رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
مثل الخادم القاسي القلب نصُّ الإنجيل مَثَلُ مَلكوتِ السَماواتِ كمَثَلِ مَلِكٍ أَرادَ أَنْ يُحاسِبَ خَدَمَهُ . فلمَّا شَرَعَ في مُحاسَبَتِهم أُتِيَ بواحدٍ مِنهُم عَليهِ عَشَرَةُ آلافِ وَزْنَة . ولَم يكُنْ عِندَهُ ما يُؤَدِّي بِهِ دَيْنَهُ , فأَمرَ مَوْلاهُ بِأَنْ يُباعَ هوَ وامرأَتُهُ وأَولادُهُ وجَميعُ ما يَملِكُ لِيُؤَدِّيَ دَيْنَهُ. فجثا الخادِمُ ساجِداً لهُ وقال : " أَمْهِلْنِي أُؤَدِّ لكَ كُلَّ شيء ." فأَشفقَ مَوْلى ذلكَ الخادِمِ وأَطلَقَهُ وأَعفاهُ مِنَ الدَيْن . ولمَّا خَرجَ ذلكَ الخادِمُ لَقِيَ خادِماً مِنْ أَصحابِهِ مَديناً لَهُ بمئَةِ دينار . فأَخَذَ بِعُنُقِهِ يخنُقُهُ وهوَ يقولُ لهُ : " أَدِّ ما عليكَ ." فجثا صاحِبُهُ يتوسَّلُ إِليهِ فيقول : " أَمْهِلْنِي أُؤَدِّهِ لك ." فلم يرضَ , بلْ ذهبَ بِهِ وأَلقاهُ في السِجنِ إلى أَن يُؤَدِّيَ دَيْنَهُ. وشَهِدَ أَصحابُهُ ما جرى فاغتمُّوا كثيراً فمضَوا وأَخبروا مَولاهُم بكُلِّ ما جرى. فدعاهُ مولاهُ وقالَ لـهُ: " أَيُّها الخادِمُ الشرِّيرُ , ذاكَ الدَيْنُ كُلُّهُ أَعفيتُكَ مِنهُ لأنَّكَ سأَلتَني . أَفما كانَ يجِبُ عليكَ أَنتَ أَيضاً أَن ترحمَ صاحِبَكَ كما رحِمتُكَ أَنا ؟" وغضِبَ مولاهُ فدفعَهُ إلى الجلاَّدينَ حتَّى يُؤَدِّيَ لَهُ كُلَّ دينِهِ . فهكذا يفعَلُ بِكُم أَبي السَماوي , إِنْ لم يغفِرْ كُلُّ واحدٍ مِنكُم لأَخيهِ مِنْ صميمِ قلبِهِ. ( متى 18/23-35 ) الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل إنَّ الفكرة الأساسيَّة الواردة في هذا المثل هي أنَّ الله يطلب مِنَّا أن نقتدي به تعالى, وهو الإله الرحيم الغفور, فنرحم الآخرين ونغفِر لهم الإساءات التي وجَّهوها إلينا. فإن رفضنا أن نرحم الآخرين ونغفِر لهم إساءاتِهم لا يرحمنا الله ولا يغفِر لنا خطايانا. وقد أوضح لنا يسوع هذه الفكرة الجزيلة الأهميَّة عندما دعانا, في تلاوة الصلاة الربيَّة, إلى أن نضع على أنفسنا شرط مغفِرة إساءات الآخرين لنحصل من الله أبينا السماوي على مغفِرة خطايانا: " اغفِرْ لنا خطايانا كما نغفِرُ لِمَنْ أخطأ إلينا." وإليكُم إيضاح هذه الفكرة. يجب أن نقتدي بالله الرحيم الغفور عبَّر يسوع بأسلوبٍ أخَّاذ عن واجب الاقتداء بالله الرحيم الغفور, فوصف لنا رحمة الملك الحنون وقساوة الخادم اللئيم. 