رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة المحامي عبد الحميد الصمادي مقدّمة "يا رب اجعلني أداة لسلامك!!.. لنبشر بالحب حيث الحقد، ولنبنِ السلام حيث الخصومة, ولنوقظ الإيمان حيث الشك، ولنبعث العزم حيث الكابة والحزن, ولنبذل الصفح حيث الإهانة, ولنعلن الحقيقة حيث الضلال, ولنحيي الرجاء حيث اليأس, ولنشع النور حيث الظلمة" ...... كانت هذه صلاة فرنسيس في مناجاته . في عصر العولمة والإنترنت أصبح العالم ليس كقرية صغيرة فحسب بل بيتاً واسعاً. إنّ السلام والعدل والمحبة والتسامح والتضامن والصفح والكرامة الإنسانية قواسم مشتركة للقيم التي تدعو إليها الرسالات السماوية ومعظم الفلسفات الأرضية. وفي عصر طغى فيه حب الذات وإشادة المعابد للمادة, والتنكر للروح نرى أهمية الدعوة للاقتداء بحياة الأنبياء والقديسين والصالحين, ومن أهم نقاط الاقتداء الدعوة إلى الحياة الروحية .. التي تسمو على الطقسيات سمو اللباب على القشور, وإن كانت القشور تعين على حفظ اللباب, وتحوطه بحرز لابدَّ منه. وإلى هذا الجوهر أشار السيد المسيح بقوله: "إنّ ملكوت الله في داخلكم".. فالحياة الداخلية هي اتصال مباشر بالله, ولا ريب أنًّ للمطالعات الروحية وقعا في النفس, يملك عليها مشاعرها ويبعث فيها الغبطة, لأن روحاً علوياً يشيع فيها, فتقرأ وراء السطور أكثر مما تقرأ في السطور. يقول غوستاف تيبون: "الخطيئة الجوهرية , بل ربما الخطيئة الوحيدة هي محاولة إرواء العطش الأبدي بالنهل من كؤوس الزمن" (1). إنه ثمة أسلوبين لتلقي الأشياء: الأول إعطاءها طابعاً أرضيًا يجعلها تقصينا عن الله. والأسلوب الآخر نتلقى به الأشياء على أنها هبة من الله, مما يسبغ عليها طابع السماء, ويجعلها تقذف بنا بين يدي الله, وهذا هو أسلوب الروح وعمله، وعليه فإنّ كل الخيرات نابعة من الله وينبغي أن تعود إليه, وعلى البشر تأمين هذه العودة بشكر الله وبالمشاركة فيما بينهم. ومن أهم الخيرات التي يتحتم إعادتها إلى الله هي الإرادة , تلك الثمرة التي أدّت الرغبة في التمتع بها في معزل عن الله إلى طرد الجنس البشري من الفردوس. |
27 - 09 - 2014, 05:04 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
أبوانا الأولان كانا يعرفان الله طالما لم يستأثرا بإرادتهما , ولكن الاستئثار بالإرادة يوصد دون الإنسان كل ُسبل المعرفة, فالمعرفة هي نور النفس واستقامة الإرادة, وصفاء القلب, ولا شأن لها بغزارة العلم.
