رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
موت الوالدين "أبي وأمي قد تركاني والرب يضمني " مز (27: 10). أن الله تعالي هو مصدر الوجود وموجد كل موجود، قرر بأن يكون الوالدون علة ثانية لوجودنا في هذا العالم. ولا يخفي أن الولد صورة أبيه ورسم جوهره. ومن يستطيع أن ينسي محبة والديه وما كابداه من الأتعاب لأجله. ومن يثق بمحبة الأرض أكثر من محبتهما وإخلاصهما. فكيف لا يتمزق القلب أسي وحزناً لفراق أحدهما وخسارة تلك المحبة الطاهرة والعواطف التي لا يوجد أسمي منها. متى ظهرت علامات الشيخوخة والهرم علي الوالدين ووهنت قواهما خفقت قلوب الأولاد الصالحين خوفاً عليهما ويتمنون طول أيامهما. ويشتهون لو أمكن أن تعبر عنهما كاس الموت. ولكن الموت لا يرحم شيخاً ولا يشفق عي شاب، كلنا رهن المنون، فمتى امتدت يد الموت واختطفت أحدهما فتعزيتنا أنه قام بما عليه من واجب في هذه الحياة. وتعب من الجهاد في أيام غربته علي الأرض وأصبح مشتاقاً إلي راحته الأبدية والانضمام إلي صفوف القديسين الذين يرحبون بقدومه فينتظر الانطلاق من الدنيا وهو يبارك الله ويقول مع سمعان الشيخ: الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عيني قد أبصرتا خلاصك لو (2: 29، 30) ولسان حاله يقول لأولاده ما قاله داود لابنه سليمان: أنا ذاهب في طريق الأرض كلها فتشدد وكن رجلاً. احفظ شعائر الرب إلهك، إذ تسير في طريقه وتحفظ فرائضه ووصاياه وأحكامه وشهاداته لكي تفلح في كل ما تفعل وحيثما توجهت 1مل (3: 2، 3) وحينئذ يتم عليه ما قاله الرب لإبراهيم: أما أنت فتمضي إلي آبائك بسلام وتدفن بشيبة صالحة تك (15: 15) وقد اسلم إبراهيم روحه بشيبة صالحة. شيخاً وشبعان أياماً وأنضم إلي قومه تك (25: 8). أما إذ كان ذلك الولد قد فارق الحياة وهو لم يبلغ سن الشيخوخة فعزاؤنا في التسليم لقضاء الله وأحكامه. وما هي الحياة في هذه الدنيا سوي تعب وجهاد. ولا فرق بين من يعيش فيها كثيراً أو قليلاً. لأن العبرة ليست بطول الحياة بل بما يعمله الإنسان فيها من الواجبات. وقد قضي الراحل الغاية من وجوده. وعلينا في هذه الحالة أن نبارك الله الذي خلصه من أتعاب الدنيا ونقله إلي دار الراحة والسعادة،ولنا في كلام الله وما نرجوه في الحياة الأخرى خير معز لنا في مثل هذه الأوقات، طالما نعلم بأن المنتقل إلي الله ورقد جسده في قبره علي رجاء القيامة فنتعزى ونرجو لقاءه في القيامة مع صفوف الأبرار ومواكب القديسين. وإذا كنا في شدة ألحاجه إلي ذلك المنتقل وإلي محبته وعنايته فعلينا أن نرفع ألحاظنا إلي أبينا السماوي فنجد فيه كل ما نحتاجه من المحبة والعناية، ونقول مع داود: "أبي وأمي قد تركاني والرب يضمني" فطوبي لمن يتكل علي عناية الله ويضع كل رجاءه فيه فانه يعيش تحت ظل عنايته آمنا مطمئنا. كم من والدين ماتوا وتركوا أطفالاً صغاراً، وتمتلئ قلوبنا حزنًا عندما تقع العين عليهم، مفكرين في من يعتني بهم ويعولهم بعد والديهم. ولكن لو رفعنا قلوبنا إلي الله وعلمنا بان الله أقام نفسه أبًا ومحاميًا وقاضيًا وعونًا للأيتام وأنه تعالي يعتني بعم عناية خاصة. باركنا الله علي حنوه ورحمته، وما تطرق إلي قلوبنا أي فكر يضاد الإيمان، ولكن بعض ضعفاء الإيمان يقولون أن ذلك الوالد كان يسعي ويهتم بخير أولاده. فمن يعولهم من بعده؟ وتملأ هذه الأفكار قلوبهم ولكم الإيمان يهمس في آذانهم قائلاً: "انظروا إلي طيور السماء، أنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلي مخازن، وأبوكم السماوي يقوتها، ألستم أنتم بالحري أفضل منها... تأملوا زنابق الحقل كيف تنمو، لا تتعب ولا تغزل ولكن أقول لكم أنه ولا سليمان بكل مجده كان يلبسه كواحدة منها. فان كان عشب الحقل الذي يوجد اليوم ويطرح غدا في التنور يلبسه الله هكذا، أفليس بالحري جدا أن يلبسكم أنتم يا قليلي الإيمان مت (6: 26-30) فالله تعالي الذي يعتني بالعصافير والغربان ويعول فراخها ويكسو عشب الحقل بذلك الجمال، لا يترك صغار أولاده يحتاجون. وأن كان الوالد يعتني بخير أولاده الزمني، فالرب السماوي يلاحظ حياتهم ووجودهم وأرواحهم. فيا أيها الأولاد يا من فارقهم والدوهم: دعوا الرب يضمكم إليه واقتربوا منه يقترب إليكم، وهو يدعوكم قائلاً "تعالوا إلي وأنا أريحكم" التصقوا به واتحدوا معه فتشعرون بمحبة أسمي من محبة والديكم لكم لأنه كما يترأف الأب علي البنين يترأف الرب علي خائفيه مز (103: 13) قال المرنم: أيضاً كنت فتي وقد شخت ولم أر صديقاً تخلي عنه ولا ذرية له تلتمس خبزا. اليوم كله يترأف ويقرض ونسله للبركة مز (37: 25، 26). لا تخف لأني معك لا تتلفت لأني إلهك قد أيدتك وأعنتك وعضدتك بيمين بري... لأني أنا الرب إلهك الممسك بيمينك القائل لك لا تخف أنا أعينك اش (41: 10، 13) قال الرب: بالبكاء يأتون وبالتضرعات أقودهم أسيرهم إلي أنهار ماء في طريق مستقيمة لا يعثرون فيها لأني صرت لإسرائيل أبا وأفرايم هو بكري ار (31: 9) وأكون لكم أبا وانتم تكونون لي بنين وبنات ويقول الرب القادر علي كل شيء 2كو (6: 18) فأسكنوا في مساكن الله العلي واستريحوا في ظل القدير وقولوا له الآن يا رب أنت أبونا. نحن الطين وأنت جابلنا وكلنا عمل يديك اش (64: 8) فإنك أنت أبونا وإن لم يعرفنا إبراهيم وأن لم يدرنا إسرائيل أنت يا رب ولينا، منذ الأبد أسمك. اش (63: 16). |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
إعالة الوالدين |
الوالدين |
صلوات الوالدين |
بر الوالدين |
طاعه الوالدين |