عندما تجسد أقنوم الابن ألاَ يعتبر هذا انفصال عن أقنومي الآب والروح القدس؟
ج: يجيب على هذا بطرس ديناسيوس في رده على اعتراضات أيوب بك صبري الذي أنكر الإيمان ونشر اعتراضاته بجريدة مكارم الأخلاق لصاحبها أحمد أفندي الشريف فيقول "وأما قوله بأن حلول الأقنوم الإلهي في الناسوت مع كونه واحدًا في الجوهر مع الآب والروح يقتضي تجزئة الجوهر الإلهي، فأجيب عليه: حاشا.. لأن الجوهر الإلهي هو روح غير قابل للتجزئة ومع ذلك لما حلَّ ابن الله في الناسوت لم ينفصل عن الجوهر الإلهي، وإن قيل كيف ذلك؟ فأجيبه ذلك فوق كيف، وليس هو وحده فوق كيف. بل يوجد فينا أشياء فوق كيف. فان قيل وما هي؟ أجبته هو الروح الإنساني.
ومع ذلك يكون روحًا واحدًا، وإن قيل أنه متجزئ في الجسد فأقول الروح لا يقبل التجزؤ، وإن قيل انه متمدّد فيه فأقول أن التمدُّد هو من خصائص المادة والروح ليس بمادة.
كذا لو قُطِع جزء من الجسد فهل يُقطع معه الروح كله أو جزء منه، فان كان كله فتكون أجزاء الجسد الأخرى باقية بدون روح وذلك محال، وإن كان يُقطع جزء منه مع الجزء المقطوع من الجسد، فيكون الروح متجزئ، وقد بينَّا سابقًا أن الروح لا يتجزأ وزيادة على ذلك يكون الباقي في الجسد الحي ليس روحًا كاملًا، وهذا لا يسلم به أحد. فها قد رأيت أن حلول الروح في الجسد كله وإتحاده به لا يمكن إدراكه ومع ذلك نحن ملزمون أن نعتقد بهذه الحقيقة وإن كنا غير قادرين على إدراك كيفيتها، فان كنا لا نقدر أن ندرك كيفية حلول الروح المحدَّد في الجسد المحدود نظيره فهل نقدر أن ندرك كيفية حلول اللاهوت الغير المحدود في الناسوت المحدود" (1).