رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
كتاب الأب أفراهات السرياني القمص أثناسيوس فهمي جورج مقدمة الكنيسة الأرثوذكسية هي كنيسة الإنجيل والآباء بآنٍ واحد، كنيسة الآباء الذين تكلموا بإلهام الروح القدس نفسه الذي ألهم الرسل القديسين، فعمل الروح القدس مستمر في الكنيسة ومقيم فيها حسب وعد المسيح لها، أنَّه يعمل فيها على الدوام ويعطى أعضائها مواهب العنصرة ويعلن لهم الحق الإلهي والبشارة المفرحة، متى جاهدوا واستجابوا. لذلك يُعبِّر الآباء عن الحقيقة الإنجيلية نفسها بنعمة الروح القدس العامل والمستقر فيهم، كما أنَّهم يحصلون على خبرة روحية عميقة ويعيشون مقيمون في النعمة، يتحدثون بعظائم الله، ولذلك فبالرغم من أنَّ كتاباتهم مكتوبة بأسلوب منطقي أحياناً وبلغة فلسفية أحياناً أخرى، إلاَّ أنَّها بسيطة وعملية ونابعة من حياتهم ومعيشتهم وخبرتهم الحقيقية، فتعليمهم غير منفصل عن الحياة في المسيح، خلال الصلاة والتأمل والخشوع. لهذا كانت كتاباتهم نابعة من قداسة نفوسهم والتخمير بخميرة المسيح، إذ أنَّهم مستنيرون من الروح القدس متحدين بالله، فالحياة الروحية لا تنمو إلاَّ بالعمل الإلهي من ناحية وبالتجاوب الإنساني من ناحية أخرى، لذلك نجد أنَّ كل أب من الآباء يُقدم بنور الروح القدس العامل فيه، خبرة جديدة وتوضيحاً جديداً ومعرفة جديدة، بتوبة مستمرة سهمية شاملة للفكر والحواس والمشاعر والإرادة، في صحو ويقظة كمنهج حياة واتجاه ثابت وعميق، بالتحرك للأمام لا بحِيَل بشرية بل بعطاء القلب المستمر، في حب حقيقي وشبع بالإنجيل، وفي اندماج وشركة مع الكنيسة. لذلك جاءت المعرفة امتداد للمعرفة الإنجيلية والآبائية السابقة لها، فالجديد الذي يحمله كل أب هو جديد من ناحية التعبير في إطار التقليد، لكنه ليس ابتداعاً جديداً أو تعليماً جديداً، لأنَّ تعليمه مطابق لتعليم الكنيسة المستقر ولخبرتها المستقيمة. ورغم اتفاق الآباء الجماعي إلاَّ أنَّه في بعض الأحيان وُجدت اختلافات بين أب وآخر، لكن هذه الاختلافات لا تمس الأساس نفسه، بل هي دليل على أنَّ الروح القدس لا يسلب الإنسان حريته ولا يلاشى شخصيته. ونحن نُسلِّم بأنَّ بعض الآباء قد وقعوا في بعض الأخطاء غير الجوهرية ولكن الكنيسة لم ترفضهم بل رفضت هذه الأخطاء التي لا تتفق مع ضمير الكنيسة ومنهجها. ومن بين هؤلاء الآباء، يأتي الأب أفراهات السرياني صاحب هذه السيرة، الذي هو بحق من أعظم المفسرين والشارحين للكتاب المقدس، فجاءت كتاباته مُشبَّعة بالفكر الكتابي والسلوك الإنجيلي، شارحاً للكتاب ومفسراً لرمزياته، فقدم الرمز والمرموز إليه من خلال شخصيات يوسف وموسى ويشوع ويفتاح وداود وإيليا وحزقيا ويوشيا ودانيال والثلاثة فتية ومردخاي كرموز نبوية اكتملت وتحققت في شخص المسيح. ويُعتبر أفراهات كاتب معروف بين الكتَّاب السريان، له مقالاته التي تدور حول قضايا الإيمان والخدمة الإلهية وحياة الكنيسة ومقالات أخرى فصحية، وبعضها عن الرعاة والرهبان... وتُعتبر هذه المقالات ذات قيمة كبرى من ناحية تاريخيتها ووصف الحياة الداخلية في كنيسة الفرس، كما أنَّها ذات أهمية كبيرة في دراسة تاريخ نص العهد الجديد. وقد قمنا بنعمة ربنا بتقديمها للقارئ العربي وللمكتبة القبطية كعمل ذي قيمة