مخافة الرب
في إحدى الولايات الأمريكية كانت تعيش فتاة مؤمنة من أسرة تقية تخاف الرب· وذات يوم دُعيت هذه الفتاة لحضور حفل عيد ميلاد إحدى زميلاتها، فقررت الذهاب لتُظهر لها محبة الرب· وبعد انتهاء الحفل في المنزل، قرّر جميع الحاضرين الذهاب إلى ملهى ليلي لقضاء باقي الليلة في ما لا يليق وما لا يتفق مع السلوك المسيحي الحقيقي· وطلب الجميع من هذه الفتاة المؤمنة الذهاب معهم· فقالت، بنبرة لطيفة لا تخلو من حسم:
"طبعًا لا؛ أنا لا يمكنني أن أصحبكم إلى هذا الملهى· ولا بد أن أرجع إلى بيتي حالاً"·
فقالت لها إحدى الحاضرات بسخرية وتهكم:
"هل تخافي أن يؤذيك والدك؟!"·
قالت الفتاة المؤمنة:
"أبدًا، أنا لا أخاف أن يؤذيني أبي، لكن أخاف أن أؤذيه أنا وأحزنه بذهابي إلى هذا المكان"·
أيها الأحباء:
ونحن أيضًا، باعتبارنا أولاد الله، لا نخاف من الرب لأنه
"لاَ خَوْفَ فِي الْمَحَبَّةِ، بَلِ الْمَحَبَّةُ الْكَامِلَةُ تَطْرَحُ الْخَوْفَ إِلَى خَارِجٍ"
(1يوحنا4: 18)،
ولكننا نخاف الرب· ومخافة الرب هي احترامه وتقديره، وشعوري بحضوره معي في كل حين، وفي كل مكان:
في بيتي، في عملي، في سيري بالشارع، في قيامي بكل ما أوُكِل إليَّ من أعمال أيًّا كان نوعها، في أكلي، في شربي، في حديثي مع أصدقائي وجيراني، في خلوتي، في رفقتي، أستطيع في كل ذلك أن أعيش متمتعًا بمحضره وبالشركة، معه وأخاف أن أفقده طوال اليوم بسبب أي خطية تُحزن قلبه·
ومخافة الرب تنبع من تقديرنا لشخصه ولقداسته، وأيضًا من تقديرنا لمحبته لنا وما فعله لأجلنا·
وإليك - قارئي العزيز - من سفر المزامير، بعض البركات التي يتمتع بها خائفي الرب :
( 1 )
سِرُّ الرب:
" سِرُّ الرَّبِّ لِخَائِفِيهِ ، وَعَهْدُهُ لِتَعْلِيمِهِمْ ."
(مزمور 25: 14)·
قال الرب يومًا لإبراهيم
"عَلِمْتُ أَنَّكَ خَائِفٌ اللهَ،"
(تكوين22: 12)
لذا قال:
"هَلْ أُخْفِي عَنْ إِبْرَاهِيمَ مَا أَنَا فَاعِلُهُ،"
(تكوين18: 17)·
( 2 )
جود الرب:
"مَا أَعْظَمَ جُودَكَ الَّذِي ذَخَرْتَهُ لِخَائِفِيكَ، "
(مزمور31: 19)·
لقد
" وَأَعْطَى الْمَلِكُ سُلَيْمَانُ لِمَلِكَةِ سَبَا كُلَّ مُشْتَهَاهَا الَّذِي طَلَبَتْ، عَدَا مَا أَعْطَاهَا إِيَّاهُ حَسَبَ كَرَمِ الْمَلِكِ سُلَيْمَانَ."
(1ملوك10: 13)
ولكن
" وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا! "
(متى12: 42)·
فماذا يكون إذًا جود الرب المُذخَّر لخائفيه؟
لا بد أن يكون عظيمًا جدًا·
( 3 )
عين الرب:
"هُوَذَا عَيْنُ الرَّبِّ عَلَى خَائِفِيهِ الرَّاجِينَ رَحْمَتَهُ،"
(مزمور33: 18)·
إنها عين الرب إلى الحارسة
"أَحَاطَ بِهِ وَلاَحَظَهُ وَصَانَهُ كَحَدَقَةِ عَيْنِهِ."
(تثنية32: 10)،
وأيضًا عين الرب الناصحة
" أُعَلِّمُكَ وَأُرْشِدُكَ الطَّرِيقَ الَّتِي تَسْلُكُهَا. أَنْصَحُكَ. عَيْنِي عَلَيْكَ."
