إدانة الذات
++++++++
لذلك إذا أخطأ لا يعتذر ، لأنه يشعر أنه على حق ولم يخطئ . وإذ ساء تفاهمه مع أخية لا يذهب ليصالحه ، لأنه يأمل أن طلب الصلح لابد يأتي من الطرف الآخر ! لماذا ؟ إنها الذات .
بل حتى مع الله ، قد لا يعترف بأخطائه ، لأن ذاته تقنعه أنه لم يخطئ .
إدانة الذات تأتي من الاتضاع . والاتضاع يأتي بنكران الذات وغير المتضع لا يدين ذاته ولا يلومها . بل دائماً يدين ويلوم الآخرين !!
وإن قلت له : لماذا تلوم الآخرين يلومك لأنك تقول له هذا .
الإنسان الذي لا يعكف على تمجيد ذاته وتكبيرها ، بأسلوب علماني ، والذي يهدف باستمرار إلى تنقية ذاته من كل الأخطاء وتكبيرها ، بأسلوب علماني ، والذي يهدف باستمرار إلى تنقية ذاته من كل الأخطاء والنقائص ... تراه باستمرار يلوم نفسه ، ويفحص أخطاءه ويدين ذاته عليها ..
في إحدي المرات زار البابا ثاؤفيلس منطقة القلالي ، وسأل الأب المرشد في الجبل عن أحسن الفضائل التى أقتنوها ، فأجابه :
[ صدقني يا أبي ، لا يوجد أفضل من أن يأتي الإنسان بالملامة على نفسه في كل شئ ... ] .
هذا هو الأسلوب الروحي الذي يسعي به الإنسان إلى تقويم ذاته : يأتي بالملامة على نفسه ، وليس على غيره وليس على الظروف المحيطة به .. وليس على ظاناً أنه قصر في معونته .. !
والذي يدين نفسه ههنا ، ينجو من الدينونة في العالم الآخر .
لأنه بإدانته لنفسه يقترب من التوبة ، وبالتوبة يغفر له الرب خطاياه . أما الذي لا يدين ذاته . من أجل اعتزازه بهذه الذات ، فإنه يبقي في خطاياه ، ولا يتغير إلى أفضل ، ويكون تحت الدينونة . وصدق القديس الأنبا أنطونيوس حينما قال :
[ إن دنا أنفسنا ، رضي الديان عنا ] ..
[ إن ذكرنا خطايانا ، ينساها لنا الله . وإن نسينا خطايانا ، يذكرها لنا الله ] .
وإدانتنا لأنفسنا تساعد على المصالحة بيننا وبين الناس . يكفي أن تعتذر لإنسان وتقول له : [ لك حق . أن أخطأ في هذا الأمر ] .. لكي تضع بهذا حداً لغضبه ويصطلح معك ... أما إن ظللت تبرر موقفك ، فإنك تري خصمك يشتد في إثبات إدانتك . وما أجمل قول القديس مقاريوس الكبير في هذا المجال :
[ احكم يا أخي على نفسك ، قبل أن يحكموا عليك .. ] .