مثال ذلك ام فقدت وحيدها, فهي تبكي وتقرع صدرها أحيانا, وتصرخ, متذكرة علاقاتها بهذا الابن منذ ان كان طفلا وإلي أن مات, هي حزينة لاتستطيع ان تتحكم في صراخها أو في دموعها.
مثال آخر, فتاة فقدت خطيبها, وقد ذهبت إلي المستشفي وتراه ميتا, فأمسكت يده بيدها وهو ميت وترفض ان تترك يده, وهي تبكي بدموع عزيرة, شاعرة أنها قد فقدت الحب, وأنها فقدت القلب الذي كان يسعدها, وفقدت المستقبل السعيد الذي كانت تحلم به مع هذا الخطيب, إنها لاتستطيع ان تتحكم في مشاعرها, لأن موت خطيبها كان أكبر بكثير من تحملها.
مثال ثالث هو أسرة فقدت عائلها, وأصبحت تشعربالضياع, وتري نفسها أمام مستقبل غامض لاتعرف كيف تتصرف فيه, فهي ماعادت تقدر ان تتحكم في بكائها أو حزنها أو الافكار الصعبة التي تجول في خاطرها.
كل هذه الحالات قد حدثت فعلا أمامي, ورأينا كيف ان اصحابها لم يستطيعوا التحكم في مشاعرهم.
> أيضا في حالات الغضب الشديد, والثورة الداخلية الجامحة, إما بسبب احداث وقعت عليهم, واضاعت حقوقهم أو كرامتهم, هؤلاء قد لايستطيعون ان يتحكموا في اعصابهم الملتهبة, ولا ان يتحكموا في تصرفاتهم واقوالهم, وقد يصيحون ويثورون, وربما في ثورتهم يتلفظون بكلمات لاتليق, هذه الكلمات قد تثير غيرهم, وهنا توجد عدوي الإثارة, من الغضب الثائر, ومن الذي أثاره هذا الغضب, كل اولئك لايستطيعون التحكم في مشاعرهم.
> أيضا في حالات الذين فقدوا الحرية, مثال ذلك بعض الذين تم إلقاؤهم في السجون, أيا كانت اسباب ذلك, هم أيضا قد لايتحكمون في حالاتهم النفسية أو العصبية, والبعض منهم قد يعصف بهم الحزن علي ماوصل إليه, والبعض قد لايستطيع ان يمنع البكاء أو الصراخ, أو أن يصبح صارخا من ظلم قد لحق به, ويقول انا برئ! والبعض قد يدركه اليأس, وتفكير الوسواس, ولايستطيع ان يتحكم في شيء من هذا, فهو يتساءل فيما بينه وبين نفسه, ماهو مستقبلي؟ ومامصيري؟ وماذا ينتظرني من احكام؟ فلينتظرني حبس مشدد؟ أم سجن مدي الحياة؟ أو إعدام؟.. وماذا أيضا عن اسرتي واقربائي وأحبائي الذين حرمت منهم؟ وهل هم أيضا سيتعرضون للمساءلة أو القضاء؟ هذا السجين قد لايستطيع أن يتحكم في مشاعره أو في افكاره.. وقد يفكر أحيانا بصوت عال ويسمعونه!
> نوع آخر تشغله فكرة تستولي علي عقله وعلي تفكيره وربما يكون اسيرا لهذا وفي حماسه لتلك الفكرة, لايستطيع ان يمنع عقله من التفكير في شيء آخر, هذا أيضا لايتحكم في عقله.
> هناك أيضا حالة شخص قد يصاب بكارثة, وفيها يضيع كل ماله ومدخراته... ربما لأنه وقع في حالة نصب, أو ان شريكا له كان يثق به, ولكن هذا الشريك خانه واستولي علي ماله وهرب إلي حيث لايدري, وهكذا يشعر مثل هذا الشخص ان حياته قد تحولت إلي الضياع, وفي هذا الضياع قد لايستطيع ان يتحكم في اعصابه, ولا في عقله, وقد يضطر إلي الاستدانة, وللأسف قد يكتب علي نفسه ايصالات أمانة, أو شيكات دون رصيد, وقد يقع في قروض لها فوائد خيالية وهو مضطر إلي ذلك, ثم تتكاثر عليه الديون, ويحاول ان يستغيث فلا يغيثه احد لفداحة الديون التي وقع فيها, وهنا لايستطيع ان يتحكم في أعصابه وفي كلامه, وقد يشتم الكل! بل قد يصل به الأمر إلي ان يجدف علي الله نفسه, يقول للرب اين أنت؟! لماذا تتركني في هذا الضياع؟! إنه يخطئ في قلبه وفي فكره وبلسانه, دون ان يستطيع ان يتحكم في كل ذلك.
> وهنا كمثال اذكر ماحدث من الماركسيين الذين رأوا فارقا كبيرا بين حالات الفقر الشديدة عند البعض وحالات الترف الواسع عند البعض الآخر, فصاروا لايمكنهم التحكم في افكارهم.
فادعوا ان الله يعيش في برج عال لاعلاقة له بالبشر ولابمشاكلهم!! ثم تدرجوا إلي انكار وجود الله ودخلوا في جو من الالحاد في العالم الشيوعي, وصاروا يرغمون الناس علي الإلحاد أيضا واصبح الذي يقدم علي احدي الوظائف, لابد ان يجتاز اختبارا.. يسألونه ماذا تعرف عن الله؟ لابد ان يجيب لايوجد إله, ثم مارأيك في الدين, فيجيب انه افيون الشعوب إلا إنه يخدر الناس, فينسون متاعبهم من اجل التفكير في حياة أخري في السماء! يم يسألونه أيضا مارأيك في رجال الدين؟ فلابد ان يجيب إنهم كاذبون, وبهذا ينال الوظيفة واستمر هذا الأمر للأسف الشديد سبعين سنة إلي أن تدخل الله وانهي ذلك كله.
> ومن الذين لايتحكمون في انفسهم, أولئك الذين نالوا حرية لايستحقونها, فتحولت الحرية عندهم إلي لون من التسيب, ووصف كثير منهم بعبارة البلطجة. هؤلاء ماعادوا يتحكمون في تصرفاتهم, التي قد تصل إلي الخطف, أو إلي القتل, أو الايذاء, أو نهب الآخرين, وهم في كل ذلك يرون مايفعلونه كلون من العظمة أو القوة, ولايستطيعون التحكم في اخطائهم لانها صارت طبعا من طباعهم!!
الوضع السليم أن الإنسان يتحكم في الضغوط الخارجية, ولايدعها تتحكم هي فيه.