(أو أنصحك بعيني التي هي عليك)
(مزمور32: 8)·
( 4 )
ملاك الرب:
" مَلاَكُ الرَّبِّ حَالٌّ حَوْلَ خَائِفِيهِ، وَيُنَجِّيهِمْ. "
(مزمور34: 7)·
ويا للحماية الإلهية التي يضمنها لنا ملاك الرب! لقد
"فَأَرْسَلَ الرَّبُّ مَلاَكًا فَأَبَادَ كُلَّ جَبَّارِ بَأْسٍ وَرَئِيسٍ وَقَائِدٍ فِي مَحَلَّةِ مَلِكِ أَشُّورَ." و
"خرب من جيش أشور 185000 فلما بكّروا صباحًا إذ هم جميعًا جثثٌ ميتةٌ"
(2أخبار32: 21؛ إشعياء37: 36)،
وخلّص ملاك الرب حزقيا التقي من سنحاريب ملك أشور الذي كان يهدده·
( 5 )
نصرة الرب:
"أَعْطَيْتَ خَائِفِيكَ رَايَةً تُرْفَعُ لأَجْلِ الْحَقِّ."
(مزمور60: 4)·
لقد كان يوسف يخاف الله
(تكوين42: 18)
فأعطاه الرب نُصرة على التجربة فاستطاع أن يرفع راية الحق ويقول:
"فَكَيْفَ أَصْنَعُ هذَا الشَّرَّ الْعَظِيمَ وَأُخْطِئُ إِلَى اللهِ؟ "
(تكوين39: 9)·
( 6 )
ميراث الرب:
"لأَنَّكَ أَنْتَ يَا اَللهُ ··· أَعْطَيْتَ مِيرَاثَ خَائِفِي اسْمِكَ."
(مزمور61: 5)·
أما عنا، مؤمني زمان النعمة، فإننا
أولاد الله·
"فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ.
(رومية 8: 16 ،17)·
إننا كمؤمنين، صرنا ورثة شرعيين لله، والمؤمن الذي يخاف الرب يتمتع عمليًا بهذا الميراث·
( 7 )
خلاص الرب:
"لأَنَّ خَلاَصَهُ قَرِيبٌ مِنْ خَائِفِيهِ،"
(مزمور85: 9)·
والمقصود هنا الخلاص من التجارب والضيقات
"لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِهِ!"
(رومية5: 10)·
( 8 )
رحمة الرب:
"لأَنَّهُ مِثْلُ ارْتِفَاعِ السَّمَاوَاتِ فَوْقَ الأَرْضِ قَوِيَتْ رَحْمَتُهُ عَلَى خَائِفِيهِ."
(مزمور103: 11)·
إن السماوات تبعد عن الأرض ملايين السنين الضوئية، وهكذا رحمة الرب كثيرة جدًا لخائفيه·
( 9 )
رأفة الرب:
" كَمَا يَتَرَأَفُ الأَبُ عَلَى الْبَنِينَ يَتَرَأَفُ الرَّبُّ عَلَى خَائِفِيهِ.
(مزمور 103: 13)
والرأفة هي معاملات الرب الرقيقة المنعشة التي يُظهر بها للمؤمن محبته التي لا تتغير وحكمته التي لا تُخطئ·
( 10 )
طعام الرب:
"أَعْطَى خَائِفِيه طَعَامًا."
(مزمور 111: 5)·
ولقد قال الرب يسوع:
"أَنَا هُوَ خُبْزُ الْحَيَاةِ. مَنْ يُقْبِلْ إِلَيَّ فَلاَ يَجُوعُ، وَمَنْ يُؤْمِنْ بِي فَلاَ يَعْطَشُ أَبَدًا."
(يوحنا6: 35)·
وكل من يؤمن بالرب ويخافه، يُمتّعه الرب بشخصه باعتباره طعام الحياة الأبدية، ويُشبع قلبه فيستطيع المؤمن أن يرفض خرنوب العالم، لأن
"اَلنَّفْسُ الشَّبْعَانَةُ تَدُوسُ الْعَسَلَ، وَلِلنَّفْسِ الْجَائِعَةِ كُلُّ مُرّ حُلْوٌ."
(أمثال27: 7)·
عزيزي المؤمن:
إذا كانت كل هذه البركات هي من نصيب كل من يخاف الرب، فيا ليت هتاف قلوبنا يكون:
"مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَا مَلِكَ الشُّعُوبِ؟ لأَنَّهُ بِكَ يَلِيقُ. لأَنَّهُ فِي جَمِيعِ حُكَمَاءِ الشُّعُوبِ وَفِي كُلِّ مَمَالِكِهِمْ لَيْسَ مِثْلَكَ."
(إرميا10: 7)·
ومن الآن نرتل الترنيمة:
"مَنْ لاَ يَخَافُكَ يَا رَبُّ وَيُمَجِّدُ اسْمَكَ؟ لأَنَّكَ وَحْدَكَ قُدُّوسٌ، لأَنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ سَيَأْتُونَ وَيَسْجُدُونَ أَمَامَكَ، لأَنَّ أَحْكَامَكَ قَدْ أُظْهِرَتْ"
(رؤيا15: 4)·
أشكرك أحبك كثيراً
الرب يسوع المسيح يحبكم
جميعاً فتعال...هو ينتظرك
* * * *
والمجد لربنا القدوس يسوع المسيح
دائماً .. وأبداً .. آمين