رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب بستان الرهبان أباء الرهبنة انطونيوس كوكب البرية وأب الرهبان نشأته: من أهل الصعيد من جبس الأقباط ، ومسيرته عجيبة طويلة إذا استوفيناها شرحاً.. وانما نذكر السير من فضائله: انه لما توفى والده دخل إليه وتأمل وبعد تفكير عميق قال : تبارك اسم الله: اليست هذه الجثة كاملة ولم يتغير منها شئ البتة سوى توقف هذا النقس الضغيف فأين هى همتك وعزيمتك وامرك وسطوتك العظيمة وجمعك للمال. اى ارى الجميع قد بطل وتركته.. فيالهذه الحسرة العظيمة والخسارة الجسيمة. ثم نظر إلى والده الميت وقال: ان كنت قد خرجت انت بغير اختيار فلا اعجبن من ذلك ، بل أعجب انا من نفسى ان عملت كعملك. اعتزاله العالم: ثم انه بهذه الفكرة الواحدة الصغيرة ترك والده بغير دفن ، كما ترك كل ما خلفه له من مال واملاك وحشم ، وخرج هائماً على وجهه قائلاً : ها أنا أخرج من الدنيا طائعاً كيلا يخرجونى مثل أبى كارها. توغله فى الصحراء: لم يزل سائراً حتى وصل إلى شاطئ النهر حيث وجد هناك جميزة كبيرة فسكن هناك ، ولازم النسك العظيم والصوم الطويل ، وكان بالقرب من هذا الموضع قوم من العرب ، فاتفق يوم من الايام ان امرأة من العرب نزلت مع جواريها إلى النهر لتغسل رجليها ورفعت ثيابها وجواريها كذلك، فلما بأى القديس انطونيوس ذلك حول نظره عنهن وقتا ما ظنا منه انهن يمضين. لكنهن بدأن فى الاستحمام فى النهر! فما كان من القديس إلا ان قال لها : يا امرأة : اما تستحين منى وانا رجل راهب! اما هى فأجابت قائلة له : اصمت با انسان. من اين لك ان تدعو نفسك راهباً؟ لو كنت راهباً لكنت البرية الداخلية لان هذا المكان لا يسلح لسكنى الرهبان. فلما سمع انطونيوس هذا الكلام لم يرد عليها جواباً. وكثر تعجبه لأنه لم يكن فى ذلك الوقت قد شهد راهباً ولا عرف الاسم. فقال فى نفسه ليس هذا الكلام من هذا المرأة لكنه صوت ملاك الرب يوبخنى وللوقت ترك الموضع وهرب إلى البرية الداخلية واقام بها متوحداً لأنه ما كان فى هذا الموضع احد غيره فى ذلك الوقت وكان سكناه فى قرية قديمة كائنة فى جبل العربة ، صلاته تكون معنا آمين. ملاك يسلمه الزى: وكان يوماً جالساً فى قلايته ، فاتت عليه بغتة روح صغر نفس وملل وحيرة عظيمة ، وضاق صدره فبدأ يشكو إلى الله ويقول : يارب انى احب ان اخلص ، لكن الأفكار لا تتركنى فماذا اصنع؟ وقام من موضعه وانتقل إلى مكان اخر وجلس. واذا برجل جالس امامه ن عليه رداء طويل متوشح بزنار صليب مثال الاسكيم ، وعلى رأسه ( كوكلس ) قلنسوه شبه الخوذة وكان جالساً يضفر الخوص، واذ بذلك الرجل يتوقف عن عمله ويقف ليصلى ، وبعد ذلك جلس يضفر الخوص. ثم قام مرة ثانية ليصلى ثم جلس ليشتغل فى ضفر الخوص وهكذا.. اما ذلك الرجل فقد كان ملاك اللله الذى ارسل لعزاء القديس وتقويته اذ قال لانطونيوس " اعمل هكذا وانت تستريح ". من ذلك الوقت اتخذ انطونيوس لنفسه ذلك الزى الذى هو شكل الرهبنة وصار يصلى ثم يشتغل فى ضفر الخوص: وبذلك لم يعد الملل يضايقه بشدة. فاستراح بقوة الرب يسوع المسيح له المجد. صلاته: 1 – القديس بولا البسيط ( تلميذ الانبا انطونيوس ) اقام القديس انطونيوس بالبرية الداخلية فوق مدينة اطفيح بديار مصر مدة ثلاثة ايام. وبنى له قلاتة صغيرة وهو قريب من وادى العربة. وكان ذلك الوقت رجل علمانى ، شيخ كبير ، يقال له بولا اعنى بوس كان ساكنا فى مدينة اطفيح واتفق ان ماتت زوجته وتزوج امرأة صبية وكان له خيرات واموال كثيرة كان قد ورثها. فدخل يوماً من الايام إلى بيته ، فوجد احد خدامه على السرير مع زوجته فقال لزوجته مبارك لك فيه ايتها المرأة ، مبارك له فيك ، اذ اخترتيه دونى. ثم اخذ بردته عليه ، ومضى هائما على وجهه فى البرية الداخلية ، وبقى محتاراً تائهاً زماناً طويلاً إلى ان اتفق انه وقف على قلاية القديس انطونيوس ، فقرع باب القلابة. فلما رآه القديس عجب منه غاية العجب ، لأنه لم يكن بعد قد رأى انساناً بهذه الصفة ، فسلم على القديس وسجد له على الارض بين يديه فأقامه القديس وعزاه وفرح به غاية الفرح ثم جلس عند القديس اربعين يوماً ملازماً الزهد الكامل والوحدة الصعبة. فلما كمل له اربعون يوماً ، قال له القديس : يا بولس اذهب إلى حافة الجبل وتوحد ، وذق طعم الوحدة. فمضى بولس كما امره عمل له مثل مربك شاة وفى غضون ذلك احضروا إلى القديس انطونيوس رجلا اعتراه روح من الجن فلما نظره القديس عجب منه ، ثم قال للذى احضره : اذهب به إلى القديس بولس يشفيه لانى عاجز عنه. وهذه هى أول تجاربه فعملوا كما امرهم القديس واحضروه بين يدى القديس بولس وقالو له معلمك الاب انطونيوس يأمرك ان تخرج هذا الشيطان من هذا الإنسان وكان القديس بولس ساذجاً فلوقته اخذ الرجل المريض وخرج إلى خارج الجبل وكان الحر شديداً وكانت الشمس مثل وهج النار فقال: يا شيطان استحلفك كما امرنى معلمى انطونيوس انك تخرج.. واذا بدا العدو الشيطان يتكلم على لسان الإنسان المريض ويضحك ويشتم ويقول : من هو انت ومن هو معلمك انطونيوس المختال الكذاب فقال له بولس: انا اقول لك ايها الشيطان انك تخرج من هذا الإنسان وان لم تخرج انا اعذب نفسى ثم طلع القديس بولا على حجر كان يتقد كأنه جمر نار واخذ حجر اخر على رأسه وقال : باسم الرب يسوع المسيح وباسم صلوات معلمى مار انطونيوس العظيم انى سأظل هكذا إلى ان اموت ولابد ان اعمل طاعة معلمى ، وتخرج ايها الشيطان كما امر معلمى وبقى هكذا واقفاً والعرق ينصب منه كالمطر ونبع ( نزف ) الدم من فمه وانفه والناس حوله مندهشون فلما رأى الشيطان ذلك صرخ باعلى صوته فقال : العفو العفو! والهروب الهروب من شيخ يقسم على الله بزكاوة قلبه حقاً لقد احرقتنى بساطتك ثم خرج من ذلك الإنسان وصرخ الشيطان ايضاً قائلاً : يا بولا لا تحسب انى خرجت من اجل دمك وخروجه (اى نزف دمه ) لكن احرقتنى صلاة انطونيوس وهو غائب ولما سمع الحاضرون تعجبوا بركة صلواتهم تحفظنا آمين. 2 – قصة شفاء ابن الملاك الافرنج اخبروا عن القديس انطونيوس ان ملك الافرنج كان له ولد ، وكان وارثاً للملك بعده ، فلقحه جنون وصرع ، فجمع كل علماء بلاده فلم يقدر احد ان يعينه ويشفيه. ثم اتصل به خبر القديس انطونيوس الصعيدى ، فأرسل إليه رسله بهدايا جليلة ولما وصلوا إليه لم يشأن ان يقبل شيئاً من الهداية اة يفرح بالسمعة ، وكان يكلمهم بترجمان. وقال لتلميذه : بماذا تشير على يا ابنى؟ هل اذهب ام ابقى؟ قال له: يا أبى ان جلست انت انطونيوس وان ذهبت فانت انطونه ، وكان التلميذ يحبه ولا يشتهى ان يفارقه ، فقال له القديس وانا اريد ان اكون انطوانه. وفى تلك الليلة عمل صلاة فى الدير وسار إلى بلاد الافرنج وحملته سحابة بقوة الرب يسوع المسيح ودخل إلى مدينة الملك وجلس على باب دار الوزر كمثل راهب غريب ولما عبر وزير الملك وكان الليل قد حل امره الوزير بالدخول إلى منزله ، وبينما هم على المائدة واذا بخنزيرة فى بيت الوزير كان لها صغار عمياء واحدها اعرج احضرتها والقنها بين يدى القديس الذى خاطب الوزير قائلاً: لئلا تظن ان الملك فقط يريد شفاء ابنه! ثم صلب على اورد الخنزيرة ، وبصق على أعين العمياء منها وابراها. فدهش القوم جداً وصاروا كأنهم أموات ، ووصل الخبر الى الملك فأحضره للوقت وأبرأ ابنه وقال: أيها الملك بلغنى انك ارسلت الى انطونه المصرى وانفقت مالك واتبعت رسلك ولاجل هذا انفذنى الله اليك. ثم ودعه وانصرف الى ديره. وفى اليوم الثانى تقابل معه رسل الملك وطلبوا منه الذهاب معهم لشفاء ابن الملك. فقال لهم اسبقونى وانا احضر خلفكم. فرجعوا واثقين بكلامه ، وقاسوا فى عودتهم شدائد كثيرة من تعب البحر وهول السفر وعند وصولهم سمعوا بشفاء ابن الملك وان قديسا اخر قد ابراه وهكذا قصد القديس انطونيوس ان ينفى عن نفسه الفخر والعظمة ولكن السيد المسيح لم يشأ ان يخفى فضائله وتحققت اخباره فى بلاد الافرنج فتعجب الرسل جداً كيف حضر القديس من بلاده الى بلادهم فى ليلة واحدة وتكلم بلسانهم وفى اليوم التالى كان عندهم فمجدوا الله كثيراً. من سيرة حياته للرهبانية وقوانين نسكه ( أ ) شركته مع السمائيين: جاءه بعض الاخوة يسألونه فى سفر اللاوبين فاتجه الشيخ على الفور الى الصحراء أما انبا امون كان يعرف عادته فتبعه سراً وعندما وصل الشيخ الى مسافة بعيدة رفع صوته قائلاً : " اللهم راسل الى موصى يفسر لى معنى هذه الاية " وفى الحال سمع صوت يتحدث اليه قال انبا امون انه سمع الصوت لكنه لم يفهم قوة الكلام. ( ب ) الكشف الروحى : لما حضر انبا ابلاريون من سورية الى جبل انبا انطونيوس قال له انبا انطونيوس " هل حضرت ايها المنجم المنير المشرق فى اصلباح؟ " أجابه أنبا ايلاريون: "سلام لك يا عامود النور حامى الخليقة " كانت طلعته مضيئة بنور الروح القدس تنم عن نعمة عظيمة وعجيبة كان متميزاً فى رصان اخلاقه وطهارة نفسه وكان يستطيع ان يرى ما يحدث على مسافة بعيدة. فقد حدث مرة بينما كان القديس جالساً على الجبل انهتطلع لاى فوق فرأى فى الهواء روح المبارك امون راهب نيتريا محمولة الى السماء بايدى ملائكة وكان هناك فرح عظيم. وكانت المسافة من نيتريا الى الجبل الذى كان فيه انطونيوس نحو سفر ثلاثة عشر يوماً ولما رأى رفقاء انطونيوس انه منذهل سألوه ليعرفوا السبب باعملهم ان امون مات فسجلوا يوم الوفاة ولما وصل الاخوة من نيتريا بعد ثلاثين يوما سألوهم فعلموا ان امون قد رقد فى اليوم والساعة التى رأى فيها الشيخ روحه محمولة الى فوق فتعجب هؤلاء وغيرهم من طهارة نفس انطونيوس وكيف انه علم فى الحالة ما حدث على مسافة سفر ثلاثة عشر يوماً وانه رأى الروح صاعدة. ( جـ ) افرازه : قيل ان شيوخاً كانوا قاصدين الذهاب الى انبا انطونيوس فضلوا الطريق واذ انقطع رجاؤهم جلسوا فى الطريق من شدة التعب واذا بشاب يخرج اليهم من صدر البرية واتفق وقتئذ انه كانت هناك حمير وحش ترعى فاشار اليها الشاب بيده فاقبلت نحوه فأمرها قائلاً " احملوا هؤلاء الى حيث يقيم انطونيوس " فاطاعت حمير الوحش امره فلما وصلوا اخبروا انطونيوس بكل ما كان اما هو فقال لهم " هذا الراهب يشبه مركباً مملوءة من خير ، لكنى لست اعلم ، ان كان يصل الى الميناء اما لا؟ " وبعد زمان بينما كان القديس انطونيوس جالساً فى الصحراء مع الاخوة وقع فجأة فى دهشة " فرأوه يبكى وينتحب يركع ويصلى وينتف شعره فقال له تلاميذه " ماذ حدث ايها الاب " فقال لهم الشيخ : " عامود عظيم للكنيسة قد سقط فى هذه الساعة اعنى ذلك الشاب الذى اطاعته حمير الوحش قد سقط من قانون حايته " وارسل الشيخ اثنين من تلاميذه اليه فلما رأى تلاميذ انطونيوس بكى وناح واهال تراباً على رأسه وسقط امامهم قائلا " اذهبوا قولوا لانبا انطونيوس ان يطلب الى الله كى يمهلنى عشرة ايام لعلى اتوب " لكنه قبل ان يتم خمسة ايام توفى ولم يمكث طويلاً ليقدم توبة عن خطيئته. قال انبا انطونيوس : " انى ابصرت مصابيح من نار محيطة بالرهبان وجماعة من الملائكة بايديهم سيوف ملتهبة يحرسونهم وسمعت صوت الله القدوس يقول : " لا تتركوهم ما داموا مستقيمى الطريقة " فلما أبصرت هذا تنهدت وقلت : " ويلك يا انطونيوس ، ان كان هذا العون محيطاً بالرهبان والشياطين تقوى عليهم" فجاءنى صوت الرب قائلاً : " ان الشياطين لا تقوى على احد ، لانى من حيت تجسدت سحقت قوتهم عن البشريين ولكن كل انسان يميل الى الشهوات ويتهاون بخلاصه فشهوته هى التى تصرعه وتجعله يقع". فصحت قائلا: " طوبى لجنس الناس وبخاصة الرهبان لان لنا سيداً هكذا رحيماً ومحبا للبشر". ودفعة جاء شيخ كبير فى زيارة للانبا انطونيوس فى البرية ، وهو راكب حمار وحش ، لما رآه الشيخ قال: " هذا سفر عظيم ، ولكنى لست اعلم ان كان يصل الى النهاية ام لا". ( د ) لا يوجد نظير له: اعلن الرب لانبا انطونيوس انه فى المدينة الفلانية يوجد رجل يماثله وهو طيب يعمل ويوزع كل ما يحصل عليه على الفقراء والمحتاجين ، ويقدم للرب تماجيد مع الملائكة ثلاث مرات يومياً. ( هـ ) يوجد من يفوقه أيضاً : بينما كان القديس يصلى فى قلايته سمع صوتاً يقول: " يا انطونيوس انك لم تبلغ بعد ما بلغه خياط مدينة الاسكندرية ": فقام القديس عاجلاً واخذ عصاه الجريد بيده ووصل الى الخياط فما نظر الخياط الى الشيخ ارتعد سأله القديس: " ما هو عملك وتدبيرك؟" اجابه الخياط : : اننى لا اظن اننى اعمل شيئاً من اصللاح غير انى انهض مبكراً وقبل ان ابجأ عملى يجى اشكر الله واباركه واجعل خطاياى امام عينى واقول: " ان كان الناس الذين فى المدينة سيذهبون الى ملكوت السموات لاعمالهم الصالحة اما انا فسأرث العقوبة الابدية لخطاياى " واكرر هذا الكلام بعينه فى المساء قبل ان انام. لما سمع من القديس هذا الكلام قال: حقا كالرجل الذى يشتغل فى الذهب ويصنع اشياء جميلة ونقية فى هدوء وسلام هكذا انت ايضاً فبواسطة افكارك الطاهرة سترت ملكوت الله بينما انا الذى قضيت حياتى بعيداً عن الناس منعزلاً فى الصحراء لما ابلغ بعد ما بلغته انت. ( و ) ترديد اسم يسوع: قال : ان جلست فى خزانتك قم بعمل يديدك ولا تخل اسم الرب يسوع بل امسكه بعقلك ورتل به بلسانك وفى قلبك وقل : يا ربى يسوع المسيح ارحمتى يا ربى يسوع اعنى وقل له ايضاً انا اسبحك يا ربى يسوع المسيح. من هو انطونيوس؟ قال احد الاخوة : ارانا انباء صبيصوى مغارة الانبا انطونيوس حيث كان يسكن " هوذا فى مغارة اسد يعيش ذئب". |
12 - 06 - 2014, 08:47 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
القديس مقاريوس الكبير خروجه الى البرية هربوه من القسيسة: جاء عن القديس مقاريوس الكبير انه قال: انى فى حال شبابى كنت جالساً فى قلاية فى مصر فامسكونى وجعلونى قسا لضيعة ( قرية ) واذا لم اؤثر ان اتقلد هذه الرتبة هربت الى مكان اخر حيث كان يأتينى رجل علمانى تقى وكان يخدمنى ويبيع عمل يدى. تجربته الاولى : فى يوم من الايام حدث ان بتولا فى ذلك المكان سقطت فى زنى وحملت فلما اشهرت سئلت عمن فعل معها هذا الفعل فقالت : المتوحد 00!! وسرعان ما خرجوا على واخذونى باستهزاء مريع الى القرية وعلقوا فى عنقى قدوراً قذرة جداً وآذان جرار مسودة مكسورة. وشهروا بى فى كل شارع من شوارع القرية وهم يضربوننى قائلين: ان هذا الراهب افسد عفة ابنتنا البتول اخزوه وهكذا ضربونى ضربا مبرحاً قربت بسببه الى الموت الى ان جاءنى احد الشيوخ فقال لهم : الى متى هذه الاهانة ، اما يكفيه كل ذلك خجلاً فكانوا يشتمونه قائلين : ها هو المتوحد الذى شهدت له بالفضل ، انظر ماذا فعل واخيرا قال والدها: لن نطلقه حتى يأتينا بضامن انه يتعهد بالقيام باطعامها ويدفع نفقة لولادتها الى ان يتربى الطفل فدعوت الاخ الامين الذى كان يخدمنى وقلت له: " اصنع محبة واضمنى " فضمنى ذلك الرجل واطلقونى بعد ذلك فمضيت الى ثلايتى وقد كدت ان اموت ولما دخلت قلايتى اخذت اقول لنفسى : " كد يا مقارة قد صارت لك امرأة الان يا مقارة قد وجدت لك امرأة وبنون فينبغى لك ان تعمل ليلاً ونهاراً لقوتك وقوتهم" وهكذا كنت اعمل دائماً قففا وادفعها الى ذلك الرجل الذى كان يخدمنى فيبيعها ويدفع المرأة حتى اذا ولدت تنفق على ولدها. ولما حان وقت ولادة الشقية مكثت اياماً كثيرة وهى معذبة وما استطاعت ان تلد فقالوا لها " ما هو هذا؟ 00 ما هو ذنبك فها انت بعد قليل تموتين؟" فقالت "ان كل ما اصابنى بسبب انى قد ظلمت المتوحد واتهمته وهو برئ لانه ما فعل بى شيئاً قط لكن فلان الشاب هو الذى تحايل على وفعل بى هذا". فجاء الى خادمى مسروراً وقال لى : ان تلك البتول ما استطاعت ان تلد حتى اعترفت قائلة : " ان المتوحد لا ذنب له فى هذا الامر مطلقاً وقد كنت كاذبة فى اتهامى له" وها اهل القرية كلهم عازمون على الحضور اليك ويسألونك الصفح والغفران فلما سمعت انا هذا الكلام من خادمى اسرعت هارباً الى الاسقيط وهذا هو السبب الذى لاجله جئت الى جبل النطرون. اب الرهبان : قيل عن الانبا مقاريوس انه بنى لنفسه قلاية غربى الواحات وسكن فيها وصار يضفر الخوص ويعيش من عمل يديه ويعبد الله كنحو قوته00 لما سمع به اناس حضروا اليخ وسكنوا معه فكان لهم اباً مرشدا. وكثر الذين يحضرون اليه فان يلبسهم الزى ويرشدهم الى طريق العبادة فلما كبر عددهم بنوا لهم كنيسة عى الان موضع البراموس فلما ضاق بهم المكان ولم تعد الكنيسة تسعهم تحول الاب من ذلك المكان وبنى كنيسة اخرى. فضائله: 1 - فاعلية صلاته : انطلق الاب مقاريوس مرة من الاسقيط حاملاً زنابيل فاعيى من شدة التعب ووضع الزنابيل علىالارض وصلى قائلاً : يارب انت تعلم انه ما بقى فى قوة واذا به يجد نفسه على شاطئ النهر. 2 – وداعته وتواضعه: اتى الاب مقاريوس يوماً من الاسقيط الى نيرس فقال له الشيوخ: قل كلمة للاخوة ايها الاب فاجابهم قائلاً : انا لم اصر بعد راهبا لكنى رأيت رهبانا00 فقد كنت جالسا فى الاسقيط فى القلاية واذا افكار تأتينى قائلة : اذهب الى البرية الداخلية وتأمل فيما تراه هناك ومكثت مقاتلا لهذا الفكر خمس سنوات ظانا انه من الشيطان لكنى لما وجدت الفكر ثابتا مضيت الى البرية فصادفت هناك بحيرة ماء وفى وسطها جزيرة بها وحوش برية وقد جاءت الى الماء لتشرب وشاهدت بينها رجلين مجردين ( عاريين) فجزعت منهما لانى ظننت انهما روحان لكنهما لما رأيانى خائفا جزعا خاطبانى قائلين : لا تجزع فاننا بشريان مثلك00 فقلت لهما: من أنتما؟00 ومن أين انتما؟00 وكيف جئتما الى هذه البرية؟00 فقالا لى: " كنا كنونيون وقد اتفقنا على ترك العام فخرجنا الى ها هنا ولنا منذ مجيئنا الى هنا اربعون سنة " وقد كان احدهما مصرياً والاخر نوبيا فسألتهما: كيف اصير راهبا فقالا لى : ان لم يزهد الانسان فى كل امور العالم فلن يستطيع ان يصير راهباً فقلت لهما: انى ضعيف فما استيطع ان اكون مثلكما فقال لى: ان لم تستطع ان تكون مثلنا فاجلس فى قلايتك وابك على خطايك فسألتهما: اما تبردان ان صار الشتاء اذا صار حر اما يحترق جسداكما؟00 فأجابانى: ان الله قد دبر لنا الا نجد الشتاء بردا ولا يضرنا فى زمن الحصاد حرا واخيرا قال القديس للاخوة: " لذلك قلت لكم انى لم اصر بعد راهباً؟00 بل رأيت رهبانا00 فاغفروا لى". واورد بلاديوس تفسيرا جاء فيه: قال الاخوة : ماذا قصد الراهبان فى قولهما لانبا مقاريوس: " ان لم تقدر ان تكون راهباً مثلنا اجلس فى قلايتك وابك على خطاياك" اجاب شيخ : لانهما عرفا ان الراهب بالحقيقة هو الرجل الذى استطاع ان يكون منعزلا بجسده ، مقيماً فى حياة التأمل والسكون ، عمالا بالروح والجسد متضعا باكيا كل يوم على خطاياه قاطعا على نفسه كل ذكريات الشهوة والافكار المقلقة متأملاً فى الله وفى كيف يحيا باستقامة وذلك مثلما قال الطوباوى اوغريس: " ان الراهب المنفرد عن العالم هو من قطع من نفسه كل حركات الشهوة وثبت فى الرب بكل افكار روحه". قيل انه فى احدى المرات كانم انبا مقاريوس عابرا فى الطريق حاملا خوصا عندما قابله الشيطان واراد ان يقطعه بمنجل كان ممسكا به فى يده ولكنه لم يستطع ان يفعل هذا ، وقال له : " يا مقاريوس انك تطرحنى على الارض بقوة عظيمة وانا لا استيطع ان اغلبك ولكن انظر هو ذا كل عمل تعمله انت استطيع ايضا ان اعمله انت تصوم وانا لا اكل ابدا انت تسهر وانا لا انام مطلقاً ولكن هناك شيئا واحد به تغلبنى " حينئذ قال له مقاريوس " وما هذا؟ " فقال الشيطان: "انه تواضعك لانه من اجل هذا لا اقدر عليك" فبسط القديس مقاريوس يديه للصلاة وحينذ اختفى الشيطان. وورد ايضاً انه فى مرة ما امسك اشليطان سكينا ووقف على ابا مقاريوس مريدا ان يقطع ردله ولما لم يقدر ان يفعل ذلك من اجل تواضع الشيخ اجاب وقال له: " كل شئ تملكه ، نملكه نحن ايضاً ، ولكنك بالتواضع فقد تتفوق علينا وبه وحده تغلبنا". قيل عن ابا مقاريوس انه عندما كان يقترب اليه الاخوة فى خوف كما الى شيخ عظيم وقديس لم يكن يجيبهم بكلمة وعندما كان اخ يقول له فى استهزاء " أيها الاب ، لو كنت جملاً اما كنت تسرق النطرون وتبيعه واما كان الجمال يضربك؟" فانه كان يرد عليه وان كان احد يكلمه يغضب او بكلمات مثل هذه ، فانه كان يجيب على كل سؤال يوجه اليه. وقال بلاديوس: ان مقاريوس الطوباى كان يتصرف مع جميع الاخوة بدون اى ظن سئ وقد سأله بعض الناس : " لماذا تتصرف هكذا؟ " فأجابهم : " انظروا اننى ابتهلت الى الرب مدة اثتنى عشرة سنة من اجل هذا الامر ان يمنحنى هذه الموهبة فهل تنصحونى بأن اتخلى عنها؟لو ان انساناً اقترف اثما تحت بصر انسان معصوم من الخطية فليعف ذلك المعصوم نفسه وحده من الاشتراك فى حمل قصاص من سقط. ومن امثلة تواضعه ايضاً استرشاده بمن هو اصغر منه وذلك كما ورد فى القصة التالية: قال ابا مقاريوس : ضجرت وقتا وانا فى القلاية فخرجت الى البرية وعزمت على ان اسأل اى شخص عقابله من اجل المنفعة واذا بى اقابل صبيا يرعى بقرا فقلت له " ماذا افعل ايها الولد فانى جائع؟" فقال لى : كل فقلت اكلت ولكنى جائع ايضا فقال لى : كل دفعة ثانية فقلت له : انى قد اكلت دفعات كثيرة ولا زلت جائعا فقال الصبى: " لست اشك فى انك حمار يا راهب لانك تحب ان تأكل دائما " فانصرفت منتفعا ولم ارد له جوابا. 3 - محبته للوحدة : 00 واذ كان يتضايق لان عدداً كبيرا من الناس كانوا يأتون ليتباركوا منه لذلك دبر الخطة التالية: حفر سرداباً فى قلايته00 ووضع فيها مخبأ ذا طول مناسب يمتد من قلايته الى بعد نصف ميل وعند نهايته حفر مغارة صغيرة وعندما كانت تأتى اليه جموع كثيرة من الناس فتعكر وحدته كان يترك قلايته سرا ويمر عابرا فى السرداب دون ان يراه احد ويختبئ فى المغارة حيث لا يقدر احد ان يجده وقد اعتاد ان يفعل هذا كلما كان يرغب فى الهروب من المجد الباطل الذى يأتى من الناس ". وقد قال لنا واحد من تلاميذه الغيورين انه فى تركه القلاية الى المغارة كان يتلو 24 ربعا ( استيخن ) وفى رجوعه 24 اخرى وحينما كان يذهب من قلايته الى الكنيسة كان يصلى 24 صلاة فى عبوره الى هناك ، و2 اخرى فى رجوعه" دفعه سال الاخوة شيخا قائلين : اعتادوا ان يقولوا انه كان من عادة ابا مقاريوس ان يفر الى قلايته اذا سرحت الكنيسة والاخوة قالوا: انه به شيطانا لكنه يعمل عمل الرب فمن هم الذين قالوا انه به شيطانا؟ وما هو عمل الرب الذى اعتاد ان يعمله؟ قال الشيخ : كان المنهاونون يقولون انه به شيطانا فعنما يرى ابليس ان رهبان الدير يعيشون فى حياة روحية مباركة فان اشلياطين تحرك الاخوة المتهاونين ان يثيروا حرباً ضدهم بالاهانة والانتهار والاغتياب والافتراء والمحاكمات التى يسببونها لهم. اما عمل الرف الذى كان يعمله ابا مقاريوس بفراره الى قلايته فكانك صلاة مصحوبة ببكاء ودموع طبقا لما حث به ابا اشعيا قائلا : عندما ينصرف الجمع او عندما تقوم عن الغذاء لا تجلس لتتحدث مع اى انسان لا فى امور العالم ولا فى امور روحية بل امضى الى قلايتك وابك على خطاياك"كما قال القديس مقاريوس الكبير للاخوة الذين كانوا معه : فروا يا اخوة فقال الاخوة: ايها الرب كيف نهرب اكثر من مجيئنا الى البرية؟ فوضع يده على فمه وقال : من هذا فروا وفى الحال فر كل واحد الى قلايته وصمت. اعتاد ابا مقاريوس ان يقول للاخوة بخصوص برية الاسقيط " عندما ترون قلالى قد اتجهت نحو الغابة اعرفوا ان النهاية قريبة وعندما ترون الاشجار قد غرست الى جوار الابواب اعلموا ان النهاية على الابواب وعندما ترون شباناً يسكنون فى الاسقيط احملوا امتعتكم وارحلوا". 4 – تقشفه وزهده: قيل عن الاب مقاريوس: انه كان قد جعل لنفسه قانونا وهو انه اذا قدم له الاخوة نبيذا كان لا يمتنع عن شربه لكنه عوض كل قدح نبيذ يشربه كان يصوم عن شرب الماء يوما فاما الاخوة فلكى ينيحوه كانوا يعطونه وهو لم يمتنع بدوره امعانا فى تعذيب ذاته اما تلميذه فملعرفته بأمر معلمه طلب من الاخوة من اجل الرب الا يعطوا الشيخ نبيذاً لانه يعذب ذاته بالعطش فلما علموا بالامر امتنعوا عن اعطائه نبيذا منذ ذلك الوقت. قال بعض الاباء لابا مقاريوس المصرى: " ان جسدك قد جف سواء اكلت او صمت " فقال لهم الشيخ " ان قطعة الخشب التى احترقت واكلتها النيران تفنى تماما وهكذا ايضاً قلب الانسان يتطهر بخوف الله وبذلك تفنى الشهوات من الجسد وتجف عظامه ". وقيل ايضاً ان انسانا اتاه بعنقود مبكر فلما رأه سبح الله وامر ان يرسلوه الى اخ كان عليلا فلما رآه الاخ فرح ، وهم ان يأخذ منه حبة واحدة ليأكلها لكنه اقمع شهوته ولم يأخذ شيئا وقال : " خذوه لفلان الاخ لانه مريض اكثر منى " فلما اخذوا العنقود اليه راه فرح ولكنه اقمع شهوته ولم يأخذ منه شيئا وهكذا طافوا به على جماعة الاخوة لكان كل من اخذوه اليه يعتقد ان غيره لم يره بعد وهكذا لم يأخذوا منه شيئا وبعد ان انتهوا من مطافهم على اخوة كثيرون انفذوه الى الاب فلما وجد انه لم تضع منه حبة واحدة سبح الله من اجل قناعة الاخوة وزهدهم. وكان القديس يقول : " كما ان بستانا واحداً يستقى من ينبوع واحد تنمو فيه اثما مختلف مذاقها والوانها ، كذلك الرهبان فانه يشربون من عين واحدة وروح واحد ساكن فيهم لكن ثمرهم مختلف فكل واحد منهم يأتى بثمره على قدر الفيض المعطى له من الله". قيل ان انسانا دوقس ( اميرا ) حضر من القطسنطينية ومعه صدقة للزيارة فزار قلاقى الاخوة طالبا من يقبل منه شيئا فلم يجد احدا يأخذ منه لا كثير ولا قليل وكان اذا قابل احدهم اجابه بان لجيه ما يكفيه واه مصل من اجله كمثل من اخذ منه تماما فصار ذلك الدوقس متعجبا ثم انه احضر ذلك الال الى القديس مقاريوس وسجدبين يديه قائلا: " لاجل محبة المسيح اقبل منى هذا القليل من المال برسم الاباء" فقال له القديس: " نحن من نعمة الله مكتفون وليس لنا احتياج الى هذا لان كلا من الاخوة يعمل باكثر من حاجته" فحزن ذلك المحتشم جدا وقال: " يا ابتاه من جهة الله لا تخيب تعبنى واقبل منى هذا القليل الذى احضرته". فقال له الشيخ: " امض يا ولدى واعطه للاخوة". فقال له: " لقد طفت عليهم جميعا فلم يأخذوا منى شيئاً كما ان بعضهم لم ينظر اليه البتة "؟ فلما سمع الشيخ فرح وقال له: " ارجع يا بنى بمالك الى العالم واهله لاننا نحن اناس اموات". فلم يقبل المحتشم ذلك فقال له القديس : " اصبر قليلا " ثم اخذ المال وافرغه على باب الدير وامر بأن يضرب الناقوس فحضر سائر الاخوة وكان عددهم 2400 ثم وقف الاب وقال : " يا اخوة من اجل محبة السيد المسيح ان كان احدكم محتاجا الى شئ فليأخذه بمحبة من هذا المال" فعبر جميعهم ولم يأخذ احدا منهم شيئا. فلما رأى الدوقس منه ذلك صار باهتا متعجبا متفكرا ثم القى بنفسه بين يدى الاب وقال: " من اجل اله رهبنى " فقال له القديس " انك انسان كبير ذو نعمة وجاه ومركز وشقاء الرهبنة كثير وتعبها مرير فجرب ذاتك ثم خبرنى ". فقال : " وبماذا تأمرنى ان افعل من جهة هذا المال؟" فقال له " عمر به موضعا بالاديرة". ففعل وبعد قليل ترهب. وقيل انه بينما كان انبا مقاريوس سائراً فى البرية وجد بقة جميلة مثل فردوس الله وبها ينابيع ماء ونخيل كثير واشجار من انواع مختلفة ذات ثمار. ولما اخبر الاخوة بذلك الحو عليه ان يقودهم للاقامة فى ذلك المكان فرد مع الشيوخ عليهم قائلاً: ان وجدتم اللذة والراحة فى ذلك المكان واذا عشتم هناك بلا متاعب ومضايقات فكيف تتوقعون الراحة واللذة من الله ، أما نحن فليبق بنا ان نحتمل الالام لكى نتمتع بالسرور فى الحياة الابدية. لما قال هذا سكت الاخوة ولم يرحلوا. 5 – اجهاده لنفسه : حدث مرة ان مضى ابا مقاريوس الى القديس انطونيوس فى الجبل وقرع بابه فقال ابا انطونيوس : " من الطارق؟" فقال : " انا مقاريوس ايها الاب " فتركى ابا انطونيوس ودخل ولم يفتح له الباب لكنه لما رأى صبره فتح له اخيراً وخرج معه وقال له : " منذ زمان وانا مشتاق ان اراك " واراحه لانه كان مجهدا من اثر تعب شديد ولما حان المساء بل انطونيوس قليلا من الخوص لنفسه فقال له مقاريوس : اتسمح ان ابل لنفسى انا ايضاً قليلاً من الخوص؟ فقال له بل فاصلح حزمة كبيرة وبلها وجلسا يتكلمان عن خلاص النقس وكانت الضفيرة تنحد من الطاقة فرأى ابا انطونيوس باكرا ان مقاريوس قد ضفر كثير جداً فقال : ان قوة كبيرة تخرج من هاتين اليدين ". 6 – حكمته : قيل ان ابا مقاريوس المصرى ذهب فى احدى المرات من الاسقيط الى جبل نتريا ولما اقترب من مكان معين قال لتلميذه " تقدمنى قليلا " ولما فعل التلميذ هذا قابله كاهن وثنى كان يجرى حاملا بعض الخشب وكان الوقت حوالى الظهر فصرخ نحوه الاخ قائلا " يا خادم الشيطان الى اين انت تجرى؟ " فاستدار الكاهن وانهال عليه بضربات شديدة وتركه ولم يبق فيه سوى قليل نفس ثم حمل ما معه من خشب وسار فى طريقه. ولما ابتعد قليلا قابله الطوباى مقاريوس فى الطريق وقال له: " فلتصحبك المعونة يا رجل النشاط " فاندهش الكاهن واقبل نحوه وقال " اى شئ جميل رأيته فى حتى حييتنى هكذا؟" فقال الشيخ: " انى ارى انك تكد وتتعب وان كنت لا تدرى لماذا " فأجاب الكاهن " وانا اذ تأثرت بتحيتك عرفت انك تنتمى الى الاله العظيم ولكن هناك راهبا شريراً صادفنى قبلك ولعننى ، فضربته ضرب الموت ". فعرف الشيخ انه تلميذه انا الكاهن فامسك بقدمى مقاريوس الطوباى وقال له " لن ادعك تمضى حتى تجعلنى راهباً " ،واذ سار معاً وصلا الى المكان الذى كان فيه الاخ مطروحاص وحملاه واتيا به الى كنيسة الجبل ولكن الاخوة عندما رأوا الكاهن الوثنى مع المغبوط مقاريوس تعجبوا كيف تحول عن الشر الذى كان فيه واخذ ابا مقاريوس وجعله راهبا وعن طريق صار كثير من الوثنيين مسيحيين. وكان مقاريوس الطوباى يقول : " ان الكلمات الشريرة والمتكبرة تحول الناس الاخيار الى اشرار ولكن الكلام الطيب المتواضع يحول الاشرار اخيا". كان ابا مقاريوس يسكن وحده فى البرية وكان تحته برية اخرى حيث سكن كثيرون وفى احد الايام كان الشيخ يرقب الطريق فرأى الشيطان سائرا فيه على هيئة رجل مسافر وقد اقبل اليه وكان مرتديا جلبابا كله ثقوب وكانت انواع مختلفة من الفاكهة معلقة فيها فقال له اشليخ مقاريوس " الى اين انت ذاهب؟ " فأجاب " انا ماض لازور الاخوة لاذكرهم بعملهم ". فقال له الشيخ " لاى غرض هذه الفاكهة المعلقة عليك؟ " فأجاب: " انى احملها للاخوة كطعام " فصأله الشيخ: " كل هذه؟ " فأجاب الشيطان " نعم حتى ان لم ترق لاحد الاخوة اعطيته غيرها وان لم تعطبه اهطيه تلك ولابد وان واحدة او اخرى من هذه ستروقه بالتأكيد " واذ قال الشيطان هذا سار فى طريقه. فظل الشيخ يرقب الطريق حتى اقبل الشيطان راجعاً فلما رآه قال له: "هل وفقت؟" فأجاب الشيطان : " من أين لى ان احصل على معونة؟!" فساله الشيخ: " لاى غرض " اجابه الشيطان " الكل قد تركونى وثاروا على " وليس واحد منهم يسمح لنفسه ان يخضع لاغرائى" فسأله الشيخ : " الم يبق لك ولا صديق واحد هناك؟ " فقال له الشيطان " نعم ، لى اخ واحد ولكنه واحد فقط هذا الذى يخضع لى على الرغم من انه حينما يرانى يحول وجهه عنى كما لو كنت خصما له " فسال الشيخ " ما ه اسم هذا الاخ؟ " فقال الشيطان " ثيئوبمبتس واذ قال هذ رحل وسار فى طريقه. حينئذ قام الشيخ ونزل الى البرية السفلى فلما سمع الاخوة بمجيئه اقبلو للقائه بسعف النخل وجهز كل راهب مسكنه ظانا انه قد يأتى اليه ولكن الشيخ سأل فقط عن الاخ الذى يدعى ثيئوبمبتس واستقبله بفرح وبينما كان الاخوة يتحدثون مع بعضهم البعض قال له الشيخ: هل عندك شئ تقوله يا أخى ؟ " وكيف هى أحوالك؟" فقال له ثيئوبمبتس " فى الوقت الحاضر الامور حسنة معى " وذلك لانه خجل ان يتكلم. فقال له الشيخ : " هوذا انا قد عشت فى نسك شديد مدى سنين طويلة ، وسرت مكرماً من كل واحد وعلى الرغم من هذا ومع اننى رجل شيخ الا ان شيطان الزنا يتعبنى فاجابه ثيئوبمبتس " صدقنى يا ابى انه يتعبنى انا ايضاً" واستمر الشيخ يوجد سبا للكلام – كما لو كان متعبا من افكار كثيرة – الى ان قاد الاخ اخيرا الى ان يعترف بالامر وبعد ذلك قال : " الى متى تصوم؟ " فاجاب الاخ: " الى الساعة التاسعة " فقال له الشيخ:" صم حتى العشار واستمر على ذلك اتل فصولا من الاناجيل ومن الاسفار الاخرى واذا صعدت فكرة الى ذهنك لا تجعل عقلك ينظر الى اسفل بل فليكن فوق دائما والرب يعينك " وهكذا اذ جعل الاخ يكشف افكاره واذ شجعه عاد ثانية الى بريته وسار فى سبيله وكان يرقب الطريق كعادته. ورأى الشيطان ثانية فقال له " الى اين انت ذاهب " فاجاب وقال له " انا ذاهب لذكر الاخوة بعملهم " ولما رحل ورجع ثانية ، قال له القديس : " كيف حال الاخوة ؟" فاجاب الشيطان : " انهم فى حالة رديئة " فسأله الشيخ كيف ؟ فأجاب الشيطان " كلهم مثل حيوانات متوحشة كلهم متمردون واسوأ ما فى الامر انه حتى الاخ الوحيد الذى كان مطيعاً لى قد انقلب هو الاخر لاى سبب لست اعلم ولم يعد يخضع لاغرائى بأى حال وصار اكثرهم نفوراً منى ولذلك قد اقسمت انى لن اذهب الى ذلك المكان الا بعد مدة طويلة على الاقل ". 7 – محبته : قال بلاديوس : ذهب ابا مقاريوس فى احدى المرات ليزور راهبا فوججده مريضاً فسأله ان كان يحتاج الى شئ ليأكل اذ لم يكن له شئ فى قلايته فقال له الراهب : " اتريد خبزا طرياً " او فطيرا " فلما سمع الرجل العجيب هذا الطلب سار الى الاسكندرية ولم يحسب الرحلة الها متعبة على الرغم من ان المدينة كان تبعد عنهم 60ميلا واحضر طلب المريض وقد فعل هذا بنفسه ولم يكلف احدا اخر بأن يحضره وبهذا اوضح الشيخ مقدار الاهتمام الذى يشعر به نحو الرهبان. 8 – عدم ادانته للاخرين : ومن ابرز صفاته انه كان صفوحا متسامحا ولا يدين احدا عاملا بالوصية القائلة : " لا تدينوا لكى لا تدانوا مت 7 : 1 " . " ايها الاخوة ان انسبق احد فاخذ فى زلة ما فاصلحوا انتم الورحانيين مثل هذا بروح الوداعة ناظرا الى نفسك لئلا تجرب انت ايضا – غل 1: 8 " وبذلك اقتاد كثيرين الى حياة الشركة العميقة مع الله. والدليل على صدق هذه الحقيقة ما يلى: قيل عن القديس مقاريوس انه كان فى بعض القلالى اخ صدر منه امر شنيع وسمع به الاب مقاريوس ولم يرد ان يبكته 00 فلما علم الاخوة بذلك لم يستطيعوا صبرا فما زالوا يراقبون الاخ الى ان دخلت المرأة الى عنده ، فاوقفوا بعض الاخوة لمراقبته وجاءوا الى القديس مقاريوس فلما اعلموه قال : " يا اخوة لا تصدقوا هذا الامر ، وحاشا لاخينا المبارك من ذلك " فقالوا : " يا ابانا ، اسمح وتعال لتبصر بعينيك حتى يمكنك ان تصدق كلامنا " فقام القدجيس وجاء معهم الى قلاية ذلك الاخ كما لو كان قادما ليسلم عليه وامر الاخوة ان يبتعدوا عنه قليلا فما ان علم الاخ بقدوم الاب حتى تحير فى نفسه ، واخذته الرعدة واخذ المرأة ووضعها تحت ماجور كبير عنده فلما دخل الاب جلس على الماجور وامر الاخوة بالدخول فلما دخلوا وفتشوا القلاية لم يجدوا احدا ولم يمكنهم ان يوقفوا القديس من على الماجور ثم تحدثوا مع الاخ وامرهم بالانصراف فلما خرجوا امسك القديس بيد الاخ وقال : " يا اخى احكم على نفسك احكم قبل ان يحكموا عليك لان الحكم لله " ثم ودعه وتركه وفيما هو خارج اذ بصوت اتاه قائلا " طوباك يا مقاريوس الروحانى يا من قد تشبهت بخالقك تستر العيوب مثله " ثم ان الاخ رجع الى نفسه وصار راهبا حكيما مجاهدا وبطلا شجاعا. اعتادوا ان يقولوا قصة عن ابا مقاريوس الكبير انه صار متشبهاً بالرب لانه كما ان الله يستر على العالم هكذا فعل ابا مقاريوس ايضاً وستر على الاخطاء التى رآها كأنه لم يراها والتى سمعها كأنه لم يسمعها. ففى احد المرات اتت امرأة الى ابا مقاريوس لتشفى من شيطان ووصل اخ من دير كان فى مصر ايضا وخرج الشيخ بالليل فرأى الاخ يرتكب الخطية مع المرأة ولكنه لم يوبخه وقال: " ان كان الله الذى خلقه يراه ويطيل اناته لانه ان كان يشاء كان يستطيع ان يفنيه فمن اكون انا حتى اوبخه؟!". + ومرة طلب منه أخ (1) ان يقول له كلمة ، فقال له " لا تصنع بأحد شراء ولا تدن أحد ، احفظ هذين وانت تخلص ". هروب : + قيل ان القديس مقارويوس دخل مرة الى مدينة مصر ليعظ فيها . فلما حضر البيعة حضرت اليه جموع كثيرة ومنهم امراة ظلت تزاحم حتى وصلت أمامه وجلست ثم بدأت تنظر اليه كثيرا . فالتفت اليها وانتهرها قائلا : اكسرى عينيك ايتها المرأة . لم تنظرين الى هكذا ؟فقالت المرأة : لم لا تستح منى ايها الاب ، وكيف علمت اننى انظر اليك لانى انا اعمل الواجب وأنت تعمل غير الواجب فقالها لها : فسرى لى هذا الكلام . فقالت : نعم انك خلقت من الارض وواجب عليك ان تنظر اليها دائما لانها هى امك اما انا فقط خلقت منك وواجب على ان انظر اليك (2) فلما سمع القديس منها ذلك ترك الموضع وخرج هاربا ولم يتمم وعظه . بقية اخباره + كان يمنع تلاميذه من ان تكون لهم قنية البتة . وكان بالقرب منه راهب يسكن . اراد القديس ان يجربه فدخل الى مزرعته الصغيرة وصار يقلع منها النبات من الاصول ، حتى بقى نبات واحد حينئذ قال الراهب ببساطة : ياأبانا ان شئت ان تتركه فنحصل منه على تقاوى . عند ذلك علم الشيخ القديس ان هذا الراهب خالص عند الله وليست عنده الزراعة فنية . فقال : ياولدى لقد استراح روح الله عليك . ثم قال لتلاميذه : لو كان مشفقا على النبات لظهر تأسفه وقلقه عند اقتلاعها وتلفها ولكنها عنده كلا شىء وهكذا يعرف الشياطين كيف يحاربون من لهم حب القنية . + كان سائرا مرة فى البرية الداخلية فوجد جمجمة انسان ملقاه فوقف عندها ثم حركها بعصاه وبدأ يبكى ورفع عينيه الى السماء فى تضرح بلجاجة شديدة طالبا من السيد المسيح ان يعلمه بقصة صاحب هذه الجمجمة . ثم حركها ثانية وخاطبها : أسألك باسم المسيح ان تتكلمى . فخرج صوت من الجمجمة قائلا : ماذا تريد منى يامقاريوس البار ؟ فال لها " اريد ان اعرف تاريخ صاحبك . فقالت له الجنجمة " اعلمك بأننى كنت رأسا لملك هذه الاماكن ؟. وكانت هنا بلاد ومدن كثيرة . فتعجب القديس وسألها : ماذا كان اعتقادكم ؟.. فقالت : كنا نعبد الاصنام وتدعوها آلهة ونعمل لها اعيادا وحفلات لا تقدر احد ان يصنع مثلها وكانت المملكة عظيمة جدا وها أنا اليوم كما ترى ياأبانا القديس . ولما سمع ذلك أنبار مقاريوس بكى بكاء عظيما . ثم سأل : وما هى حالكم اليوم ؟ فقالت : نحن فى عذاب شديد لاننا لم نعرف الله ولكنه عذاب اخف وطأة من الذين عروفا الله وآمنو به ثم جحدوه . فتألم القديس كثيرا ثم تركها ومضى عائدا الى قلايته . + ثال ابا مقاريوس : ان كنا نتذكرب شرور الناس فاننا نضر ذاكرتنا . أما ان تذكرنا كيف ان الشيطان يتصر بطريقة شرية فاننا نبقى بلا ضرر . + فى احدى المرات بقينما كان الانبا مقاريوس عابرا على مصر مع بعض الاخوة ، سمع طفلا يقول لامه :" يا أمى ان عنيا يحبنى ولكنى لا ابادله الحب ، وفقيرا يكرهنى وانا احبه ". فلما سمع الابا مقاريوس هذا تعجب فقال له الاخوة " ما معنى هذه الكلمات ياأبانا ؟ فقال لهم الشيخ :" حقا ان الرب هو الغنى ، وهو يحنا ، ونحن لا نريد ان نسمع له . أما عدونا الشيطان فهو فقير ويكرهنا ونحن نحب اموره الضارة ". + كان هناك راهب يدعى بوليس وكان تدبير حياته هكذا : لم يكن يقترب الى العمل الشاق الذى لشغل اليدين / ولا الى امور البيع والشراء الا بما يكفى لكمية الغذاء الضئيلة التى يتناولها فى اليوم . ولكنه برع فى عمل واحد ، وهو انه كان يصلى باستمرار دون توقف . وكان قد وضع لنفسه قانون ان يصلى ثلاثمائة صلاه يوميا . ووضع فى حضنه كميه من الرمل "لعله يقصد من الحصى " ، ومع كل صلاه يصليها كان يضع حبه منها فى يده . هذا الراهب سأل القديس مقاريوس قائلا : يا أبى ، انى مغموم جدا " فسأله الشيخ ان يخبره عن سبب ضيقته . فأجابه قائلا : " لقد سمعت عن عذراء قضت فى الحياه النسكية ثلاثين سنة ، وقد اخبرنا " الاب اور " " اى الكبير " بخصوصها انها تتقدم اسبوعيا ، وانها تتلو خمسمائة صلاه فى اليوم . فلما سمعت هذا احتقرت نفسى جدا ، لانى لا استطيع ان اتلو أكثر من ثلاثمائة صلاه ". حينئذ اجابه القديس مقاريوس وقال : " اننى عشت فى الحياه النسكية ستين سنة . واتلو فى اليوم خمسين صلاه . واعمل بما فيه الكفاية لتزويد نفسى بالطعام . واستقبل الاخوة اللذين يأتون الى ، وأقول لهم ما يناسب .. وعقلى لا يلومنى على اننى مقصر من جهة الله . فهل أنت الذى تصثلى ثلاثمائة صلاه تدان من افاكراك ؟ ربما لا تقدم هذه الصلوات بنقاوة ، أو انك قادر على ان تعمل اكثر من هذا ، ولا تعمل . 9- جهاده ضد الشياطين : (أ) نومه فى مقبرة متوسدا جمجمة: صعد الاب مقاريوس مرة من الاسقيط الى البرية فاتى الى ناووس ( جبانة ) حيث كانت هناك جثث يونانية قديمة ، فأخذ القديس جمجمة ووضعها تحت رأسه . فلما رأى الشياطين جسارته حسدوه وأرادوا ان يزعجوه فنادوا بصوت عال باسم مستعار لامرأة قائلين : يافلانه قد أخذنا الصابون والاشنان وادوات الحمام وها نحن فى انتظارك لتكونى معنا . فخرج صوت من الجمجمة من تحت رأسه قائلا : ان عنجى ضيفا وهو رجل غريب متوسد على فلا يمكننى المجيىء . امضوا انتم . اما القديس فانه لم ينزعج ولكنه رفع رأسه عنها وحركها بيده قائلا : " هأنذا قد قمت عنك فان استطعت الذهاب فانطلقى معهم الى الظلمة " . ثم عاد ووضع رأسه عنها – فلما راى الشياطين ذلك منه تركوه بخزى عظيم وصرخوا قائلين : امضى عنا يا مقاريوس وهربوا . (ب) كشفه اسلحة الشيطان المحتال : جاء عن القديس مقاريوس انه كان فى وقت ما سائرا فى اقصى البرية ، فابصر شخصا هرما حاملا حملا ثقيلا يحيط بسائر جسمه ، وكان ذلك الحمل عبارة عن اوعيه كثيرة فى كل منها ريشة ، وكان لابسا اياها بدلا من الثياب ، فوقف مقابلة وجها لوجه يتأمله ، وكان يتظاهر بالخجل تظاهر اللصوص المحتالين ، فقال للبار : ماذا تعمل فى هذه البرية تائها وهائما على وجهك فاجابه الاب قائلا : انا تائه طالب رحمه السيد المسيح ، ولكنى اسألك ايها الشيخ باسم الرب ان تعرفنى من انت ؟.. لانى ارى منظرك غريبا من اهل العالم ، كما تعرفنى ايضا ما هى هذه الاوعية المحيطة بك ، وما هو هذا الريش ايضا ؟.. وقد كان الثوب الذى عليه مثقبا كله . وفى كل ثقب قارورة – فأقر العدو بغير اختياره وقال : يامقاريوس ، انا هو الذى يقولون عنه شيكان محتال ، اما هذه هذه الاوعية فبواستطها اجذب الناس الى الخطية ، واقدم لكل عضو من اعضائها ما يوافقه من انواع الخديعة ، وبريش الشهوات اكحل من يطيعنى ويتبعنى واسر بسقوط الذين اغلبهم ، فاذا اردت ان اضل من يقرأ نواميس الله وشرائعه ، فما على الا ان ادهنه من الوعاء الذى على رأسى ، ومن اراد ان يسهر فى الصلوات والتسابيح فانى آخذ على حاجبى والطخ عينيه بالريشة واجلب عليه نعاسا كثيرا واجذبه الى النوم . والاوعية الموجودة على مسامعى معدة لعصيان الاوارم وبها اجعل من يسمع الى لا يذعن لمن يرشده . والتى عند انفى بها اجتذب الشاب الى اللذه . اما الاوعية الموضوعة عند فمى فبواسطتها اجتذب النساك الى الاطعمة ، وبها اجذب الرهبان الى الوقيعة والكلام القبيح ، وبذور اعمالى كلها اوزعها على من كان راغبا . ليعطى اثمارا لائقة بى . فأبذر بذور الكبرياء . اما من كان على ذاته متكلا فانى اجعله يتعالى بالاسلحة التى فى عنقى . والتى عند صدرى فهى مخازن افكارى ومنها اسقى القلوب مما يؤدى الى سكر الفكر واشتت وابعد الافكار الصالحة من اذهان اولئك الذين يريدون ان يذكورا مستبل حياتهم الابدية . اما الاوعية الموجودة عند جوفى فهى ملوءة من عدم الحس وبها اجمل الجهال لا يحسون واحسن لهم المعيشة على مذبح الوحوش والبهائم .. اما التى تحت بطنى فمن شأنها ان تسوق الى فعل سائر انواع وضورب الزنى والعشق واللذات القبيحة . والتى على يدى فهى معدة لضرب الجسد والقتل . والمعلقة وراء ظهرى ومنكبى فهى مملوءة من انواع المحن المختصة بى وبها اقارع الذين يرومون محاربتى فانصب خلفهم فخاخا . واذل من كان على قوته متكلا ، والتى على قدمى فهى مملوءة عشرات اعرقل بها طرق المسقيمين . ومن شأنى ان اخلف فى بذر فلاحتى صنوفا من الحسك والشوك . والذين يحصدون منها يساقون الى ان ينكروا طريق الحق . وبعد ان قال هذا صار دخانا واختفى . وان القديس القى بنفسه على الارض وابتهل الى الله بدموع لكى يحارب بقوته عن الضعفاء سكان البرية ويحفظهم . (ج) الشياطين تحاول ان تقتله : قيل ان الاب مقاريوس مضى مره الى البهلس (1) ليقطع خوصا . فأتاه الشيطان واخذ منه المنجل وهم ان يضربه به . اما هو فلم يفزع بل قال له : أن كان السيد المسيح قد اعطاك سلطانا على فها انا مستعد لان تقتنى ، فانهزم الشيطان وانصرف عنه هاربا . شجاعته اما الشيطان : ويروى بلاديوس حادثة اخرى مشابهة بقول فيها : وبينما كان ابا مقاريوس ذاهبا من الحصاد الى قلايته فى احدى المرات ، وكان حاملا بعض الخوص لاقاه ابليس ممسكان بيده منجلا فى الطريق . ولما هم بأن يجرح مقاريوس عاد ابليس فخاف وسقط وقدم خضوعا للرجل الطوباوى . حينئذ هرب الشيخ من ذاك المكان ، واخبر الاخوة بما جرى . فعندما سمعوا مجدوا الله . حسد الشياطين للرهبان : اتى للقديس مقاريوس يوما احد كهنة الاصنام ساجدا له قائلا: من اجل محبة المسيح عمدنى ورهبنى .: فتعجب الاب من ذلك وقال له اخبرنى كيف جئت الى المسيح بدون وعظ ، فقال له : (( كان لنا عيد عظيم . وقد قمنا بكل ما يلزمنا . وما زلنا نصلى الى منتصف الليل حتى نام الناس . وفجأة رأيت داخل احد هياكل الاصنام ملكا عظيما جالسا وعلى رأسه تاج جليل وحوله اعوانه الكثيرون فأقبل اليه واحد من غلمانه فقال له الملك : من اين جئت ؟.. فأجاب : من المدينة الفلانية ، قال : واى شيىء عملت ؟.. قال : القيت فى قلب امرأة كلمة صغير تكلمت بها الى امرأة اخرى لم تستطع احتمالها فادى ذلك الى قيام مشادرة كبيرة بين الرجال تسبب عنها قتل كثيرين فى يوم واحد . فقال الملك : ابعدوه عنى لانه لم يعمل شيئا . فقدموا له واحد اخر فقال له : من اين اقبلت ؟.. قال : من بلاد الهند . قال : وماذا عملت ؟.. اجاب وقال : داخل دار فوجدت نارا قد وقعت من يد صبى فاحرقت الناس الدار فوضعت فى قلب شخص ان يتهم شخصا اخر وشهد عليه كثيرون زورا بانه هو الذى احرقها . قال فى اى وقت فعلت ذلك ؟.. فى نصف الليل . فقال الملك : ابعدوه عنى خارجا . ثم قدموا اليه ثالثا . فقال له : من اين جئت ؟.. اجاب وقال : كنت فى البحر واقمت حربا بين بعض الناس فقرقت سفن وتطورت الى حرب عظيمة ثم جئت لاخبرك فقال الملك : ابعدوه عنى . وقدموا له رابعا وخامسا وهكذا امر بابعادهم جميعا بعد ان وصف كل منهم انوع الشرور التى قام بها حتى اخر لحظة . الى ان اقبل اليه واحد منهم فقال له : مين اين جئت ؟.. قال من الاسقيط . قال له : وماذا كنت تعمل هناك ؟.. قال لقد كنت اقاتل راهبا واحدا ولى اليوم اربعون سنة وقد صرعته فى هذه اللحظة واسقطنه فى الزنا وجئت لاخبرك . فلما سمع الملك ذلك قام من2صبا وقبله ونزع التاج من على رأسه والبسه اياه واجلسه مكانه ووقف بين يديه وقال : (( حقا لقد قمت بعمل عظيم )) فلما رأيت انا كل ذلك ، وقد كنت مختبئا فى الهيكل ، قلت فى نفسى : ما دام الامر كذلك فلا يوجد شيىء اعظم من الرهبنة ، وللوقت خرجت وجئت بين يديك . فلما سمع الاب منه هذا الكلام عمده ورهبنه وكان فى كل حين يقص على الاخوة امر هذا الرجل الذى اصبح بعد ذلك راهبا جليلا. ولكنه عانى ايضا من تجارب داخلية مثما يلى : + طلب ابنوا القديس ان يعرفه الرب من يضاهيه فى سيرته ، فجاءه صوت من السماء قائلا:" تضاهى امرأتين هما فى المدينة الفلانية (1) فلما سمع هذا تناول عصاه الجري ومضى الى المدينة . فلما تقصى عنهما وصادف منزلهما ، قرع الباب فخرجت واحدة وفتحت له الباب . فلما نظرت الشيخ القت ذاتها على الارض ساجدة له دون ان تعلم من هو = اذ ان المرأتين كانتا تريان زوجيهما يحبان الغرباء – ولما عرفت الاخرى ، وضعت ابنها على الارض وجائت فسجدت له ، وقدمت له ماء ليغسل رجليه كما قدمت له مائدة ليأكل . فأجاب القديس قائلا لهما :" ما ادعكما تغسلان لى رجلى بماء ، ولا اكل لكما خبرا ، الا بعد ان تكشفا لى تدبيركما مع الله كيف هو ، لانى مرسل من الله اليكما " . فقالتا له :" من انا يأبابنا ؟.. فقال لهما :" انا مقارة الساكن فى برية الاسقيط " فلما سمعتا ارتعدتا وسقطتا على وجهيهما امامه باكيتين . فانهضماه ، فقال لهما : " من اجل الله تعبت وجئت اليكما ، فلا تكتما عنى منفعة نفسى "فاجابتا قائلتين :" نحن من الجنس غريبتان احدانا عن الاخرى (2) ولكننا تزوجنا اخوين حسب الجسد وقد طلبنا منهما ان نمضى ونسكن فى بين الراهبات ونخذم الله بالصلاه والصوم ، فلم سمحا لنا بهذا الامر ، فجعلنا لانفسنا حذا ان نسلك احدانا مع الاخرى بكمال المحبة الالهية . وها نحن حافظتان نفسينا بصوم دائم الى المساء وصلاة لا تنقطع . وقد ولدت كل واحدة منا ولدا . فمتى نظرت احدانا ابن اختها يبكى ، تأخذه وترضعه كأنه ابنها . وهكذا تعمل كلتانا ورجلانا راعيا ماعز وغنم ، يأتيان من المساء الى المساء الينا كل يوم فنقبلهما مثل يعقوب ويوحنا بنى زبدى ، كأخوين قديسين . ونحن مسكينتان بائستان ، وهما دائبان على الصدقة الدائمة ورحمة الغرباء . ولم تسمح لانفسنا ان تخرج من فم الواحدة منا كلمة عالية البتة ، بل خطابنا وقمنا مثل قاطنى جبال البرية . فلما سمع هذا منهما . خرج من عندهما ، وهو يقرع صدره ويلطم وجهه ، قائلا : ويلى ويلى ، ولا مثل هاتين العالميتين لى محبة لقريبى " وانتفع منها كثيرا . ********* انطاق الزوج صاحب الوديعة : مره نزل الاب مقاريوس الاسقيطى الى الحصاد وبصحبته سبعة اخوه ، وكانت امرأة تلتقط خلف الحصادين وهى لا تكف عن البكاء فاستفهم الاب من رئيس الحصادين عن امر هذه العجوز وعن سبب بكائها دائما .. فاجابه : ان رجلها عنده وديعة لانسان مقتدر . وقد مات فجأة ولا تعلم هذه المرأة موضع هذه الوديعة فلما استراح الحصادون من الحر دعا الشيخ المرأة لها : هلمى ارينى قبر زوجك . فلما وصل اليه (1) صلى مع الاخوة . ثم نادى الميت قائلا : يافلان اين تركت الوديعة التى عندك؟. فاجابه : انها فى بيتى تحت رجل السرير فقال له القديس : نم ايضا ، فلما عاين الاخوة ذلك تعجبوا . فقال لهم القديس (2) ليس من اجلى كان هذا الامر لانى لست شيئا. بل انما صنع الله هذا من اجل الارملة واليتامى . ولما سمعت المرأة بموضع الوديعة انطلقت واخذتها واعطتها لاصحبها . وكل الذين سمعوا هذا سبحوا الله . صلة القديس مقاريوس بالقديسين اولا- القديس انطونيوس : لما سمع القديس مقاريوس بسيرة الانبا انطونيوس ، وبأعماله الفاضله ، مضى اليه . فقبله القديس انطونيوس وعزاه وارشده الى طريقه الرهبنة والبسه الزى ،ثم عاد الى موضعه . ثانيا = القديسان مكسيموس ودوماديوس : قال الاب مقاريوس : حدث يوما وانا جالس بالاسقيط ان أتانى شابان غريبان احدهما متكامل اللحية ، والاخر قد بدأت لحيته ، فقالا لى : اين قلاية مقاريوس ؟ فقلت لهما : وماذا تريدان منه ؟ اجابانى نريد مشاهدته . فقلت لهما : انا هو . فصنها مطانية وقالا : يامعلم نشاء ان نقيم عندم فلما وجدت انهما فى حالة ترف ومن ابناء نعمة وغنى اجبتهما : لكنكما لا تحتملان السكنى ها هنا . فاجابنى الاكبر قائلا: ان لم تحتمل اسكنى هاهنا فاننا نمضى الى موضع اخر . فقلت فى نفسى : لماذا اطرهما وشيطان التعب (1) يشككهما فيما عزما عليه ؟ فقلت لهما : هلما فاصنعا لكما قلاية ان قدرتما . فقالا : ارنا موضعا يصلح . فاعطيتهما فأسا وقفه وكذلك قليلا من الخبز والملح واريتهما صخره صلبة وقلت لهما : انحتا ههنا واحضرا لكم خصا من الغابة وسقفا واجلسا . وتوهمت انها سوف ينصرفان من شدة التعب . فقالا لى : وماذا تصنعون هاهنا ؟ فقلت لهما : اننا نشتغل بضفر الخوص . واخذت سعفا واريتهما بدء الضفيرة وكيف تخاط وقلت لهما : اعملا زنابيل وادفعاها الى الخفراء ليأتوكما بخبز ، وعرفتهما ما يحتاجان من معرفة ثم انصرفت عنهما . اما هما فاقاما ثلاث سنوات ولم يأتيانى . فبقيت مقاتلا الافكار من اجلهما اذ لم ياتيا الى ولا سالانى فى شيىء . ولم يحاولا الكلام مع احد قط . ولم يبارحا مكانهما الا كل يوم احد فقط حيث كان يمضيان الى الكنيسة لتناول القربان وهما صامتان . فصليت صائما اسبوعا كاملا الى الله ليعلن لى امرهما . وبعد الاسبوع مضيت اليهما لافتقدهما واعرف كيف حالهما ، فلما قرعت الباب عرفانى وفتحا لى وقبلانى صامتين وجلست . واوما الاكبر الى الاصغر بأن يخرج . اما الاكبر فجلس يضفر فى الضفيرة ولم يتكلم قط . فلما حانت الساعة التاسعة اوما الى الشاب فاتاه واصلحا مائدة وجعلا عليها ثلاث خبزات بقسماطات وداما صامتين . فقلت لهما : هيا بنا نأكل . فنهضنا واكلنا ، واحضرا كوز ماء فشربنا . ولما حان المساء قالا لى : اتنصرف ؟ فقلت لهما : لن انصرف ، ولكنى سوف ابيت هاهنا الليلة . فبسطا حصيرة فى ناحية وبسطا اخرى لهما فى ناحية اخرى وحلا اكسيميهما (2) ومنطقتيهما ورقدا قدامى على الحصيرة . فصليت الى الله ان يعلن لى ماذا يعملان . واذ كنت راقدا ظهر فجأة فى القلاية ضوء كضوء النهار قدامى وكانا يشاهدانه فلما ظنا انى نائم نخس الاكبر الاصغر واقامه . وتمتطقا وبسطا ايديهما الى السماء وكنت اراهما وهما لا يبصرانى . واذ بى ارى الشياطين مقبلين نحو الاصغر كالذباب ، فمنهم من كان يريد الجلوس على فمه ، ومنهم من كان يريد ان يجلس على عينيه . فرأيت ملاك الرب حاملا سيفا ناريا وهو يحيط بهما . ويطرد الشيطاطين عنهما . اما الاكبر فلم يقدروا على الاقتراب منه . فما حان الفجر حتى وجدتهما وقد طرحا نفسيهما على الارض وناما . فتظاهرت كأنى استيقظت وهما كذلك . فقال لى الاكبر هذه الكلمة فقط : اتشاء ان تقول الاثنى عشر مزمورا . فقلت نعم . فقرأ الصغير خمس مزامير وفى نهاية كل ست استيخونات الليلويا واحدة ، ومع كل كلمة كان يقولها ، كان يبرز من فمه شهاب نار يصعد الى السماء . كذلك الكبير الذى اذا كان يفتح فمه ويقرأ كان كلامه مثل جبل نار خارجا وصاعدا الى السماء . فلما انفضت الصلاه انصرف قائلا : صليا من اجلى ، فصنعا لى مطانية وهما صامتان . وبعد ايام قليلة تنيح الاكبر وفى ثالثه تنيح الصغير كذلك . ولما كان الاباء يجتمعون بالاب مقاريوس كان يأخذهم اللا قلايتهما ويقول : هلموا بنا نعاين شهادة الغرباء الصغار . + سأل اخوة شيخا : لماذا حدث ان الاخوين الرومانيين اللذين اتيا الى الانبا مقاريوس لم يذهبا الى طوال مدة الثلاث سنوات التى قضياها الى جواره – ولا الى احد من الشيوخ – ليسألا اسئلة عن افكارهما ؟. فأجاب الشيخ : لان الاخ الاكبر كان حكيما الى درجة كبيرة ، وكان كاملا ومتواضعا . فان كان قد ذهب الى الانبا مقاريوس او الى واحد من الشيوخ الاخرين ، فان كماله كان سينكشف . وكان سينال مديخا فى كل الاسقيط من الاباء الذين كانوا سيتعجبون قائلين : ( كيف يحدث هذا : ان يصير شاب كاملا فى ثلاث سنوات ؟) فلا يليق بنا – على اية الحالات – ان تقلد هذين الاخوين ونهمل تعليم الشيوخ ! فمن جهة الاخوين ، كان الاكبر كاملا ، والاصغر كان متواضعا وكان يتعلم منه (1). ******** عظة للقديس مقاريوس حدث مرة ان ارسل شيوخ الجبل الى انبا مقاريوس يقولون له : سر الينا لنشاهدك قبل ان تنصرف الى الرب ولا تضطر الشعب كله الى المجيىء اليك . فلما سار الى الجبل اجتمع اليه الشعب كله وطلب اليه الشيوخ قائلين : قل للشعب كلمة ايها الاب ، فقال : ترك الهوى : يا أولادى الاحباء – عظيم هو مجد القديسين فينبغى ان نفحص عن تدبيرهم الذى نالوا بواسطته هذا المجد وبأى عمل وفى اى طريقة وصلوا اليه . وقد علمنا انهم لم يشتروه بغنى هذا العالم ولا حصلوه بصناعة ما او بتجاره ما . ولا اقتنوه بشيىء مما يملكون . اذ انهم تمسكنو وتقربوا عن هذا العالم . وجالوا جياعا فقراء . فعلى ما اراه اجد انهم نالو ذلك المجد العظيم بتسليمهم دواتهم وتدبير امورهم ونياتهم لله . تركوا اهويتهم كلها من اجل الرب وتبعوه حاملين الصليب ، ولم يفصلهم حب شيىء اخر عن محبته تعالى . لانهم لم بحبوه اكثر من الاولاد فقط مثل ابراهيم ، بل واكثر من ذواتهم ايضا كما يقولو بوليس الرسول لا شيىء يستطيع ان يفصله عن حب الله . فالان يابنى الاحباء جاهدوا واصبروا الى الموت كالقديسين لتصيروا مسكنا لله . المحبة والسلام : ان احببتم بعضكم بعضا فان الله يسكن فيكم . وان كان فى قلوبكم شر فلن يسكن الله فيكم . احذروا الوقيعة لئلا تصيروا كالحية او ان للشيطان . احفظوا اسماعكم من كلام النميمة لتكون قلوبكم نقيه واهربوا من كل ما يجنس القلب . اكرموا بعضكم بعضا لتكون السلامة والمحبة بينكم ، ان عضب احد على اخيه واخوته فلا يسترح له بال قبل ان يصلحه بحلاوة المحبة . وذلك ليخزى عدو السلام ويفرح اله السلام وتكونوا له بنين لانه قال : فاعلى السلام يدعون ابناء الله . صلوا بالروح دائما كما امر الرسول . اتضعوا لاخواتكم واخدموهم حسب قوتكم لاجل المسيح لتنالوا منه الجزاء . فقد قال له المجد : ما تصنعونه بهم فبى تصنعونه . الجهاد : ان كل اعمالنا نجدها ساعة مفارقة انفسنا لاجسادنا فقد كتب : ان الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم وودكم الذى اظهرتموه باسمه اذ خدمتم الاطهار وتخدمونهم ايضا . ليكن تعب اجسادتكم مشتهاكم ومحبوبا لديكم . ولا تستلموا للانحلال والكسلا فتندموا يوم القيامة ، بينما يلبس اكاليل المجد اولئك الذين قد اتعبوا اجسادهم ، وتوجدون انتم عراه بخزى امام منبر المسيح بمحضر الملائكة والناس جميعا . لا تنعموا اجسادكم فى هذا الزمان اليسير بالطعام والشراب والنونم لئلا تعدموا الخيرات الدائمة التى لا توصف فمن ذا الذى تكلل قط بدون جهاد ؟ ومن استغنى بدون عمل ؟ ومن ربح ولم يتعب اولا ؟ اى بطال جمع مالا ؟ او أى عاطل لا تنفذ ثروته ؟ انه باحزان كثيرة تدخل ملكوت السموات . فليحرص كل منكم على قبول الاتعاب بفرح عالما ان من ورائها كل غنى وراحة . اما الذى لا يستطيع ان يحتمل الاتعاب لضعف او امراض ، فليمجد اولئك اللذين يتعبون ويغيطهم كما يفرح معهم فى خيراتهم . عدم الادانة . لا تقبلوا فى فكركم ولا تضرروا فى كلامكم اى انسان بانه شرير. لان بطرس الرسول يقول : (( ان الله ارانى واوصانى بان لا اقول عن انسان انه نجس او رجس . فالقلب النقى ينظر كل الناس انقياء . فقد كتب ان كل شيىء طاهر لاطهار والقلب النجس ينجس كل واحد لان كل شيىء للاعمى ظلام ، هوذا الرب قد حلنا من عبودية الشيطان فلا نعد نربط انفسنا او نستعيدها بسوء رأينا . التوبة : احفظوا ما كلمتكم به ليكون لانفسكم منه دواء وصحة ولا تجعلوا شاهدا عليكم لانه سيأتى وقت فيه تطالبون بالجواب عن كلامى هذا . تمسكوا بالتوبة واحذروا لئلا تصطادوا بفخ الغفلة . لا تتهاونوا لئلا تكون الطلبة من اجلكم باطلة . داوموا على التوبة ما دام يوحد وقت . فانكن لا تعرفون وقت خروجكم من هذا العالم . العمل وترك التهاون : لنعمل ما دام لنا زمان . لنجد عزاء فى وقت الشدة فمن لا يعمل ويتعب فى حقله فى اوان الشتاء لن يجد فى الصيف علة بها يملأ مخازنه ليقتات بها . فليحرص كل واحد على قدر طاقته فان لم يمكنه ان يربح خمس وزنات ، فليجاهد بكل قوته فان ساعة واحدة من نياحته تنسيه جميع اتعابه . قوبل وويل لمن تغافل وكس لانه سيندم حيث لا ينفع الندم . لا تكملوا شهوة الجسد لئلا تحرموا من خيرات الروح فان الرسول قد كتب ان اهتمام الجسد هو موت واهتمام الروح هو حياه . افرحوا بكمال اخوتكم وضعوا نفوسكم لهم وتشبهوا بهم واحزنوا على بعضهم . اصبروا للتجارب التى تأتى عليكم من العدو واثبتوا فى ثتاله ومقاومته فان الله يعينكم ويهبكم اكاليل النصرة . فقط كتب طوبى للرجل الذى يصير للبلايا ويصبح مجربا فانه ينال اكليل الحياه ، لاغلبه بدون قتال ولا اكليل بدون غلبه . اصبروا اذا فقد سمعنا قول الرب لاحبائه : اما انتم الذين صبرتم معى فى تجاربى ، ها انا اعد لكم الملكوت كما وعدنى ابى . وقوله ايضا : ان الذى يصير الى المنتهى فهذا يخلص . وقد قدم لنا نفسه مثالا كيف نصبر الى المنتهى . ففى الوقت الذى كان فيه يسبب ويعير ويهان من اليهود نراه يتراءف عليهم ويحسن اليهم ، فكان يشفى امراضهم ويعلمهم ، وهكذا قبل الالام بجسده وصبر حتى الصلب والموت . ثم قام بالمجد وصعد الى السماء وجلس عن يمين الله . اشكروا الرب فى تعبكم من اجل الرجاء الموضوع امامكم . اصبروا فى البلايا لتناولوا اكاليل المجاهدين . اغفروا لبعضكم بعضا لتنالوا الغفران . فقد قال الرب : اغفروا يغفر لكم .. داوموا على حفظ هذه الوصية فان ربحها عظيم ولا تعب فيها . كونوا ابناء السلام ليحل سلام الرب عليكم ، كونوا ابناء المحبة لترضوا محب البشر . كونوا بنى الطاعة لتنجوا من المحتال. ان اول العصيان كان من آدم ابينا فى الفردوس بسبب شهوة الطعام . وأول الجهاد من سيدنا المسيح كان فى البرية فى الصيام . وتعلمنا من التجربة ان الراحة والطعام هما اسباب الطغيان . والصوم هو سبب الغلبة والنصرة . فصوموا مع المخلص للتمجدوا وتغلبوا الشيطان . والصيام بدون صلاه واتضاع يشبه نسرا مكسور الجناحين . احتفظوا بحرضكم ولا تهربوا من اتعابكم . فان الطوبى لمن لازم التوبة حتى يمضى الى الرب . لازموا السهر وقراءة الكتب وثابروا على الصلاه واسرعوا الى الكنيسة ونقوا قلوبكم من كل دنس لتستحقوا التناول من جسد السيد المسيح ودمه الاقدسين فيثبت الرب فيكم . فبهذا السر العظيم تحفظون من الاعداء . فمن يتهاون بهذا السر فان قوات الظلمة تقوى عليه فيبتعد عن الحياه بهواه . فلتتقدم الى سر الافخارستيا بخوف وشوق وايمان تام ، ليبعد عنا خوف الاعداء بقوة ربنا يسوع المسيح له المجد الى الابد امين . |
||||
12 - 06 - 2014, 08:47 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
الانبا باخوميوس أب الشركة قصة اعتناقه المسيحية ورهبنته : كان والده من الصعيد الاعلى عابدا للاصنام . ففى ذات يم تجند باخوميوس ضمن جنود الملك . فحدث بينما كانوا مسافرين وهم بحال سيئة للغاية ان اتاهم قوم مسيحيون من اسنا بطعام وشراب فى المعسكر . فسأل باخوميوس : كيف امكن لهؤلاء الناس ان يتحننوا علينا وهم لا يعرفوننا قط ؟ فقيل له انهم مسيحيون وانهم يفعلون ذلك ممن اجل اله السماء . فلما سمع باخوميوس هذا الكلام قرر فى نفسه انه لو اتيحت له فرصة يصير مسيحيا ويخدم المحتاجين ، وبتدبير الله غلب الملك اعداءه واصدر اوامر بتسريح الجنود . فرجع باخوميوس وتعمد . وبعد ثلاث سنين ترهب عند قديس اسمه بلامون . اقامته نظام الشركة : وشرع لوقته فى اقامة شركة حتى يساعدوا بعضهم بعضا ويقوموا باعالة المهتاجين والضعفاء ، فاجتمع اليه كثيرون وبنوا اديرة واتخذوا لهم عيشة مشتركة . وكان القديس يرسل لهم قانون العبادة وشغل اليد والتصريف اللائق ويديرهم فى الجلوس والقيام والسكوت والكلام ويتشدد فى ذلك الى ابعد حد . ولقد كان لخدمته العسكرية اثر كبير فى حيانه اذا تدرب فيها على الطاعة والعمل اليدوى والحياه المشتركة ، وقد تضمن تنظيم حياه الشركة وتدبيره للاباء الرهبان جميع هذه النواحى العملية . وفيما يلى تطبيقات عملية لبعض قوانين الرهبنه التى نظمها القديس : 1- كان مفروضا على طالب الرهبنه ان يعرف معنى الرهبنة : الرهبنه هى : الصوم بمقدار ، والصلاه بمداومة ، وعفة الجسد وطهارة القلب وسكوت اللسان وحفظ النظر والتعب بقدر الامكان ، والزهد فى كل شيىء. وكان يقولر : جميع ابائنا القديسين ، بجوع وعطش وحزن كثير ، اكملوا سعيهم ونالوا المواعيد ، ان كنت قد نذرت لله بكورية بمحبة واشتياق فاطلبه من كل قلبك واسلك حسب وصياه . وحينئذ يجعلك الله ابنا له ، ويباركك ، ويصير بركتك نهرا ، ونهرك بحرا ، ويجعلك كبركة نارلا ، وسراجه يضيىء عليك ، وتمتلىء نورا من الاشراق الالهى ، ويعطيك الاله مجدا مثل مجد القديسين ، فتضع ثقلا على اراكنه الظلمة ، وترى قوة الله فى يمينك ، وتغرق فرعون وجنوده فى بحر ملح وتخلص شعب من عبودية الغرباء ، وتورثهم ارض الخيرات التى تفيض لبنا وعسلا ، التى هى كمال سعيك وخروجك من هذا العالم بسلام . امين . 2- النوم : كان القديس باخوميوس يديم الصلاه ينسك زائد وسهر ، واذا اراد ان يرقد ، لم يكن يرقد ممتدا ، ولا على مصطبة بل كان يجلس مستندا الى الحائط . وكان اذا مضى الى موضع خارج الدير مع الاخوة واضطروا الى المبيت كان يأمرهم ( يفرض عليهم ) ان يحفر كل واحد منهم لنفسه حفرة فى الارض مثل مراقدهم فى الدير قائلا لهم : انه من الواجب على الانسان الراهب ان يتعب نفسه فى مرقده لكون روح الزنى يقفز على الرجل ليجربه بشده لاسيما اذا رقد منفرشا ممتدا براحة . 2- العمل اليدوى : وهذا ما كانت راهب او رئيس رهبنه ليعفى منه . وعليه فلقد كان انبا باخوميوس يشاطر رهبانه اعمالهم اليدوية . يخرج معهم الى الحقول لمزاولة الزرع والحصاد ويحمل مؤونته بنفسه اسوة بهم . وقيل انه مضى دفعة ، وفى امر مع الاخوة وكان ذلك الامر يحتاج الى ان يحمل كل واحد منهم كمية من الخبز . فقال له احد الشبان : حاشاك ان تحمل شيئا ياأبانا . هوذا انا قد حملت كفافى وكفاك . فاجابه القديس : هذا لا يكون ابدا . ان كان قد كتب من اجل الرب انه يليق به ان يتشبه باخوته فى كل شيىء ، فكيف اميز نفسى انا الحقير عن اخوتى حتى لا احمل حملى مثلهم . وهذا هو السبب فى ان الاديرة الاخرى كائنة بانحلال لان صغارهم مستعبدون لكبارهم وليس من اللائق ان يكون هذا لانه مكتوب : من يريد ان يكون كبيرا فيكم فليكن لكم عبدا . 4- العقاب : واذا كان العقاب ضوررة لا بد منها فى حياه الشركة كان يوبخ للهفوات البسيطة . (أ) توبيخه احد الرهبان عن كلام باطل . قيل انه فى احد الايام سمع الاب باخوميوس احد الاخوة يخاطب صبيا قائلا : الان هو اوان العنب .. فانتهره الاب قائلا : هوذا اجساد الانبياء الكذبة قد ماتت ولكن الارواح التى كانت تتحارهم تطوف بين الناس تلتمس مسكنا فيهم . وانت الان لماذا اعطيت للشيطان موضعا كى يتكلم من فيك . اما سمعتت الرسول قائلا : كلمة رديئة لا يجب ان تخرج من افواهكم بل لتخرج كل كلمة صالحة لبناء الجماعة لكى تعطى السامع نعمة ، الا تعلم ان الكلمة التى ظنها لا تبنى رفيقك بل تهدمه ، ولماذا نطقت بها ؟ الم يكتب (( نفس بنفس )) الا تعلم ان نفسك تؤخذ عوضا عن نفسه . فانى الان اشهد لكم ان كل كلمة بطاله او استهزاء او لعب او مزاد او جهل هذه كلها زنى للنفس . ولكى ابين لكم مقدار غضب الله الذى يكون على ذلك الانسان الذى يتكلم بالكلام البطال وبكلام الاستهزاء اقول لكم المثل الاتى : دعا رجل غنى اناسا الى وليمة لكى يأكلوا يوشربوا ويفرحوا وفى الثناء الوليمة قام بعض المتكئين يمزحون فكسروا الاواتنى الموجودة فى بيت ذلك الغنى . ترى ماذا عمل الغنى ؟ انه غضب عليهم ووبخهم قائى : ياعديمى الشكر ، لقد دعوتكم لكى تأكلوا وتشربوا فكيف تمزحون وتكسرون الاوانى ؟ هكذا يعضب الرب على اولئك الذين دعاهم لدعوته قائلا لهم : دعوتكم لكى تتوبوا من خطياكم وتخلصوا ولكنكم هدمتم نفوسكم ونفوس الذين جمعتهم لى ليخلصوا ، بالضحك والكلام الباطل . (ب) توبيخه لتلميذه تادرس لاستسلامه للراحة الجسدية وشكواه من الم : حدث بينما كان الاخوة يقومون بالحصاد وتادرس يعمل معهم وهو صائم ان شعر بارتفاع حرارة راسه ، ومن بعد انتهاء العمل جلس يستظل ، فمر به الاب باخوميوس وقال له بوجع قلب : اتستظل ياتادرس ؟! فقام تادرس بسرعة ، ولما كان المساء تقدم تادرس اليه وقال : يا أبى انى اشعر بالم فى رأسى بسبب ضربة الشمس . فقال له الاب : يا تادرس ، ان رجلا راهبا يسلك طريق الكمال اذا مكث يعانى مرضا فى جسده عشرين عاما ، وهو متألم يجب الا يشكو لاحد من الناس الا من تلك الامراض التى لا يمكنه ان يخفيها ، وهذه الاخرى ايضا عليه ان يحتملها على قدر قوته والا يعطى نفسه راحة الا فة امر يفوق طاقته ، لانه مكتوب ان الروح مستعدة والجسد ضعيف . هل تظن ان تقطيع الاعضاء والحريق وحده شهادة ؟ لا ! بل ايضا تعب النسك و الضربات التى من الشياطين والامراض ، فمن يحتمل كل ذلك بشكر فذلك هو الشهيد والا فما الحاجة لان يكتب بوليس الرسو ل: (( انى اموت كل يوم )) فانه لم يكن يموت فى الظاهر كل يوم بل كان يصبر يحتمل ما يأتى عليه وكذلك رجال الله اليوم اذا كانوا فى امراض ويخفونها عن الناس فانهم يعتبرون شهداء ايضا. جهاده فى الصلاه والسهر : + لقد قيل دائما عن انبا باخوميوس انه كان يقضى وقتا طويلا فى جهاد الشياطين كمصارع حقيقى مثلما كان يفعل القديس انطونيوس ، ولما كانت شياطين كثيرة تأتيه فى الليل فانه طلب من الله ان يخلصه من النوم فى الليل كما فى النهار، حتى يستمر فى الصحو ويتمكن من ان يقهر العدو كما هو مكتوب (1) (( لا ارجع حتى افنيهم )) لان الايمان بالرب يفنى قوتهم ، فاعطى الله له هذه النعمة كما طلبها الى فترة (2) ولما كان الانبا باخوميوس طاهرا فانه كان يرى الله غير المنظور كما فى مرأة . اتضاعه العجيب : + بينما كان الانبا باخوميوس يعمل مع رهبانه بفرح وغبطة روحية قام انبا اثناسيوس الرسولى بزيارة رعوية . ولما دنا من منطقة دندرة سمع اصوات ترانيم وتسابيح الرهبان اللذين يسكنون تلك الناحية ، الذين خرجوا من ادريتهم لاستقباله متهللين ، وطلب مه سرابيون اسقف دندره ان يرسم باخوميوس كاهنا لان سرابيون حاول عبثا ان يضع اليد عليه ، وحين سمع باخوميوس ذلك الكلام اختفى عن الأنظار لانه من فرط اتضاعه كان يعتقد انه احط من ان ينال هذه الدرجة الكهنوتية السامية . فجمع الباب اثناسيوس رهبان انبا باخوميوس وقال لهم : سلموا لى على ابيكم وقولوا له بلسانى لقد هربت من المجد الباطل الذى كثيرا ما يثير الحسد فى النفوس . فلمنحك الله سول قلبك ، وانك مع هربك من المجد الفانى سعيت وراء المجد الباقى لذلك اعدك باننى لن اضع اليد عليك قسرا . وأمل ان اتيح لى المرور من هذا الطريق مرة اخرى ان افرح بلقياك . ولما شعر انبا باخوميوس بانصراف الباب السكندرى خرج من مكمنه أمنا مطمئنا . + جاء ضمن سيرة الاب باخوميوس ، انه فى بعض الاوقات بينما كان باخوميوس مع الاب بلامون ، وافاهما راهب قد استولت عليه الخبلاء والاعتداد بالذات واذا كان الوقت شتاء فقد كانت فدامهما نار تشتعل ، فلما راها الاخ الضعيف داخله السبح الباطل وقال لهما (( من منكما له ايمان صادق بالله ، فليقف على هذا الجمر ويقول الصلاه التى عليها السيد لتلاميذه )) . فلما سمع الشبح قوله هذا زحره قائلا : ( ملعون هو ذلك الشيطان النحس )) . فلم يحفل ذلك الاخ يقول الشيخح ولكنه قال (( انا )) ثم نهض قائما ووقف على ذلك الجمر المتقد كثيرا وقال الصلاه الانجيلية مهلا، مهلا ثم خرج من النار ولم تضره بشيى ء ومضى الى مسكنه بكبرياء قلب . فقال باخوميوس للشيخ : (( يعلم الرب ، انى عدجبت من ذلك الاخ ، الذى وقف على هذا الجمر ولم تحترق قدماه )) . فقال له الشيخ : (( لا تعجب يا البنى من هذا ، لانه بلا شك من فعل الشيان ، ولاجل انه لم يذلل قلبه ، تسامح الله فى ان لا تحترق قدماه ، كالمكتوب ان الله يرسل لذوى الاعوجاج طرقا معوجة (1) ولو علمت يابنى ما ينتهى اليه امره ، لكنت تبكى على شقاوته )). وبعد ايام قليلة ، لما رأة الشسيطان ان جاتنح لخداعه ، تشكل بصورة امراة جميلة جدا ، متزينة بثياب فاخرة ، فجاءت اليه ، وقرعت بابه، ففتح لها لوقته ، حينئذ اسفرت عن وجهها وقالت له : (( اعلم ايها الاب الخير ان على دينا لاقوام مقتدرين ، وهم يطالبوننى ، وليس لى ما اورفيهم ، واخشى ان يقبضوا على ، وياخذونى عبده لهم ، لانهم مسافرون ، فاعمل جميلا ، واونى عندك يوما واحدا او يومين حتى يمضوا فيكون لك من الله جزيل الاجر ، ومنى انا المسكينة صالح الذكر )). فاما هو فلا نغلاق قلبه ، لم يحس البلاء الذى دبر له ، داخل قلايته ، حينئذ لعبت عليه افكاره ، فعول على معاشرتها ، ومد يده نحوها ليتم الفعل النجس فاوقته باغته الشيطان وصرعه على الارض ، فضصاع عقله وبقى مسبخا كالميت نهارا وليلا ، ثم عاوده رشده فقام ، وجاء الى الشيخ بلامون وهو بالك ، فطرح ذاته بين يديه قائلا (( انا هو السبب فى هلاكى ، وعلة مماتى ، لانى لم اصغ الى كلامك ، ولذلك حل بى ما حل )) . وشرح ما حدث له ، ثم طلب صلاه ، فلما قاما ليصلى عليه باغته الروح النجس ، وطقر به طقره منكره ومضى مستكبرا مسافة بعيدة ، حتى وصل مدينة تدعى بانوس ، وبقى فيها ضائع العقل وقتا ، واخيرا زج بنفسه فى تنور متقد ،ـ حيث احترق وهلك (1). + حدث ان تقدم بعض الرهبان الى انبا باخوميوس يسألونه: (( قل لنا يا ابانا ما الذى يمكننا ان نعمله لنحظى بالقدرة على اجراء الايات والعجائب ؟)). اجابهم بابتسامة : (( ان شئتم ان تسعوا سعيا روحيا ساميا فلا تطلبوا هذه المقدرة لانها مشوبة بشيى من الزهو ، بل اسعوا بالحرى لتظفروا بالقوة التى تمكنكم من اجراء العجائب الروحية . فان رايتم عابد وثن وانرتم امامه السبيل الذى يقوده الى معرفة الله فقد احييتم ميتا ، واذا رددتم احد المبتدعين فى الدين الى الايمان الارثوذكسى فتحتم اعين العميان ، واذا جعلتم من البخيل كريما شفيتم يدا مشلولة ، واذا حولتم الكسول نشيطا منحتم اشفاء لمقعد مفلوج ، واذا حولتم الغضوب وديعا اخرجتم شيطانا ، فهل هناك شيىء يمع الانسان ان يناله اعظم من هذا)). + ولما سمع بسيرة الاب باخوميوس قوم من رهبان هراطقة ارسلوا اليه جماعة لايسين شعرا وقالوا للاخوة ان كبيرنا مقودونيوس قد ارسلنا الى ابيكم قائلا : (( ان كنت رجل الله حقا ، وما سمعناه عنك صحيحا ، فتعال لنعبر انا وانت النهر سائرين بارجلنا على سطح الماء ، فيعرف كل واحد عمليا من منا له دالة ووجاهة عند الله )) . فعرف الاخوب الاب بذلك ، فانكر عليهم ذلك قائلا : (( لماذا استجرتم سماع هذا الكلام بالجملة ؟ اما علمتم ان هذه المسائل بعيدة عن الله ، ولا تقبلها سيرتنا ؟ لانه اى ناموس يأمر بهذا ويبعثنا على القيام به ؟ )) . فقال الاخوة : (( ايتجاسر هراطيقى بعيد عن الله ان يستدعيك لمثل هذا ؟)). فاجابهم : (( قد يمكن للهراطيقى ان بعر على ظهر النهر كعبوره على ارض يابسه بمظافرة الشيطان اياه ، وبسماح من الله حتى لا ينفك كفره )) . فامضوا وقولوا لهم : هكذا قال عبد الله باخوميوس ان حرصى انا ، هو هذا : ليس لكى اعبر هذا النهر ماشيا ، بل كيف اعبر دينونة الله الرهيبة ، وان اعبر ايضا هذه الاعمال الشيطانية بقوة الرب )). ولما قال هذا الكلام اقتنع الاخهوة بالا يفتخروا باعمالهم ، ولا يشتهوا اجتراح الايات ، ولا يجربوا الله البتة حسبما كتبت : (( لا تجرب الرب الهك ) ). افرازه : ذكر بعض الاباء ، انه كان اخ من الاخوة يتنسك كثيرا ليس من اجل الله فلما رآه ابونا القديس باخوميوس وعلم امره ، وقال له على انفارد : تعلم يا أخى ان الرب يقول انى نزلت من السماء ليس لاعمل مشيئتى لكن مشيئة الاب الذى ارسلنى . فاسمع منى ما اريد ان اقوله لك لانى ارى ان الشيطان قد حسدك ويريد ان يهلك تعبك فاذا علمت ان الاخوة يريدون ان يأكلوا اذهب معهم وكل قليلا دون شبعك لاجل تدبير الجسد ، وهذا الشيىء ما يمنعك عن عبادة الله . واذا فرغت صلاه الاخوة ايضا لا تصل وحدك كثيرا حتى تغلب الشيطان وتهلك شيطان العجب والافتخار لانه قد اشتملك . فلما سمع هذا الكلام قبله من ذلك الوقت فقط ، ثم انه رجع الى ضلالته قائلا فى نفسه : ان كنت لا تصوم ولا تصلى ولا تتنسك فانا اباشر هذه الاعمال التى تخلصنى .. ثم بدا يصلى ايضا ، فلما سمع القديس بذلك ، دعا تلميذه تادرس وقال له : انى حزين كثيرا من اجل فلان . امض فانظر اى شيىء يعمل . فلما ذهب اليه وجده يصلى بدوام فرجع الى عند الشيخ واخبره بذلك فقال له القديس : ارجع اليه وامنعه من الصلاه ، واذا منعته حينئذ يتبين لك الشيطان الذى استولى عليه . واذا رأيت ذلك امسكه انت الى ان اجيىء انا . فانطلق تادرس وصنع كذلك ، فلما منعه من الصلاه صرخ على تادرس قائلا: يامنافق انت تمنعنى ان لا اصلى . ثم تناول عودا عظيما وقصد ان يضرب به تادرس على راسه فانتهره باسم الربي وللحين ترك العود ، وقال لتادرس ذلك المجنون : اتريد ان تعلم ان الذين يصلون بلده من فعلنا يضلون . فغسمع ذلك وبدأ المريض يصلى تسبحة موسى الاولى ، فلما سمع ذلك تادرس تعجب وفزع قائلا : كم من اليقطة والانتباه تلزم الانسان حتى يتخلص من تجارب الشيطان . وان ابونا باخوميوس اتى واخذ الاخ المطغى الى الكنيسة وجمع الاخوة وامرهم ان يصلوا معه ويطلبوا من الله ان يرجع ذلك الاخ . وان الله الرحيم شفاه وخلصه من الشيطان النجس وعاد الاخ فيما بعد بكل طاعة واجتهاد واتضاع خاضعا للقديس ، مطيعا اوامره الحسنة ، بركة صلاته تكون معنا . + فى بعض الاحيان ظهر الشيطان للاب باخوميوس فى صورة السيد المسيح يتجلى ، وقال له : ( افرح ياباخوميوس لانى جيئت لافتقادك ) ففكر فى نفسه قائلا : ( من شأن المناظر الالهية انها من لذة بهجتها وحلاوة نعيمها تسبى خيال مستحقيها اليها ولا يبقى لهم فكر اخر ، ولكن افكارى الان تروى فنونا والوانا ) . فلما وجده الشيطان مفكرا فى هذا ، ابعد عنه الافكار ، فقال الاب فى نفسه : (( انى كنت افكر افكارا والان فلا وجود لها )) . واذا قال ذلك فى نفسه قام الى الشيطان وهو باسط يده كمن يريد ان يمسكه وفى الحال صار كدخان وتلاشى . رعايته : ومما يؤثر عن العناية البالغة التى كان يبديها ابو الشركة برهبانه انه كان يجلس كل مساء معهم بعد صلاة الغروب ليستمع الى اسئلتهم ويجيب عنها . نياحته : فى سنة 348 م تفشى فى مصر وباء الطاعون وبلغ اديرة الصحارى . فكان الانبا باخوميوس فى هذا الظرف يطوف بين المصابين بهذا الداء . وبيما كان ابو الشركة يحضر شعائر القداس الالهى ليلة عيد الصعود (1) المجيد احس بعوارض ذلك المر الخبيث فى جسمه . وبعد انتهاء الخدمة دعا تلاميذه واخذ يوصيهم بالمحافظة على قوانين الشركة الروحية والعمل بها . وما ان فرغ من وصيته لهم حتى اسلم روحه الطاهرة . |