إنّ الفرق بين القداسة والضحالة, بين السمو والتفاهة: قضية إرادة, واستجابة لنداء. ووراء كل حياة فاشلة, وكل غاية لم يتم بلوغها, خطوة لم يجرؤ المرء على اجتيازها, ومخاطرة تقاعس عن خوضها. إنّ العلم المزهو بذاته يقود إلى الكبرياء التي تحجب صفاء الرؤية, وإلى الأنانية التي تستعبد صاحبها, وإنّ من يتحرر من ربقة إرادته الخاصة, ويستسلم لمشيئة الله تتبسط إرادته وتتحرر, ومن ثم تتسع وتتعمق بحجم الكون, ولا يعود شيء يفصله عن العمل الخلاّق ,إذ يصبح طيعاً بين يدي الله الذي يصنع منه ما يشاء , ويقوده إلى حيث يشاء, فيسير بهدي السماء. من هنا فالقديسون هم أمل العالم, لأنهم يشقّون دروب المصالحة في غابة التاريخ, ويُبقون جذوة الروح في ليل الإنسانية المدلهم وفي شتائها القارس. وضمن هذا الإطار تأتي أهمية دراسة حياة القديسين والصالحين ومنهم القديس فرنسيس الأسيزي الذي قيل عنه بأنه أكمل صورة للمسيح... يُعزى إلى لينين قوله وهو يحتضر: "قد أكون ضللت طريقي, فالعالم في حاجة إلى حفنة من أمثال فرنسيس, أكثر من حاجته إلى ثورة" (2) وإنني أشاطر الأديب الكبير الأستاذ أديب مصلح قوله: "لقد تعلمت من تجربتي مع غاندي وفرنسيس أنّ معاشرة أولياء الله الحميمين حافلة بالمخاطر ولقد طالما طاردني إنذار فرنسيس: "علينا نحن خُدام الله أن نشعر بالخزي , فالقديسون هم قد فعلوا, أمّا نحن فنكتفي بسرد ما فعلوه كي نستمد لأنفسنا من جراء ذلك التكريم والتمجيد"(3) |
||||
27 - 09 - 2014, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
بعد هذه المقدمة ندخل إلى عالم القديس فرنسيس الأسيزي...
أسيزي هي مدينة إيطالية زراعية صغيرة, تربض على سفح جبل "سوبازو" في منطقة "أومبريا" وعلى مقربة من مدينة "بيروجيا" الجامعية في وسط إيطاليا. وتاريخ هذه المنطقة يضرب بعيداً في أغوار الماضي السحيق, ويحفل بالتعاقب الحضاري إلى أن عرفتْ الإله الواحد, بفضل بُشرى الإنجيل التي آلى فرنسيس على نفسه العودة إلى منبعها وأصالة سموها، وذلك بعد اثني عشر قرناً من انتشارها. ولا بدَّ من الإشارة أنّ القديس روفان القادم من الشرق, كانت له اليد الطولى في نشر المسيحية في أسيزي, والتي عرفانا بفضله اتخذته لها شفيعاً وأطلقت اسمه على كاتدرائيتها. وخلال متابعتي لبرنامج تلفزيوني عن الفن الإيطالي ورد أن أسيزي ثاني مركز ديني في إيطاليا.(4) المهم أنّ أسيزي هي موطن فرنسيس فحسب. |
||||
27 - 09 - 2014, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
أسرة بيروناردوني:
قبل أن يقترن اسمه بأسيزي, كان فرنسيس يحمل كنية بيرناردوني فهو الابن الأكبر لبيتر بيرناردوني تاجر الأقمشة وهو أحد أثرى تجار أسيزي وزوجته الفرنسية السيدة "بيكا" . المرجح أنه ولد في ربيع عام 1182م. (5) ولا نستغرب أن غدت سيرة فرنسيس أعجب من أسطورة وأن تزدهر الأساطير حول ولادته. فقد رُويَ أن أجل مولده قد حل, ومضت أيام عديدة ولم تشعر"بيكا" بآلام المخاض, فاستبد بها القلق وحينئذ طرق باب المنزل عابر سبيل, وأوعز إلى الخادم بإبلاغ السيدة بأن عليها المثول إلى الإسطبل الملحق بالمنزل وانتظار مولودها فيه. و يُقال أنه ما كادت السيدة "بيكا " أن تضطجع على القش حتى داهمتها الآلام ولم يطل بها الأمر حتى أهلّ وليدها على غرار طفل المغارة "السيد المسيح" (6).. وبعد بضعة أيام من ولادته, طرق متسول وألح في رؤية الوليد وما إن تناول هذا الغريب الطفل بين ذراعيه, حتى تنبأ قائلا: بأنّ ذلك اليوم الذي ولد فيه الطفل قد شهد ولادة صبيين في أسيزي, سيصبح أحدهما من أفضل الناس, فيما سيصبح الآخر من أسوئهم, وقد أجمع المعلقون على أن فرنسيس هو الأفضل ومضوا يجتهدون في استبانة الأسوأ؟... ولكن ألا يمكن أن يكون كلاهما واحدا ؟ الأسوأ: فرنسيس الشاب الضال، والأفضل: فرنسيس الذي استسلم لفعل النعمة وانتهج أوعر الطرق سبيلا ًإلى الكمال. |
