رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||
|
|||||||||
منذ بداية الخليقة، وهناك الحق والباطل. الحق في الملائكة الأطهار، والباطل في ابليس وأعوانه من الشياطين. الحق في هابيل البار ابن أبينا آدم، والباطل في أخيه الذي قتله... ومرت العصور والحق والباطل موجودان. والعجيب أن الباطل أنتشر انتشارًا كبيرًا في الوثنية، وتعدد الالهى، وعبادة الشمس، وعبادة الأرواح. كما أنتشر الباطل في الفساد بألوانه وأنواعه... بينما انزوى الحق بين قلة تعبد الله الحق، وتتمسك بالإيمان والفضيلة والعمل الصالح... وعاش الحق والباطل يتصارعان على مدى العصور. وكثيرا ما كان الباطل ينتصر، لأن وسائله أكثر... الباطل يستطيع أن يكذب ويغش ويخدع، والحق لا يستطيع ذلك. الباطل يمكنه أن يقسو ويبطش ويقتل ويغدر، والحق لا يمكنه أن يفعل ذلك. الباطل يلجأ إلى حبك المؤامرات وتدبير الحيل المهلكة، بينما الحق لا يسمح له ضميره بفعل شيء من هذا كله... الباطل يقدّم لأتباعه المغريات والنجاسات مما يرضى غرائزهم المنحرفة، والحق يرتفع عن هذا المستوى. أيضًا الحق مقيد بقيم ومبادئ ووصايا إلهية، لا يستطيع أن يخرج عن طاعتها، بينما الباطل متسيب يفعل ما يشاء، ويسلك حسب هواه بلا ضابط. لذلك فالوسائل عديدة أمامه، والباب مفتوح له في أي طريق يسلكه..! لذلك فالباطل له أنصاره وأتباعه الكثيرون، لأنه يوصّلهم إلى أغراضهم بشتى الطرق والحيل والأساليب... يوصّلهم بالإدعاء، أو بالرشوة، أو بالتزوير والتزييف، أو بالاتصال بمراكز القوة وأصحاب القرار. فينالون ما يشتهون! أما الحق فطرقه ضيقة ومحدودة. يحاول أن يلجأ اليه البعض، فيقول لهم: هذا ضد الدين، وهذا ضد القانون، وهذا ضد الأخلاق. هذا لا يليق، وهذا لا يجوز... لذلك يبعد الناس عن الحق أحيانًا، ويتهمونه بأنه يعقّد الأمور، بينما الباطل يسهلها..! وبهذا يصبح أصحاب الباطل أكثر، وينتشر الفساد..! ولكن الباطل يسمى الأخطاء بغير أسمائها، وكأنها حق!! يسمى التحايل أو الحيلة، بأنها لون من الذكاء. ويسمى القسوة بأنها شئ من الحزم. ويسمى العلاقات الشبابية الخاطئة باسم الحب. كما يسمى المغريات في وسائل اللهو باسم الفن. وسلوك كل إنسان حسب هواه يسميه الحرية. ويسمى السب والقذف في الجرائد والمجلات باسم حرية النشر والتعبير... وكل خطأ من الأخطاء، له عند الباطل اسم جميل يجذب اليه، أو سبب معقول يبرره... على أن الباطل ينتصر أولًا على الحق، فإن الحق ينتصر أخير. لقد شكا أرميا النبى من انتصار الباطل قائلا "لماذا تنجح طريق الأشرار؟! إطمئن كل الغادرين غدرًا !!" وأجاب القديس اوغسطينوس فقال عن الباطل المنتصر: إنه يشبه الدخان الذي يرتفع إلى فوق وتتسع رقعته، ولكنه في كل ذلك يتبدد..! إن الاستعمار هجم على كثير من البلاد التي هي أضعف منه، وبررّ انتشاره بأسباب سياسية واقتصادية، ثم جاء وقت أنتهى فيه الاستعمار وتأسست في مكانه دول مستقلة... في وقت من الأوقات استعمرت انجلترا الهند... ثم حدث أن الناسك الهندى العظيم المهاتما غاندى، استطاع بهدوئه وسلامه أن يحصل على استقلال الهند، فتخلصت من الاستعمار... إن الحق عليه أن يحتمل بعض الوقت حتى ينتصر أخيرًا. السياسة البيضاء حكمت جنوب افريقيا زمنًا مضطهدة للسود. ثم خرج واحد من السجن، ليكون أول رئيس أسود لجنوب افريقيا.. وهتلر دوّخ العالم زمنًا، بقوة عجيبة، واستولى على بلاد عديدة. وصار رعبًا في زمنة. ثم أتى الوقت الذي انتهى فيه هتلر، وانتصر الحلفاء. كذلك الشيوعية سيطرت على روسيا سبعين سنة، ثم بعد ذلك عاد الإيمان اليها، وأنقشعت الشيوعية. حقًا، إنه بعد كل ليل دامس، يأتى الفجر، ثم النهار الساطع النور. . إن الباطل قد يعتز بأساليبه وبنجاحه الأول، لكن ذلك لا يستمر! بالغش قد ينجح الطالب في الامتحان، ولكنه لا ينجح في حياته العملية. انه نجاح مؤقت، كالبخار يظهر قليلًا ثم يضمحل... والباطل يقول إن الكذب ينجى!! ولكن ذلك ليس في كل حال، كما أن الكذب قد ينكشف، فتكون النتيجة أسوأ... كذلك البطش قد يخضع الضعفاء إلى حين. ومع ذلك فالحال لا يستمر. فما أسهل أن يثور هؤلاء على الطغاة ويتخلصوا من بطشهم... الأب القاسى، قد يصوّر له الباطل انه بالشدة والعنف قد يربى بناته تربية سليمة، ويحبسهم في البيت، ويمنعهم عن كل صلة.. وربما تكون النتيجة عكسية، فيهرب البنات من سطوته إلى أي صدر حنون!! الحق والباطل قد يتصارعان حول المبادئ والقيم. وقد تختلف الموازين. فيحتار الناس: أين الحق؟ وأين الباطل؟! الكل يقول إنه على حق. حتى الباطل نفسه يدعى أنه هو الحق!! والمسألة تدور حول الخلاف في المفاهيم، أو الخلاف في الانتماء. فكل من ينتمي إلى مجموعة معينة، يقول إنها على حق... وأحيانًا يتوقف ميزان الحق على القوة. فدائمًا يرى الفريق الأقوى أنه يمثل الحق، وأن الحق هو مصدر قوته. بينما الزعيم سعد زغلول يقول "الحق فوق القوة"... ولعله لا يقصد كل قوة، بل القوة التي هي ضد الحق... فهذه يكون الحق فوقها... |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
* حوار بين الحق والباطل * |
الحق ابلج والباطل لجج |
الحق والباطل |
الحق والباطل |
الحق والباطل 21-6-2009 |