||||
12 - 06 - 2014, 08:50 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
القديس مار اسحق هو ناسك عظيم من محبى الوحدة والسكون ، ترهب هو واخوه حسب الجسد فى احد اديرة طور سيناء ونال الاثنان شهرة كبيرة ثم اتجه كل منهما اتجاها خاصا بختار مار اسحق حياه السكون الكامل بينما صار اخوه رئيسا للدير ، ووصلت محبة الوحدة بمار اسحق انه عاتب اخاه عتابا شديدا فى رسالة مشهورة له عندما طلب منه ان يزور الرهبان فى الدير وشرح مار اسحق الاضرار التى تصيبه من مجرد النزول الى الدير . والعجيب فى كل ذلك ان هذا المتوحد العظيم على الرغم من محبته الكاملة لحياة السكون صار اسقفا لنينوى ، لسنا ندرى ما هى الظروف التى لابستن هذا الامر ، ولكن التاريخ يسجل لنا انه لما وجد ان الاسقفية تحرمه من حياه السكون ترك الاسقفية ومضى . وفى هروبه لم يرجع الى مغارته الاولى وانما ذهب الى برية شيهيت واستقر فيها سنوات وقد وضع مؤلفات ضخما من اربعة كتب عن طقس الوحدة يعتبر من اروع الكتب فى هذا الموضوع وانتفع فيه باراء كبار الاباء فى هذا المجال كالقديس مقاريوس الكبير ومار اوغاريس والقديس يوحنا التبايسى وغيرهم . |
||||
12 - 06 - 2014, 08:51 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
الأنبا أرسانيوس معلم اولاد الملوك حياة القديس ارسانيوس الأولى ونشأته : جاء عن القديس ارسانيوس انه كان من روما العظمى وكان من افاضل فلاسفتها . وكان والده من اكابر البلاط المقربين إلى الملك فلما ملك تاودسيوس ارسل إلى الملك والبابا بروما طالبا رجلا فليسوفا يحسن اللغتين الرومية ( اللاتينية ) واليونانية لكى يعلم اولاده الحكم والادب ، فلم يجدوا فى كل فلاسفة روما رجلا يشبه ارسانيوس فى الحكمة والفضل ومخافة الله فارسلوه إلى الملك بالقسطنطينية ففرح به الملك واحبه لفيض معرفته ، ولاجل نعمة الله التى كانت عليه . فسلم له الملك اولاده وقدمه على كل اكابر مملتكه . وكان إذا ركب يكون قريبا من الامبراطور وكان له امر نافذ وعبيد كثيرون يقومون بخدته ولم يتخذ فى بيته امرأة . خروجه إلى العالم : لما بلغ مركزا هكذا بدأ يفكر فى نفسه قائلا: ان كل هذا لابد له ان يتلاشة كما ينحل المنام ، وان كل غعنى الدنيا وجدها وجاهها عبارة عن حلم . ولا يوجد شيىء ثابت غير قابل للتغير وانه لا ينفع الإنسان الاخير بقدمه قدامه )). فزهدت نفسه كل شيىء ، وصار يطلب من الله كل وقت قائى : (( عرفنى يارب كيف اخلص )) فجاءه يوما صوت يقول له L ياراسانى اهرب من الناس وانت تخلص ). وصوله الاسقيط : قام لوقته وترك كل شيىء ونزل إلى البحر فوجد سفينه اسكندرية تريد السفر ، فركب فيها وجاء بها إلى الاسكندرية ومن هناك اتى إلى الاسقيط ، إلى الاب مقاريوس ، ذاك الذى اسكنه فى إحدى القلالى الخارجة عن الدير لانه وجده عاشقا للهدوء . وبعد حضوره بأيام قلائل تنيح الاب مقاريوس . حياته الرهبانية الأولى بدأ القديس ارسانيوس حياته الرهبانية بنسك عظيم وصلاه وقداسه وزهد حتى فاق كثيرين وسمع بفضله اولاد اكابر اللقسطنطينية وامرائها وابتدأ كثيرين منهم يتزهدون ويجيئون إلى ديار مصر ويترهبون . + ميله الشديد للتعليم : بدأ القديس حياته الرهبانية بميل شديد للتعليم ، فقط قيل عنه : كان انبا ارسانيوس دفعة يسأل أحد الشيوخ المصرين عن افاره فرآه شيخ آخر وقال له : يا ابتاه ارسانيوس كيف – وانت المتأدب بالرومية واليونانية – تحتاج إلى ان تسأل هذا المصرى الامى عن افكارك ؟ .. اجابه انبا ارسانيوس قائلا : (( اما الأدب الرومى واليونانى فانى عارف به جيدا .. اما الفا فيطا التى احسنها هذا المصرى فانى إلى الآن لم اتعلمها )) وكان يقصد طريق الفضيلة . + طريقة تدريبه : ان انبا ارسانيوس لاجل انه ربى فى الملك ونشأ فى الملك وكمان ذا جسد مترفه كاولاد الملوك ، لم يقدر سريعا ان يعبر فى طريقة رهبان المصرين ولا صعوبة مسلكهم عاجلا ، بل كان يأخذ نفسه بقطع شهوته بالتدريج قليلا حتى يصل إلى درجاتهم (1). والعجيب انه لم يكن محتاجا إلى طرقة مباشرة فى تعليمه بل كان يستقى الحياه النسكية مما يحدث حوله واحيانا كثيرة كانت تكفيه الاشارة كما حدث فى القصتين التاليتين . 1- جلس الاب ارسانيوس فى بعض الأيام يأكل فولا مسلوقا مع الاخوة وكانت عادتهم ان لا ينقوه . اما هو فكان ينقى الفول الابيض من بين الاسود والمسوس ويأكله فلم يوافق رئيس الدير على ذلك وخشى ان يفسد نظام الدير . فاختار رئيس الدير أحد الاخوة وقاله له : (( احتمل ما افعله بك من اجل الرب )) . فأجابه الاخ : امرك ياأبى . وقال : اجلس بجانب ارسانيوس ونق الفول الابيض وكله – فعمل الاخ كما امره رئيس الدير الذى فاجأه بلطمة مرة على صدغه وقال : كيف تنقى الفول الابيض لنفسك وتترك الاسود لاخوتك ؟.. فصنع ارسانيوس مطانية للرئيس وللاخوة وقال لذلك الاخ : (( يا أخى .. أن هذه اللطمة ليست لك ولكنها موجهة لخد ارسانيوس )) . واردف قائلا : (( هوذا ارسانيوس معلم اولاد الملوك اليونانين لم يعرف كيف يأكل الفول مع رهبان اسقيط مصر ) . وهكذا ازداد فهما واحتفاظا بموهبته . 2- قيل ان أحد الاخوة المجاورين لقلاية انبا ارسانى خرج يوما ليقطع خوصا . وكان يوما حره شديد . فلما قطع الخوص ورجع اراد ان يأكل فلم يمكنه ان يبلع الخبر اليابس لان الحر كان قد يبس حلقه . وفى ذلك الوقت كان الاخوة بالاسقيط يسلكون بتقشف عظيم ونسك زائد فأخذ الاخ وعاء به ماء واذاب فيه قليلا من الملح ، وبل الخبر وبدأ يأكله .. فدخل إليه الاب اشعياء ليفتقده ، فلما احس الاخ بالانبا اشعياء رفع الوعاء وخابأة تحت الخوص . وكان انبا اشعياء رجلا ذكيا حارا فى الروح جدا . وكان يعلم بأن انبا ارسانيوس يعمل صنفين من الطعام : بقلا وخلا ولكن لاجل احتشامه لم يرد الاباء ان يكسروا قلبه سريعا . فوجد انبا اشعياء انها فرصة مناسبة لان يؤدب انبا ارسانيوس بواسطة هذا الاخ . فقال للاخ: ما هذا الذى خبأته منى ؟ .. فقال الاخ : ( اعفر لى ياابى مناحل محبى السيد المسيح لقد دخلت البرية لاقطع خوصا فاشتد على الحر جدا لدرجة انه سد حلقى. فلما دخلت القلاية اردت ان اكل فلم استطع بلع الخبز لجفاف فمى وحلقى فاخذت ماء واذبت فيه قليلا من الملح وبللت به القراقيش ( الخبز الجاف )) ليسهل لى بلعه )). فأخذ الانبا اشعياء الوعاء وخرج ووضعه قدام قلاية انبا ارسانيو وقال للمراقب : دق الجرس كى يحضر الاخوة ليصيروا الاخ زيتون كيف يأكل مرقا ، فلما حضروا التفت إلى الاخ وقال له أمام الاخوة : يا أخى ، لقفد تركت تنعمك وكل مالك وجثث إلى الاسقيط حبا فى الرب وفى خلاص نفسك فكيف تريد الآن ان تلذذ ذاتك بالاطعمة ؟.. ان تريد ان تأكل مرقا امض إلى مصر لانه لا يوجد فى الاسقيط تنعم فلما سمع الانبا ارسانيوس قال لنفسه : هذا الكلام موجه إليه يا ارسانى ، وفى الحال امر خادمه ان يعمل له بقولا فقط . وقال : ها أنا قد تأدبت بسائر حكمة اليونانين اما حكمة هذا المصرى بخصوص الاكل وحسن تدبير فانى لم اصل إليها بعد . لقد صدق الكتاب اذ يقول : وتأدب موسى بكل حكمة المصرين . + موته عن العالم : دفعه اتى إليه رجل يدعى جسربانوس بوصية من رجل شريف من جدنسه مات واوصى له بمال كثير جدا . فلما علم القديس بذلك هم بتمزيق الوصية فوقع جسريانوس على قدميه وطلب إليه إلا يمزقه وإلا فرأسع عوضها ، فقال له القدس : أنا قدمت منذ زمان وذلك مات ايضا . وبذلك صرفه ولم يأخذ منه ولا فلسا واحدا . حياته فى التوحد 1- جهادة فى الصلاه والسهر : + قيل عنه انه كان يستمر الليل كله ساهرا . فإذا كان الغد كان يرقد من اجل الطبيعة مستدعيا النوم قائلا: هلم ياعبد السوء وكان يغفو قليى وهو جالس ، ولوقته يقوم وكان يقول : (( يكفى للراهب ان يرقد ساعة واحد من الليل ان كان عمالا. + قيل ايضا انه فى ليلة الاحد كان يخرج خارج قلايته ويقف تحت السماء ويجعل الشمس خلفه ويبسط يديه للصلاه حتى تسطع الشمس فى وجهه ثم يجلس. وفى جهاده مع الشياطين ورد ما يلى : قصده الشياطين مره ليجربوه . فلما جاءه اللذين يخدموه سمعوا صوته وهم خارج القلاية وهو يصرخ إلى الله ويقول : (( يارب لا تخذلنى فأنى ما صنعت قدامتك شيءا من الخير .. لكن هبنى من فضلك ان ابا فى عمل الخير .. )). + وقد اخبر عنه دانيال تلميذه فقال : (( انه ما طلب قط ان يتكلم من كتاب بل كان يصلى من اجل ذلك لو اراد . وما كان يكتب رسالة )) . + حدث مرة ان ذهب أحد الاخوة إلى قلاية القديس ارسانيوس فى الاسقيط ، وتطلع من النافذة فأبصر الشيخ واقفا وجسمه كله مثل نار ، وهذا الاخ كان مستحقا لرؤية ذلك المنظر . فطرق الباب وخرد إليه الشيخ ولما رأى الشيخ أن الاخ كان مندهشا من المنظر الذى رآه قال له : (( هل كنت تطرق على الباب لمدة طويلة ؟.. وهل رأيت شيئا غير عادى؟.. ثم خاطبه ابا ارسانيوس وصرفه . + مره دعا تلميذيه الكسندر وزويل وقال لهما : ان الشيطاين تقاتلنى ولكونى لا أدرى ان كانت تحربنى بالنوم فهلما اتعبا معى فى هذه الليلة واسهرا واراقبانى وانظرا ان كنت اغفو اثناء سهرى ، فجلسا واحد عن يمينه والاخر عن يساره من غروب الشمس إلى شروقها ، وقد قالا : اننا نمنا واستيقظنا ولم نلاحظ انه نام بالمرة ولكن لما بدأ النهار يلوح نفخ ثلاث نفخات كأنه نائم وساء اكان ذلك عن قصد حتى نظن نحن انه قد نام او ان النعاس قد غلبه لسنا ندرى – ثم نهض وقال لنا : هل كنت نائما ؟. فقلنا له : لاندرى يا أبانا لاننا انفسنا قد غلبنا النوم . وهكذا كان القديس يخفى فائله ويتظاهر ان يغلب بالنوب لكنه كان يقظا ساهرا . 2- صمته .. وهدوئه . + قيل عن انبا ارسانيوس انه بعدما هرب من القسطنطينية واتى إلى الاسقيط كان يداوم على الصلاه والتضرع إلى الله ان يرشده إلى ما ينبقى له ان يعمل وكيف يتدبر . وبعد مضر ثلاث سنين جاءه صوت يقول له : (( يا أرسانيوس .. الزم الهدوء والبعد عن الناس واصمت وانت تخلص لان هذه هى عروق عدم الخطية ) . \ فما ان سمع الصوع دفعه ثانية حتى كان يهرب من الاخوة ويلزم نفسه الهدوء والصمت . \ + ذكر عنه ايضا انه لما ابتدأ اني تعلم الصمت كان جحاءه الصوت لم يقدر سريعا . فوضع حصاه وزنها اثنا عشر درهما فىفمه ثلاث سنين لا يخرجهخا إلا وقتما كان يأكل او يجيئه غريب فكان يعزيه لاجل الله . وبهذه الفضيلة قوم السكوت وعلم فمه الصمت . ( 820 ميامر ) من 5 + وخبر عنه ايضا انه من كثرة الهدء والسكينه التى كانت له ، دخلت عليه فى قلايته الشياطين وتقدم منه واحد ومعه سكين يريد ان يقطع بها يدريه فلم ينزعد القديس ولا اختبل بل مد يده وقال اعمل ما شئت لاجل محبة المسيح . فلما رأى العدو الشطان هذا الهدوء وهذا الصبر صاح : (( احرقتنى ايها الشيخ بكثرة هدوئة واتضاعك (1) + قال : كثيرا ما تكلمت وندمت ، وأما عن السكوت فما ندمت قط )) . والقصة التالية توضح مقدار محجبة القديس ارسانيوس للسكوت من جهة ومن جهة اخرى كيف ان مواهب الروح القدس فى الكنيسة متعددة . + حدث مرة ان جاء اخ غريب إلى الاسقيط ليبصر الانبا ارسانيوس فاتى إلى الكنيسة وطلب من رجال الاكليروس ان يروه اياه ، فقالوا له : كل كسرة خبر وبعد ذلك تبصره ، فقال : لن اتذوق شيئا حتى ابصرفه . فارسلوه معه اخا ليرشده إليه لان قلايته كانت بعيدة جدا . فلما قرع الباب فتح له وصليا وجلسا صامتين . فقال الاخ الذى من الكنيسة : أنا منصرف فصليا من اجلى . اما الاخ الغريب فلما لم يجد له دالة عند الشيخ قال : وأنا منصرف معك كذلك ، فخرجا معا . فطلب إليه ان يمضى به إلى قلاية انبا موسى الذى كان اولا لصا . فلما اتى إليه قبله بفرح ونيح وغربته وصرفه . فقال له الاخ الذى ارشده : ها قد اريتك اليونانى والمصرى . فمن من الاثنين ارضاك ؟. اجابه قائلا : اما أنا فاقول : ان المصرى قد ارضانى . فلما سمع أحد الاخوة ذلك صلى إلى الله قائلا : يارب اكشف لى هذا الأمر ، فان قوما يهربون من الناس من اجل اسمك وقومك وقوما يقبلونهم من اجل اسمك ايضا . والح فى الصلاهوالطلبة فتراءت له سفينتان عظيمتان فى لجة البحر . ورأى فى احداهما انبا ارسانيوس وهو يسير سيرا هادئا وروح الله معه . ورأى فى الاخرة انبا موسى وملائكة الله معه وهم يطعمونه شهد العسل (1). 3- حياة التخشع المستمرة والدموع : + قيل عنه : انه إذا جلس يضفر الخوص كان يأخذ خرقة ويضعها على ركبتيه لينشف بها الدموع التى كانت تتساقط من عينيه . وفى زمان الحر كان يرطب الخوص بدموعه وهو يضفر من اجل ذلك كان شعر جفونه يتساقط من كثرة البكاء . + قيل عنه ايضا : انه فى كل بكره وعشية كان يحاسب نفسه ويقول : (( ماذا عملنا مما يحب الله ، وماذا عملنا مما لا يحب الله )) ، وهكذا كان يفتقد حياته بالتوبة . + وكان يقول كل الاوقات : (( تأمل يا أرسانى فيما خرجت لاجله )). 4- تقشفه : (I) الاكل بقدر : + قال عنه دانيال أحد تلاميذه : ان مؤونته فى السنة كان تلبس قمح واذا جئنا إلى عنده كنا نأكل منها . + وقيل عنه ايضا : انه عندما كان يسمع ان الفواكه نضجت على الأشجار كان يطلب من الاخوة ان يحضورا له بعضا منها ، إذا اعتاد ان يأكل مرة واحد فى السنة كل نوع من انواع الفواكه حتى يقدم التمجيد لله . (II) التعرى من الترف : وما كان يحدد ماء الخوص إلا دفعة واحدة فى السنة فكلما نقص الماء اضاف إليه قليلا منه وهكذا صارت له رائحجة كريهة جدا ونتن لا يطاق وكان يعمل الضفيرة ويخيط إلى ست ساعات يوميا . وحدث ان زاره الاب مقاريوس الاسكندرى . فلما اشتم الرائحة قال له : (( يا أبانا ارسانيوس لم لا تغير هذا المال لانه قد انت ؟ فاجابه انبا ارسانيوس قائلا : (( الحق انى لا استطيع ان اطيقها . لكنى اكلف نفسى باحتمال هذه الروائح الكر يهة وذلك عوض الروائح الزكية التى تلذذت بها فى العالم .فلما سمع الاخوة الموجودين ذلك انتفعوا . (ج) عمل اليدين : + ذكر عن انبا ارسانيوس انه من يوم اخذ الاسكيم لم يبق فى قلايته اكثر من حاجته بل كان يتصدق بالباقى للجميع . وكان قد تعلم ضفر الخوص من الرهبان ، وكان يضفر القفف والمراوح وغيرها ويبيع ويأكل منه ويشترى خوص الضفائر ويتصدق بما تبقى . وهكذا كان عمله دائما (1). اتضاع القديس وانكار ذاته : + حىء إلى الاسقيط مرة بقليل من التين فاقتسمهما الرهبان فيما بينهم ولاجل انه شيىء ضئيل استحو ان يرسلوا له منه شيئا قليلا وذلك لجلاله منزله . فلما سمع الشيخ امتنع عن المجىء إلى الكنيسة وقال : (( افرزتمونى من الاخوة ولم تعطونى من البركة التى اسلها الله كأنى لست اهلا لان آخذ منها ، ولوجه آخر نسيتمونى بسبب كبريائى )). فلما سمعت الجماعة انتفعوا من اتضاع الشيخ وانطلق القس واتاه بنصيب من التين ففرح وجميعهم سبحوا الله وجاء معهم إلى المجمع . + قيل عن انبا ارسانيوس وتادرس الفرمى انهما كان مبغضين للسبح الباطل جدا اكثر من غيرهم من الناس . أما أنبا ارسانيوس فلم يكن يلتقى بالناس كيفما اتفق . وأما تادرس فأنه وان كان يلتقى بهم لكنه كان يجوز بسرعة كالرمح . + مرض الانبا ارسانيوس مرة واحتاج إلى شىء قيمته خبزة واحدة . واذ لم يكن له ما يشترى به ، اخذ من انسان صدقة وقال : (( اشكرك يالهى يا من اهلتنى لان اقبل اصدقة من اجل اسمكم )) . + وحدث وهو فى الاسقيط ان مرض فمضى القسيس وجاء به إلى الكنيسة ووضعه على فراشر صغير ووضع تحت رأسة وساده من جلد الغنم ، فلما جاء بعض الشيوخ ليتفقدوه وروأو الفراش والوسادة قالوا : أهذا هو ارسانيوس المتكىء على هذا الفراش .. ؟! فما كان من القسيس إلا ان اختلى بأحدهم وسأله قائلا : ماذا كان عملك فى بلدتك قبل ان تترهب ؟ قال : راعيا . قال له : وكيف كان تدبيرك فى عيشتك ؟أجابه : تدبير المشقة والتعب . والان كيف حالك فى قلايتك فا أجابه بكل ارتياح افل مما كنت فى العالم . فقال له القسيس : إلا تعلم ان انبا ارسانيوس هذا كان فى العالم ابا لملوك ، وكان له ألف غلام من اصحاب المناطق الموشاه بالذهب واطواق اللؤلؤ .. وكان له عبيد وخدم يقومون بخدمته وهو جالس على الكرسى الملوكية وتحته البرفير والحرير الخاص الملون ، فأما انت فقد كنت راعيا ولم يكن ذلك فى العالم ما هو لك الآن من النباح ، اما هذا فليس له شىء من النعيم الذى كان له فى العالم . فالان انت مرتاح اما هو فمتعب. فلما سمع الشيخ ذلك ندم وصنع مطاينة قائلا: اغفر لى يا أبى فقد اخطأت . بالحقيقة هذا هو الراهب لانه اتى إلى الاتضاع واما أنا فقط اتيت إلى نياح وانصرف منتفعا . + قال انبا دانيا عن انبا ارسانيوس انه بتمسكه بالسكون كان يمتنع عن الكلام فى تفسير الكتاب المقدس بالرغم من قدرته على ذلك ، إذا رغب ، كما انه لم يكن ليكتب حرفا واحدا بسرعة . محبته للوحدة وتجلده فيها : قيل ان قلايته كانت على بعد اثنين وثلاثين ميلا ، وما كان يأتى بسرعة وكان اخرون يهتمون به . فلما خرب الاسقيط خرج باكيا وقال : اهلك العالم رومية . واضاع الرهبان الاسقيط . لماذا يهر ب من الناس : سأل الاب مقاريوس انبا ارسانيوس مرة قائلا: لماذا تهرب منا يا أبتاه ؟ )).