رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
أنا أُحِبّ إذاً أنا موجود- المطران كاليستوس وير( الجزء الأول) معظم الوقت نعتقد أننا نعلم من نكون. لكن هل نحن، في الحقيقة، نعرف من نكون بالمعنى العميق والكامل؟ أحد النصوص المهمة جداً لفهم الشخص الإنساني من نظرة أرثوذكسية هو (المزمور 63: 6). "في أعماق قلبه" ذلك يعني أن الشخص الإنساني هو سرّ عميق. هناك أعماق أو إذا أردتَ، هناك ارتفاعات داخل نفسي لا أفهم عنها إلا القليل. من أكون؟ السؤال ليس واضحاً بالكليّة. تمتدّ شخصيتي ككائن إنسانيّ على نطاق واسع من المكان والزمان. وهي حقاً تمتدّ إلى ما بعد المكان إلى اللانهاية، وإلى ما بعد الزمان إلى الأبدية. شخصيتنا الإنسانية مخلوقة لكنها أكثر سمّواً من الكون المخلوق. أنا مدعوٌّ لأكون "شريكاً في الطبيعة الإلهية"، كما قال بطرس الرسول في رسالته الثانية. هذا يعني أنا مدعو لأشارك في الأفعال اللامخلوقة للإله الحيّ. دعوتنا الإنسانية هي التألّه، التقديس. كما يقول القديس باسيليوس الكبير: "الكائن الإنساني هو خليقة مدعوة أن تصير إلهاً". تحضرني قصة السقوط في بداية سفر التكوين ووعد الحيّة التي تقول لحوّاء: "تكونان كالله". السخرية في القصة أن ذلك كان القصد الإلهي ذاته. كان الناس حقاً مدعوين لحياة إلهية. لكن السقوط حدث عندما حاول آدم وحواء أن يأخذا بمشيئتهما الذاتية ما أراد الله أن يمنحهم إياه كهبة بطريقته الخاصة وبوقته الخاص. فعلاً إن حدود شخصيتنا واسعة المدى جداً. لا يجب أن نعتقد أن شخصيتنا هي شيء ثابت بل أن نراها من نظرة ديناميكية. أن تكون شخصاً فذلك يعني أنك تنمو، أنك في رحلة. وهذه الرحلة هي رحلة بدون حدود، تمتد إلى الأبد، وتستمر حتى في الفردوس (السماوات). بعض الناس لديهم فكرة عن الفردوس، أنه مكان لا نقوم فيه بشيء خاص لكن ذلك أمر خدّاع ومضلِّل. بالتأكيد الفردوس يعني أننا نستمر في التقدّم، برحمة الله من مجد إلى مجد. الفردوس هو نهاية دون نهاية. يقول القديس إيرينيوس: "حتى في الأزمنة القادمة، سيكون عند الله دوماً أشياء جديدة يعلّمنا إياها، ونحن دوماً سيكون عندنا أشياء جديدة نتعلّمها". حتى في الفردوس لن نكون أبداً في موقع نقول فيه لله، "إنك تكرر نفسك. لقد سمعنا كل ذلك مسبقاً". على العكس، الفردوس يعني انذهال مستمر واكتشاف دون نهاية. "الطريق يستمر ويستمر" كما يقول ج. ر. ر. توكين. هناك سبب محدّد لتلك السمة السريّة والغامضة للشخصية الإنسانية، وذلك السبب يُعطى لنا من القديس غريغوريوس النيصصي، الذي يكتب في القرن الرابع: "الله هو سر يفوق كل فهم". نحن الناس خُلقنا على صورة الله. الصورة يجب أن تحمل (تنسخ) سمات النموذج الأولي، الأصل. لذا إذا كان الله فوق الفهم، إذاً الشخص الإنساني المخلوق على صورة الله هو أيضاً بالمثل فوق الفهم. بالضبط لأن الله سرّ، أنا أيضاً سرّ. كوننا قد ذكرنا الصورة، فقد أتينا على ذكر العامل الأكثر أهميةً في إنسانيتنا. من أكون؟ ككائن إنساني، خُلِقتُ على صورة الله. تلك هي الحقيقة الأساسية والأكثر أهمية حول شخصانيتي. نحن أيقونات حية لله. كل واحد منا هو تعبير مخلوق عن التعبير الذاتي غير المخلوق واللانهائي لله. بالتالي هذا يعني أنه من المستحيل أن نفهم الشخص الإنساني بعيداً عن الله. الناس الذين ينفصلون عن الله ليسوا بعد أناساً حقيقيين. إنهم يفقدون إنسانيتهم. إذا فقدنا إحساسنا بالأمور الإلهية، نفقد إحساسنا بالأمور الإنسانية. وهذا يمكن أن نراه بوضوح كبير في التاريخ، مثل الشيوعية السوفييتية خلال السبعين سنة التي تلت ثورة 1917. حاولت الشيوعية السوفييتية أن تقيم مجتمعاً ينكر وجود الله وتُحبَط فيه عبادة الله وتُرفَض. في الوقت نفسه، أظهرت الشيوعية السوفييتية ذاتها تجاهلاً فظيعاً لكرامة الشخص الإنساني. هذان الأمران يسيران معاً. كل من يؤيّد الإنسان يؤيّد الله. كل من ينكر الله ينكر أيضاً الشخص الإنساني. الإنسان لا يمكن أن يُفهم بشكل مناسب إلا بربطه (إذا تمت إعادته إلى) بالإلهيّ. الكائن الإنساني ليس مستقلّاً ذاتياً، ليس محتوى ذاتياً. لا أحوي معناي بداخلي. كإنسان على صورة الله، أشير دوماً إلى ما يفوق كياني ، إلى الملكوت الإلهي. أتذكّر زيارةً قام بها الأرشمندريت صفرونيوس خلال سنوات دراستي في أوكسفورد. تكلم فيها عن الأرثوذكسيّة، تلاها مناقشة وأسئلة من قبل الحضور. قبيل النهاية بقليل، قال رئيس الجلسة: "ما يزال لدينا وقت لسؤال واحد بعد"، فنهض أحد المستمعين الجالسين في الخلف وقال: "أيها الأب صفرونيوس، من فضلك أخبرنا ما هو الله؟". أجاب الأب صفرونيوس باختصار شديد: "أنت أخبرني ما هو الإنسان؟". الله والإنسان هما سرّان متداخلان، ولا يمكن لأحدهما أن يُفهم بمعزلٍ عن الآخر. "على صورة الله" يعني أن هناك مرجعية عمودية في شخصانيتنا. يمكن أن نُفهم فقط بسبب ارتباطنا بالإلهي. دعونا نفكّر بنقطة أخرى. "على صورة الله" يعني على صورة الثالوث. كما يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي: "عندما أقول الله، أقصد الآب و الابن والروح القدس". هذا ما نقصده كمسيحيين بقول الله. نحن لا نفهم الله كسلسلة من الأمور المجرّدة. نحن نفهم الله كثلاثة أشخاص. وهذا ما نراه بوضوح كبير في دستور الإيمان قائلين: "أومن بإله واحد". بعدها لا نكمل بالقول "الذي هو السبب غير المسبَّب، الحقيقة الأوليّة، أساس الوجود"، وهي الطريقة التي يتكلم بها كثير من اللاهوتيين المعاصرين. لكن في دستور الإيمان نقول: "أومن بإله واحد... الآب، الابن، والروح القدس". هذا يعني أننا نكمل بعبارات محدّدة شخصية. الله بالنسبة لنا ثالوث. وإن كنا على صورة الله فنحن على صورة الله المثلث الأقانيم. ماذا يعني ذلك بالنسبة لفهمنا لشخصيتنا؟ دعونا نفكّر أولاً بالثالوث ومن ثم فلنفكّر بأنفسنا. |
20 - 01 - 2015, 07:59 AM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: من نكون _ الجذء الاول
روووووووووووووعة
ربنا يباركك يا هيا |
||||
21 - 01 - 2015, 04:18 AM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
..::| مشرفة |::..
|
رد: من نكون _ الجذء الاول
|
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|