رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المحبة قنبلة _ الأم غافريليا المحبة قنبلة الأم غافريليا (1897 - 1992) س: ما هي غاية الإنسان؟ج: غاية الإنسان؟ "وصيّة جديدة أعطيكم: أن يحبّ بعضكم بعضًا". الغاية هي... المحبّة. ولا شيء سواها. لا تفعل شيئًا آخر... ولكن ماذا تعني المحبّة؟ عندما ترى شخصًا، أيّ شخص، اجعل نفسك غير موجود، حقًا، ككيان. وادخل روح هذا الشخص، حتّى ولو كان فاعل شرّ، أو إنسانًا لا تفهمه... يجب أن تفعل هذا! لأنّه هو الآخر يملك في داخله نسمة اللَّه، قبس المسيح، وقلبًا يخفق مثل قلبك... بكلام آخر أنت نفسك معكوس فيه. وإذا لم تقم بذلك فلا يمكنك أن تساعد الشخص الآخر. س: أخبريني المزيد حول المحبّة. كيف يعطيها المرء؟ وإلى أيّ حدّ؟ ج: حسنًا... عندما يكفّ المرء عن الحبّ، فكأنّه يكفّ عن التنفّس. الحبّ كالتنفّس. إنّنا مصنوعون، "معجونون"، إذا استطعنا القول، بالمحبّة. ولكن هذا غامض. إنّه نظريّ... ورغم ذلك يمكن رؤيته: أوّلاً، وبشكل رئيس في الطريقة التي تخاطب بها الشخص القريب منك، وكيفيّة منحك إيّاه المركز الأوّل، لأنّ الحبّ والتواضع مترادفان... في محبّتنا الزوج أو الزوجة، فإنّنا نحبّ أنفسنا. هل تفهم السبب؟ لأنّه ليس نوع الحبّ الذي تعطيه بدون أخذ. وعلى العكس، فإنّ الحبّ الحقيقيّ يعطي ولا يتوقّع شيئًا بالمقابل. لذا فعندما تعطي الحبّ وتتوقّع الحبّ بالمقابل، فأنت في الواقع تحبّ نفسك... أمّا حبّ الأمّ لولدها، فهو بالتأكيد ذو مستوى أرفع. لأنّها تعطي بدون أن تكون متأكّدة من أنّها ستأخذ. س: نعم، والأمّ تسامح مرّات كثيرة. ج: وهذا أيضًا. إنّ كلّ هذه الأمور تعمل معًا: الصبر، والمسامحة... كلّها موجودة في الحبّ. الحبّ هو أيضًا أن تضع نفسك في مكان الشخص الآخر. هذا ما قاله المسيح: "أحبب قريبك كنفسك". وهذا ما قاله للناموسيّ (في مثل السامريّ الصالح): "اذهب وافعل هكذا". بغضّ النظر عمّن هو الشخص الآخر: شخص صالح؟ شرّير؟ غريب؟ قريب؟ الحبّ هو أن تحبّ الآخر لما هو. من أجل صلاحه، لما هو مخبّأ فيه. وليس بالنسبة إليك. من دون أن يكون ذلك نسبة إليك على الإطلاق. على هذا النحو يحبّنا اللَّه. س: يا يارونديسا، في كلّ البلدان التي زرتها، ما هو أكثر ما يبتغيه الناس؟ ج: أكثر ما يبتغيه الناس هو ابتسامة، ولمسة، ودمعة. ولا شيء آخر. عندما ترى الشخص الآخر ككائن بشريّ وتشعر به كأخ، فعندها كلّ ما تعمل له هو صالح. فقد يكون يبتغي طبقًا ساخنًا... أو قميصًا نظيفًا... لقد عشت مع جماعة برص، وهناك كنت أغسل يوميًّا عشرات القمصان، لأنّ شخصًا سليمًا يجب أن يقوم بعمليّة الغسيل لمن هم مرضى. وقد قمت بهذا العمل لمدّة ستّة أشهر. إلاّ أنّ أحدهم لم يستطع أن يفهم ذلك - يا للنفس المثيرة الشفقة! - فقال لي: "أنت؟ سيّدة متعلّمة، أوروبيّة، تقومين بهذا العمل؟ هذه الأعمال الصعبة هي لأهل البلد"... أجل... مرّة عندما كانت في الهند، قال لها أحد المبشّرين إنّها ليست مسيحيّة حقيقيّة وليس باستطاعتها أن تكون مبشّرة جيّدة، لأنّها لا تتكلّم لغات البلاد التي تزورها ولهجاتها. فصلّت إلى اللَّه بحرارة ثمّ قالت له: "إنّي أستعمل خمس لغات: الأولى هي الابتسامة... الثانية الدموع... الثالثة اللمس ... الرابعة الصلاة... الخامسة الحبّ. وبهذه اللغات الخمس أجول العالم كلّه!". إذا كنت لا تحبّ فلا تصلِّ، لأنّ صلاتك لن تبلغ أذنَي الربّ. إنها كريهة لدى الله. كلمات قليلة ومحبّة كثيرة للجميع. أيًّا كانوا. الويل لي إن لم أحبّ هذه هي الثقافة الوحيدة: أن نتعلّم كيف نحبّ اللَّه. لا تدع الآخر يعلم أنّه تسبّب لك بالأذى على الإطلاق. المحبة قنبلة تمزق كل شر في القلب. لكي تشعر بالفرح عليك أن تعطيه للآخرين أولاً. العلاقات بين البشر تصعب عندما يعلو "الأنا" على "الأنتم". نحن نافعون فقط عندما لا نعيش من أجل أنفسنا، والعكس صحيح. إن كنت لا تحطّم أناك وتفرغه، فمن أين لك أن تهيّئ مكانًا للَّه؟ إنّي لا أتوقّع شيئًا ولا أبتغي شيئًا، ولا أتساءل عن شيء، ولا أقلق بخصوص شيء، ولا أهتم بشيء ولا أتمسّك بشيء... أنا غير موجودة. لقد وضع اللَّه حاسّة النظر في الرأس. أتعلمون لماذا؟ حتّى لا نرى وجهنا. أجل! حتّى لا نستطيع أن نرى سوى الآخر. ولا نحبّ سوى الآخر. حتّى نستطيع أن نرى أنفسنا فقط في عينّي الآخر. أنا لست من أناس الفكر. أنا سعيدة فقط لأنّي حيّة وأحبّ اللَّه وأحبّ الجميع من يعيش في الماضي هو بمثابة مائت. ومن يعيش بمخيّلته في المستقبل ساذج لأنّ المستقبل هو للَّه. ففرح المسيح نجده في الحاضر فقط، في حاضر اللَّه الأبديّ. الفرح والسلام والمحبّة والبركة التي نعطيها للجميع، إذا لم تُقتبل، تعود إلينا وإلى الربّ. بكلمات أخرى، فإنّه كما أنّنا لا نستطيع أن نوقف تنفّسنا ودقّات قلبنا، كذلك علينا أن ندع الحبّ الذي ينبع من اللَّه يتدفّق منّا كنهر ليلاً ونهارًا في كلّ مكان وعلى الدوام. لا يعنينا أين يذهب لأنّ هذا يعنيه هو. عندما نصبح واعين تمامًا عطايا اللَّه، لا يعود لدينا وقت لطلب شيء منه. بل نتابع حياتنا ونحن نقول: "أشكرك... أشكرك... أشكرك... أشكرك... نرى شخصًا... أشكرك... نرى زهرة... أشكرك... نرى كوبًا من الحليب... أشكرك. أشكرك... على كلّ شيء!" فمثل هذه البهجة تدخل حياتنا حتّى إنّ العديد من الناس، وحتّى من بين المقرّبين إلينا، يعجزون عن فهم ماهيّة كلّ هذا. عندما عشت في إنكلترا، كان الناس يسألونني أحيانًا: "ماذا يجري؟ لم أنت سعيدة جدًّا؟" فكنت أجيب: "لأنّي حيّة، وأراكم... نهارًا سعيدًا لكم!". البعض يريدون بلوغ القيامة بدون المرور بالجلجلة. الروحانيّة الأرثوذكسيّة هي المعرفة المكتسبة عن طريق التألّم أكثر ممّا عن طريق التعلّم. يوجد الحبّ فقط على الصليب. ليس هناك شيء أرخص من النقود. إذا أحببت العالم كله، يكون العالم كله جميلاً. لا يمكنك أن ترى النُّور إلاّ إذا وصلت إلى نقطة اليأس. يسألونني كيف لا أتعب بعد مقابلة أشخاص كثيرين في يوم واحد... سأقول لكم لماذا هذا لا يتعبني: بسبب التنوّع في حياتي. ففي يوم واحد أحبّ اثني عشر شخصًا! يأتي أحدهم فأذهب معه. أحبّ ذلك الشخص. أليس هذا رائعًا؟ يتكلّم وأسمع. ونتحدّث حول حياته. وهكذا أكون في رحلة ذهاب: أنا لا أوجد... أسمع وأسمع وأسمع. ثمّ يغادرني ويأتيني آخر. ويحدث الأمر ذاته. هل تعرف ما هذا الأمر العظيم؟ أن أكون اثني عشر شخصًا؟ إنّها عجيبة كبيرة! لا أعرف كيف أفسّر ذلك. ولكنّه هكذا. نتحدّث عن اللَّه، كلّ الوقت. أتستطيع أن تتعب؟ لا تستطيع أن تتعب أبدًا. كلّما كان باب غرفتنا مغلقًا كلّما كانت بوّابة السماء مفتوحة. موطن الضعف الأكبر لدى المرء هو كثرة الكلام وكثرة المناقشة. لقد أعطانا يسوع المسيح الوسيلة الذهبيّة: أن نكون بمفردنا ومع الآخرين في آن. صوت اللَّه هو الصمت. كلّ صباح، وعندما تنفتح صفحة جديدة أمامنا، لنوقّع على الورقة البيضاء وندع الربّ يكتب عليها ما يشاء. الشخص المتردّد لا يعيش. إعمل ما يجب أن تعمله، فيفعل اللَّه ما يجب أن يفعله. يريد الإنسان أن يكون حرًّا. لماذا؟ حتّى يمكنه بهذا أن يُستعبد لأهوائه. اللَّه يحبّ أعداءك بالقدر ذاته الذي يحبّك به. إذا كنت لا تحب شخص ما، تأمل أنك ترى المسيح في ذلك الشخص، وعندئذ لن تجرؤ على النطق حتى بكلمة نقض. أتمنى أن تختاروا لحياتكم منهجاً، تكونون فيه أداة لإتمام رسالة المسيح على الأرض. أنا تلميذة المسيح، أحيا وأوجد فقط من أجله. لا تسأل أبداً "لماذا حدث لي ذلك؟ وعندما ترى أحد يعاني من مرض ما كالسلطان أو فقد البصر، لا تقل قط "لماذا حدث ذلك له؟". بدلاً من ذلك، صلي لكي يمنحك الله الرؤية ومعاينة الشط الآخر ... عندئذ سوف يمكنك أن ترى الأمور كما هي على حقيقتها مثل الملائكة. كل شيء بحسب خطة الله. كل شيء. إذا أردنا أن نكون رهبانًا صالحين علينا أن نعطي اللَّه في كلّ حين الأولويّة والتقدّم على الحياة الرهبانيّة، وإلاّ فسنفشل. نحن لا نستطيع أن نتخلّص من أيّ من خطايانا. إنّه هو الذي يبعدها عنّا، الواحدة تلو الأخرى. النقد والسخرية والرذل والرياء وموقف الـ"نعم... ولكن"، هي سلاح المرء الضعيف الفاشل أمام اللَّه سواء في تطلّعاته أو في مصيره. قد يتشاجر بعض البحّارة على سفينة ما، ولكنّ السفينة ما تزال تبحر ثمّ تصل إلى حيث تقصد، وهذا يصحّ في الكنيسة، لأنّ المسيح نفسه ممسك بالدفّة. المكتبات وصالات المطالعة مكتظّة بالناس. ولكن هل خرج منها يومًا أيّ قدّيس؟ ليس علينا أن "نستسلم" لإرادته. هذا ما يفعله الجنود. أمّا نحن، أبناءه، فعلينا أن نهديه إرادتنا الخاصّة إلى جانب كياننا - مهما كنّا في حالة يرثى لها - وأن نقول له: "يا ربّ، خذ كلّ خطاياي ونقائصي وصحّحها". حياتنا بكاملها هي كالموجة. وعلينا، إمّا أن نمشي فوق المياه على مثال القدّيس بطرس الرسول، أو أن نغطس فيها مثل يونان النبيّ. هذا هو هدف حياتنا على الأرض: أن نحاول العيش في ملكوت اللَّه هنا. إذ كيف نستطيع أن نجيء ونذهب من دون أن نشعر بشعور الفردوس هنا على الأرض؟ لقد سقطنا من الفردوس ولكن ما لم نعد إليه ونحن هنا فكيف لنا أن نقتنيه هناك؟ تعالوا نسكت... |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|