رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
التثليث في القرآن كما حارب القرآن " تأليه " عيسى ابن مريم عند بعض نصارى العرب الجهال ، حارب كذلك عقيدة "التثليث " عند قوم آخرين منهم ضلوا عن الإنجيل . فالتثليث الذي ينكره القرآن ليس بالتثليث المسيحي . فالتثليث المسيحي هو من صميم التوحيد ، من صميم وحدانية الله ، في وحدة الذات الإلهية . ولمعالجة هذه القضية دعنا نضعها في النقاط التالية : ما هو التثليث الذي يرفضه القرآن؟ ما هو موقف المفسرين من قول القرآن في الثالوث ؟ ما هو القول الصريح للإنجيل في الثالوث؟ 1- التثليث الذي يرفضه القرآن هناك ثلاثة نصوص قرآنية توحية لنا : الأول من (سورة النساء : 170 – 171) " يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ، ولا تقولوا على الله إلا الحق ؛ إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله ، وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه . فآمنوا بالله ورسله ، ولا تقولوا : ثلاثة ! انتهوا خير لكم ! إنما الله إله واحد ! سبحانه أن يكون له ولد ، له ما في السموات وما في الأرض ، وكفى بالله وكيلا! لن يستنكف المسيح أن يكون عبداً لله ، ولا الملائكة المقربون ! ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا" والثاني من ( سورة المائدة : 70 و 76 ) " لقد كفر الذين قالوا : إن الله هو المسيح ابن مريم ! ... لقد كفر الذين قالوا : أن الله ثالث ثلاثة ! وما من إله إلا إله واحد ! وإن لم تنتهوا عما يقولون ليمسن الذين كفروا منهم عذاب أليم " والثالث من ( سورة المائدة : 77 – 78 و 119 ) أبان فيه تلميحاً ، ثم تصريحاً من هم " الثلاثة" " أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرون ، والله غفور رحيم . ما المسيح ، ابن مريم ، إلا رسول قد خلت من قبله الرسل . وأمه صديقة ، كانا يأكلان الطعام . أنظر كيف نبين لهم الآيات ؛ ثم أنظر أنى يؤفكون! ... وإذ قال الله : يا عيسى ابن مريم ، أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ! قال : سبحانك ! ما يكون لي أن أقول ما ليس بحق ! إن كنت قلته فقد علمته ! .. ما قلت لهم إلا ما أمرتني به ، أن أعبدوا الله ربي وربكم. فالخطاب في سورة النساء لأهل الكتاب عامة : "ياأهل الكتاب ... لا تقولوا "ثلاثة" (170). والخطاب في سورة المائدة خاص بفئتين أو ثلاث من أهل الكتاب العرب يفسرون معني "الثلاثة" : فئة تدعي أن الله هو المسيح ابن مريم ! وفئة تدعي أن الله ثالث ثلاثة ! |
01 - 03 - 2015, 02:52 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التثليث في القرآن
وإذا سألت القرآن عن "الثلاثة" التي يزعمون، أجاب تلميحاً (مائدة 77) ثم تصريحاً (مائدة 119) بأنهم : الله، وعيسي ابن مريم، ومريم أم عيسي : فهما إلهان مع الله ! ذاك هو التثليث أو الثالوث الذي كان يدين به بعض نصاري العرب، فأنكره القرآن عليهم، وكفرهم به من النقل علي لسان المسيح : "وقال المسيح : يابني إسرائيل أعبدوا الله ربي وربكم" (مائدة 75) : "ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم" (مائدة119)، ومن المنطق والعقل أنه "مامن إله إلا إله واحد (76) وقد كان المسيح وأمه يأكلان الطعام (78) قل أتعبدون من دون الله ما يملك لكم ضراً ولا نفعاً" (79). اعتبر القرآن ذلك