الرؤيا الأولى: الصراع مع الشيطان
رأيت وإذ بسلّم نحاسي طوله عجيب يمسّ السماء، ولكنه ضيقًا جدًا بالقدر الذي لا يسمح إلاَّ لواحد فقط بالصعود عليه، وعلى جانبي السُّلم أسلحة حديدية مُدجّجة من كل نوع: سيوف ومدي وخناجر وخطاطيف، حتى إذا كان أحد يغفل أثناء صعوده ولا يُثبِّت نظره إلى فوق دائمًا، فإنه حتمًا يتمزّق بهذه الأسلحة، وفي نهاية السُّلم من أسفل يربض تنين ضخم يتربّص بالصاعدين ويزعجهم ليُعرقِل صعودهم، ورأيت وإذ "ساتورس" يصعد في الأول باذلًا نفسه عنّا بمحض حريّته، ولا عجب فإيماننا جميعًا كان على يديه فهو مُعلمنا.
ثم انحنى والتفت إليَّ قائلًا: "بربتوا" أنا في انتظارك ولكن احترسي من التنين حتى لا يؤذيكِ فأجبته: "إنه لن يؤذيني باسم الرب يسوع المسيح"، فأدار التنين رأسه عنِّي وكأنه في ذُعر منِّي. وإذ بي بدل أن أضع رجلي على أول درجة أضعها على رأس التنين وأعبر منها إلى السُّلم وأصعد عليه، والتفت وإذ بحديقة مُتّسعة وفي وسطها إنسان جالس شعره أبيض وعليه لِبَاس الرُّعاة وكان فارع الطول، ورأيته ينحني ليحلب غنمه وكان حوله ألوف مُتسربلين بثياب بيضاء، فرفع الراعي رأسه ونظر إليَّ وكلمني: "حَسنًا جئتِ يا بُنيَّتي" ودعاني نحوه وأعطاني كعكة مصنوعة من اللّبن فمددت يديَّ المربوطتيْن وأخذتها منه وأكلتها، فإذا بكل الجمع الواقف يقولون معًا: آمين. وعلى صوت الكلمة استيقظت وما يزال في فمي شيء حلو كالعسل.
وفي الحال دعوت أخي وأعلمته بالرؤيا فعرفت أننا لابد أننا سنتألم وحينئذ فقدنا الأمل في هذا العالم. وبعد أيام قليلة ذاع خبر أننا قادمون على امتحان شديد.