تتجاوز عصره وكتقليد الكنيسة الحي، الذي فيه نرى كيفية المشاركة الإنسانية في النعمة الإلهية. إذ أنَّ الإيمان موجود في التقليد الذي يُسلَّم، ونحن نعتبر التقليد الآبائي مصدراً أميناً للمعرفة الإيمانية، به ندحض الضلال والآراء الفاسدة والأفكار المشوشة، لأنَّنا فيه نلجأ إلى خبرة الحياة والاقتداء في المسيح يسوع. وفيما نقدم سلسلة أباء الكنيسة اخثوس ΙΧΘΥΣ، والتي نضعها نهديها لعميد الإكليريكية جزيل البركة والغبطة البابا شنودة الثالث -أطال الله حياته- ونرجو أنْ يكون هذا الاحتفال التاريخي بالعيد المئوي لإعادة تأسيس الكلية الإكليريكية قفزة لمزيد من الارتقاء على المستوى العملي في الخدمة والكرازة والرعاية والتكريس، وعلى المستوى العلمي في الدراسة والبحث والمنهجية والتخصص، لتكون الإكليريكية مصدر تلمذة ومركز إشعاع متألق دائماً كما كانت المدرسة اللاهوتية السكندرية. وبلسان الشكر أتقدم بعميق الشكر لصاحبي النيافة الحبر الجليل الأنبا بيشوي مطران كرسي دمياط وتوابعها وسكرتير المجمع المقدس، على مساعدته القيّمة ولمسات الحب الرعوي التي يؤازرنا بها... ولصاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا بنيامين أسقف كرسي المنوفية والنائب البابوي للإسكندرية على إشرافه وتشجيعه الأبوي الذي يشملنا به، ليديم الله حياتهما وليجعل هذا العمل لمجد الثالوث القدوس الآب والابن والروح القدس الإله الواحد الذي يليق به الشكر والتسبيح كل حين وإلى الأبد آمين. |
15 - 05 - 2014, 06:17 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأب أفراهات السرياني
أفراهات الحكيم الفارسى * APHRAHAT, The Persian Sage كان لمؤلف هذه المقالات تاريخاً أدبياً فريداً، فقد كان فارسي الجنسية في عصر كانت فيه الزرداشتية هي الديانة الرسمية لبلاد فارس، ومع ذلك كتب كلاهوتي مسيحي، ومن أعماله يتضح لنا أنَّه وُلد في مبادئ القرن الرابع من أسرة وثنية، وأنَّه صار مسيحياً واعتنق الحياة الرهبانية وسيم أسقفاً، وهو أول مَنْ نشر الرهبنة في سوريا وما بين النهرين، وفي زمن الإمبراطور الآريوسى ڤالندس Valents مضى إلى أنطاكية، وجاهد ضد الآريوسية، ويبدو أنَّه أخذ في الرسامة الأسقفية اسم يعقوب ومن هنا خطأ مساواته بيعقوب أسقف نصيبين (+338) وقد تنيح أفراهات بعد عام 345 م. ويقول عنه ثيودورت المؤرخ "طعامه لم يكن يُعجن أو يُخبز، ولكن ممَّا ينبت طبيعياً من ثمر الأشجار والبقول والنبات متجنباً كل استعمال للنار". وقد كانت الأعمال المعروفة الآن باسم أفراهات، تُسرد وتُروى وتُترجم لمدة قرنيْن على الأقل بعد نياحته، ومع ذلك ظل اسمه منسياً ومجهولاً لمدة من الزمان، لذلك في مخطوطات القرن الخامس والسادس تُوصف المقالات بأنَّها من وضع "الحكيم الفارسي The Persian Sage" أو "مار يعقوب الحكيم الفارسي" وقد نتج عن نسبة هذه المقالات إلى يعقوب حدوث خلط ولبس كبير بين الشخصيات. فنُسبت أعماله لمئات السنوات إلى يعقوب أسقف نصيبين في أيام قسطنطين الكبير، ولم يظهر اسم أفراهات ويُعرف أنَّه هو الكاتب الحقيقي لهذه المقالات وأنَّه هو عينه "الحكيم الفارسي" إلاَّ في القرن العاشر كما يؤكد العديد من الدارسين المدققين. ويبلغ عدد هذه المقالات 22 مقالاً بحسب عدد