السيد المسيح مثال لنا في حياتنا
لم تكن إرادة المسيح مطلقًا، حينما وهب لنا هذا العالم أن نفكر في الأرضيات، بل أن نتحد به ونفكر فقط في الصليب الذي صلب عليه واحتمله، وأن نتمسك بالاهتمام بالليل والنهار بالتسبيح والتمجيد والترتيل له بدون توقف، لكي تستطيع العين أن تستنير بالبصيرة، ونعرف مشيئته، وأعماله، ونحتفظ بقلب بسيط، وفكر نقى. وكما عطف علينا، وكان متحننًا وشفوقًا معنا، هكذا نتبعه نحن أيضًا إلى النهاية. وكما كان وديعًا وهادئًا وصبورًا، ولم يُجازِ الشر بالشر، واحتمل إهانات كثيرة، وصبر على كبرياء اليهود، هكذا نتبعه نحن أيضًا إلى النهاية. فقد تحمل ضربات وعذابات، واجتاز هذه الآلام بنفسه، فقد لطم من عبد رئيس الكهنة ولم يفعل شيء، بل قال فقط: "إن كنت قد تكلمت رديًا فاشهد على الرديء وإن حسنًا فلماذا تضربني" (لو 18: 23)، فهو لم يأمر الأرض بقوته أن تفتح فاها وتبتلعه، كما حدث مع داثان وأبيرام في القديم (عد 16)، ولم يفترس اليد التي صفعته مع أنه هو خالقها، بل بطول أناة، "لأنكم لهذا دعيتم فإن المسيح أيضًا تألم لأجلنا تاركًا لنا مثالًا لكي تتبعوا خطواته" (1بط 2: 21). وأنت أيضًا، أيها الإنسان، لا تتألم حينما تتضرر من أحد أفراد عائلتك، متمثلًا بسيدك. فإن الله ذاته تحمل الإهانة من الإنسان الخاطئ من أجلك وأنت تغضب لأنك تشبه في إنسانيتك الإنسان الذي أهانك، وتطلب مجازاته؟ يا لهذه الجهالة والغباوة العظيمة!. وبسبب هذا أعد لنا العقاب، وأضرمنا نحن النار لأنفسنا. وتخيلنا أن العقاب يكون للكائنات الحية غير العاقلة. وقد دخل هذا التفكير الخاطئ إلى العالم، وأصبح الغنى في فقر مدقع بسببنا، حتى نصير نحن أغنياء بفقره، "أنه من أجلكم افتقر وهو غنى لكي تستغنوا أنتم بفقره" (2كو 8: 9). والله قد صار إنسانًا من أجلنا، وولد من مريم والدة الإله لكي يحررنا من سلطان إبليس.