فا أجابه الشيخ قائلا: (( الله يعلم انى احبكم ، ولكنى لا استطيع ان اتكون مع الله ومع الناس فلهم ارادات كثيرة وهكذا لا استطيع ان اترك الله واصير مع الناس )). الخروج إلى الدير ثم إلى الوحدة : + سأل الاخزوة : (( لماذا اعتبر الشيوخ انبا ارسانيوس فى خروجه من العالم إلى الدير ثم فى خروجه من المجمع إلى الوحدة مثالا سجلوه فى الكتب ؟)) هنا رد أحد الشيوخ : (( ذلك لان انبا ارسانيوس قد اخرجه الله إلى الدير – ثم اخرجه إلى الوحدة . ولانننا واثقون ان هاتين الدعوتين كانتا حسب ارادة الله فحق للشيوخ ان يأخذوا قانونهم من حياه رجل الله هذا )). وقد فسر أحد الشيوخ القدمات هذين الندائين فقال : سأل بعض الاخوة أحد الشيوخ القديسين : (( فسر لنا الندائين سمعهمها انبا ارسانيوس )) . ما معنى ما قيل له فى النداء الأول . (( فر واهرب من الناس وأنت تحيا )) . وما معنى ما قيل له فى النداء الثانى : (( اهرب ، واحفظ السكون ، هش حياة التأمل فى السكون لان هذه هى الامور الرئيسية التى تحفظ الإنسان من الخطية ؟)). اجاب الشيخ ان النداء (( فر واهرب من الناس وانت تحيا )) معناه ان اردت ان تتخلص من الموت الكامن فى الخطية ، وان تحيا الحياه الكاملة التى فى الصلاح اترك ممتلكاتك وعائلتك ووطنك ، وارحل إلى البرية (( أى إلى الصحارى والجبال إلى الرجال القديسين واتبع معهم وصاياى وانت تحيا حياة النعمة . والمقصود من : (( اهرب ، والزم السكون ، عش حياة التأمل فى السكون )). انك لما كنت فى العالم وكنت مسوقا بمشاغل الامور التى فى العالم جعلتك تخرج منه وارسلتك للسكنى مع الرهبان ، حتى بعد فترة قصيرة من السكنى فى مجمع الرهبان يمكنك ان تسمو باتباع وصاياى بانطلاق ، وللتأمل فى السكون . والان إذا قد تدريب التدريب الكافى فى النداء الأول تستطيع ان تهرب من المدير (( مجمع الاخوة )) وتدخل إلى الوحدة فى قلايتك ، تماما كما انطلقت من العالم ودخلت إلى الدير . اما معنى (( احفظ السكون وعش حياة التأمل فى السكون )) فهو : انك اذقد دخلت إلى الوحدة فى قلايتك فلا تعط للزائرين فرصة المجىء اليك والتحدث معهم بلا ضرورة إلا فى الامور التى تتعلق بسمو الروح ، فإذا فعلت هذا فسوف تجنى ثمار الجلوس فى السكون والتأمل ، لانه بالنظر وبالمسع وبالحدث مع الزائرين الذين يأتون اليك فقوة الافكار التى تعطيش فيها تنقلك بعيدا فتشتت تأملاتك وسكونك ، ولكن لا تظن ان مجرد ترك الاخوة فى الدير او عدم قبول زائرين فى قلايتك يكون كافيا ليجعل عقلة هادئا او يمكنك من التأمل فى الله واصلاح ذاتك ما لم تحترس بالاكثر إلا تشغل عقلك بهم باية طريقة حينما يكونون بعيدين عنك .. فان الراهب عندما يتذكر أى انسان إنما يتذكره مرتبطا ببعض الميول أى بميول الاشتياق او الغضب او المجد الباطل ، فان حدث ان العقل جال فى اموره عادية فانه ما لم يقطعها عنه لابد ان يتجه تفكيره بالضرورة إلى الذكريات المتصلة ببعض هذه الامور . وهكذا الحال مع المبتدء فى حياة التأمل فى السكون إذا ما نذكر النساء فانه يسقط فى شهوة الزنا . واذا ما تذكر الرجال يسقط فى الغضب بالفكر . وحياججهم ويؤنبهم ويدينهم او يطلب منهم تكريما له ثم يميل إلى الحياه السلبية . وكذلك لما سألوا انبا مقاريوس . ما هو الطريق السليم للمبتدىء فى قلايته ؟. قال : (( لا يتذكرون الراهب فى قلايته انسانا فانه لا ينتفع شيئا من اجهاد افكاره فى المناقشات مع الناس وعليه ان يعتنى بضبط افكاره فى الخفاء من محجاججتهم وهذا ما قصد بنداء : (( اهرب ، الزم السكون والتأمل الصامت )). ارسانيوس والاب البطريرك : + اتى ذات يوم الباب ثاؤفيلس البطريرك ومعه والى البلاد إلى انبا ارسانيوس وسألوه كلمة فسكت قليلا ثم ثال لهم : (( انت قلت لكم شيئئا فهل تحفظونه ؟ )) فلما ضمن له الباب البطريرك امر حفظه قال لهم : (( اينما سمعتم بارسانى فلا تدنوا منه )). + وحدث ايضا مرة ان اشتهى البابا البطريرك ان يراه ، فارسل إليه يستأذنه ان كان يفتح له فأجاب : ان جئت فتحت لك ، وان فتحت لك فلن استطيع ان اغلق فى وجه أحد . وان فتحت لكل الناس فلن استطيع الاقامة هاهنا )). فلما سمع الاب البطريرك هذا الكلام قال : (( ان مضينا إليه فكانتا نطرده فالافضل إلا نمضى إليه )). زيارة اخ للقديس : دفعة اتاه أحد الاخوة وقرع بابه ففتح له ظانا انه خادمه ، فلما رآه انه ليس هو وقع على وجهه – فقال له الاخ : قم يا أبى حتى اسلم عليك ولو على الباب . فقال له الشيخ : لن اقوم حتى تنصرف . والح الاخ فى الطلب فلم يقم . فتركه الاخ وانصرف . زيارة بعض الاباء للقديس : زاره مره بعض الشيوخ وسألوه عن السكون وعن قلة اللقاء فقال لهم : ان العذراء ما دامت فى بين والديها فكثيرون يريدون خطبتها . فان هى دخلت وخرجت فانها بذلك لن ترضى كل الناس لان بعضهم يزدريها وبعضهم يشتهيها ، ولن تكون لها الكرامة إلا وهى مختفية فى بيت ابيها . هكذا النفس المهندية الهادئة المعتكفة متى اشتهرت تهلهلت . زيارة إحدى العذارى من بناء رؤساء البلاط فى روما : سمعت بخبره عذراء من بناء رؤساء البلاط فى روما . وكانت غنية جدا وخائفة من الله ، فلما جاءت لتبصره ومعها مال كثير وحشم وجنود ، تلقاها البابا ثاؤفيلس البطريرك بوقار كثير واضافها . فسالته ان يطلب إلى الشيخ بأن يفسح لها الطريق للمضى إليه . فكتب يقول له : ان السيدة (( ايلارية السقليكى ))(1)ابنة فلان من بلاط ملك رومية تريد ان تأذن لها برؤيتك لاخذ بركتك . وكتب ذلك لمقدم الاديرة بان يمكن السيدة (( ايلارية السقليكى )) من زيارة الاباء القديسين واخذ بركتهم . فلم يشاء الانبا ارسانيوس ان تأتى إلى البرية وانفذ لها بركة من عنده وقال لها : (( هوذا قد علمت بتعبك وسفرك ونحن مصلون لاجلك . فلا تحضرى لانى لا اشاء ان ابصر وجه امرأة ))ز اما هى فلم تقبل وقالت : (( ان ثقتى بالله ان ابصر وجهك الملائكى ، لانىلا ما تبعت وجئت لانظر انسانا – فبلدى كثيرة الناس – بل اتيت لاعاين ملاكا )) . وامرت ان يشدوا على الدواب حتى اتت إلى البرية فلما وصلت إليه كان القديس ارسانيوس خارج قلايته . فما ان ابصرته حتى خرت عند قدميه فاقامها بعض وقال (( لقد اثرت ان تبصرى وجهى . وها انت قد ابصرتيه فماذا استندت ))؟. اما هى فمن احتشامها لم تستطع النظر فى وجهه . فقال لها : (( إذا سمعت بأعمال فاضلة فاعملى على ان تمارسيها ولا تجولى طالبة فاعليها . كيف تجرأت فعبرت هذه البحار ؟ اما تعلمين انك امرأة ولا يليق بك الخروج إلى مكان ما اتريدين المضى إلى رومية قائلة للنساء الباقيات أننى رأيت ارسانى . فتحولين البحر طريقة للنساء ليأتوا إليه )). فأجابته السيدة قائلة : (( انى لايمانى يا ابى اتيت اليك وان شاء الله لن ادع امرأة تأتى اليك ، فصل من اجل واذكرنى دائما )) . فاجابها منتهرا قائلا: (( لا بل انى اصلى إلى الله ان يمحو خيالك واسمك وذكرك وفكرك من قلبى )) . وتركها ودخل قلايته . فلما سمعت ذلك لم ترد له جوابا ورجعت وهى قلقة الافكار ولما دخلت الاسكندرية اعترتها حمى لفرط حزنها . اما الباب ثاؤفيلس البطريرك فانه استقبلها باكرام جزيل وسألها عن امرها . فقالت : (( يا أبتاه ليتنى ما قابلت الشيخ لانى لما سألته ان يذكرنى اجابنى )) . انى اصلى إلى الله ان يمحجو خيالك واسمك وذكرك وفكرك من قلبى )) وهوذا عبدتك تموت من الحزن . فقال لها الباب البطريرك : (( إلا تعلمين انك امرأة . وأن العدو يقاتل الرهبان بالنساء . فالى ذلك اشار الشيخ . واما عن نفسك فهو يصلى دائما وغير ناس تعبك وسفرك )) فطاب قلبها ورجعت إلى بلادها مسرورة . + حدث مرة ان كان انبا ارسانيوس قلا فعزم على ان يترك قلايته دون ان يأخذ معه شيئا منها ، وذهب إلى تلميذيه الكسندر وزوبل بشخصه وقال لا لسكندر قم واذهبي إلى المكان الذى كنت فيه ( وفعل السكندر ذلك ) وقال لزويل قم وتعال معى إلى النهر وابحث لى عن سفينه قاصدة الاسكندرية ثم ارجه واذهب إلى اخيك ، وقد تعجب زوبل من هذا الحديث ، وعلى ذلك فقد افترقوا – اما القديس ارسانيوس فقط انطلق إلى الاسكندرية حيث مرض مرضا خطيرا . وعاد تلميذاه إلى المكان الذى كان يسكنان فيه قبلا وقال أحدهما للاخر : (( ربما اساء احدنا إلى الشيخ ولهذا افترق عنا )) ولكن لم يمكنهما ان يجدا فى نفسيهما سببا يكون قد ايقة .وكان لما عوفى الشيخ انه قال : (( اقوم واذهب إلى الاباء )) وارتحل وعاد إلى (( البترا Patara)) (1) حيث كان تلاميذه ، واثناء عبوره النهر رأته جارية حبشية واتت من ورائه وامسكت بثوبه وجذبته ، فزجرها الشيخ . اما هى فأجابته : (( ان كنت راهبا فاذهب إلى الجبل )) فانت الشيخ نفسه بهذه الاشارة وقال فى نفسه : (( ارسانيوس ، ان كنت راهبا فامض إلى الجبل )). من ثم استقبله تلميذاه الكسندرا وزوبل وخرا عند قدميه فطرح هو ايضا نفسه قدامهم . وبكوا جميعا فقال الشيخ : (( اما سمعتم انى كنت مريضا ؟ اجابوه : (( نعم )) فقال لهم : (( فلماذا لم تأتوا لتبصرونى )) اجابه الكسندروس قائلا : (( ان الطريقة التى افترقت بها لم تكن صحيحة وبسببها عثر كثيرون وقالوا / لو انهم لم يعصوا الشيخ فى امر ما .. ما كان افترق عنهم . قال لهم الشيخ : أننى اعرف هذا ولكن اناسا ايضا عتيدون ان يقولوا ان الحمامة إذ لم تجد موضعا لرجليها رجعت إلى الفلك (2) . وهكذا استراح التلاميذ وسكنوا معه مره اخرى . حياته الأخيرة ونياحته : + اخبر عنه دانيال تلميذه فقال : كان كاملا فى الشيخوخة وصحيح الجسم مبتسما . وكانت لحيته تصل إلى بطنه . وكان طويل القامة لكنه انحنى اخيرا من الشيخوخة وبلغ من العمر سبعا أو خمسا وتسعين سنة . أربعون سنة منها حتى خروجه من بلاط الملك . وباقيها فى الرهبنة والوحدة . وكان رجلا صالحا مملوء من الروح القدس والايمان . وقد ترك لى ثوبا من الجلد وقميصا من الشعر ونعالا من ليف وبهذه الاشياء كنت أنا الغير المستحق اتبارك . وقال تلميذه ايضا عنه : انه لم اقربت ايامه اوصى قائلا : (( لا تهتموا بان تعملوا تذكارا لى ولكن قدموا قربانا فقط .. وكان يقول دائما : إذا كنت فعلت شيءا فى حياتى يستحق الذكرى فسوف اجده . + ولما قرب وقت نياحته دعا تلاميذه وعزاهم ووعظهم وقال لهم : (( اعلموا ان زمانى قد قرب فلا تهتموا بشيىء سوى خلاص نفوسكن ولا تنزعجوا بالنحيب على .)) وكان البار يتكلم بهذا ودموعه تنهمر من عينيه فقالوا له : (( يا أبانا . اتفزع انت ايضا ؟ اجابهم قائلا : (( ان فزع هذه الساعة ملازم لى منذ جئت إلى الرهبنة )). وقال ايضا : هانذا واقف معكم أمام منبر المسيح المهاب ، فإذا جاءت الساعة رجائى إلا تعطوا جسدى لاحد من الناس )) . فقالوا له : فماذا نصنع لاننا لا نعرف كيف نكفنه ؟ فقال لهم الشيخ : (( اما تعرفون كيف تربطون رجلى بحبل وتجرونى إلى الجبل لتنتفع به الوحوش والطيور ))- وكان الشيخ يقول لنفسه دائما : (( ارسانى ارسانى تأمل فيها خرجت لاجله )) .. هكذا رقد القديس ودموعه تسيل من عينيه – فبكر تلاميذه بكاء مرا وصاروا يقبلون قدميه ويودعونه كانسان غريب يريد السفر إلى بلده الحقيقى . ولما سمع الانبا بيمين بنياحته تنهد وقال : (( طوباك يا انبا ارسانيوس لانك بكيت على نفسك فى هذا العام فان من لا يبكى على نفسه هاهنا زمانا قليللا ، سوف يبكى هناك زمانا طويلا . فان كان ها هنا بكاء بارادتنا واما هناك فالبكاء من العذاب وعلى كلتا الحالتين لن تنحجو من البكاء وعلى ذلك فما امجد ان يبكى الإنسان على نفسه هاهنا )). ************ ولما حضر البابات ثاؤفيلس البطريرك الوفاة قال : (( كوباك يا انبا ارسانيوس لانك لهذه الساعة كنت تبكى كل ايام حياتك )) . ولما كان بلاديوس قد اورد سيرة مختصرة حوت بعض امور لم ترد فيما سبق فاننا نوردها كما هى اتماما للمنفعة . قيل ان انبا ارسانيوس انه حين كان فى العالم كان رداؤه انعم من أى انسان اخر ، وحين عاش فى الاسقيك كان رداؤه احقر من الجميع . ولما كان يأتى إلى الكنيسة – على فترات مبتاعدة – كان يقف وراء عامود حتى لا يرى أحد وجهة ولا يرى هو وجود الآخرين . وكان وجهه مثل وجه ملاك ، وشعره ابيض كالثلج وكثيفا ، اما جسده فكان جافا من الاتعاب ولحيته مستطيلة إلى وسطه ورموش عينيه قد تساقطت من البكاء . وكان طويل القامة مع انحناء خفيف من الاكبر ، وقد انتهت حياته وهو فى سن الخامسة والتسعين وقد عاش فى العالم اربعين سنة فى البلاط ايام الملك ثيئودوسيوس الكبير والد الامبراطورين اورنوريوس واركاديوس ، وقضى فى الاسقيط اربعين عاما ، وقضى عشرة اعوام فى طرة التى بجانب بابليون فى مواجهة منف التى فى مصر . وسكن ثلاثة اعوام فى كانوبيس الاسكندرية . وفى العامين الباقيين جاء إلى طرة مرة اخرى حيث رقد ولقد اتتنهى حياته فى سلام وخوف الرب . |
||||
12 - 06 - 2014, 08:51 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
الانبا اغاثون سيرته الرهبانية : كان اغاثون القديس حكيما فى معرفته ، حريصا على اتمام الوصايا ، بسيطا فى جسمه وكفنا فى كل الامور فى عمل اليدين وفى طعامه وفى ملبسه . حكمته : قيل عن القديس الكبير انبا اغاثون : ان اناسا مضوا إليه لما سمعوا بعظم افرازه وكثرة دعته . فارادوا ان يجربوهفقالوا له : أأنت هو عاثون الذى نسمع عنك انك متعظم ؟ فقال : نعم الأمر هو كذلك كما تقولون . فقالوا له : أنت اغاثون المهدار المحتال ؟ قال لهم : نعم أنا هو قالوا له : أأنت اغاثون المهرطق ؟ فاجاب : حاشا وكملا : انى لست مهرطقا فسألوه قائلين : لماذا احتملت جميع ما قلنا لك ولم تحتمل هذه الكلمة ؟ فا جابهم قائلا : ان جميع ما تكلمتم به على قد اعتبرته لنفسى ربحا ومنفعة إلا الهراطقة لانها بعد عن الله . وانا لا اشاء البعد عنه . فلما سمعوا اعجبوا من افرازه ومضوا منتفعين . + اعتاد انبا يوسف ان يقول : لما كنا جالسين مع انبا بيمن ذكر انبا اغاثون فقلنا له : (( انه رجل حديث السن ، فلماذا تدعوه ابا ؟ )) قال انبا بيمين : (( ان فمه هو الذى جعله يدعى ابا )). + قال الشيوخ الذين كانوا فى مصر لانبا ايليا ان انبا اغاثون كان رجلا عظيما فقال لهم الشيخ : (( من جهة حداثته ، كان رجلا عظيما فى جيله ، لقد رأيت فى الاسقيك شيخا استطاع ان يحجز الشمس عن مسلكها فى السماء مثل يشوع بن نون : (( ولما سمعوا هذا تعجبوا ومجدوا الله ) . صمته : اخبروا عن الانبا اغاثون : انه وضع فى فمه حجرا ثلاث سنين حتى تقن السكوت . محبته : + قال : انى ما رقدت قط وانا حاقط على انسان ولا تركت انسانا يرقد وهخو حاقد على حسب طاقتى . (أف 4:26) (رو 12:8). + وقال ايضا : ان أنا ربحت اخى فقد قربت قربانا. + قال انبا يوسف : ان اخا جاء إلى انبا اغاثون فوجد معه مسلة خياطة ( ابره كبيرة ) فأعجب الاخ بها لانها جيدة . فما كان من الشيخ إلا انه لم يتركه يمضى إلا بها. + مضى الاب اغاثون مرة ليبيع عمل يديه فوجد انسانا غريبا مطروحا عليلا وليس له من يهتم به . فحمله واجر له بيتا واقام معه يخدمه ويعمل بيديه ويدفع اجره المسكن وينفق على العليل مدة اربعة اشهر حتى شفى . وبعد ذلك انطلق إلى البرية وكان يقوم : كنت اشاء لو وجدت رجلا مخدوعا يأخذ جسدى ويعطينى جسده . + حدث مرة ان مضى إلى المدينة ليبيع عمل يديه فوجد انسانا مجذوما على الطريق فقال له المجذوم : إلى اين تذهب ؟ قال له : إلى المدينة . قال له المجذوم : اصنع معى رحمة وخذنى معك . فحملة واتى به إلى المدينة . ثم قال له المجذوم : خذنى إلى حيث تبيع عمل يديك . فأخذه ولما باع عمل يديه سأله المجذوم : بكم بعت ؟ فقال : بكذا وكذا : فقال له المجذوم : اشتر لى شبكة . فاشترى له . ومضى وباع ثم عاد وقال له المجذوم : خذ لى كذا وكذا من الاطعمة فأخذ له . ولما اراد المضى إلى قلايته قال له المجذوم : خذنى إلى الموع الذى وجدتنى فيه اولا . فحمله ورده إليه . فقال له الرجل : (( مبارك انت من الرب الهنا الذى خلق السماء والارض )) . فرفع انبا اغاثون عينيه فلم يره لانه كان ملاك الرب ارسل إليه ليجربه . شعوره بالغربة وبعده عن الاخوة المنحلين : + قال ان كان أحد يحبنى وانا احبه للغاية . وعلمت انه قد لحقتنى نقيصة بسبب محبته فانى اقطعه منى وانقطع منه بالكلية . + وقيل عنه ايضا : انه مكث زمانا يبنى مع تلاميذه قلاية فلما تمت وجلسوا فيها ظهر له فى الاسوع الأول امر ضايقه ، فقال لتلاميذه : هيا بنا ننصرف من هنا ، فانزعجوا جدا قائلين : حيث انك كنت عازما على الانصراف فلماذا تعبنا فى بناء القلاية ؟ إلا يصبح من حق الناس الآن ان يشكوا قائلين : ان هؤلاء القوم لا ثبات لهم ؟ . فلما رآهم صغيرى النفوس هكذا ، قال لهم : ان شك قليلون منهم فكثيرون سوف ينتفعون ويقولون : (( طوبى لاولئك الذين من اجل الرب انتقلوا واختبروا كل شيىء )) . فقمن اراد منكم ان يتبعنى فليجىء لانى قد اعتزمت نهائيا على الانصارف فما كان منهم إلا ان طرحوا أنفسهم على الأرض طالبين إليه ان يأذن لهم بالمسير معه. بساطته : + قيل عنه انه لما كان ينتقل ، وما كان يرافقه أحد سوى الجريدة التى كان يشق بها الخوص لاغير – ولما كان يعبر النهر كان يمسك المجداف بنفسه واذا رافق اخا كان يهيىء بنفسه المائدة لانه كان مملوءا حلاوة ومحبة ونشاطا . تدقيقه فى حياته ( نقاوته ): قيل عنه انه إذا تصرف فى امر واخذ فكره يلومه كان يخاطب نفسه قائلا : يا أغاثون ، لا تغفل انت هكذا مرة اخرى .. وبذلك كان يسكن قلبه . وقال ايضا ان الراهب هو ذلك الإنسان الذى لا يدع ضميره يلومه فى امر من الامور امانته : + اتاه اخ مرة يريد السكزنى معه وقد احضر معه قليلا من النطرون ووجده فى الطريق اثناء مجيئه . فلما رآه الشيخ قال له : من اين تلك هذا النطرون ؟ قال له الاخ : قد وجدته فى الطريق وانا سائر . فاجابه الشيخ قائى : ان كنت تشاء السكنى مع اغاثون امض إلى حيث وجدته وهناك ضعه . + وحدث مرة بينما كان سائرا مع تلاميذه ان وجد احدهم جلبابا اخضر فى الطريق . فقال له : يا معلم : هل تأذن لى ان اخذه ؟ فنظر إليه الشيخ متأملا وقال : هل انت تركته ؟ فقال : لا فقال له الشيخ . وكيف تأخذ شيئا ليس لك ؟. قناعته : قيل عن الانبا اغاثون والانبا آمون : \ انهما لما كان يبعان عمل ايديهما يقولان اثمن مرة واحدة . وما كان يعطى لهما يأخذانه يسكون ، كذلك إذا احتاجا لشىء يشتريانه كانا يقدمان المطلوب منهما بسكون ولا يتكلمان . عدم الادانة : + كان من عادة انبا اغاثون إذا رأى امرا وعملا وارد فكره ان يدين هذا العمل ويحكم عليه ان يخاطب نفسه قائلا : (( لا تعمل انت هذا الأمر )) وبهذه الطريقة كان يهدىء قلبه ويحفظ السكوت . + مرض دفعه انبا اغاثون واحد الشيوح واذا كان كلاهما يرقدان فى القلاية ، كان اخ يقرأ لهما سفر التكوين ، ولما وصل إلى الموضع الذى قال فيه يعقوب لاولاده : (( يوسف مفقود ، وشمعون مفقود ، وبنيامين تأخذونه .. لكى تنزلوا شيبتى بحزن إلى الهاوية ( تك 42- 38) اجاب الشيخ قائلا : اواه ما يعقوب . الم يكفيك العشرة اولاىد ؟ )) قال انبا اغاثون : (( احفظ السكون ايها الشيخ ، إذا كان الرب قد دعاه بارا ن فمن ذا الذى يدينه ؟)). تحفظه إلى النهاية : هذا القديس كان متحفظا جدا اذ كان يقول : (( بعير تحفظ كثير لا يقدر أحد ان يصل إلى الفضيلة )) وقيل عنه انه لما كان عتيدا ان ينطلق إلى الرب مكث ثلاثة ايام وعيناه مفتوحتان لا يتحرك . فاقامة الاخوة وقالوا له : يا ابانا انبا اغاثون : اين انت ؟! فقال : أنا واقف أمام عرش القضاء الالهى ! فقالوا له : اتفزع انت ايضا ؟! فا اجابهم قائى : (( على قدر طاقتى حفظت وصايا الله . إلا أننى انسان . من اين اعلم ان كان عملى ارضى الله ؟ )) فقالوا له : الست واثق بأن عملك مرضى عند الله ؟ فقال الشيخ : (( لن اتق دون ان القى الله لان حكم الناس شيىء وحكم الله شيىء اخر )) فطلبوا منه ان يكلمهم لمة تنفعهم . فقال لهم . اصنعوا محبة . ولا تكلمونى لانى مشغول فى هذه الساعة وللوقت تنيح . فأبصروا وجهه كمن يقبل حبيبه . |
||||
12 - 06 - 2014, 08:52 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
