رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
الإيمان المسيحي والضمير الإنساني إن الحياة المسيحية هي موهبة من الله، فالابن يهب لنا روحه لكي نحقق نحن أيضاً دعوة البنّوة التي نحن مدعّوون ليها. والسلوك المسيحي هو تجاوب مع نعمة الله. يجعل الإيمان واقعاً في حياتنا اليومية وعلاقاتنا المختلفة. وفي تعليم المسيح؛ الذي أولى فيه اهتماماً كبيراً لقلب الإنسان؛ ينبع السلوك الإنساني من داخل الإنسان، من ضميره. ومن هنا نفهم أيضاً أن تعليم يسوع يحمل بُعداً عاماً وشاملاً لأنَه موجه إلى ضمير كل إنسان، ولأنه غير محدد في مضمونه، ومتطلب في شكله "أحبب قريبك حبّك لنفسك"، فهو دعوة موجهة إلى حرية كل إنسان كي يتحمل مسؤوليته، ويقرّر في صميم حياته وخصوصيته ظروفها ونسّيتها كيف يحقق هذه المحبة المطلقة. ويندرج تجاوب الإنسان في إطار تاريخ العلاقة الشخصية مع الله، وهي تتمحّور حول عمل الله الخلاصي والمجاني في تاريخ الفرد والمجتمع. فالإنسان يجد نفسه مدعواً إلى التجاوب مع مبادرة محبة الله، وذلك من خلال أفعاله وأقواله وسلوكيّاته تجاه الله وتجاه القريب. فلا يمكننا أن نقرأ ولا أن نفهم المتطلبات السلوكية الإلهية إلا داخل إطار تاريخ العلاقة الشخصية بين الله والإنسان. وعلى الإنسان- انطلاقاً من إيمانه الحي- أن يتجاوب تجاوباً حراً متجدداً مع المحبة التي تؤسس وجوده. وأن يترجمها في سلوك معين في واقع حياته اليومية ولكن دائماً بطريقة جذرّية وكاملة. الله حرّية، وشريعة الله هي للحرّية وليس للعبودية، وهي تتطلب تجاوباً حراً ومسؤولاً، لأن الله يحب الإنسان ويحترم حريته، ولا يريده أداة عمياء غير مسؤولة وغير حرّة، بل شخصاً كريماً وقادراً على الحب والعطاء. وبالتالي الحرية هي ولادة الذات ولادة مستمرة أمام الله والآخرين، تبدأ باتباع الوصايا وتنتهي بالحب. وبالتالي فالمؤمن لا يجد في إيمانه المسيحي ما يهدم بحث الضمير عن حياة إنسانية ذات معنى، بل ما يحققها في العمق، إذ إنّـه يهدف من خلال أعماله إلى احترام كل إنسان في حياته ووجوده، معترفاً بأن كل إنسان أخ له وابن الآب الواحد. وهكذا يجد الضمير المؤمن في بشرى المسيح أساسه وثقته، فبالإيمان يعرف الإنسان أنّ الآب يعمل في داخل رغبته في أن يكون ابناً له وأخاً للجميع، وبالرجاء يعي أن أعماله، ثمرة حريته ومسؤوليته الحقيقية، تساهم في بناء الملكوت، وبالمحبة يثق في أن الآب قد ظهر في الابن ويسكن فيه، الإنسان المؤمن، بالروح القدس، داعياً إياه إلى تكوين جسد الابن السّري، بالانتباه إلى الأضعف والأفقر والأصغر من البشر. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|