1- كان الخادم القاسي القلب مديوناً لسيِّده الملك بمبلغ يتجاوز خمسين مليون دينار, بينما كان رفيقه الخادم مديوناً له بمبلغ مئة دينار. إنَّ الملك الرحيم سامح الخادم المديون بالدَيْن كلِّه, مع أنَّه دَيْنٌ كبيرٌ جدَّاً. أمَّا هو فلم يسامح رفيقه بالدَيْنِ القليل. فعامله الملك بالشِّدةِ نفسِها التي عامل بها رفيقَه. 2- إنَّ الدَيْن يُمَثِّل الخطيئة والإساءة. فنحن كالخادم القاسي القلب نوجِّه إلى جلال الله غير المحدود, بالخطايا التي نرتكِبُها, إهانةً كبيرة. وعندما نستغفره يغفِرُها لنا بكُلِّ رحمةٍ وحنان, ولكنَّه يشترط علينا أن نقتدي برحمته وحنانه فنغفِر للآخرين الإساءة المحدودة التي وجَّهوها إلينا. وهذا الشرط نذكره بوضوحٍ في "الصلاة الربيَّة." صعوبة مغفِرة إساءة الآخرين ليست مغفِرةُ الإساءة التي يوجِّهُها إلينا الآخرون أمراً سهلاً. فإذا ما أساء أحدٌ إلينا شعرنا على الفور بجُرحِ الإهانة الأليم, ورسمنا في أنفُسنا مخطَّطاً للانتقام منه وردِّ الإساءة بإساءةٍ أكبر. ولا عجب في ذلك, فإنَّ طبيعَتنا مفطورة على حُبِّ الذات والرغبة في الانتقام. فأصعب الفضائِل علينا فضيلة المحبَّة, لأنَّها تفرض علينا أن نتخلَّى عن أنانيَّتنا وننسى ذواتنا ونفكِّر في الآخرين. وأصعبُ مظهرٍ من مظاهر المحبَّة مغفِرة الإساءة التي يوجِّهُها إلينا الآخرون, لأنَّ مغفِرة الإساءة تفرُضُ علينا أن نُحِبَّ من أظهروا لنا العداوة. إنَّ محبَّة الأعداء أمرٌ شاقّ علينا, فنحن بحاجةٍ إلى نِعمة الله ومؤازرته الفعَّالة لنتمكَّن من العدول عن الانتقام ومن مغفِرة الإساءة. وهذه النعمة لا نحظى بها إلاَّ بالصلاة الحارَّة. مخالفة الوصيَّتين الكبريين العدل والرحمة إذا تأمَّلنا في سلوكنا اليومي ظهر لنا أنَّنا نشعر بانزعاجٍ شديد عندما يسيء أحدٌ إلينا, ولا نُبدي في غالب الأحيان أيَّ اهتمامٍ بالإهانة التي نوجِّهُها إلى الله. وقلَّما نندَم في الحال على ما بدر مِنَّا, ولا سيَّما في مجال مخالفة وصيَّتَيْ العدل والرحمة اللتين أمرنا الله مرَّاتٍ كثيرة بأن نطبِّقهما في تعامُلنا مع الآخرين. إنَّنا نُخالف هاتين الوصيَّتَيْن بكثرةٍ وسهولة, لأنَّنا فقدنا المقياس الصحيح الذي ينظِّم علاقاتِنا مع الآخرين, وهو احترامُ حقوقِهم ومعاملتُهم بالمحبَّة, واعتبرنا أنَّ جوهر الدين المسيحي هو تتميم الواجبات الدينيَّة فقط, من صلاة وعِبادة وصوم, من دون أن يكون له أيَّة علاقة بحقوق الناس وحاجاتهم الإنسانيَّة. بعض الأمثلة الواقعيَّة وها نحن نضرِب بعض الأمثلة الواقعيَّة لإيضاح الفكرة الواردة في الفقرة السابقة: 1- هناك ربُّ عملٍ مسيحي, يتصوَّر نفسَهُ بكُلِّ اقتناع أنَّه مسيحيٌّ صالح لأنَّه يمارس واجباته الدينيَّة, مع أنَّه يتهرَّب بأساليب ملتوية من أن يدفع لمُستخدَميه وعُمَّاِله الأجور والرواتب التي هي من حقوقهم والتي يحتاجون إليها ليعيشوا عيشة كريمة, ويقضي أيَّامه في بيته وفي كنيسته وفي معمله وهو مرتاح الضمير لأنَّه لا ينقطع عن حضور القدَّاس يوم الأحد. 