||||
27 - 09 - 2014, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
أولا يتعايش في حنايا كلّ ٍ منا الأفضل والأسوأ معا؟
والحرب ناشبة أبدا بين قوى الشر المتحكمة بوهننا, ونوازع القداسة التي تؤرقنا. اختارت الأم لوليدها اسم "جيوفاني" أي يوحنا تيمنا بالمعمدان , وكان الأب مسافراً، فلما عاد بدل اسم الطفل فجعله فرانسيسكو أي فرنسيس, ويبدو أن ذلك كان تحية ومودة منه لـ "بيكا ". (7) وتعلم الطفل من والديه اللغتين الفرنسية والإيطالية, وأخذ اللغة اللاتينية عن قس الأبرشية, ولم يكن له بعدئذٍ نصيب من التعليم المنظم {وقد ظل فرنسيس حتى آخر أيامه يصف نفسه بالجاهل مع أنه في معايير زمانه كان مثقفا ً}. وقد استمد سجاياه المحمودة من أمه المعروفة بالوداعة والقوة والإيمان وبوقف حياتها على خدمة أسرتها, فنشأ الطفل طافحاً بالحياة لطيفاً رقيقاً ساذج القلب. وقد مرنه والده على أعمال التجارة، وسرعان ما انتظم في عمل أبيه فمهر في البيع والربح, إلا أنه أغضب والده بما أظهره من قدرة على صرف المال تفوق قدرته على كسبه, فقد كان أغنى شباب البلدة وأسخاهم يدا، يجتمع حوله أصدقاؤه يطعمون معه ويشربون, ويغنون أغاني الشعراء الغزليين... وكان شاباً وسيماً صبوح الوجه, جميل الصوت. |
||||
27 - 09 - 2014, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
ويقول مترجمه الأولون: بأنه لم تكن له قط صلة بالنساء ...
قارب فرنسيس العشرين من العمر, وهو عامر بالأحلام والآمال, وكان يتحمس لكل ما يتعب ويرهق, ويجد السرور بذلك, وأخذ يضطرم شوقا إلى أن يحيا ويحارب في سبيل الوطن... وإذا بالحرب تنشب بين أسيزي و بروجيا فكان ذلك مناسبة جديرة بميول فرنسيس، دفعته إلى أن يكون في عداد الفرسان المتسلحين، وهو يطفح جرأة واعتزازاً وشباباً. تأججت المعركة فوقع فرنسيس أسيراً بعد أن كان في طليعة القوم ومع ذلك ظل قرير العين، بشوشاً في أسره، وبالرغم من ضيقه، كان يشدد عزيمة رفاقه (8). وقضى في الأسر سنة كاملة شغلها كلها بالتأمل العميق (9). ولمّا عاد من السجن ابتلي بالمرض، فكان ذلك أول آثار النعمة، التي جعلت قلبه يتجرد مما ألفه من أفراح الدنيا (10). ثم تطوع في جيش البابا إنوسنت الثالث عام /1204م/ وبينما هو طريح الفراش ينتفض جسده من الحمى التي أصابته، إذ خّيل إليه أن صوتاً يناديه: "لم تهجر الإله إلى الخادم، والأمير إلى تابعه ؟؟".. فنادى فرنسيس ذلك الصوت: "رباه ماذا تريدني أن أفعل!!..". فما كان منه إلا ّ أن ترك الجيش وعاد إلى أسيزي، وقل اهتمامه بتجارة أبيه وازداد اهتمامه بأمور الدين (11). وتغلب فرنسيس على الشغف بشؤون الدنيا وراح يرحب ترحيباً سخياً كاملاً بدعوة الله، فانتعشت حياته بروح جديدة، وجعل يعكف على الصلاة والتأمل، ويتردد إلى العزلة، وكان أول امتحان يتعرض له هو رؤيته لأبرص أثناء تجواله على جواده في حقول أسيزي، وأقبل هذا الأبرص نحوه وكان شنيع المنظر يثير الاشمئزاز، فسولت له نفسه أن يهرب من مواجهته!!. |
||||
27 - 09 - 2014, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
إلا أنه تمهل، ونزل عن جواده، ولم يأنف من معانقة هذا الأبرص وتقبيله فشعر أنه أمسى شخصاً جديداً، وبأن نوراً جديداً سطع في باطنه، وعاطفة جديدة شرعت تطفح من قلبه... وبعد ذلك توجه إلى خدمة البرص، وصار يتردد إلى المستشفيات، ويزور السجناء، ويدافع عن المضطهدين، ويعزي الحزانى...