الانبا ايسيذورس قس الاسقيك فضائل وتعاليم 1- تواضعه : + قيل عنه : إذا اوعزت إليه الافكار بأنه انسان عظيم كان يجيبها قائلا: (( العلى مثل انبا انطوينيوس او اصبحت مثل انبا بموا ؟ )) (1) واذا كان يقول ذلك يستريح فكره . واذا قالت له الشياطين : (( انك ستمضى إلى العذاب بعد كل هذه الاتعاب )) .فكان يجيبهم : (( إذا مض2يت إلى العذاب فسوف تكونون تحتى لان لصا ورق اللكوت بكلمة ، ويهوذا ايضا الذى قام بأعمال عظيمة مع الرسل خسر جهاده كله فى ليلة واحدة وهبط من السماء إلى الهاوية . فلا يفتخرن من يدير نفسه باستقامة ، لان جميع الذين وثقوا بذاواتهم سقطوا مع شي طين الشرة ، فاقمع اذن رغبتك قائلا: انتظر قليلا ، فلك ما يكفيك ، وكل باعتادك وببطء ، لان الذى يأكل بسرعة يشبه من يريد ان يأكل كثيرا . + قال انبا ايسيذورس : (( لما كنت فتى ، وكنت مقيما فى قلاية لم يكن لى قدره على الخدمة .. خدمة الصلاه والتسبيح .. وكانت هناك خدمة من اجلى ليلا ونهارا))(2) 2- طول اناته : + قيل ان كل من كان عنده اخ صغير النفس او شتاما او عليلا ويطره من عنده ، كان القس ايسذورس يأخذه إلى عنده ويطيل روحه عليه ويخلق نفسه . + قيل انه كان لدى انبا اييذورس قس الاسقيط اخ ضعيف العقل وكان شتماما ، واراد انبا ايسيذورس ان يطرده من مسكنه ، وعندما وصل ذاك الاخ إلى باب الدير ، قال الشيخ مرة اخرى : احضروه ووبخه قائلا : (( ايها الاخ ، اهدأ ، لئلا تثير عضب الله بقلة فهمك وعدم صبرك )) وهكذا بطول اناته هدأ انبا ايسيذورس ذاك الاخ. + ساله الاخوة مرة قائلين : لماذا تفزع منك الشياطين ؟ فقا ل لهم : (( لانى منذ ان صرت راهبا حتى الآن لم ادع العضب يجوز حلقى إلى فوق )) . + وقال ايضا : ها ان لى اربعين سنة ، كنت إذا احسست بعقلى بالخطية خلالها لا اخضع لها قط حتى ولا للغضب . + وقال ايضا : ان لى عشرين سنة وانا مداوم على محاربة فكر واحد حتى ارى جميع الناس بعقل واحد . 3- محبته للوحدة : توجه انبا ايسيذورس مرة إلى البابا تيئوفيلس بطريرك الاسكندرية ولما رجع سأله الاخوة عن حال مدينة الاسكندرية فقال لهم : انى لم ابصر فيها انسانا إلا البطريرك وحده . فتعجبوا وقالوا له : اتريد ان تقول ان مدينة الاسكند=رية خالية من الناس ؟ قال : كلا . لكنى لم اسمح لعقلى ان يفكر فى رؤية أى انسان . 4- تجلده فى القلاية : + قيل عنه : اتفق ان دعاه أحد الاخوة إلى تناول الطعام فرفض السيخ قائلا : ان آدم بالطعام خدع فصار خارج الفردوس يأكله واحده . فقال انه الاخ : بهذا المقدار تخشى الخروج خارج القلاية ؟ قال له الشيخ : وكيف لا اخشى يا ولدى والشيكطان يزار مثل سبع ملتمسا من يبتلعه . + وكان إذا مضى إليه انسان فانه يدخل إلى القلاية الداخلية ويكلمه من داخل الباب . فقال له الاخوة : لماذا تفعل هكذا ؟ فقال لهم : ان الوحوش إذا ابصرت من يخيفها هربت إلى جحورها ونجت . 5- اجهاده لنفسه : + قال انبا بيمن : ان انبا ايسيذورس كان يضفر فى كل ليلة حزمة خوص فسأله الاخوة قائلين : (( ايها الاب ارح نفسك لانك قد شخت ؟ فأجابهم : لو احرقوا ايسيذورس بالنار وذروا رماده فى الهواء ، فلن يكون لى افضل لان ابن الله من اجلى نزل إلى الأرض . + وقال ايضا : فى إحدى المناسبات قال انبا ايسيذورس قس الكنيسة للشعب : (( يا أخوتى ، لا يليق ان تتنقلوا من موضع بسبب التعب ، اما من جهتى فانى احزم امرى وامضى حيث يوجد التعب ، والجهاد يصبح للنفس لذه . + وقال انبا ايسيذورس : ها ان لى اربعين سنة ، لم استند على شيىء ولم ارقد (1) . + وقال ايضا : ها أن لى اربعين ليلة . وانا واقف لم ارقد (2) . |
||||
12 - 06 - 2014, 08:53 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
الأنبا موسى الأسود نشأته وحياته الأولى : لا يعرف على وجه التحديد فى اية منطقة نشأ القديس موسى ولا اية قبيلة كان ينتمى ، قيل انه من إحدى قبائل البربر والقليل المعروف عن طفولته وشبابه ليس فيه ما يعجب به . حياة التوبة : بالرغم من شرور موسى وحياته السوداء أمام الجميع إلا انه الله الرحوم وجد فى قلب موسى استعدادا للحياه معه .. فكان موسى من وقت سماعه عن آباء برية شهيت القديسين وشدة طهارة سيرتهم وجاذبيتهم العجيبة للاخرين .. يتطلف إلى الشمس التى لا يعرف غيرها الها ويقول لها : (( ايتها الشمس ان كنت انت الاله . وانت ايها الاله الذى لا اعرفه عرفنى ذاتك )) فسمع موسى من يخبره ان رهبان وادى هيب ( برية شهيت ) يعرفون الله . فقان لوقته وتقلد سيفه واتى إلى البرية . توبته : هناك فى البرية تقابل مع انبا ايسيذورس وطلب منه ان يرشده إلى خلاص نفسه فاخذه انبا ايسيذورس وعلمه ووعظه كثيرا بكلام الله وكلمة عن الدينونة والخلاص ، وكان لكلمة الله الحية عملها فى داخل قلبه واستكملت فاعليتها داخل نفسه فكانت دموعة مثل الماء الساقى ، وكان الندم الحار يجتاح نفسه ويقلق نومه وهكذا كره حياته الشريرة وعزم على التخلص منها فقام إلى القديس ايسيذورس ثانية . اعترافه بخطاياه ونواله سر العماد : كان يركع أمام قس الاسقيط ويعترف بصوت عال بعيوبه وجرائم حياته الماضية فى تواضع كثير وبشكل يدعو إلى الشفقة ووسط دموع غزيرة . فأخذه القديس ايسيذورس إلى حيث يقيم أنا مقاريوس الكبير الذى اخذ لعمه وبرشده برفق ولين ثم منحه صبغة المعمودية المقدسة . واعترف علنا فى الكنيسة بجميع خطاياه وقبائحه الماضية وكان القديس أبو مقار اثناء الاعتراف يرى لوحا عليه كتابة سوداء ، وكلما اعترف موسى بخطية قديمة مسحها ملاك الله حتى اذ انتهى من الاعتراف وجد اللوح ابيضا . حياته الرهبانية : بعد ان سمع موسى لكلام ايسيذورس سكن مع الاخوة الرهبان وقيل انهم كانوا يفزعون منه فى بادىء الأمر لانه كان فى حياته الماضية (( رعب المنطقة)) ولكنهم لم يلبثوا أن رأوا فيه مثال الاتضاع والجهاد الروحى والنظام ولكثرة الزائرين له اشار علي القديس مقاريوس بأن يبتعد من ذلك المكان إلى قلاية منفردة فى القفر والحال اطاع القديس موسى وانفرد فى قلايته وعاش فى وحدته مثابراً على الجهاد الروحى وتزايد فيه جداً وكان مندفعاً فى الصوم والصلاة والتأمل والندم ، لكن الشيطان لم يحتمل فعل القديس هذا فابتدأ يقاومه بكل قوته. جهاده ونصرته فى الحياة الرهبانية 1 – تدريب الصوم والصلاة: بينما كان القديس موسى مداوماً على الصوم والصلاة والتأمل إذ بشيطان الخطية يعيد إلى ذاكرته العادات المرذولة القديمة ويزينها له بعد أن استثارت روحه وعاد إلى معرفة الله ، ولما اشتدت عليه وطأة الافكار الشريرة مضى إلى القديس ايسيدروس واخبره بحرب الجسد الثائرة ضده فعزاه قائلاً " لا تحزن هكذا وانت مازلت فى بدء الصعوبات ولمدة طويلة سوف تأتى رياح التجارب وتقلق روحك فلا تخف ولا تجزع – وانت اذا ثابرت على الصوم والسهر واحتقار اباطيل هذا الدهر سوف تنتصر على شهوات الجسد". واستفاد موسى من كلام القديس ايسيذورس ورجع إلى قلايته منفرداً وممارساً انواعاً كثيرة من امانة الجسد، ولم يتناول سوى القليل من الخبز مرة واحدة فقط فى اليوم كله مثابراً على الصلوات وعمل اليدين. 2 – خدمة الآخرين والهرب إلى الفراغ: كانت المياه يصعب احضارها إلى القلالى إذ كان يلزم ان يسيروا مسافة كثيرة واستغل موسى الاسود هذه الفرصة واخذ يدرب نفسه على اعمال المحبة ، فكان يخرج ليلاً ويطوف بقلالى الشيوخ ويأخذ جرارهم ويملآها بالماء ، فلما رأى اشليطان هذا العمل لم يحتمله فتركه إلى ان أتى فى بعض الايام إلى البئر ليملاً قليلاً من الماء وضربه ضرباً موجعاً حطم عظامه حتى وقع على الارض مثل الميت وجاء بعض الاخوة فحملوه ومضوا به إلى البيعة. وهناك اقام القديس بالبيعة نحو ثلاثة ايام ثم رجعت روحه اليه. 3 – الانسحاق امام الله وعدم الاتكال على برنا وقوتنا: تزايد الاب موسى جداً فى نسكه وفى مقابلته لذاته لدرجة كبيرة ولكن بالرغم من هذه الاماتات والسهر وقهر الذات – لم يمكنه ان يلاشى من مخيلته تلك الاشباح الدنسة بل كانت تزداد كلما ازداد هو فى محاربتها ، وربما كانت زيادة تقشفانه هذه بدون اذن من مرشده الروحى ، لانه لما ذهب اليه يشكو حاله قال له "ينبغى عليك الاعتدال فى كل شئ حتى فى اعمال الحياة النسكية" ، كما قال له أيضاً : " يا ولدى كف عن محاربة الشياطين لان الانسان له حد فى قوته. ولكن اذا لم يرحمك الله ويعطيك الغلبة عليهم هو وحده فما تقدر عليهم ابداً امض الان وسلم امرك لله وانسحق امامه وداوم على الاتضاع وانسحاق النفس فاذا نظر الله إلى صبرك واتضاعك فانه يرحمك ". فأجاب موسى " أنى اثق فى الله الذى وضعت فيه كل رجائى ان اكون دائماً متسلحاً ضد الشيطان ولا أبطل اثارة الحرب ضدهم حتى يرحلوا عنى " فلما رأى القديس ايسيذروس منه هذا الايمان حينئذ قال له : " وانا أؤمن ايضاً بسيدى يسوع المسيح00 وباسم يسوع المسيح من هذا الوقت فصاعاداً سوف تبطل الشياطين قتالها عنك " وقال له : امض إلى البيعة المقدسة وتناول من الاسرار الالهية واستمر القديس موسى يصنع كقول الشيخ مواظباً على ذلك فاعطاه الله نعمة عظيمة وتواضعاً وسكوناً فانحلت عنه قوة الافكار ومن ذلك الوقت عاش موسى فى سلام وازداد حكمه. جهاده فى الفضائل 1 – تواضعه واحتماله الاهانات: انعقد مجلس وارادوا ان يمتحنوا انبا موسى فنهروه قائلين : لماذا يأتى هذا النوبى هكذا ويجلس فى وسطنا؟ فلما سمع ذلك الكلام سكت. وعند انفضاض المجلس قالوا له " يا أبانا لماذا لم تضطرب؟ فأجابهم قائلاً : " الحق انى اضطربت ولكنى لم اتكلم شيئاً ". وسأل بعض الاخوة احد الشيوخ عن المعنى الذى قصده انبا موسى بقوله "الحق انى اضطربت ولكن لم اقل شيئاً" فأجاب الشيخ: " ان كمال الرهبان يكون فى ناحيتين ، الأولى سكون حواس الجسد ، والثانية سكون حواس النفس ، وأن سكون حواس الجسد يكون عندما يحتمل الانسان الاهانة لاجل السيد المسيح فلا يتكلم ولو انه قد يضطرب. أما سكون النفس فهو ان يهان الانسان دون ان تضطرب نفسه او يتسرب إلى قلبه الغضب". قيل عنه : انه لما رسم قسا البسوه ثوب الخدمة الابيض فقال له احد الاساقفة: ها أنت قد صرت كلك ابيض يا انبا موسى. فقال : " ليت ذلك يكون من داخل كما من خارج". أراد رئيس الاساقفة ان يمتحنه فقال للكهنة : " اذا جاء انبا موسى إلى المذبح اطرده لنسمع ماذا يقول " فما دخل انتهروه وطردوه قائلين له " اخرج يا اسود إلى خارج الكنيسة ". فخرج انبا موسى وهو يقول : " حسناً فعلوا بك يا رمادى اللون يا اسود الجلد. وحيث انك لست بانسان فلماذا تحضر مع الناس؟". 2 – هروبه من المجد الباطل: سمع حاكم المنطقة يوماً بفضائل القديس موسى واراد ان يراه فاتخذ طريقه إلى شيهيت فعلم الاب القديس ( وكان متقدماً فى السن ) بهذه الزيارة ، ولكة يهرب من المجد الباطل اختبأ وسط البوص فى المستنقع ، وفى طريقه تقابل مع الحاغكم وحاشيته الكريمة ، فقال له الحاكم: " أيها الرجل العجوز هل يمكن أن تعلمنى أين توجد قلاية الاب موسى " فرد عليه : " وماذا تريد اذن ان تسأله فهو رجل متقدم فى الايام وغير مستقيم"؟00 فسبب هذا الحديث قلقاً للحاكم واستمر فى طريقه وقرع باب الدير حيث كان الاخوة ينتظرونه ، فقال لهم: " يا آبائى لقد سمعت كلامأً كثيراً عن الاب موسى ، وجئت للصحراء لكى اراه ، وعلى مسافة من هذا المكان تقابلت عند المستنقع مع عجوز وسألته اين قلاية الاب موسى فرد على أن فى الذهبا اليه مشقة كبيرة ، وهو رجل عجوز غير مستقيم00" وكان لهذه الكلمات وقع كبير فى نفوس الجميع ، فأخذوا يصرخون ويحتجون بشدة من ترى يكون هذا العجوز الضعيف العقل هكذا حتى يتكلم بهذه الطريقة عن الاب القديس المكرم فى كل شيهيت ، فقال الزائر العظيم انه عجوز ضئيل الجسم يلبس ملابس طويلة وبالية جداً ووجهه اسمر من الشمس ، وله ذفن بيضاء طويلة ونصف رأسه خال من الشعر ، وعند ذلك فهموا السر ، فقد كان الحاكم قد تقابل مع الاب موسى نفسه وتصنع ذلك ووصف نفسه بالكلمات المذكورة ، فرجع الحاكم متأثراً جداً. 3 – زهده : حدث ان قوماً أتوا اليه من مصر وكان موضوعاً على المائدة ثعبان مشوى ، ولما حان وقت الغذاء واراد الاخوة أن يأكلوا منعم القديس قائلاً: " لا تقربوا هذا يا اخوتى فانه وحش شرير " فقالوا له: " ماذا فعلت هكذا يا ابانا؟ " فقال لهم : " يا اخوتى ان هذه النفس المسكينة اشتهت سمكاً ففعلت هذا كى ما اكسر شهوتها الرديئة" فتعجل الاخوة كثيراً ومجدوا الله الذى اعطى قديسه هذه النعمة العظيمة. 4 – فاعلية صلاته : قيل عن انبا موسى : انه لما عزم على الإقامة فى الصخرة تعب ساهراً. فقال فى نفسه كيف يمكننى ان اجد مياهاً لحاجتى ها هنا. فجاءه صوت يقول له: ادخل ولا تهتم بشئ. فدخل وفى احد الايام زاره قوم من الاباء ولم يكن له وقتئذ سوى جزء ماء فقط. فأعد عدساً يسيراً ، فلما نفذ الماء حزن الشيخ وصار يخرج ويدخل ثم يخرج ويدخل هكذا 00 وهو يصلى إلى الله. واذ بسحابة ممطرة قد جاءت فوقه حيث كانت الصخرة. وسرعان ما تساقط المطر فامتلأت اوعيته من الماء . فقال له الآباء: لماذا كنت تدخل وتخرج؟ فأجابهم وقال: كنت اصلى الله اله قائلاً: انك انت الذى جئت بى إلى هذا المكان وليس عندى ماء ليشرب عبيدك. وهكذا كنت ادخل واخرج مصلياً لله حتى ارسل لنا الماء. 5 – اخفاء تدبيره وحفظه وصية المسيح: حدث مرة ان اعلن فى الاسقيط ان يصام اسبوع وتصادف وقتئذ ان زار الانبا موسى اخوة مصريون. فأصلح لهم طبيخاً يسيراً. فلما أبصر القاكنون بجواره الدخان اشتكوا لخدام المذبح قائلين: هو ذا موسى قد حل الوصية إذ اعد طبيخاً. فطمأنهم اولئك قائلين: بمشيئة الرب يوم السبت سوف نكلمه,. فلما كان السبت وعلموا السبب قالوا لانبا موسى امام المجمع: " ايها الاب موسى ، حقاً لقد ضحيت بوصية الناس فى سبيل اتمام وصية الله". 6 – جلوسه فى القلاية وصبره على احزانها: قيل ان الأب الكبير الانبا موسى الاسود قوتل بالزنا قتالاً شديداً فى بعض الاوقات. فقام ومضى إلى أنبا ايسيذورس وشكا له حاله فقال له: ارجع إلى قلايتك. فقال انبا موسى: انى لا استطيع يا معلم. فصعد به إلى سطح الكنيسة وقال له: انظر إلى الغرب فنظر ورأى شياطين كثيرين ، يتحفزون للحرب والقتال ثم قال له: انظر إلى الشرق فنظر ورأى ملائكة كثيرين يمجدون الله. فقال له: اولئك الذين رأيتهم فى الغرب هم محاربونا. أما الذين رأيتهم فى الشرق فانهم معاونونا. ألا نتشجع ونتقو اذن مادام ملائكة الله يحاربون عنا؟ فلما رآهم موسى فرح وسبح الله ورجع إلى قلايته بدون فزع. قيل اضاف انبا موسى أخا فطلب منه كلمة فقال له: امض واجلس فى ثلايتك والقلاية سوف تعلمك كل شئ. 7 – فضائله : عطفه على الخطاة وعدم ادانته لهم: قيل: اخطا أخ فى الاسقيط يوماً فانعقد بسببه مجلس لادانته وأرسلوا فى طلب انبا موسى ليحضر فأبى وامتنع عن الحضور فأتاه قس المنطقة وقال: " ان الآباء كلهم ينتظرونك " فقام واخذ كيساً مثقوباً وملأه رملاً وحمله وراء ظهره وجاء إلى المجلس. فلما رآه الاباء هكذا قالوا له: ما هذا ايها الاب؟ فقال: " هذه خطاياه وراء ظهرى تجرى دون ان أبصرها ، وقد جئت اليوم لادانة غيرى عن خطاياه " فلما سمعوا ذلك غفروا للاخ ولم يحزنوه فى شئ. اعتاد القول ان وجه " انبا بموا " كان مثل الضياء تماماً ، كما أخذ موسى مجداً شبه آدم ولمع وجهه وكان مثل ملك مستو على عرشه ، كذلك كان الحال مع انبا سلوانس وانبا صيصوى. استشهاده بينما كان الاخوة جالسين بالقرب من القديس موسى فى احدى المناسبات قال لهم: " سوف يقبل البربر اليوم إلى البرية " الاسقيط " فقوا ، اهربوا " ، قالوا له: الا تريد انت الهرب يا أبانا؟ أجابهم: طوال هذه السنين وانا انتظر هذا اليوم لكى يتم قول فادينا الذى قال: " الذين يأخذون بالسيف بالسيف يهلكون مت 26 : 52 " قالوا: " نحن أيضاً لا نهرب ولكن نموت معك " فأجاب وقال لهم: " هذا ليس شأنى انما رغبتكم ، ليهتم كل انسان بنفسه فى الموضع الذى يسكن فيه " وكانوا سبعة اخوة. وبعد برهة من الزمن قال لهم: " هو ذا البربر يقتربون إلى الباب ، فدخل البربر وقتلوهم ولكن واحداً منهم خائفاً هرب بين الحصير ورأى سبعة تيجان نازلة من السمء توجت السبعة الذين ذبحوا" أقوال القديس فى الفضائل والرذائل خوف الله يطرد جميع الرذائل والضجر يطرد خوف الله. كما يفعل السوس فى الخشب كذلك تفعل الرذيلة فى النفس. + ستة أشياء تدنس النفس والجسد: المشى فى المدن. اهمال العينين بلا حفظ – التعرف بالنساء – مصادفة الرؤساء محبة الاحاديث الجسدانية – الكلام الباطل. + أربعة يجب اقتناؤها: الرحمة. غلبة الغضب . طول الروح. التحفظ من النسيان. + أربعة يحتاج اليها العقل كل ساعة: الصلاة الدائمة بسجود قلبى – محاربة الافكار – أن تعتبر ذاتك خاطئاً – الا تدين احداً. + أربعة عون الراهب الشاب : الهذيذ فى كل ساعة فى ناموس الله – مداومة السهر – النشاط فى الصلاة – الا يعتبر نفسه شيئاً. + أربعة تؤدى إلى الزنى: الاكل والشرب – الشبع من النوم – البطالة واللعب – التزين بالملابس. + اربعة مصدر ظلمة العقل: مقت الرفيق – الازدراء به – حسده – سوء الظن به. + أربعة أمور بها يتحرك فى الانسان الغضب: الاخذ والعطاء – اتمام الهوى – محبته فى ان يعلم غيره – ظنه فى نفسه انه عاقل. + اربعة تقتنى بصعوبة : البكاء –تأمل الانسان فى خطاياه – جعل الموت بين عينيه – ان يقول فى كل أمر "أخطأت" ، " اغفر لى ". ومن يحرث ويتعب فانه يخلص بنعمة ربنا يسوع المسيح. أقوال القديس عن العقل 1 – جودته : ثلاثة اشياء تكون من جودة العقل : الايمان بالله ، والصبر على كل محنة ، وتعب الجسد حتى يذل. 2 – فرحه : ثلاثة اموار يفرح بها العقل : تمييز الخير من الشر ، التفكير فى الامر قبل الاقدام عليه ، والبعد عن المكر. 3 – استنارته : ثلاثة اشياء يستنير بها العقل : الاحسان إلى من اساء اليك ، والصبر على ما ينالك من اعدائك ، وترك النظر او الحسد لمن يتقدمك فى الدنيا. 4 – تطهيره : ستة اشياء يتطهر بها العقل : الصمت ، حفظ الوصايا ، الزهد فى القوت ، الثقة بالله فى كل الأمور مع ترك الاتكال على اى رئيس من رؤساء الدنيا ، فمع القلب عن الفكر الردئ وعدم استماع كلام الاغنياء ، والامتناع عن النظر إلى النساء. 5 – ما يحارب العقل : ثلاثة امور تحارب العقل : الغفلة – الكسل – ترك الصلاة. اقوال القديس عن النفس 1 – حفظ النفس: اربعة تخفظ النفس : الرحمة لجميع الناس – ترك الغضب – الاحتمال – اخراج الذنب وطرحه من القلب بالتسبيح. 2 – ظلام النفس يأتى من : المشى فى المدن والقرى – النظر مجد العالم – الاختلاط بالرؤساء فى الدنيا. 3 – عمى النفس000 يأتى من: البغضة لاخيك- الازدراء بالمساكين خاصة – الحسد والوقيعة. 4 – هلاك النفس 00 يأتى من: الجولان من موضع إلى موضع – محبة الاجتماع بأهل الدنيا – الاكثار من الترف والبذخ – كثر الحقد فى القلب. أمور تولد النجاسة : تتولد من الشبع من الطعام – السكر من الشراب – كثرة النوم – نظافة البدن بالماء والطيب وتعاهد ذلك كل وقت. أمور تولد الغضب : المعاملة – المساومة – الانفراد برأيك فيما تهواه نفسك – عدولك عن مشورة الاخرين – واتباع شهواتك. الحفظ من الفكر الردئ: يأتى من : القراءة فى كتب الوصايا – طرح الكسل – القيام فى الليل للصلاة والابتهال – التواضع دائماً. الوصول للملكوت : يساعد عليه : الحزن والتنهد دائماً – البكاء على الذنوب والاثام – انتظار الموت فى كل يوم وساعة. قال الكتاب المقدس + " اجتهدوا ان تدخلوا من الباب الضيق " ( لو 13 : 14 ) + " 00 لذلك بالاكثر اجتهدوا ايها الاخوة ان تجعلوا دعوتكم واختياركم ثابتين. لانكم ان فعلتم ذلك لن تزلوا ابدا. لانه هكذا يقدم لكم بسعة دخول إلى مكوت ربنا ومخلصنا يسوع المسيح الابدى " ( 2 بط : 10 ، 11 ) |
||||
12 - 06 - 2014, 08:54 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