2- وهناك سيِّدة بيتٍ غنيَّة تقوم بواجباتِها الدينيَّة يوم الأحد بكُلِّ دقَّةٍ وأمانة, ولكنَّها تُعامِل خادِماتِها في منزلها مُعاملةً قاسية تتَّصِف بالإهانة والتحقير, بحُجَّة أنَّها تدفع لهنَّ أجورَهُنَّ من دون تأخير. 3- وهناك سيِّدات مسيحيَّات يُعَبِّرْنَ في الكنيسة بكُلِّ حرارةٍ وإيمان عن محبَّتهنَّ لله. ولكنَّهُنَّ ما يَكَدْنَ يخرُجْنَ مِنَ الكنيسة حتى تنطلق ألسنتهنَّ بكلام الغِيبة والنميمة على الآخرين, وبالطعن في صيت الناس. 4- وهناك أيضاً عمَّال وموظَّفون مسيحيُّون يُظهرون في سلوكِهم الديني للكنيسة كلَّ إخلاصٍ وتفانٍ, ولكنَّهم يخالفون وهم مرتاحو الضمير الأمانة لواجباتهم المهنيَّة في المعمل وفي الوظيفة مطمئنِّين إلى أن لا أحدَ يراقب تصرُّفاتِهم المغلوطة. إنَّ من عرَفَ طبيعة علاقة الدين المسيحي بالمجتمع الإنساني معرفةً صحيحة استغرب هذا التناقض الظاهر في سلوك هؤلاء المسيحيين الذين لا يتمتَّعون بثقافةٍ دينيَّة مسيحيَّة سليمة. للمثل بُعْدٌ أوسع من مغفرة الإساءة إنَّ الأمثلة التي ذكرناها تُبيِّن لنا أنَّ لمثل " الخادم القاسي القلب" بُعداً اجتماعيَّاً أوسع من مغفِرة الإساءة. وهذا البُعد هو أن نتمسَّك دوماً بالمقياس الصحيح الذي ينظِّم علاقاتنا بالآخرين وَفْقَ إرادة الله أبي جميع الناس. إنَّ المقياس الصحيح الذي أراده الله هو أن نحترم حقوق الناس الذين نتعامل معهم, وأن نقوم بالواجبات الاجتماعيَّة التي تفرضها علينا فضيلتا العدل والمحبَّة. ولذلك يجب أن يكون المسيحي مسيحيَّاً لا في بيته وكنيسته فقط, بل في معمله أيضاً, وفي دائرة عمله,ومع الناس الذين يعيشُ معهم. التطبيق العملي 1- يسوع يطلب منَّا أن نغفِر للآخرين الإساءة التي يوجِّهونها إلينا, وهذا أمرٌ شاقٌّ للغاية لأنَّه يقاوم ميول طبيعتنا البشريَّة. ولذلك يجب عليك أن تطلب من يسوع أن يقوِّيك على مغفِرة كلِّ إساءة تُوجَّه إليك, وأن يطهِّر قلبك من كلِّ حقدٍ وضغينةٍ ورغبةٍ في الانتقام. وأنت بدورك لا تُسئْ إلى الآخرين بكلامِك أو تصرُّفاتِك المؤلِمة, بل عاملِ الناس كُلَّهم بعدلٍ ومحبَّة, لتبقى مسيحيَّاً صالحاً في بيتك وكنيستك ومجتمعك. |
18 - 04 - 2017, 10:11 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
..::| VIP |::..
|
رد: مثل الخادم القاسي القلب
أمين
ربنا يبارك خدمتك |
||||
19 - 04 - 2017, 12:54 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: مثل الخادم القاسي القلب
شكرا على المرور |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
القلب القاسي -من جهة الحياة الروحية |
القلب القاسي قلب عاقر |
القلب القاسى ......... |
القلب القاسي |
صفات القلب القاسي |