ما هي الأدلة الموردة من النوع الأول منها ؟
هي ما تتضمن عبارات تتعلق بكل من ناسوته ولاهوته وشخصيته الواحدة. ومن ذلك :
1 – ما قيل في الكتاب بشأن ناسوت المسيح أنه ذو طبيعة بشرية كاملة شاملة جسداً حقيقياً ونفساً. ومن جملة نصوص الكتاب في هذا الموضوع :
أ – ما ينسب إليه جسداً حقيقياً والمراد بذلك جسد مادي مركب من لحم ودم كأجساد البشر في كل ما هو جوهري لأنه ولد من امرأة واغتذى من جسمها وكان ينمو في القامة وكان له جميع أميال الجسد البشري فكان خاضعاً للألم واللذة والجوع والعطش والتعب والمرض والموت وكان ينظر ويلمس (قابل عب 2 : 14 ولو 24 : 39). وقيل في العهد القديم أنه نسل المرأة ونسل إبراهيم وابن داود وأنه إنسان ورجل أوجاع وسمي في الإنجيل ابن الإنسان نحو ثمانين مرة.
ب – ما ينسب إليه نفساً ناطقة وعقلاً بشرياً محدوداً به كان يفتكر ويشعر ويفرح ويحزن وينمو في الحكمة ويجهل بعض الأشياء كزمن يوم الدينونة.
2 – ما قيل في الكتاب في شأن لاهوت المسيح. فسمي إلهاً ولقب بجميع الأسماء والألقاب الإلهية فقيل أنه الله (عب 1 : 8) والإله القدير (أش 9 : 6) والله العظيم (تي 2 : 13) والإله علي الكل (رو 9 : 5) ويهوه والرب ورب الأرباب وملك الملوك. ووصف بجميع الصفات الإلهية منها أنه حاضر في كل مكان وعالم بكل شئ وقادر علي كل شئ وغير متغير وأنه هو هو أمساً واليوم وإلي الأبد وأنه خالق الكون والمعتني به والمتسلط عليه (كو 1 : 16 و 17) وأنه هو المعبود من جميع الخلائق العاقلة حتي الأسمى منها وأن جميع الملائكة أمرت أن تسجد له (عب 1 : 6) وأنه في يمين عرش الله وملائكة وسلاطين وقوات مخضعة له (1 بط 3 : 22) وأنه هو موضوع جميع الاحساسات الدينية كالاحترام والمحبة والإيمان الخ وأن جميع البشر والملائكة يجب أن يعطوا الجواب له عن صفاتهم وسيرتهم وهو نفسه أمر الناس أن يكرموه كما يكرمون الآب (يو 5 : 13) وأن يعترفوا به كما يؤمنون بالآب (يو 14 : 1) وقال أيضاً أنه هو والآب واحد (يو 10 : 30 و 17 : 11 و 21 و 22) وأن الذي رآه قد رأي الآب (يو 14 :9) ودعا جميع البشر إليه واعداً إياهم بغفران خطاياهم وإرسال الروح القدس إليهم وبأن يمنحهم راحة وسلاماً ويقيمهم في اليوم الأخير ويمنحهم حياة أبدية. والخلاصة أنه وصف في الكتاب الإلهي بنفس الأوصاف التي وصف بها الله له المجد ووعد وفعل بقدر ما وعد الله وفعل. ولذلك هو إله المسيحيين كما أن الآب أيضاً إلههم منذ تأسيس الدين المسيحي.
3 – ما قيل في الكتاب في شأن شخصية المسيح الواحدة أي أنه إله تام وإنسان تام في ذات واحدة ومما يؤيد ذلك :
1 – عدم وجود دليل علي تعداد الشخص فيه فإنه يعلمنا أن الآب والابن والروح القدس ممتازون في الأقنومية من استعمال الضمائر لهم عند الكلام علي كل منهم وأن الآب يحب الابن ويرسله والابن يحب الآب ويطيعه غير أنه لا يصح أن نميز طبيعتي المسيح علي هذا المنوال بل هو شخص واحد مؤلف من طبيعتين متحدتين فيه فإن ابن الله لا يخاطب ابن الإنسان كشخص ممتاز عن نفسه والكتاب المقدس لا يعلن لنا إلا مسيحاً واحداً.
2 – البينات الصريحة ومنها أن المسيح يستعمل لنفسه ضمير المتكلم ويستعمل له عند الخطاب ضمير المخاطب وفي الغيبة ضمير الغيبة فقيل مرة أنه ليس له خمسون سنة بعد (يو 8 : 57) وقيل في محل آخر أنت يارب في البدء أسست الأرض الخ (عب 1 : 10) والإشارة إلي شخص واحد في كلتا الجملتين ولذلك نري أن المسيح يعتبر دائماً شخصاً واحداً إلهاً تاماً وإنساناً تاماً .