رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
آدم أين أنت؟ _ سمعان اللاهوتي الحديث آدم أين أنت؟ القديس سمعان اللاهوتي الجديد قال الله لآدم بعد السقوط: آدم، أين أنت؟ لماذا يتكلم خالق كل الأشياء بهذه الطريقة؟ بالتأكيد، لأنه يرغب في أن يجعل آدم واعياً بخطيته ومن ثم يدعوه إلى التوبة، لذا يقول: آدم أين أنت؟ أفهم نفسك، تحقق من عريك، أنظر قيمة الثوب وعظمة المجد الذي حرمت نفسك منه. آدم أين أنت؟ وكأن الله تكلم لتشجيعه: "نعم، استفيق من غفلتك، أيها المسكين، أخرج من مكان إختباءك. هل تعتقد أنك بذلك تختبئ مني؟ قل فقط : "لقد أخطأت". لكنه لا يقول هذا! - أو بالأحرى، أنه أنا، ذلك الشخص التعيس، الذي لا يقول هذا، فأنا في مكانه! - لكن ماذا يقول؟ "سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فاختبأت". وماذا يقول له الله؟ "من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أويتك أن لا تأكل منها؟". أترى أيها الحبيب، رحابة صدر الله وصبره؟ فعندما قال: "آدم أين أنت؟"، وعندما أبَى آدم أن يعترف بخطيئته، بل قال: "إني سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فاختبأت". لم يغضب الله عليه، ولم يَصرف وجهه عنه مباشرة، بل أعطاه فرصة للإجابة، فقال: "من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أمرتك أن لا تأكل منها؟". تأمل في عُمق حكمة كلام الله. إنه يقول: "لماذا تقول أنك عريان وأنت تُخفي خطيئتك؟ هل تعتقد حقاً أني أرى فقط جسدك ولا أرى قلبك وأفكارك؟". ولأنَّ آدم خُدع فقد كان يأمل ألا يعرف الله بخطيئته. قال في نفسه شيء من هذا القبيل: "لو قلتُ إني عُريان، لقال لي الله عن جَهلٍ: "لماذا أنت عريان؟"، عندها سأنكر وأقول: "لا أعرف". هكذا لا يكشفني الله، ويعيد لي كسائي الذي كان لي قبلاً. وإذا لم يُعده لي فعلى الأقل لن يطردني أو ينفيني". بينما كان آدم يفكر بهذه الأفكار - كما يفعل كثيرون حتى الآن (وأنا نفسي أولهم) عندما يخفون شرورهم الخاصة - قال له الله لأنه لا يريد أن يضاعف ذنبه: "من أعلمك أنك عريان؟ هل أكلت من الشجرة التي أمرتك أن لا تأكل منها"، وكأن الله يقول له: "هل تعتقد حقاً أنه يمكنك أن تختبئ من وجهي؟ أيخيل إليك أني لا أعرف ماذا فعلت؟ أفلا تقول "لقد خطئت"؟ قل، أيها البائس: نعم ياسيِّد، هذا صحيح، لقد خالفت وصيتك، وسقطت بسماعي لمشورة المرأة. إني أخطأت خطأً فاحشاً بتنفيذي ما قالته، وعدم طاعتي لكلمتك، أرحمني برحمتك". لكن آدم لا يقول هذا، ولم يتضع، ولم ينحني. "عضل من حديد عنقك وجبهتك نحاس" (إش 4: 48)، كما هو حالي أنا البائس! لأنه لو كان قال هذا ربما لبقى في الفردوس. بهذه الكلمة واحدة كان من الممكن أن يُجنِّب نفسه العواقب الوخيمة التي لا عدَّ لها. فقد جَنَى على نفسه فطُردَ من الفردوس وقضى قرون عديدة في الجحيم. الآن استمع إلى النتيجة، وتحقق أن كلام الله حق لا كذب فيه. قال الله لآدم: "يوم تأكل من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها موتاً تموت". من الواضح، أن هذا هو موت النفس، وقد تحقق في نفس الساعة، وتجرد آدم من ثوب الخلود. لم يتنبأ الله بأكثر من ذلك، ولم يحدث أكثر. لأن الله كان يعلم مسبقاً بأن آدم سوف يخطئ، ورغب في مسامحته عندما يتوب. لذا، كما قلنا، لم يدل بأي تصريح آخر ضده. لكن آدم أنكر خطيته ورفض التوبة، حتى عندما وبخه الله، إذ قال: "المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني". "التي جعلتها معي" - آه أيتها النفس الطائشه، كما لو أنه قال لله: "لقد أخطأت أنت، فالمرأة التي جعلتها معي، قد خدعتني". أنا البائس الشقي أفعل الشيء نفسه، وغير مستعد في أي وقت أن أتواضع وأقول من كل قلبي أنني المسئول والملام على أخطائي. بل على العكس أقول: "كيت وكيت قد استحثوني على القيام بهذا الشيء، فلان وعلان قد نصحوني بفعل هذا أو ذاك". آه أيتها النفس الشقية التي تنطق بكلمات مليئة بالخطية! لذا قال له الله: "شوكاً وحسكاً تنبت لك .. بعرق جبينك تأكل خبزك .. لأنك تراب وإلى التراب تعود". أو بكلمات أخرى: "لقد قلت لك أن تتوب، فتعود إلى حالتك الأولى. لكن بما أنك شديد التصلب، فارجل وانصرف عني من الآن فصاعداً. ارتدادك سوف يكون تأديباً كافياً لك، لأنك تراب وإلى التراب تعود". هكذا حُكمَ على آدم بعد تعديه لأنه لم يتب قائلاً "لقد أخطأت". وتم نفيه ومعاقبته بأن يقضي أيامه في تعب وكد وعرق ويرجع للأرض التي أخذ منها. الله لما ترك آدم، جاء إلى حواء، مُريداً أن يُظهر لها أنها هي أيضاً ستطرد عن استحقاق إذا لم تتب. سألها: "ما هذا الذي فعلتِ؟"، حتى يمكنها أن تقول "لقد أخطأت"، وإلا فما الحاجة إلى أن يسألها الرب هذا السؤال، سوى أن يجعلها أن تقول: "بحماقتي أنا الوضيعة الشقية، فعلتُ ذلك، أيها السيد. ولم أطيعك يا سيدي، أرحمني". لكنها لم تقل شيئاً كهذا. ماذا قالت؟ "الحية أغوتني". يا لعدم الإحساس! إذاً قد تكلمت مع الحية التي تُجدِّف على السيد! وفَضَّلتها على الله الذي خلقك، واعتبرت مشورتها أخلص من وصية سيِّدك وأصدق! هكذا عندما لم تستطع حواء أيضاً أن تقول: "لقد أخطأت". طُردا كلاهما من النعيم، ونُفيا من الجنة والله. تعلموا وافهموا، أنه لو كانوا تابوا ما كانوا قد طردوا، ولا أدينوا وحكم عليهم بالعودة إلى الأرض التي أخذوا منها. |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|