وقد ترك فرنسيس في وصيته ما يلي: "عندما كنت أتخبط في الخطايا، كان يشق علي أن أشاهد البرص، لكن الرب اقتادني إليهم، فانقلب الأمر عذباً على قلبي وجسمي حتى هجرت العالم".. "إنّ نعمة الله تجعل المستحيل ممكناً" (12). لقد حررته قبلته للأبرص من أغلال خانقة كانت تكبله، وكان ذلك أعظم انتصار حققه فرنسيس، إذ انتصر على ذاته وبات حقاً سيد نفسه (13). ولكل امرئ ٍ في حياته، أبرص من نمط ٍ خاص، لا بدّ أن يتجرأ فيقبله، كي يظفر بالتحرر.. بعد ذلك انقطع فرنسيس إلى الخلوة في كنيسة داميانس القديمة {وهي كنيسة متصدعة البناء} وهناك خُيل إليه أنه سمع صوت يسوع، يقول له: "قم يا فرنسيس رمم بيتي المتداعي" (14).. وفي مراجع أخرى: "قم يا فرنسيس أصلح كنيستي" (15).. لم يظن فرنسيس أنّ هناك معنى آخر لقول يسوع فراح يرمم بيديه الكنائس والمعابد المتداعية المتصدعة، إلا أنّ العناية الإلهية ما لبثت أن أقامت من فرنسيس صياداً للنفوس... |
||||
27 - 09 - 2014, 05:05 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
حيث أدرك في تواضعه بأنّ الدعوة لم تكن إلى بناء كنائس من حجارة فحسب بل إلى بناء كنيسة النفوس أيضاً.
وأمام أسقف المدنية وبمشهدٍ مؤثر أعاد إلى والده ما لديه من مال وكذلك الملابس التي كان يلبسها {نتيجة شكوى من والده عليه إلى الأسقف} (16). شعور رائع بالتحرر والانطلاق، والفرح الدافق، كان يستولي على نفس فرنسيس بعد أن تجرد من كل شئ . قلة من البشر هم الذين تسنى لهم مثل هذا الشعور، وقد حدثنا عن مثله غاندي الذي صرح بأنه: مذ تجرد من كل امتلاك، اغتنت تجربته بعناصر أربعة: الحياة والقوة والحرية والفرح. في مطلع عام 1208 م كان فرنسيس في حوالي السادسة والعشرين من عمره وقد أصبح إنسانا آخر! وبينما هو في كنيسة مريم سيدة الملائكة سمع في قراءة القداس الإنجيلية آية أثرت فيه تأثيرا بالغاً: "اذهبوا وأعلنوا البشارة وقولوا: قد اقترب ملكوت السماء".. فأوحت هذه الوصية الإلهية لفرنسيس بتجاوز العزلة التي جاء إليها يبحث عن الله وسط طمأنينة الحقول وتغاريد العصافير. فقد تبين له السبيل الواجب عليه سلوكه, سبيل الحياة الإنجيلية, بعثته على أن يطوف الأرض هاتفا بكلمة المعلم ... وإذا به يزهد أكثر، فأخذ يخاطب الجماهير.. وهكذا أصبح واعظاً. وعلى آثار يسوع كان فرنسيس يمر بالقرى والمدن يعمل الخير ويعظ بحب الله و التقوى والتواضع, وكانت الجموع تخرج لملاقاته يحمل بعضهم أغصان الزيتون يهتفون: هو ذا القديس، ها هو القديس! |
||||
27 - 09 - 2014, 05:06 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
