ما هو سفر الإلحاد؟ وكيف يحقق غرضه بالرغم من أن الشيوعية قد جندَّت جميع أجهزتها للدعاية لهذا السفر؟
س62: ما هو سفر الإلحاد؟ وكيف يحقق غرضه بالرغم من أن الشيوعية قد جندَّت جميع أجهزتها للدعاية لهذا السفر؟
ج: لكيما تحارب الشيوعية الكتاب المقدَّس كان لابد أن تضع كتابًا بديلًا له، وهذا ما حدث إذ وضعت الشيوعية كتاب "سفر الإلحاد" ودعته سفرًا على مثال الأسفار المقدَّسة، ويتكون هذا السفر من سبعمائة صفحة، وشارك في تأليفه لفيف من الكُتَّاب المُلحدين في أكاديمية موسكو للعلوم سنة 1961م، وألبست الشيوعية هذا الكتاب ثوبًا مزيفًا من الأخلاق المسيحية السامية، بل وأشاد هذا السفر بالمسيحية، فجاء فيه عن المسيحية أنها " على خلاف كل الديانات القديمة رفضت كل حدود طبقية في تقديم عقائدها بمعنى أن عظاتها، وتعاليمها، قُدمت لكافة القبائل والشعوب والطبقات، وكذلك حطمت المسيحية في تعاليمها، كل الحواجز الاجتماعية، فالذين نشروا تعاليم يسوع قدموها لكل الناس دون تمييز لأصل أو جنس أو مركز اجتماعي" (171) كما شهد هذا السفر للاشتراكية المسيحية، فجاء فيه " أن المسيحية قد كسبت أتباعًا كثيرين من العبيد لأنهم وجدوا بين المسيحية فرصة أعظم للكرامة والحياة" (172).
وأعتبر الشيوعيون أن " سفر الإلحاد " هو إنجيلهم فقاموا بطبعه بعدة لغات، وأصدروا منه طبعات عديدة، وقامت أجهزة الإعلام بالدعاية لهذا الكتاب عبر الراديو التليفزيون والسينما، وتم توزيعه على نطاق واسع حتى في الدول غير الشيوعية، ونادى سفر الإلحاد بأنه لا إله، ولا حياة أخرى، ولا قيامة للأجساد، وركز السفر على أن الحياة لم تأتِ من قِبل الله الخالق، إنما هي وليدة الصدفة، وقد رأينا من قبل أنه من المستحيل أن الصدفة تخلق الحياة (راجع إجابة س 44، 45، 46) كما هاجم سفر الإلحاد تعاليم السيد المسيح ودعوته للناس بالتوبة، قائلين بأن هذه التعاليم تقتل أفراح الحياة، ولا أدري أي أفراح يتكلمون عنها، وأية أفراح في الشيوعية الممتلئة كآبة وظُلمة وضيق وضجر، يعيش الإنسان بلا عون ولا سند في هذه الحياة فيشعر بالوحدة الموحشة، وفي النهاية يُساق الإنسان المُلحد إلى الموت بدون أدنى أمل ولا أقل رجاء في حياة أبدية سعيدة،قارن هذا بالمسيحيين الذي يجوزون أصناف الألم، وقد وقف الألم عاجزًا تمامًا أن ينزع فرحهم عنهم، فالفرح الذي بداخلهم أقوى من كل الآلامات والعذابات، وذهب التلاميذ فرحين بعد أن جُلدوا لأنهم حسبوا أنهم مستأهلين أن يهانوا من أجل اسمه، ويمكن يا صديقي أن تبحث في الكتاب المقدَّس عن طريق فهرس الكتاب أو برنامج البحث في النت عن كلمة الفرح ومشتقاتها مثل السعادة والسرور والتهليل.. إلخ. لتخرج بموضوع متكامل عن حياة الفرح في المسيحية.
وأتهم " سفر الإلحاد " المسيحيين بالخنوع والجُبن والاستسلام وعدم الثورة ضد المظالم، ولو كان هذا حال المسيحيين ما كان يستشهد منهم آلاف وملايين على مر التاريخ. بل هم أبطال في الإيمان تحدوا كل عذابات الجحيم، وفشل أمامهم " ماوتسي تونج " بالرغم من أنه أباد منهم أعدادًا غفيرة، وقاوموا الشيوعية بالحب والصبر وطول الأناة، حتى قضوا عليها، فانهار أمامهم الحلم الشيوعي. إن سجون سيبريا وسجون كافة الدول الشيوعية تُكذّب هذا الاتهام الكاذب، وتنطق بشجاعة وبسالة وقوة وصلابة المسيحيين في مواجهة كل أساليب الإرهاب والتعذيب الذي يفوق الوصف، وقد فشلت كل عذابات الشيطان في ثني المؤمنين عن إيمانهم، وبسبب شجاعة وبسالة المسيحيين في مواجهة كل عذابات الشيطان والموت انهارت قديمًا أعظم إمبراطورية عسكرية عرفها التاريخ وهي الإمبراطورية الرومانية، وانهارت حديثًا أسوار الشيوعية التي أخفت وراءها الأيدي الحمراء والعذاب الأحمر.