'إن تفسير فرويد للفرق بين الجنسين قائم على الموقف القائل بأنّ
هناك مميزات نفسية محدّدة، يمكن وصفها بـ “الذُكوريّة”، وأخرى يمكن وصفها بـ “الأنثوية”. تتفارق هاتان المجموعتان من المميزات في ما بينها بوضوح . إلا أنّ فرويد كان يرفض باستمرار وضع أيّ تشخيص تفصيلي يحدّد ما هو “ذَكَري” وما هو “أُنثوي”، بادّعاء أنّ هذه هي مفاهيم أساسية من الممكن استعمالها ، دون أن تتم إحالتها إلى النظرية النفس - تحليلية ..
واحد من مميزات هذا التعارض ، أنّ هذين المفهومين لا يقومان بوظيفتهما بالتوازيٍ . ففرويد يرى في الذُكورة نموذجًا (باراديجما)، مُدّعياً أنّ هناك ليبيدو واحدًا وهو ذُكوريّ ، وأنّ التطوّر النفسي للطفلة مطابق للتطوّر النفسي للطفل ، ليفترقا لاحقا وفي طور متأخر . فالأنوثة هي ما يفترق لاحقاً عن الباراديجما الذُكورية ، وينظر إليها فرويد كمنطقة غامضة وغير قابلة للمعرفة، “قارة ظلماء” ...
ويبدأ ” لغز الطبيعة الأنثوية” بإشغال فرويد في كتاباته المتأخّرة، الأمر الذي يقوده لطرح التساؤل : “ما الذي تريده المرأة؟ ”. الذُكُورة هي معطى مفهوم من تلقاء نفسه، أما الأنوثة فهي منطقة المجهول : “وفق الطريقة الخاصة به فإنّ التحليل النفسي لا يحاول تعريف المرأة وما هي (وهذا سؤال من الواضح أنه لا يستطيع الإجابة عليه)، وإنما يحاول أن يبحث كيف تحضر المرأة إلى الوجود، كيف يكبر الطفل ذو الميول الجنسية المزدوجة ليغدو امرأة؟”
قلما يتطرق لاكان في سنوات ما قبل الحرب إلى النقاش حول الأنوثة، ومن خلال عبارات قليلة يتطرق لوظيفة الأم في عُقد العائلة . وفي سنوات الخمسين يتعرّض للموضوع من خلال مصطلحات صيغت بمفاهيم يستقيها من كلود ليفي شتراوس، ويتم إدراك النساء (إنثروبولوجيًا- ملاحظة المترجم كموضوع مقايضة يتنقل بين مجموعات القرابة ..