الاعتقاد الفاسد قولاً من بعضهم "الذين قالوا" (75 و 76) الذين كفروا منهم (76) : ثم اعتبره غلواً من جميعهم (نساء 170، مائدة 80). لذلك يدعوهم إلي نبذ الغلو في تأليه المسيح وتثليث المذكور "ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا علي الله إلا الحق : إنما المسيح عيسي ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلي مريم وروح منه، فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا "ثلاث"، انتهوا خير لكم" (نساء 170) "قل ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم غير الحق ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيراً وضلوا عن سواء السبيل" (مائدة 80). |
||||
01 - 03 - 2015, 02:52 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التثليث في القرآن
2 - موقف المفسرين من قول القرآن : ولا تقولوا : "ثلاثة" (نساء 170). قال الجلالان : "أي الآلهة ثلاثة : الله وعيسي وأمه". وقال البيضاوي : "أي الآلهة ثلاثة : الله والمسيح ومريم، ويشهد عليه قوله : أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله - أو الله ثلاثة : إن صح أنهم يقولون : الله ثلاثة أقانيم الآب والابن وروح القدس ويريدون بالآب الذات، وبالابن العلم وبروح القدس الحياة". - ونقول : وإن صح أن النصاري يعنون "بالآب الذات وبالابن العلم وبروح القدس الحياة" فذلك لا يدل علي تعدد الذات الإلهية، لأن العلم والحياة في الله هما ذات الله بعينها. وهكذا تختلف جوهرياً مقالة القرآن عن مقالة الإنجيل في التثليث. وقال الزمخشري : "إن صحت الحكاية عن النصاري أنهم يقولون : هو جوهر واحد ثلاثة أقانيم : أقنوم الآب، وأقنوم الابن، وأقنوم روح القدس، وأنهم يريدون بأقنوم الآب الذات وبأقنوم الابن العلم وبأقنوم روح القدس الحياة : فتقديره "الله ثلاثة"، وإلا فتقديره "الآلهة ثلاثة" : والذي يدل عليه القرآن هو التصريح منهم بأن الله والمسيح ومريم ثلاثة آلهة وأن المسيح ولد الله من مريم : ألا تري إلي قوله "أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله" وحكاية الله أوثق من حكاية غيره !!" - أجل حكاية الله أوثق من حكاية غيره، لكن القرآن بقوله ما تقديره : الآلهة ثلاثة، الله والمسيح ومريم، وأن المسيح ولد الله من مريم، حكي حكاية بعض نصاري العرب الذين يكفرهم، وليس حكاية الإنجيل والنصاري عامة الذين يقولون : الله جوهر واحد، في ثلاثة أقانيم، وهذه المقالة لا تنافي التوحيد، ولا دخل لمريم في هذا التثليث ولا لولادتها الجسدية لعيسي، وهي تختلف تماماً عن مقالة القرآن "الآلهة ثلاثة، الله وعيسي ومريم" أو الإله صار ثلاثة "الله وعيسي ومريم". |
||||
01 - 03 - 2015, 02:52 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التثليث في القرآن
والرازي المدقق يقول : "قوله ثلاثة خبر مبتدأ محذوف. ثم اختلفوا في تعيين ذلك المبتدأ علي وجوه : (الأول) ما ذكرناه أي ولا تقولوا : "الأقانيم ثلاثة"، (الثاني) آلهتنا ثلاثة كما قال الزجاج مستشهداً بآية المائدة، (الثالث) قال الفراء : "هم ثلاثة" كقوله "سيقولون ثلاثة" وذلك لأن ذكر عيسي ومريم مع الله بهذه العبارة يوهم كونهما إلهين". ثم يفسر رأيه "الأقانيم ثلاثة" : أي والمعني ولا تقولوا "إن الله واحد بالجوهر ثلاثة بالأقانيم"، واعلم