الأمانة في الجهاد
"ورآهم مُعذبين في الجذف. ونحو
الهزيع الرابع مِن الليل أتاهم ماشيًا
على البحر"
يعتبر اليهود أن اليوم يبدأ مِن عشية اليوم السابق له. وينقسم اليوم إلى 12 ساعة ليل و12 ساعة نهار. ويُقسمون الليل إلى أربعة أجزاء:
أ-مِن الساعة السادسة مساء اليوم السابق إلى الساعة التاسعة مِن اليوم السابق، يُسمًى الهزيع الأول.
ب- مِن الساعة التاسعة مساء اليوم السابق إلى منتصف الليل، يُسمى الهزيع الثاني.
ج- مِن منتصف الليل إلى الساعة الثالثة فجر اليوم التالي، يُسمى الهزيع الثالث.
د- مِن الساعة الثالثة فجر اليوم التالي إلى السادسة صباحًا، يُسمى الهزيع الرابع.
وقد نزل التلاميذ إلى السفينة كما أمرهم الرب وعندما اعترضتهم ريح مُضادة أخذوا يُجدًفون، واستمروا في التجديف إلى الهزيع الرابع، أي طول الليل. ولم يكونوا يُجدفون برخاوة بل كانوا مُعذبين في الجذف، وهذا الجهاد والتعب رآه منهم يسوع، فأتاهم ماشيًا على البحر مُتخطيًا قوانين الطبيعة.
إن الله يعرف أن العالم مِن حولنا مملوء بالعثرات (مت18: 7)، وقد صرًح قائلًا: "في العالم سيكون لكم ضيق" (يو16: 33). وأيًا كان سبب الضيق مِن عدو الخير أو مِن عدو الخير أو مِن ذاتى أو مِن مؤامرات الأشرار، فالله يطلب منًا أن نكون أمناء في الجهاد، وهو سوف ينظر إلى أمانتنا ويُنقذنا.
وهذه الأمانة لا بد أن تكون مُستمرة، حتى الهزيع الرابع. أي علينا أن نكون أمناء طول مدة التجربة مهما طالت. بل نكون أمناء طالما نحن في وسط بحر الحياة، سواء كُنا نمر بتجربة أو نعيش أيام راحة.
وهذه الأمانة لا بد أن تكون قوية أيضًا، فقد كان التلاميذ "مُعذبين في الجذف"، كما كانت عطية المرأة صاحبة الفلسين قوية، فقد أعطت مِن إعوازها وكُل معيشتها. وكما قدًم إبراهيم ابنه وحيده إسحق الذي قبٍل به المواعيد ولم يُمسكه عنْ اللهوكما سكبت حنة أم صموئيل نفسها أمام الرب بكل ما فيها مِن مرارة وألم. ومثلما صبر أيوب بالرغم مِن أنه تجرًب في أولاده وغنمه وممتلكاته وحتى في صحته، وهو لا يقول سوى: "الرب أعطى الرب أخذ. ليكُن اسم الرب مُباركًا" (أى1: 21).
فلنتذكر دائمًا قول الرسول: "لم تُقاوموا بعد حتى الدم مُجاهدين ضد الخطية" (عب12: 4).
فالمؤمن في جهاده المُستمر بقوة يُرتل ويهتف بالروح قائلًا: "منْ سيفصلنا عن محبة المسيح. أشدة أو ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عُرى أم خطر أم سيف. كما هو مكتوب أننا مِن أجلك نُمات كُل النهار. قد حُسبنا مثل غنم للذبح. ولكننا في هذه جميعها يعظُم انتصارنا بالذي أحبنا. فإني مُتيقن أنه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا أمور حاضرة ولا مُستقبلة. ولا عُلو ولا عُمق ولا خليقة أخرى تقدر أن تفصلنا عنْ محبة الله التي في المسيح يسوع" (رو8: 35- 39).