في أن جسد المسيح والكتاب المقدَّس هما ضروريان جدًا للنفس المؤمنة
صوت التلميذ:-
1 – أيها الرب يسوع الجزيل العذوبة، ما أعذب ما تتذوق النفس العابدة، المتنعمة معك في وليمتك، حيث لا يقدم لها طعامٌ آخر تقتات به، سواك أنت حبيبها الوحيد، الذي تشتهيه فوق رغبات قلبها جميعًا!
ما أعذب ما يكون لدي، لو أمكنني أن أُذرف في حضرتك دموع الحب العميق، فأبل، مع المجدلية الورعة، قدميك بعبراتي!
ولكن أين هي تلك العبادة؟ أين السخاء في تذريف الدموع المقدسة؟
أجل، لقد كان من الواجب أن يضطرم قلبي كله، ويبكي من الفرح فيحضرتك وحضرة ملائكتك القديسين.
فإني أجدك حاضرًا حقًا في سر القربان الأقدس، وإن محجوبًا بشكلٍ غريب.
2 – إن عيني لا تقويان على النظر إليك في ضياء جوهرك الإلهي، بل العالم كله لا يستطيع الثبات في مجد عظمتك السني.
فأنت إذن، مراعاةً لضعفي، تحجب نفسك في هذا السر.
إن من تجسد له الملائكة في السماء، أملكه أنا حقًا وأسجد له؛ لكنني لا أزال بعد أراه بعد بالإيمان فقط، أما هم فوجهًا لوجه ومن غير حجاب.
فعليَّ أن أكتفي بنور الإيمان الحقيقي، وأسلك فيه إلى أن "ينسم نهار الضياء الأبدي، وتنهزم ظلال الرموز" (نشيد الأناشيد 2: 17).
" فمتى جاء الكامل" (1كورنثيين 13: 10)، بطل استعمال الأسرار، لأن الطوباويين في المجد السماوي، لا حاجة بهم إلى علاج الأسرار.
فهم يفرحون فرحًا لا نهاية له في حضرة الله، ويشاهدون مجده وجهًا إلى وجه، وإذ يتحولون من مجدٍ إلى مجدٍ في لجة اللاهوت، يتذوقون كلمة الله الصائر جسدًا، كما كان منذ البدء، وكما سيبقى إلى الأبد.
3 – فعندما أتذكر هذه الغرائب، تنقلب لي جميع التعزيات -حتى الروحية منها- سأمًا ثقيلًا، إذ ما دمت لا أرى ربي معتلنًا في مجده، فكل ما أراه أو أسمعه في العالم، هو كلا شيءٍ عندي.
أللهم، أنت لي شاهدٌ أن ما من شيءٍ يستطيع أن يعزيني، ولا خليقةٍ أن توليني الراحة، سواك أنت يا إلهي، الذي أتوق إلى مشاهدته مدى الأبد.
ولكن ذلك غير مستطاعٍ لي، ما دمت في هذا الجسد المائت. فما لي إذن سوى أن أُوطن النفس على صبرٍ عظيم، وأن أخضع لك في كل رغبة.
فإن قديسيك، يا رب، الذين يتهللون الآن معك في ملكوت السماوات، قد ترقبوا هم أيضًا، مدة حياتهم، بالإيمان والصبر الجميل، إقبال مجدك.
فما آمن به أُولئك، فأنا أيضًا أُومن به، وما ترجاه أُولئك، فأنا أيضًا أترجاه، وما بلغ إليه أُولئك، فأنا أيضًا أثق بالبلوغ إليه بواسطة نعمتك.
وبانتظار تلك الساعة، "سأسلك في الإيمان" (2كورنثيين 5: 7)، تقويني أمثلة القديسين.
"وسأتخذ الأسفار المقدسة، تعزيةً لي" (1مكابيين 12: 9) ومرآة حياة، وفوق ذلك كله، سأتخذ جسدك الأقدس دواءً وملجأً فريدين.
4 – فأنا أشعر بأني محتاج جدًا، في هذه الحياة، إلى شيئين، بدونهما تصبح حياتي هذه الشقية حملًا لا يطاق.
ما دمت معتقلًا في سجن هذا الجسد، فأنا أُقر باحتياجي إلى هذين الشيئين، أعني الغذاء والنور.
ولذلك قد أعطيتني، أنا الضعيف، جسدك الأقدس قوتًا للنفس والجسد، وجعلت "كلمتك مصباحًا لقدمي" (مزمور 118: 105).
لا أستطيع أن أحيا حياةً صالحةً بدون هذين الشيئين: لأن كلمة الله هي نور نفسي، وسرك خبز الحياة.
ويمكن أيضًا تسميتهما مائدتين قد أُقيمتا على جانبي خزانة الكنيسة المقدسة.
فالواحدة هي مائدة المذبح الأقدس، عليها الخبز المقدس، أي جسد المسيح الكريم.
والأُخرى، هي مائدة الشريعة الإلهية، تحوي التعليم المقدس، وتعليم الإيمان القويم، وتقود بأمانٍ إلى داخل الحجاب، حيث قدس الأقداس.
فيا أيها الرب يسوع، يا ضياء النور الأزلي، شكرًا لك على مائدة التعليم المقدس، التي هيأتها لنا بواسطة عبيدك الأنبياء والرسل، وسواهم من المعلمين.
5 – شكرًا لك يا خالق البشر وفاديهم، يا من، لكي يعلن محبته للعالم كله، قد أعد عشاءً عظيمًا، لم يقدم فيه الحمل الرمزي مأكلًا، بل جسده ودمه الأقدسين، مفرحًا، بهذه الوليمة المقدسة، جميع المؤمنين، ومسكرًا إياهم بكأس الخلاص، التي فيها جميع لذات الفردوس، وفيها يشاركنا الملائكة القديسون، ولكن بسعادةٍ وغبطةٍ أعظم.
6 – يا ما أعظم وأشرف وظيفة الكهنة! فقد وهب لهم أن يقدسوا رب الجلال بالكلمات المقدسة، وأن يباركوه بشفاههم، ويمسكوه بأيديهم، ويتناولوه بأفواههم، ويوزعوه على الآخرين!
آه! كم يجب أن تكون نقيةً تلك الأبدي، وطاهرًا ذلك الفم، ومقدسًا ذلك الجسد، ومنزهًا عن كل وصمة، قلب الكاهن الذي ينزل به مرارًا كثيرةً مبدع الطهارة!
إن الكاهن الذي يتناول سر المسيح بهذا التواتر، يجب أن لا يخرج من فمه إلا ما كان مقدسًا وصالحًا ونافعًا من الكلام.
7 – ويجب أن تكون عيناه بسيطتين محتشمتين، فقد ألفتا النظر إلى جسد المسيح، ويداه طاهرتين مرتفعتين نحو السماء، فقد ألفتا أن تلمسا خالق السماء والأرض.
فإنه للكهنة خصوصًا قد قيل في الناموس: "كونوا قديسين، لأني أنا الرب إلهكم قدوس" (أخبار 19: 2).
8 – لتعضدنا نعمتك أيها الإله القدير، نحن الذين قبلوا رتبة الكهنوت، لكي نستطيع أن نخدمك بأهليةٍ وعبادة، بكل نقاوةٍ وضميرٍ صالح.
وإن كنا لا نستطيع أن نسلك بنقاوة السيرة الواجبة علينا، فهب لنا، على الأقل، أن نبكي بكاءً صادقًا على الشرور التي صنعناها، وأن نخدمك منذ الآن فصاعدًا، بغيرةٍ أعظم، بروح التواضع وعزم الإرادة الصالحة.