أن مذهب النصاري مجهول جداً، والذي يتحصل منه أنهم أثبتوا ذاتا موصوفة بصفات ثلاث، إلا أنهم وإن سموها صفات فهي في الحقيقة ذوات قائمة بأنفسها (!) فلهذا المعني قال "ولا تقولوا : "ثلاثة، انتهوا". فأما إن حملنا الثلاثة علي أنهم يثبتون صفات ثلاثاً فهذا لا يمكن إنكاره، وكيف لا نقول ذلك وإنا نقول : هو الله الملك القدوس العالم الحي القادر .. ونفهم من كل واحد من هذه الألفاظ غير ما نفهمه من اللفظ الآخر، ولا معني لتعدد الصفات إلا ذلك. فلو كان القول بتعدد الصفات كفر لزم رد جميع القرآن، ولزم رد العقل من حيث أنا نعلم بالضرورة أن المفهوم من كونه تعالي عالماً غير المفهوم من قوله حياً". وإنا لنستغرب قول الرازي "إن مذهب النصاري مجهول جداً"، وقد عرفه تمام المعرفة "إن الله واحد بالجوهر ثلاثة أقانيم" وأنهم أي النصاري "أثبتوا، علي قوله، ذاتاً موصوفة بصفات ثلاث". وفي كلا القولين ليس من تعدد ينقض التوحيد. ولكن ضل عندما أراد أن يطبق مذهبهم علي مقالة القرآن القائلة "بثلاثة آلهة" فاستنتج منه "أنهم وإن سموها صفات فهي في الحقيقة ذوات قائمة بأنفسها "!! كلا ليست" الأقانيم الثلاثة ذوات قائمة بأنفسها مما يشعر بأنها ثلاثة آلهة، بل هي علاقات ذاتية قائمة بالذات الإلهية الواحدة، وقد أشعر هو نفسه أن ذلك ممكن حيث قال : "فأما إن حملنا الثلاثة علي أنهم يثبتون صفات ثلاثاً فهذا لا يمكن إنكاره ... فلو كان القول بتعدد الصفات كفر لزم رد جميع القرآن ولزم رد العقل من حيث نعلم بالضرورة أن المفهوم من كونه تعالي عالماً غير المفهوم من قوله حياً"، وبهذه المقالة يلتحق بالزمخشري والبيضاوي حيث يصف مذهب النصاري أنه : "جوهر واحد، ثلاثة أقانيم : أقنوم الآب وأقنوم الابن وأقنوم روح القدس، وأنهم يريدون بأقنوم الآب الذات وبأقنوم الابن العلم وبأقنوم روح القدس الحياة". وما كان ضرهم لو قالوا بقول النصاري وإنجيلهم القائم علي توحيد الجوهر الإلهي الفرد : فالله واحد في ثلاثة أقانيم أي علاقات جوهرية غير قائمة بأنفسها بل قائمة في الذات الإلهية الواحدة ؟ |
||||
01 - 03 - 2015, 02:53 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التثليث في القرآن
فمقالة "الثلاثة" أو الثالوث أو التثليث لها وجه مقبول ينسجم مع التوحيد الصارم ولها وجه مرذول ينقض التوحيد ويعني تعدد الآلهة. وما نهاهم القرآن عنها "ولا تقولوا : ثلاثة" إلا لأن العرب، أو بعض نصاري العرب الجهال قد فهموا التثليث المسيحي علي غير حقيقته فمالوا به إلي تعدد الآلهة أو تعدد الذات الإلهية، وأقحموا فيه ما ليس منه "مريم أم المسيح"، ونسبوا إلي الله ما يقشعر له المرء أبي استيلاده عيسي من مريم كما سيتظهر من مقالاتهم في ما يلي :"الله ثالث ثلاثة" (مائدة 76) إن بعض نصاري الحجاز قد فهموا بالثالوث أو "الثلاثة" أن "الله ثالث ثلاثة" (مائدة 76)، ولا يجوز فهم هذا التعبير كفهم سابقه "ولا تقولوا : ثلاثة" لأنه في حد ذاته يجعل الله أحد ثلاثة فيعدد الآلهة، أو يعدد الذات الإلهية. وهذا كفر كما نعته القرآن. ونلاحظ أنه يكفر مقالة "الله ثالث ثلاثة" فيما ينعت مقالة "الثلاثة" بالغلو (نساء 170). وقد تفسر هذه المقالة بأن "الابن والروح إلهان من دون الله" وهي تعني حتماً تعدد الآلهة، وقد تفسر بأن "المسيح ومريم إلهان من دون الله" وظاهرها يعني أيضاً تعدد