يقول القديس فرنسيس في النصائح : "نعرف أنّ عبد الله يُنعَم بروح الله , إن صنع الرب على يده خيراً ما, فلا يفخر, بل يستخف بذاته, ويعتبر نفسه دون الآخرين"(17).. لم تكن طباع أهل ذلك الزمان أفضل من طباعنا, ولكن كانوا يمتازون بشيء من الفطرية, فكان فرنسيس يجتذب الناس بإنشاده بحمد الله وتسبيحه, ثم يخطب فيهم, فيتأثرون بكلامه وبعضهم يلتحقون به. قام فرنسيس وتناول الأمر بطريقة مسيحية فأنشأ أسرة رهبانية هي "أسرة أخوة" يتساوى فيها الجميع .. وكانوا يقومون في النهار بكل عمل يطلب منهم, ويخصّون بنشاطهم الفلاحين في الحقول, والمرضى في المستشفيات, وينتقلون من بيت إلى بيت يلقون في القلوب المحبة والإيمان والسلام, ويعلمون الناس حب الحياة. وفي الليل الصامت كانوا يقبلون على الصلاة والتأمل.. وهكذا أقام فرنسيس "رهبانية الأصاغر"، التي قامت على الفقر والتواضع والمحبة والصلاة والعمل. |
||||
27 - 09 - 2014, 05:06 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
في ليلة من صيف عام 1210 رأى البابا إنوشنسيوس الثالث حلماً مرعباً, تمثل له فيه أن كنيسة القديس يوحنا اللاتراني (الكنيسة الأم) قد أخذت تتداعى وتنذر بالانهيار فاستولى عليه الحزن والخوف مما جعله يصيح "أنقذوا الكنيسة"!.. وإذ يتراءى له على حين غرة شخص فقير, قصير القامة, خشن الثوب, مؤتزرًا بحبل, يرافقه اثنا عشر رجلاً يرتدون الزي نفسه. فتساءل البابا: "ماذا عسى هذا الشخص أن يفعل؟".. وإذا بهذا الشخص الفقير يعانق الكنيسة ويسندها ويتوصل بجرأة إلى توطيدها وتثبيتها.. فتوجه البابا إلى الله يدعو: "رب.. ليت هذا يتحقق!"(18).. وعندما جاء فرنسيس و إخوته إلى روما ليطلعوا البابا على مشروع رهبانيتهم تبين أن ّوصف فرنسيس ينطبق على وصف الشخص الذي تراءى للبابا في الحلم
وكان البابا أشنسيوس الثالث من أكثر باباوات القرون الوسطى حزماً ونفوذاً ورهبةً, ومن أكثرهم أيضاً رغبة في إصلاح الكنيسة. فعندما طلب فرنسيس الاعتراف بـ "الأخوية الرهبانية" التي أنشأها لم يتردد بالاعتراف بها شفاها, ولكي يُسبغ الحبر الأعظم على هذه الأخوية طابعاً مميزاً أمر بقص شعر رؤوسهم قصة مستديرة على شكل إكليل، علامة على تكريسهم , و دعاهم إلى انتخاب فرنسيس رئيساً عليهم , كما حثَّ فرنسيس على أن يكون لهم الراعي والدليل. رجع فرنسيس وإخوته تصحبهم بركة نائب المسيح, إلى وطنهم (إمبريا) وقد أصبحت (جليل) إيطاليا {تشبها بجليل فلسطين}, وكذلك أصبحت كنيسة سيدة الملائكة بمثابة (مهد) لهم [تشبها بكنيسة المهد في بيت لحم]، وجعلوا يسيرون في المدن اثنين اثنين, يحف بهم جو عجيب من أخوة حدت بالكثيرين على الانضمام إليهم . |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حياة القديس فرنسيس الأسيزي |
حياة القديس فرنسيس الأسيزي |
قصة حياة وصلوات القديس فرنسيس الأسيزي |
قصة حياة وصلوات القديس فرنسيس الأسيزي |
حياة القديس فرنسيس الأسيزى |