أنبا زكريا سيرته وتعاليمه كيف صار شبه الملائكة: " طهارة الحقيقية " رهبته : كان لرجل اسمه قاريون ولد صغير اسمه زكريا ، هذا اتى الى الاسقيط وترهب به ومعه ابنه. وقد ربى ابنه هناك وعلمه بما ينبغى. وكان الصبى جميل الخلقة وحسن الصورة جداً. فلما شب حدث بسببه تذمر بين الرهبان ، فلما سمع الوالد بذلك قال لابنه: يا زكريا هيا بنا نمضى من هاهنا لان الاباء قد تذمروا بسببك ، فأجاب الصبى أباه قائلاً: يا أبى ان الكل هاهنا يعرفون انى ابنك ولكن ان مضينا الى مكان اخر ، فلن يقولوا انى ابنك ، فقال الوالد : هيا بنا يا بانى نمضى الان فان الاباء يتذمرون بسببنا. وفعلا قاما ومضيا الى الصعيد ، واقاما فى قلاية ، فحدث سجس كذلك ، فقام الاثنان ومضيا الى الاسقيط ثانية ، فلما اقاما اياما عاد السجس عينه فى أمر الصبى. لما رأى زكريا ذلك مضى الى غدير معدنى ( كبريتى ) وخلع ملابسه وغطس فى ذلك الماء حتى انفه ، واقام غاطساً عدة ساعات منفخاً ، فتشوه وتغيرت ملامحه ، فلما لبس ثيابه وجاء الى والده لم يتعرف عليه الا بصعوبة. حدث ان مضى بعد ذلك الى الكنيسة لتناول الاسرار فعرفه القس ايسيذورس وعندما رآه هكذا تعجب مما فلعه وقال: ان زكريا الصبى جاء فى الاحد الماضى وتقرب على انه انسان. اما الان فقد صار شبه ملاك. المرشد الروحى: ودفعه عندما كان اتنبا زكريا ساكناً فى الاسقيط ظهرت له رؤية من الله. فنهض وجاء الى ابيه ، انبا فاريون ، وكان الشيخ كاملاً ، ولم يأل جهداً فى أن يفاخر بهذه الامور بل نهض وضربه قائلاً : " هذه الرؤية من الشياطين ". وعندما فكر فى الامر قام ومضى ليلاً الى انبا بيمين ، واعلمه بالأمر ، وكيف كانت أفكاره تلتهب فى قلبه. فعلم الشيخ أن الأمر هو من الله ، وقال له : " امض إلى ذاك الشيخ. وافعل كل ما يوصيك به". ولما مضى إلى ذاك الشيخ ، وقبل أن يخاطبه بشئ ، قال له الشيخ : " ان الرؤية من الله ، ولكن امض واخضع إلى أبيك". فضائله اتزان عقله وسكونه: قال انبا قاريون : انى بذلت أتعابا كثيرة بجسدى لكنى لم اصل إلى رتبة ابنى زكريا فى اتزان العقل والسكون. تعاليمه ما هو الراهب الحقيقى : سأل الأب مقاريوس الكبير مرة زكريا وهو مازال فى حداثة سنه قائلا: قل لى : " يا زكريا ما هو الراهب الحقيقى؟ ". قال له زكريا : يا أبى أتسألنى أنا؟! قال له الشيخ : نعم يا ابنى زكريا ، فان نفسى متيقنة بالروح القدس الذى فيك ، ان شيئاً ينقصنى يلزم ان أسالك عنه. فقال له الشاب: " ان الراهب هو ذلك الإنسان الذى يرذل نفسه ويجهد ذاته فى كل الأمور " كيف يخلص الراهب: قيل : أتى أنبا موسى مرة ليستقى ماء فوجد أنبا زكريا على البئر يصلى وكان ممتلئاً من روح الله. فقال له : يا أبتاه قل لى ماذا أصنع لأخلص ، فما أن سمع الحديث حتى انطرح بوجهه عند رجليه وقال له : يا ابى لا تسألنى أنا. قال أنبا موسى : صدقنى يا ابنى زكريا أن أبصرت روح الله حالاً عليك ولذلك وجدت نفسى موقاً من نعمة الله أن أسألك لتناول زكريا قلنسوته ووضعها عند رجليه وداسها ، ثم رفعها ووضعها فوق رأسه وقال : ان لم يصر الراهب هكذا منسحقاً فلن يخلص. السكوت : لما حضرت أنبا زكريا الوفاة سأله أنبا موسى قائلاًُ : أى الفضائل أعظم يا ابنى. فأجابه على ما أراه يا أبتاه، ليس شئ أفضل من السكوت ، فقال له : حقاً يا ابنى بالصواب تكلمت. نياحته : فى وقت خروج روحه كان أنبا ايسيذروس القس جالساً فنظر إلى السماء وقال : اخرج يا ابنى زكريا فان أبواب ملكوت السموات قد فتحت لك. |
||||
12 - 06 - 2014, 08:55 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: بستان الرهبان
أنبا يوحنا القصير من سيرة القديس : اسمه يؤنس القصير ولوانه فى الحقيقة – كما سنرى – كبير عظيم فى الرهبان جداً. 1 – جهاده الروحى : أ – طاعته وتلمذته لمعلمه مضى القديس يوحنا القصير إلى شيخ يدعى أنبا بموا كان مقيماً فى البرية وتتلمذ له. وحدث أن معلمه دفع إليه غصناً يابساً وأمره أن يغرسه ويسقيه كل يوم بجرة ماء ، وكان الماء بعيداً عنهما ، فكان يمضى فى العشية ويجئ فى الغد ، وبعد ثلاث سنين أخضر الغصن وأعطى ثمرة ، فجاء بها الشيخ ، الذى جاء بها إلى الكنيسة وقال للإخوة " خذوا كلوا من ثمرة الطاعة ". كانت لهذا القديس طاعة عظيمة لأبيه فقد حدث أيضاً انه كان يوجد فى تلك الأماكن مقابر ، وكانت تسكنها ضبعة ضارية ، وإذ رأى الشيخ هناك قلة ( يمانية ) ، سأل يوحنا أن يمضى بها فقال له : " وماذا أصنع بالضبعة يا أبتاه؟ " ، فقال له الشيخ: "إن أقبلت الضبعة نحوك ، فاربطها وقدها إلى هنا " ثم مضى الأخ وكان الوقت مساء، فلما أقبلت الضبعة نحوه ، تقدم إليها ، فهربت ، فتعقبها قائلاً : " إن معلمى طلب إلى أن أمسكك وأربطك ، فوقفت ، فأمسك بها وربطها ، وأقبل بها نحو الشيخ ، وكان الشيخ وقتئذ جالساً منتظراً مفكراً ، فلما أبصره تعجب كيف أمكنه إحضار الضبعة ، وإذ أراد أن يحفظه من الكبرياء ضربه قائلاً : " لقد طلبت منك أن تحضر لى الضبعة ، فتمضى وتأتينى بكلب " ، وللوقت حلها وأطلقها. مرض معمله ونياحته : كان الأب يوحنا القصير وهو شاب تلميذاً للأنبا بموا وقد استمر فى خدمة معلمه الشيخ أثناء مرضه مدة اثنى عشرة سنة وكان يرقد بجواره على الفراش ليستند عليه الشيخ فى قيامه ورقاده ولشدة مرضه كان يبصق فيقع البصق على تلميذه يوحنا الذى تعب كثيراً. وفى كل هذه المدة لم يسمع منه كلمة شكر. ولما دنت وفاة الشيخ. واجتمع حوله الشيوخ أمسك بيد تلميذه وبارك عليه ولمه إليهم قائلاً : " هذا ملاك وليس انساناً " ب- نقاوته أتى إلى قلايته احد الشيوخ فوجده نائماً فى حر النهار وملاكاً واقفاً عنده يروح عليه ، فانعزل عنه منصرفاً. فلما استيقظ قال لتلميذه : أتى إلى هنا إنسان وأنا نائم ، فقال له : " نعم ، فلان الشيخ ، فعلم حينئذ أن ذلك الشيخ معادل له وأنه أبصر الملاك. وقيل عنه إذا أبصر إنسانا كان يبكى بكاء شديداً ، ويقول : " إن هذا أخطأ اليوم ولكنه ربما يتوب. أما أنا فإنى أخطئ عدا وربما لا أعطى مهلة كى أتوب هكذا يجب أن نفكر ولا ندين أحدا ". ولهذا كان يسافر إلى مسافات بعيدة لهداية الخطاة. القديس يطلب هداية الخطاة : علم من شيخ البرية عن ارتداد بائيسة التى ولدت فى منوف من أبوين غنيين. ولما توفيا جعلت منزلها مأوى للغرباء والمساكين ، واجتمع بها قوم اردياء واستمالوا قلبها إلى الخطية. حتى جعلت بيتها ماخورا تقبل فيه كل الأثمة. فاتصل خبرها بشيوخ شبهيت القديسين فحزنوا حزناً عميقاً وطلبوا إلى القديس يوحنا القصير أن يمضى إليها ويساعدها على خلاص نفسها. فذهب القديس حالاً بعد أن طلب منهم أن يصلوا لأجله. ولما وصل إلى بيتها قال للبوابة : اعلمى سيدتك بقدومى فلما أعلمتها تزينت واستدعته. فدخل وهو يرتل قائلاً: " إذا سرت فى وادى ظل الموت لا أخاف شراً لأنك أنت معى " (مر 23 : 4 ) ولما جلس نظر إليها وقال : لماذا استهنت بالمسيح فاديك وأتيت هذا المنكر؟ فارتعدت وذاب قلبها من تأثير كلام القديس. ثم أحنى رأسه إلى الأرض وبكى. فسألته ما الذى يبكيك؟ فأجابها لأنى أعاين الشياطين تلعب على وجهك ولهذا أنا ابكى عليك. فقالت : وهل لى توبة؟ أجابها : نعم ولكن ليس فى هذا المكان. ثم أخذها إلى البرية ولما أمسى النهار نامت والقديس نام بعيداً عنها. ثم وقف القديس ليصلى صلاة نصف الليل فرأى عامود نور نازلاً من السماء. وملائكة الله يحملون روحها. فاقترب منها فوجدها قد ماتت. فسجد إلى الأرض وصلى صلاة طويلة بسببها فسمع صوتاً يقول: ان توبة بائسية قد قبلت وقت توبتها لأنها تابت بقلبها توبة خالصة. وبعد ان دفن جسدها وصل إلى ديره ,اعلم الشيوخ فمجدوا الله الذى لا يشاء موت الخاطئ. جـ - تعليمه للاخوة وسعة قلبه مضى إليه أخ من الاسقيط عمال بالجسد ولكنه لا يحفظ الأفكار فسأله النسيان فسمع منه قولاً ورجع إلى قلايته فنسى القول : فعاد أيضاً إليه فسمع القول أيضاً يعينيه فلما عاد إلى قلايته نسى القول أيضاً. فصنع هكذا دفعات. وعند ذلك لقى الشيخ فقال له: " يا أبتاه اننى قد نسيت الذى قلت لى. ما اسبحك بعد زلا ارجع اليك". فقال له أنبا يوحنا: " قم وأوقد سراجاً " ففعل كما أمره. فقال له " احضر سراجاً أخر وأوقده منه " فصنع ايضاً كذلك فقال أنبا يوحنا : لعل السراج نقص أو ضرراً ناله بايقادك منه السرج الكثيرة؟! فقال له " ما نقص شيئاً فأجابه الشيخ قائلاً : " هو هكذا المسكين يوحنا لو جاء إليه جميع أهل الاسقيط لما أنقصوه من نعمة الروح القدس. وأنت متى أردت فهلم إلى ولا تشك فى بشئ " هكذا رفع عنه النسيان وكذلك كان عمل شيوخ الاسقيط يعطون نشاطاً للمقاتلين ويكلفونهم بعمل الوصايا لكى يريحوا بعضهم بعضاً. وحدث مرة انه كان جالساً مع الاخوة أمام الكنيسة وكان كل واحد منهم يكشف له أفكاره. فنظر أحد الشيوخ وامتلأ حسداً عليه ، فقال : " يا يوحنا انك ممتلئ سحراً " فقال : " الأمر هكذا كما تقول يا أبتاه ولكنك بنيت حكمك هذا على ما نظرته فى الظاهر ، فما عساك كنت تقول لو علمت بالخفاء ". كان جالساً فى الاسقيط وقد أحدق به الاخوة يكشفون له افكارهم فلما رآه. أحد الشيوخ قال له : يا يوحنا. لقد زينت ذاتك كالزانية التى تكثر من عشاقها. فصنع له له مطانية قائلاً : " حقاً قلت يا أبتاه " وبعد ذلك سأله الاخوة ان كان قد اضطرب من داخل ، فقال : " ما اضطربت البتة ، لكن كما كان خارجى كذلك كان باطنى ". ودفعة سأله بعض الآباء قائلين : " ما هى الرهبنة؟ فقال : " تعب الجسد ومقاتلة البطن ". وبينما هو ذاهب مرة إلى البيعة قابله أحد الشيوخ وقال له : ليس هذا وقت العبادة فارجع إلى مكانك يا قصير ( تعبيراً وتقريعاً ) وطرده فعاد إلى قلايته دون أن ينطق بكلمة. فتبعه الشيخ ومن معه ليروا ماذا يفعل. وعلى أثر دخوله لقلايته خرجت منها رائحة بخور وسمعوا من يقول له : " احفظ نفسك يا يوحنا وداوم التواضع لتكون خليللاً لابن الله لأن النعمة يعطيها الله لمستقيمى القلوب ولا يعوزهم شئ من الخير". وكان يوحنا يقول آمين الليلويا. والمجد والكرامة والقدرة والملك الدائم لالهنا القادر إلى دهر الداهرين. فتعجب الشيخ ومن معه مما سمعوا ومجدوا الله. فادخلوا القديس للبيعة بكرامة عظيمة وكانوا يقولون لبعضهم " حقاً إن يوحنا أعطى من الله أكثر منا لأنه بتول طاهر ". د – حكمته وإفرازه أكل دفعة مع آباء الاسقيط ، فقام أحد الشيوخ وكان قساً كبيراً ليسقيهم الماء فلم يقبل منه إلا يوحنا القصير ، فتعجبوا منع وقالوا له : " كيف وأنت أصغر الاخوة جسرت على أن يخدمك مثل هذا الشيخ الكبير؟! " فقال : " أنا ان كنت فى خدمة وأردت أن أناول أحد الإخوة كوز ماء افرح بالذى يبادر ويأخذ منى ليصير لى الأجر. فلذلك قبلت أنا من الشيخ ذلك لأكمل أجره " وبدلاً من أن يخجل لأنه لم يقبل منع أحد شيئاً. فلما سمعوا انتفعوا من إفرازه. مرة كان الأب يوحنا صاعداً من الاسقيط مع الإخوة فضل مرشدهم عن الطريق لأنه كان ليلاً. فقال الإخوة لأنبا يوحنا : ماذا تصنع لأن الأخ قد ضل الطريق؟ فقال لهم: ان قلنا له شيئاً حزن واستحى ، فالأفضل أن أتظاهر الطريق؟ فقال لهم: ان قلنا له شيئاً حزن واستحى ، فالأفضل أن اتظاهر بأنى مريض وأقول : " أنى لن استطيع المشى لانى فى شدة ، وبذلك نجلس إلى الغد " فلما اعلن لهم رأيه هذا وافقوا وقالوا: ونحن أيضاً نجلس معك ، وفعلاً جلسوا. هـ - تأمله الدائم فى الإلهيات وتحرره من القيود مرة جاءه جمال ليحمل أوعيته. فلما دخل ليحضر له الضفائر نسيها لأنه كان مشغول بالتأمل فى المناظر المعقولة الإلهية – وقرع الجمال الباب فخرج إليه ونسى مرة أخرى – فقرع مرة ثالثة ، فخرج إليه ثم دخل وهو يقول : ( الضفائر للجمال. الضفائر للجمال ). ومرة جاء إليه بعض الإخوة ليأخذوا منع ( قففا ) فقرع احدهم ، فخرج إليه وقال له : ماذا تطلب أيها الأخ؟ فأجابه : ( قففا ). فتركه ودخل وجلس يخيط. فقرع أخ آخر فخرج إليه وقال : ماذا تطلب أيها الأخ؟ فقال له : هات لى قفه يا أبتاه ، فدخل وجلس يخيط ونسى من فرط تأملاته. ثم إن الأخ قرع مرة أخر إليه وقال له : ماذا تطلب يا أخى ؟ فقال " القفف ، أيها الأب " فأمسكه بيده وأدخله إلى القلاية وقال: إن كنت تريد قفة فخذ ما تريده فانى مشغول فى هذه الساعة. + وقيل عنه : انه ضفر فى بعض الأوقات ضفيرة تصلح لعمل زنبيلين ، لكنه خاطها زنبيلاً واحداً ولم يعلم بذلك إلا عندما وصل إلى آخر الضفيرة ، وذلك لأن فكره كان مشغولا بالمناظر الإلهية. 2 – انتصاراته الروحية : قال : أنا أشبه إنسانا جالساً تحت شجرة عظيمة ، ينظر إلى الوحوش والذئاب وهى مقبلة نحوه ، فإذا لم يستطع ملاقاتها يهرب صاعداً فوق الشجرة لينجو منها ، هكذا أنا جالس فى قلايتى أبصر الأفكار الخبيثة تأتى إلى فإذا لم استطع صدها هربت إلى الله بالصلاة ونجوت. انتصاره على الغضب : + قال : انى كنت ماضياً فى طريق الاسقيط ومعى ( القفف ) محمولة على جمل وفجأة أبصرت الجمال وقد تحرك فيه الغضب ، فتركت كل ما كان لى وهربت. + ومرة أخرى كان فى الحصاد فأبصر أخاً قد غضب على آخر فهرب وترك الحصاد. + وجاء مرة إلى الكنيسة فسمع مجادلة فى الكلام بين الإخوة فرجع إلى قلايته ودار حولها ثلاث دورات ثم عادل ودخل فيها ، فسألوه لماذا فعل؟ فقال : إن صوت المجادلة كان لا يزال فى أذنى فقلت أخرجه من أذنى قبل أ، ادخل قلايتى كى يكون عقلى داخل القلاية نقيا. تجلده فى الصلاة : كان منفرداً فى جب جاف وكان بغير انزعاج فى مخاطبة الله بالصلاة ، وكان الشيطان يظهر له فى هيئة تنين عظيم يطوقه حول حلقة وينهش فى لحمه وينفخ فى وجهه بغير شفقة. احتماله الضيقات : قال أنبا بيمن عن أنبا يوحنا القصير ، انه طلب إلى الله فرفع عنه الآلام وصار بلا هم ، فلما توجه إلى الشيخ قال له " ها أنا كما ترانى يا أبى مستريحاً ، وليست لى أشياء تقاتلنى بالجملة " ، فقال له الشيخ : " امض واسأل الله أن يرجع اليك القتال ، لأنه بالقتال تنجح النفس وتفوز" ، فلما جاءه القتال ، لم يصل كى يرتفع عنه ، بل كان يقول " اعطنى يا رب صبرا على الاحتمال ". 3 - أحاديثه : + مرة كان الإخوة جلوسا يأكلون على المائدة فى ( أغابى ) فضحك أحدهم ، فنظر إليه وبكى قائلاً : " ترى ماذا خطر ببال هذا الأخ حتى انه ضحك هكذا ، مه انه كان يجب عليه البكاء ، لأنه يأكل طعام الصدقة ". + ومرة أخرى جاء إليه إخوة ليجربوه لأنه ما كان يسمح لفكره بحديث بشرى ولا كان يتلفظ بشئ من أمور العالم. فقالوا له : الشكر لله يا أبانا ، إن هذه السنة أمطرت أمطارا كثيرة ، وقد شرب النخل وورى وها هو يخرج السعف ليجد الإخوة حاجتهم منه لعمل أيديهم.. أما هو فقال لهم : " إن نعمة الروح القدس إذا ما حلت فى عقل إنسان أروته وجددته ليخرج أثمارا تصلح لعمل الله". حديثه مع أخيه الأكبر: حديث مرة أن قال لأخيه الأكبر: إنى أود أن أكون بغير هم مثل الملائكة ، لأنه لا اهتمام لهم ولا شئ يعلمونه سوى إنهم يتعبدون لله دائماً. ثم نزع ثوبه وخرج عارياً إلى البرية ، فأقام أسبوعاً ثم عاد إلى أخيه ، فلما قرع الباب عرفه أخوه فقبل أن يفتح له الباب قال له : من أنت؟ فقال : أنا يوحنا أخوك. أجابه : إن يوحنا أخى قد صار ملاكاً وليس هو من الناس الآن. فرد عليه قائلاً : أنا هو أخوك ، فلم يفتح له الباب وتركه إلى الغد ، حيث فتح له وقال: اعلم الآن انك إنسان محتاج إلى عمل وغذاء لجسدك ، فصنع له مطانية واستغفر منه. 4 – صوامه : وقد بلغ الزهد به جداً انقطع معه عن كل طعام وشراب أسبوعا مستمراً وإذا أكل لا يشبع خبزا وكان يردد قول معلمه: " لا تتكل على برك و تصنع أمرا تندم عليه وامسك لسانك وبطنك وقلبك". 5 – عمل اليدين وعطفه على الفقراء: كان القديس فى أوقات الفراغ من صلاته وتأملاته يعمل فى صناعة السلال وذلك ليحصل على معيشته ومعيشة الإخوة الذين معه والفقراء الذين يفدون إليه. + خرج مرة من قلايته ومعه سلال ليبيعها فى الريف فقابله جمال فى الطريق وطلب إليه أن يسلمه القفاف ليحملها عوضاً عنه. فأعطاها له وسار وراءه فى الطريق ، ثم سمع الجمال يغنى بأغان عالمية بذيئة ورأى حوله شياطين ، فترك السلال وعاد إلى البرية. + وكانت العادة فى زمن الحصاد إن ما يجمعه الشيوخ يحتفظون بنصفه والنصف الآخر يوزع للمحتاجين. أما القديس يوحنا فكان يعطى الكل ولا يبقى لذاته شيئاً. + سأله الإخوة مرة قائلين : يا أبانا هل يجب أن نقرأ المزامير كثيراً. فرد قائلاً : إن الراهب لا تفيده القراءة والصلوات ما لم يكن متواضعاً محباً للفقراء والمساكين. 6 – شفاء المرضى ومعرفة الخفايا: + ذهب القديس مرة إلى أحد الحقول فى زمن الحصاد ليجمع شيئا فقابله فلاح مصاب بمرض البرص وطلب منه أن يشفيه فأخذ القديس ماء وصلى عليه ورشمه باسم الثالوث الأقدس فشفى الرجل ومضى ممجداً الله. + ثم بعد قليل جاءته امرأة بها شيطان ردئ يعذبها كثيراً فتحنن عليها ووقف إلى جانبها يسأل الله من أجلها وحالا خرج منها الشيطان. + ومرة باع قففاً واشترى بثمنها خبزا وفيما هو سائر فى الطريق أمسكته امرأة عجوز وطلبت إليه أن يعطيها خبزا لها ولابنها الأعمى الذى كاد أن يهلك جوعا. فأعطاها كل الخبز الذى معه ثم طلب إليها أن تقدم ابنها إليه ولما قدمته صلى قائلاً : أيها الرب الإله الواحد وحده الساكن فى السماء الذى بإرادته نزل إلى الأرض وخلص شعبه من خطاياهم وصنع الآيات والعجائب بين خليقته وأبرأ المرضى وشفى البرص وفتح أعين العميان. أسألك الآن من أجل هذا الفتى الواقف أمامك أن تعطيه نوراً وبصراً " ورشم عينيه. فحالا أبصر فأخته أمه بفرح ممجدة الله ومخبرة بصنع القديس الذى فتح عينى ابنها الأعمى وأعطاها الخبز. + وقد ميز الله صفيه يوحنا بمعرفة الخفايا فعندما كان يقدس الأسرار كان يعرف من يستحق التناول ومن لا يستحق ولهذا فإن كثيرين تابوا ورجعوا لله بكل قلوبهم. انتقال القديس عند قرب انتقاله إلى المكان الذى هرب منه الحزن والكآبة وألم القلب ظهر له السيد فى رؤيا واعامه بهذا. وباكر الأحد جاءت إليه رتب الملائكة وطغماتها ولما رآهم القديس فرح كثيراً ووقف يصلى باسطاً يديه ووجهه إلى الشرق وأثناء ذلك فاضت روحه الطاهرة ومضى إلى النعيم الأبدى فى عشرين بابه وله من سبعون سنة. وقد نال منزلة الملائكة الأطهار والرسل الأبرار. وحين تلميذة للبرية رأى نفس أبيه الطوباى بين صفوف الملائكة وأرواح القديسين وصل إلى قلاية معمله وجده قد فارق الحياة فقبله وبكى كثيراً وكفنه بلفائف وذهب وأعلم السكان فأتوا وأخذوا الجسد الطاهر إلى المدينة ولما وصلوا باب المدينة إذا شاب به روح نجس صرخ قائلاً : " ارحمنى يا أبى القديس يحنس فانى فى عذاب شديد ". فحالا صرعه الشيطان وخرج منه وعوفى المر. ثم أتى إنسان مفلوج ولمس الأكفان ووضع جزءاً منها على جسده وشفى وخرج يمجد الله ويخبر بما صنعه الله باسم القديس. ولما أدخلوا جسد القديس للكنيسة والجميع يبكون عليه ويتباركون ويضعون أكفاناً أخرى إذا بأعرج أتوا به وطرحوه على الأكفان فحالا شفى ، وعلى رجليه وخرج أمام الجميع يشكر الله الممجد فى قديسه. ثم بعد أن سبح الجماعة ورتلوا للرب بأصوات روحانية وشعوا القديس فى تابوت من صاج وتركوه بجانب قديسين آخرين وهما أنبا اثناسيوس ييشاى وكانت تخرج من أجسادهم المقدسة قوة لشفاء كثيرين صلواتهم جميعاً تكون معنا ولربنا المجد دائماً ابدياً آمين. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
بستان في بستان الرهبان |
زهور من بستان - كتاب بستان الرهبان |
من قصص بستان الرهبان |
من بستان الرهبان |
جاء في بستان الرهبان |