الآلهة. ويميل القرآن إلي التفسير الثاني لأن الآية 78 من المائدة بيان للآية 76 منها. وكلا القولين كفر كما نعتهما القرآن، بيد أن القرآن لا ينسبهما إلي عموم نصاري الحجاز بل إلي الذين "كفروا منهم" (76). قال الجلالان : أي أحد آلهة ثلاثة والآخران عيسي وأمه. وهم فرقة من النصاري. وقال البيضاوي : أي أحد ثلاثة وهو حكاية عما قاله النسطورية (؟) والملكانية منهم القائلون بالأقانيم الثلاثة وما سبق (75) قول اليعقوبية القائلين بالاتحاد. |
||||
01 - 03 - 2015, 02:53 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التثليث في القرآن
وقال الرازي ناقلاً رأي المفسرين ورأي المتكلمين : "في تفسير قول النصاري "ثالث ثلاثة" طريقان : (الأول) قول بعض المفسرين وهو أنهم أرادوا بذلك أن الله ومريم وعيسي آلهة ثلاثة والذي يؤكد ذلك قوله : "أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله"، والدليل أنه المراد، قوله في الرد عليهم "وما من إله إلا واحد"، (والثاني) إن المتكلمين حكوا عن النصاري أنهم يقولون : جوهر واحد، ثلاثة أقانيم : آب وابن وروح القدس، وهذه الثلاثة إله واحد، كما أن الشمس اسم يتناول القرص والشعاع والحرارة. وعنوا بالآب الذات وبالابن الكلمة وبالروح الحياة، وأثبتوا الذات والكلمة والحياة، وقالوا أن الآب إله والابن إله والروح إله والكل إله واحد". نقول لقد أنصفهم المتكلمون، وظلمهم المفسرون بنسبة مقالة بعض نصاري العرب الكفار إلي عموم النصاري. وعقب الرازي علي حكاية المتكلمين : "إن هذا معلوم البطلان ببديهة العقل فإن الثلاثة لا تكون واحداً والواحد لا يكون ثلاثة !" - أجل من وجه واحد، كلا من وجوه مختلفة، فالنصاري يوحدون جوهر الله أو طبيعته الإلهية، ويثلثون أقانيمه الذاتية، وهذا لا يعني جعل الثلاثة واحداً والواحد ثلاثة حتي يجوز القول أنه "لا يري في الدنيا مقالة أشد فساداً وأظهر بطلاناً من مقالة النصاري" (الرازي) فلا يراها المتكلمون كذلك، ولا الراسخون في العلم !! فمقالة بعض نصاري الحجاز "الله ثالث ثلاثة" تفسير خاطئ فاسد لا يجوز تعميمه علي سائر النصاري. |
||||
01 - 03 - 2015, 02:53 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التثليث في القرآن
"إلهان من دون الله" (مائدة 119) إن بعض نصاري الحجاز كانوا يقولون "عيسي ومريم أمه إلهان من دون الله" (مائدة 78 و 119) وهذه المقالة أيضاً تفسير آخر فاسد لمقالة النصرانية بالثالوث أو "بالثلاثة" الأقانيم. فمقالة تلك الفئة الضالة تعني صراحة تعدد الآلهة، لا بل تأليه مخلوقين مع الله، الإنسان عيسي ابن مريم، وأمه. لذلك يستفظعها الله يوم الدين ويستجوب عيسي عنها : "إذ قال الله (يوم يجمع الرسل) : أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ؟!" فيستنكر عيسي التهمة ويشهد للتوحيد، ويستغفر لمن قال بها. ويرد القرآن علي هذه المقالة الفاسدة ببراهين عدة : "ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل" أي ما هو إلا رسول كالرسل قبله خصه الله بآيات كما خصهم بها (البيضاوي)، "وأمه صديقة" : وإن كل من كان له أم فقد حدث بعد أن لم يكن وكل من كان كذلك كان مخلوقاً لا إلهاً (الرازي)، و"كانا يأكلان الطعام" : أي أنهما كانا محتاجين، لأنهما كانا محتاجين إلي الطعام أشد الحاجة والإله هو الذي يكون غنياً عن جميع الأشياء فكيف يعقل أن يكون إلهاً (الرازي)، و"قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لك ضراً ولا نفعاً ؟ أي أن عيسي وأمه لا يملكان الضر والنفع مثل الله حتي يكونا إلهين. ونقول أنها براهين سديدة تنقض مقالة جهال الحجاز من النصاري لأنها تعني تأليه مخلوقين مع الله. ولكن قولهم ليس بقول النصاري الحق، ولا تعنيهم أدلة القرآن الواردة. فالإله في عيسي ليس ما ولد من مريم أي ناسوته أو طبيعته الإنسانية، بل من ألقي إلي مريم من جوهر الله دون انقسام أي "كلمة الله" الذي هو "روح منه" تعالي. |
||||
01 - 03 - 2015, 02:53 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التثليث في القرآن
"الله هو المسيح" (مائدة 75) وإن بعض نصاري الحجاز كانوا يقولون "إن الله هو المسيح ابن مريم" (مائدة 75) ومقالتهم هذه هي تفسير ثالث لعقيدة النصاري العامة في التثليث أي "الثلاثة" الأقانيم. ومقالة أولئك تفسير خاطئ لأنها تعني أن جوهر الله كله، وذات الله كلها، وطبيعة الله كلها، قد صارت عيسي ابن مريم. أو تعني علي الأقل "ان الله تعالي حل في ذات عيسي واتحد بذات عيسي" (الرازي) وهذا هو مذهب الذي يجيز علي الله ما لا يجوز أي أن يتغير أو يتبدل أو يتحول. قال الجلالان : لقد كفروا حيث جعلوا ابن مريم إلهاً، وهم اليعقوبية، فرقة من النصاري. وقال البيضاوي : هم الذين قالوا بالاتحاد منهم، وقيل لم يصرح به أحد منهم بل حكي لسان حالهم. وقال الرازي : حكي عن فريق منهم أنهم قالوا "إن الله هو المسيح ابن مريم" وهذا هو قول اليعقوبية لأنهم يقولون : إن مريم ولدت إلهاً. ولعل معني هذا المذهب أنهم يقولون : أن الله تعالي حل في ذات عيسي واتحد بذات عيسي". ونقول : إن النصاري يكفرون مع القرآن هذه المقالة : ليس لعيسي ابن مريم ذات غير ذات الكلمة الملقاة إلي مريم روحاً من الله : فليس هناك ذاتان بل ذات واحدة تجسدت من مريم أي تدرعت بجسد منها. وهذا القول بعيد كل البعد عن مذهب الحلول والحلولية، ومذهب الامتزاج بين ذات خالقة وذات مخلوقة. تلك هي التفاسير الثلاثة التي قال بها بعض نصاري العرب الجاهلين، البعيدين عن مراكز النصرانية الحنيفة الرسمية، في ما يتعلق بعقيدة التثليث النصرانية، أي الأقانيم "الثلاثة" في الله الواحد، وتلك مقالات فاسدة جعلت القرآن يكفر أصحابها واحداً واحداً، وينهاهم عن الاعتقاد "بالثلاثة" علي الإطلاق : "ولا تقولوا : ثلاثة ! انتهوا، خير لكم" (نساء 170). |
||||
01 - 03 - 2015, 02:54 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التثليث في القرآن
استنتاج وتطبيق نستنتج مما تقدم أن التثليث الذي ينكره القرآن غير التثليث المسيحي الذي يعلمه الإنجيل. كل من الإنجيل والقرآن يقصد غير ما يعنيه الآخر. والمسيحيون يعتقدون غير ما ينكر المسلمون. 1) تصريح الإنجيل فالثالوث المسيحي مبني في الإنجيل علي وحدانية الله، لا إله إلا هو. سئل السيد المسيح : "أي وصية هي أولي الوصايا جميعاً ؟ فأجاب الأولي هي : اسمع يا إسرائيل : الرب إلهنا الرب الوحيد فأحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل ذهنك وكل قوتك. فقال له الكاتب : حسن يامعلم لقد أصبت إذ قلت أنه الوحيد ولا آخر سواه" (مرقس 12 : 28 - 34). ومع هذا الإقرار الصريح بالوحدانية الإلهية فالتصريح بالتثليث لا ريب فيه، وقد ختم المسيح حياته ورسالته وإنجيله بقوله لتلاميذه الحواريين : "لقد دفع إلي كل سلطان في السماء وعلي الأرض، فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم. وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس، وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به وها أنا معكم كل الأيام إلي انقضاء الدهر" (خاتمة متي). فهذا الإعلان النهائي سبقته تصاريح متعددة عن الوحدة بين المسيح الابن والله الآب : "ووقع عيد التجديد في أورشليم وكان شتاء وكان يسوع يذهب ويجئ في الهيكل في رواق سليمان فتحلق اليهود حوله وقالوا له : "حتي متي تريب أنفسنا ؟ إن كنت أنت المسيح فقله لنا جهراً ! أجابهم يسوع : لقد قلته لكم ولا تصدقون، والأعمال التي أعملها باسم أبي هي تشهد لي ... (ثم قال) أنا والآب واحد ! حينئذ تناول اليهود من جديد حجارة لكي يرجموه. فأجابهم لقد أريتكم أعمالاً حسنة كثيرة من عند الآب فلأي عمل منهما ترجموني ؟ أجابه اليهود : لسنا لعمل حسن نرجمك بل لأجل التجديف ولأنك تجعل نفسك إلهاً وأنت إنسان ! فأجابهم يسوع : أوليس مكتوباً في ناموسكم : "أنا قلت إنكم آلهة" ؟ فإن كان يدعو آلهة أولئك الذين صارت إليهم كلمة الله - ولا يمكن أن ينقض الكتاب - فأنا الذي قدسه الآب وأرسله إلي العالم تقولون لي أنك تجدف ! لكوني قلت : أنا ابن الله ؟ إن كنت لا أعمل أعمال أبي فلا تصدقوني، ولكن إن كنت أعملها ولا تريدون أن تصدقوني فصدقوا هذه الأعمال لكي تعلموا وتعترفوا أن الآب في وأني في الآب" (يوحنا 10 : 22 - 42). فهذه الوحدة بين الله الآب والمسيح الابن ليست معنوية بل جوهرية، والمسيح هو ابن الله ليس علي طريق الاصطفاء أو علي سبيل المجاز، بل حسب الطبيعة "لكي تعلموا وتعترفوا أن الآب في وأني في الآب" (10 : 38)، ثم يعود إلي الشهادة ذاتها مع تلاميذه : "قال له فيلبس : يارب، أرنا الآب وحسبنا، قال له يسوع : أنا معكم كل هذا الزمان ولا تعرفني ؟ يا فيلبس، من رآني فقد رأي الآب ! فكيف تقول أنت : أرنا الآب ! أفلا تؤمن أني أنا في الآب وأن الآب في ؟ الأقوال التي أكلمكم بها لا أتكلم بها من نفسي بل الآب المقيم في هو يعمل أعماله. صدقوني أني أنا في الآب والآب في. وإلا فصدقوا من أجل الأعمال" (يوحنا 14 : 3). |
||||
01 - 03 - 2015, 02:54 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التثليث في القرآن
وقد سبقته أيضاً، تصاريح عن الوحدة القائمة بين الابن وروح القدس. فالروح القدس هو المحامي عن الحواريين في نشر الإيمان لأنه روح الحق الذي ينبثق من الآب : "ومتي جاء المحامي الذي أرسله إليكم من لدن الآب، روح الحق الذي ينبثق من الآب، فهو يشهد لي، وأنتم أيضاً تشهدون بما أنكم معي منذ البدء" (يوحنا 15 : 26)، وروح الحق ينزل بعد رفع المسيح : "غير أني أقول لكم الحق : إن في انطلاقي لخيراً لكم : فإن لم أنطلق لا يأتيكم المحامي وأما إذا انطلقت فإني أرسله إليكم (16 : 7)، ولكن متي جاء هو، روح الحق، فإنه يرشدكم إلي الحقيقة كلها لأنه لا يتكلم من عند نفسه بل يتكلم بما يكون قد سمع ويخبركم بما يأتي. إنه سيمجدني لأنه يأخذ مما لي ويخبركم. جميع ما للآب فهو لي : من أجل هذا قلت لكم إنه يأخذ مما لي ويخبركم" (16 : 12 - 15). |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|