" (مز 105)، وهذا يعني أن أولئك الذين أعتمدوا في المسيح أصبحوا مسحاء بشركة الروح القدس، والكنيسة هنا تساهم في استنارتهم وتحويلهم إلى صورة الكلمة (اللوغوس). هذا وأن تعليم بولس الرسول يؤيد ذلك بوضوح: "بسبب هذا احني ركبتي لدى أبي ربنا يسوع المسيح الذي منه تسمى كل عشيرة في السموات وعلى الأرض، لكي يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه في الإنسان الباطن، ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم" (أف 3). إذ أنه من الضروري، أن يرسم كلمة الحق في النفوس التي تعيش ولادة جديدة سمته وإشارته. أما التنين العظيم الأحمر، ذلك الوحش المراوغ والمتنوع الوجوه إلى أبعد حد، برؤوسه السبعة وقرونه، وكاسح ثلث الكواكب، والمترصد ليبتلع ولد المرأة التي توشك أن تلد، هو إبليس الذي ينصب فخاخه لينال من المعمدين الذين نالوا النور، ويفتك بصورة المسيح وصفاته الواضحة فيهم، تلك العلامة وتلك الإستنارة اللتين ولدهما الكلمة فيهم. لكنه أخفق وفاتته الغنيمة، لأن المولودين جديداً خُطفوا إلى الأعالي بالقرب من عرش الله، وهذا يعني أن فكر النفوس المجدَّدة رُفع عالياً، حول الكرسي الإلهي وقاعدة الحق التي لا تُزعزع: فإن ذلك الفكر يتعلم أن ينظر إلى أمور العلي وأن يتصورها، لكيلا ينقاد لخداع التنين الذي يضغط ليجذبها نحو الأسفل، لأنه لا يحق له أن يلاشي الذين يرفعون رؤوسهم وأنظارهم إلى السماء. أما الكواكب التي يسلبها بطرف ذنبه ويُلقيها إلى الأرض فهي زمرات الهراطقة. فالتي ولدت ولا تزال تولّد في قلوب المؤمنين الكلمة المذكَّر، والتي وصلت إلى البرية من دون أن يُنزل بها حنقُ الوحش شائبة وضرراً، هي أمَّنا الكنيسة. والبرّية التي ذهبت إليها، حيث حصلت على القوت مدّة 1260 يوماً، هي حقاً البرية التي لا ينبت فيها أي شر، القاحلة من كل جرثومة فساد، والتي هي منطقة صعبة المنال للجميع، ولكن القديسين يجدون فيها ثماراً رائعة وخليطاً رائعاً ونباتاً رائعاً وطرقاً رائعة، وهي تفيض بالحكمة، وتتفتح فيها الحياة. إنها حقاً منطقة الفضيلة، بما فيها من سحر الأشجار ومن سحر النسيم. هنا تستيقظ ريح الشمال وتهب ريح الجنوب فتقطر أطيابها (نش 4). |
10 - 03 - 2015, 02:40 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: إمرأة متسربلة بالشمس _ ميثوديوس الأوليمبي
مشاركة جميلة جدا ربنا يبارك حياتك |
||||
12 - 03 - 2015, 04:35 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| العضوية الذهبية |::..
|
رد: إمرأة متسربلة بالشمس _ ميثوديوس الأوليمبي
ربنا يبارك خدمتك يا سما |
||||
12 - 03 - 2015, 06:32 AM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: إمرأة متسربلة بالشمس _ ميثوديوس الأوليمبي
ربنا يبارك خدمتكم
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|