ومن هنا أتت التحذيرات ونداءات الرب يسوع لكل من يتبعه، بأن يمارسوا المغفرة ليس فقط لأخواتهم بل وأيضاً لأعدائهم، فبكوننا كلنا رعية مع القديسين وأهل بيت الله، وقد صرنا ملوكاً وكهنة (لا أتلكم عن الكهنوت التنظيمي في الكنيسة بوضع اليد حسب موهبة الروح، بل أتكلم بوجه عام)، فصار لنا أن نعطي المغفرة لكل أعداءنا الذي أخطئوا في حقنا، فمغفرة المسيحي لأخيه هي بمثابة إعلان عن إيمانه بمغفرة الله لخطايا العالم، وبرجائه الحي في رحمة الله المتسعة جداً، لأن دليل إني أحيا في النور هي محبة أخي وغفراني له في كل كبيرة وصغيرة: [ من قال أنه في النور وهو يبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة. من يحب أخاه يثبت في النور وليس فيه عثرة. وأما من يبغض أخاه فهو في الظلمة، وفي الظلمة يسلك، ولا يعلم أين يمضي، لأن الظلمة أعمت عينيه. أكتب إليكم أيها الأولاد لأنه قد غُفرت لكم الخطايا من أجل اسمه. ] (1يوحنا 2: 9 – 12)
وبإيماننا أن الرب يسوع المسيح صار كفارة للعالم كله [ الذي قدمه الله كفارة بالإيمان بدمه لإظهار بره من أجل الصفح عن الخطايا السالفة بإمهال الله ] (رومية 3: 25)، [ وهو كفارة لخطايانا، ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضاً ] (1يوحنا 2: 2)، بهذا الإيمان والرجاء تتدعم الكنيسة وتزداد اتحاداً بالرب الذي أتى ليطلب ويُخلِّص ما قد هلك، فهو يطلب الخطاة والفجار ليغيرهم ويشفيهم، ومن هُنا أتت المغفرة المتبادلة بين المسيحيين الحقيقيين لبعضهم البعض كتأكيد عملي فعال لمغفرة الله لهم. وعن هذا الطريق يُعلن المسيحيون الحقيقيين أن سلطان المغفرة قد أتى وأن سلطان الخطية والخصومة والفرقة والعداوة قد ولى، وأن المسيحيين اليوم لهم خدمة حقيقية وحيدة وهي خدمة المصالحة:
[ نفتخر أيضاً بالله بربنا يسوع المسيح الذي نلنا به الآن المُصالحة ] (رومية 5: 11)
[ ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح وأعطانا خدمة المُصالحة ] (2كورنثوس 5: 18)
[ أي أن الله كان في المسيح مصالحاً العالم لنفسه، غير حاسب لهم خطاياهم، وواضعاً فينا كلمة المصالحة ] (2كورنثوس 5: 19)
لذلك المسيحي الحقيقي يحفظ بقلبه قبل عقله وينفذ بكل قوة فيه كلام الإنجيل القائل: [ لا يُمكن إلا أن تأتي العثرات ... احترزوا لأنفسكم، وإن أخطأ إليك أخوك فوبخه، وإن تاب فاغفر له. وإن أخطأ إليك سبع مرات في اليوم ورجع إليك سبع مرات في اليوم قائلاً أنا تائب فاغفر له ] (لوقا 17: 1 – 4). ونفس القول ورد في [ متى 18: 7، 15، 21 – 22 ]؛ [ واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن لمن أخطأ إلينا ] …