قال الرب يسوع ( طوبى لفقراء الروح فإن لهم ملكوت السموات . طوبى للودعاء فإنهم يرثون الأرض )
الرب يسوع تجسد وصار أنساناً من أجل أن يعلمنا السيرعلى طريق الخلاص ، وبما أنه هو المخلص فهويريد أن يخلص الجميع لأن ثمن دمه الطاهر يكفي لخلاص الجميع ، وقد أعطى له الله الآب كل سلطان في السماء وعلى الأرض ( مت 28 : 10 -19 ) يعني أنه كان يتمتع بأمتيازات لا حدود لها لمحبة الجميع وخلاصهم . فكل شىء أُخضِعَ له ، والمسيح بدوره يخضع الأنسان المائل لمحبة العالم الى محبة الطبيعة الألهية ، هنا يكمل معنى الخضوع فيتجه نظر الأنسان نحو الملكوت . فالملكوت هو هيمنة الله الوجدانية العقلانية على العقول والقلوب عن طريق محبة الله للأنسان ، ومحبة الأنسان لله . فالمحبة هي التي تملك القلوب ! وهي رأس الحكمة ، وعندما تكون المحبة كاملة تطردالخوف "1 يو 18:4 " . لذا ليس أبناء الملكوت هم قوماً يخافون الله ليحميهم ، بل الملكوت هو مسيرة مستمرة خلف المسيح فعلى كل مؤمن أن يحمل الصليب لأن التلميذ ليس أفضل من معلمه ، فيجب أن يكون شعار من يبحث عن الملكوت هو ( أما أنا فحاشا لي أن أفتخر الا بصليب ربنا يسوع المسيح الذي فيه أصبح العالم مصلوباً عندي ، وأصبحت أنا مصلوباً عند العالم ) " غلا 14:6 " . اذاً ليكن الملكوت في حياتنا عنوان الأنتصار والغلبة وموضع أفتخارنا . وبما أن الملكوت هو في حياتنا فعلينا أن نسعى في طلبه كل يوم ، ونقول ( ليأت ملكوتك ، ولتكن مشيئتك ) أي ليأتي سلطان الله علينا وكما علمنا الرب وأوصانا أن نطلب الملكوت وبره أولاً ( مت 33:6) والملكوت ليس على أرض جغرافية محددة ، بل أنه يبدأ من داخلنا ( مت 13 : 44 و45 ,46 ) . أي أنه كنز مخفي في أعماقنا فعلينا أن نتحول الى الزرع الجيد كما قال الرب في " مت 3: 37-43 " ( الزرع الجيد هو بنو الملكوت ، والزوان هو بنو الشرير ) . أحياناً يرمز الى الملكوت في بعض النصوص الى الكنيسة التي هي مملكة المسيح والتي تبدأ على الأرض وتستمر لكي تلحق بكنيسة السماء الممجدة . إذاً أين يكون مصير الذين يعيشون الملكوت وهم على الأرض ، هل سيرثون الأرض أم السماء ؟
في التطويبات ، قال الرب ( سيرث الودعاء الأرض ) في قوله هذا يستشهد المسيح بالمزمور (37أو36) :11 ولم يقل أن الودعاء سيرثون الأرض الى الأبد ، لأن لامدينة باقية على الأرض ( عب 14:13) كما قال يسوع ( السماء والأرض تزولان وكلامي لا يزول ) " مت 35:24 " . كذلك أكد الرسول بولس هذا الزوال فقال ( أن صورة هذا العالم في زوال ) " 1كو 31:7" . أما بطرس فقال في رسالته الثانية 3: 7-13".
كل هذا العالم المادي الملموس والمنظور سيزول لكي ندخل الى نعيم أبدي غير منظور أي في السموات " 2 قور 18:4" أي كل المرئيات زائلة لا محال ، أما غير المرئيات فخالدة ."عب 6: 19-20" . المسيح سبقنا الى السموات وهناك سيكون موطننا " فيلبي 20:4" . لهذا قال لنا الرب ( أكنزو لكم كنوزاً في السماء ) " مت 20:6" وهناك يريد الرب أن نكون معه . والرب هو في السموات . لهذا صلى الرب وطلب من الآب قائلاً ( يا أبت ، أن الذين أعطيتني ، أريد أن يكونوا معي حيث أنا ليروا مجدي الذي أعطيتني ، لأنك أحببتني قبل أنشاء العالم ) " يو 24:17" . والمسيح هو في السماء ، والسماء هي بيت الآب السماوي وكما علمنا يسوع أن نصلي قائلين ( أبانا الذي في السموات ..)
وهكذا أكد الرسول بطرس أن ميراثنا الدائم هو في السماء 1 بط 4:1 ( الميراث لا يبلى ولا يفسد ولا يضمحل ، محفوظ في السماوات لكم ) ووعد يسوع لمن تشملهم التطويبات بالتمتع بملكوت السماوات .
قال بولس : ( أن الأموات الراقدين في القبور والأحياء سيتركون الأرض في يوم مجىء الرب ويختطف الجميع في السحب لملاقات المسيح ) فقال في 1تساولونيقي 15:4 ( لأن الرب نفسه عند الهتاف ، عند صوت رئيس الملائكة وبوق الله ، سينزل من السماء ويقوم الأموات في المسيح أولاً . ثم نحن الأحياء الباقين نختطف جميعاً معهم في السحب . لنلاقي المسيح في الجو وهكذا نكون مع الرب دائماً ) . أما الأرض والسماوات ( المقصود بالسموات هنا هو الفلك ) فيقول عنها بطرس في رسالته الثانية 12:3 ( سيأتي يوم الرب كاللص ، فيه يزول السماوات بدوى قاصف وتنحل العناصر متقدة ، وتحرق الأرض وما فيها من المصنوعات ) .
هكذا وبقتضى موعد الرب ننتظر سماوات جديدة وأرضاً جديدة يسكن فيها البر ( أي النعيم الأبدي ) وبما أن الرسول بطرس كتب عن سماوات جديدة وأرض جديدة فلا محال لأن يكون النعيم الأبدي على هذه الأرض ، بل عند الرب في السموات .
طوبى لمن يكون له ملكوت السموات حيث عرش الله الأبدي .