رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
إيمان بدون أعمال _ أغسطينوس الإيمان والأعمال القديس أغسطينوس "ولكن هل تريد ان تعلم ايها الانسان الباطل ان الايمان بدون اعمال ميت" (يع 2: 20). بولس الرسول، بإعلانه أن الإنسان يتبرر بالإيمان دون أعمال، لم يُفهَّم بشكل صحيح من قبل أولئك الذين أخذوا هذه الكلمة وفهموها على أنها تعني أنهم بعد إيمانهم بالمسيح يمكن تبريرهم بالإيمان، حتى ولو إستمروا في أعمالهم الشريرة وعاشوا بشكل فاسق وبأسلوب غير أخلاقي. لهذا السبب، هذا المقطع في الرسالة التي أمامنا (رسالة يعقوب)، يشرح كيف يمكننا فهم المعنى الدقيق لكلمات بولس الرسول. بناء على ذلك، يُفضِّل يعقوب إستخدام مثال إبراهيم، ليوضح أن الإيمان يكون عقيماً إذا لم يكن مصحوباً بالأعمال الصالحة، وذلك لأن الرسول بولس أيضاً استخدم مثال إبراهيم، ليثبت أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس (رو 4). لأنه عندما يذكرالمقطع أعمال إبراهيم الصالحة الملازمة لإيمانه، يظهر بصورة كافية أن بولس لا يستخدم إبراهيم لتعليم ما يلي: أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال، بحيث أنه لو آمن شخص تكون الأعمال الصالحة غير مطلوبة منه، بل بالأحرى يُعلّم بولس أنه لا ينبغي أن يفترض أي شخص أنه قد حقَّق نعمة التبرير – التي هي بالإيمان - بناء على إستحقاق أعماله السابقة. في الواقع، من هذا المنطلق أراد اليهود أن يتفاخروا على المؤمنين بالمسيح من أصل أممي، لأنهم كانوا يقولون أنهم قد حققوا نعمة الإنجيل بإستحقاق الأعمال الصالحة التي بحسب الناموس. وهكذا، كان هناك الكثير من المؤمنين اليهود الذين أنزعجوا من كون نعمة المسيح شملت أيضاً الأمم غير المختونين. لهذا السبب، يقول بولس أن الإنسان من الممكن أن يتبرر بدون أعمال سابقة. لكن بعد أن تم تبريره بالإيمان، كيف يمكنه فعل أي شيء في المقابل سوى ما هو صالح، مع أنه نال تبرير الإيمان - بالرغم من أنه لم يفعل شيئاً صالحاً في السابق – لا بإستحقاق الأعمال الصالحة بل بنعمة الله، والتي لا يمكن أن تكون الآن عقيمة فيه، بل يفعل الآن الأعمال الصالحة من خلال المحبة. لكن إذا فرض وإنتقل من هذه الحياة مباشرة بعد إيمانه، يبقى تبرير الإيمان معه، لكن ليس بسبب أعمال صالحة سابقة – إذ أنه نال التبرير بالنعمة لا بالأعمال الصالحة – ولا بسبب أعمال صالحة لاحقة، لأنه لم يُسمح له بالإستمرار في هذه الحياة. إذن، من الواضح أن قول بولس الرسول: "إذاً نحسب أن الإنسان يتبرر بالإيمان بدون أعمال الناموس" (رو 28:3)، يجب أن لا يفهم على أن يعني أن الإنسان الذي تلقى الإيمان ولا يزال يعيش، هو إنسان بار، حتى ولو كان يحيا حياة شريرة. ولذلك، مثال إبراهيم يستخدمه كلاهما، يستخدمه الرسول بولس لأن إبراهيم تبرر بالإيمان دون أعمال الناموس، التي لم يكن قد تلقاها، ويستخدمه الرسول يعقوب لكي يوضح أن الأعمال الصالحة تبعت إيمان إبراهيم، وهو بذلك يظهر كيف يمكننا فهم كلمات تبشير بولس الرسول. والآن أولئك الذين يظنون أن عبارة الرسول يعقوب متعارضة مع عبارة الرسول بولس، يمكنهم تصوّر أن حتى بولس نفسه عباراته غير متوافقة، لأنه يقول في موضع آخر: "لان ليس الذين يسمعون الناموس هم ابرار عند الله بل الذين يعملون بالناموس هم يبررون" (رو 13:2). ويقول في موضع آخر: "بل الإيمان العامل بالمحبة" (غل 6:5)، وأيضاً يقول: "لانه ان عشتم حسب الجسد فستموتون.ولكن ان كنتم بالروح تميتون اعمال الجسد فستحيون" (رو 13:8). وبالنسبة لأعمال الجسد التي ينبغي إماتتها بأعمال الروح، يوضح ما هي هذه الأعمال في فقرة أخرى بهذه الكلمات: "واعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى عهارة نجاسة دعارة، عبادة الاوثان سحر، عداوة، خصام، غيرة، سُخط، تحزب، شقاق، بدعة ،حسد، قتل، سكر، بطر، وامثال هذه التي اسبق فاقول لكم عنها كما سبقت فقلت ايضا ان الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله" (غلا 5: 19-21). ولأهل كورنثوس يقول: "ام لستم تعلمون ان الظالمين لا يرثون ملكوت الله.لا تضلوا.لا زناة ولا عبدة اوثان ولا فاسقون ولا مابونون ولا مضاجعو ذكور . ولا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون يرثون ملكوت الله. وهكذا كان اناس منكم.لكن اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم الرب يسوع وبروح الهنا" (1 كو 9:6). بهذه الآيات، يُعلم بكل وضوح أنهم لم ينالوا تبرير الإيمان، من خلال السلوك الحسن في السابق، ولا نالوا هذه النعمة الممنوحة بناء على إستحقاقهم، إذ يقول "وهكذا كان أناس منكم ..". ولكنه عندما يقول "أن الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله"، يُظهر على نحو كاف أن السلوك الأخلاقي السليم مطالب به المؤمن من اللحظة التي يؤمن فيها. يعقوب أيضاً يقول ذلك، ويقول أيضاً ذلك بولس الرسول في مواضع كثيرة، وبكل وضوح وصراحة يحث جميع المؤمنين في المسيح على ضرورة الحياة على نحو قويم وصحيح، لكي يتجنبوا العقوبة الآتية. بل حتى الرب ذاته يذكر ذلك، عندما يقول: "ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السموات.بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السموات." (مت 7)، وفي موضع آخر: "ولماذا تدعونني يا رب يا رب وانتم لا تفعلون ما اقوله" (لو 46:6)، وأيضاً: "فكل من يسمع اقوالي هذه ويعمل بها اشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر. فنزل المطر وجاءت الانهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط.لانه كان مؤسسا على الصخر. وكل من يسمع اقوالي هذه ولا يعمل بها يشبّه برجل جاهل بنى بيته على الرمل" (مت 7). إذاً، عبارات الرسولين بولس ويعقوب ليست متعارضة بعضها مع بعض، عندما قال الأول أن الإنسان يتبرر بدون أعمال وقال الثاني أن الإيمان بدون أعمال ميت. لأن الأول كان يتكلم عن الأعمال التي تسبق الإيمان، في حين أن الثاني يتكلم عن تلك الأعمال التي تتبع الإيمان، تماماً كما وضَّح بولس ذاته في مواضع كثيرة. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
ليست معرفة بدون إيمان ولا إيمان بدون معرفة |
ليست معرفة بدون إيمان، ولا إيمان بدون معرفة |
هل كان إيمان أبينا إبراهيم بدون أعمال⁉️🤔 |
بدون إيمان |
إيمان بدون أعمال ميت |