حروف الأبجدية السريانية إذ تبدأ كل مقالة بحرف من حروف الأبجدية، والمقالات العشرة الأولى تمثل مجموعة بذاتها وهي عن: "الإيمان، المحبة، الصوم، الصلاة، الحروب، الرهبان، التائبون، القيامة، الاتضاع، الرعاة". أمَّا المجموعة الأخرى فنجد فيها ثلاث مقالات عن اليهود "الختان، الفصح، السبت"،ثم مقالة تُوصف بأنَّها نصيحة أو تحذير، ويبدو أنَّها رسالة توبيخ أرسلها أفراهات بالنيابة عن مجموعة من الأساقفة إلى إكليروس وشعب سلوقيًا وطيسفون Ctesiphon وبعدها تكتمل السلسلة اليهودية بخمس مقالات عن: "الأكلات المتنوعة، دعوة الأمم، يسوع المسيا، البتولية، تشتيت إسرائيل". وآخر ثلاث مقالات هي: "العطاء، الاضطهاد، الموت والأزمنة الأخيرة". ويُضاف لهذه المجموعة مقالة رقم 23 وهي عن "السُّلاف" (العنب) ويتحدث فيها عن البركات المعطاة منذ البدء بالمسيح في تلميح إلى كلمات إشعياء النبي "كَمَا أَنَّ السُّلاَفَ يُوجَدُ فِي الْعُنْقُودِ فَيَقُولُ قَائِلٌ: لاَ تُهْلِكْهُ" (أش 8:65). وتقدم هذه المقالات دليلاً كافياً على تاريخ كتابتها، ففي نهاية المقالة الخامسة "الحروب" يذكر المؤلف أنَّ الأعوام منذ عصر الإسكندر الأكبر (311 ق.م.) وحتى أيام كتابته 648 سنة إذاً كتب هذه المقالات عام 337 م. أيّ نفس عام وفاة قسطنطين الكبير. وقد كُتبت أول عشرة مقالات عام 337 م. أمَّا الاثني عشر التالية فكُتبت عام 344 م، والمقالة 23 كُتبت عام 345 م، وهكذا اكتمل العمل كله في تسع سنوات. ورغم أنَّها لم تحظ بالانتشار ولا الشهرة التي نالتها أعمال القديس مار أفرآم السرياني المُلقب بقيثارة الروح، إلاَّ أنَّها قد حظيت بمكانة خاصة في الأدب السرياني، وكل ما وصلنا من مخطوطات تتضمن هذه المقالات هو مجموعة واحدة كاملة، ومجموعتان غير كاملتين، إلاَّ أنَّه من الواضح أنَّه طالما أنَّها قد تُرجمت إلى لغة أجنبية، فلابد أنَّه كان لها انتشار وشهرة في موطنها الأصلي، وفي الغالب هذه المجموعة الكاملة (من القرن الخامس والسادس) هي ما تبقّى من عدد ضخم من مخطوطات فُقد معظمها. وتُعد الترجمة الأرمنية هي الدليل المبكر الموجود الآن على ذيوع وانتشار هذه المقالات، وهي تتضمن 19 مقالاً فقط ويتفق الدارسون على أنَّها تُرجمت في القرن الخامس، كما وصلتنا ترجمة أثيوبية للمقالة "عن الحروب" وتوجد أقدم المخطوطات في المتحف البريطاني. ورغم أنَّه كتب هذه المقالات بعد ارفضاض مجمع نيقية بعشر سنوات بينما كانت الآريوسية لا تزال تزعج الكنيسة، إلاَّ أنَّه لم يتعرض للجدالات اللاهوتية الحادثة في أيامه، ولم يرد -مثلاً- على الفكر الأريوسي، ولعل ذلك كان بسبب بُعد كرسيه عن مواضع الجدال والفكر، ولأنَّ القراء في ذلك الوقت كانوا يهتمون بالكتابات اللاهوتية والجدلية وبالرد على أصحاب البدع والهرطقات، لذلك لم تلق مقالاته إلاَّ انتشاراً محدوداً بينهم. كما تأثر انتشار أعماله بشهرة النساطرة الفارسيين، ذلك أنَّه كان في أديسا "مدرسة للفارسيين" وكان يتوافد إليها الطلبة من فارس من أجل التعلم، وحدث أنْ سقط إبياس Ibas أسقف أديسا (435-457 م.) في البدعة النسطورية، ومنه انتقل الفكر النسطوري إلى ماريس Maris الفارسي ومنه إلى فارس كلها، وأيضاً انتقل الفكر النسطورى إلى مارو Maro أحد أساتذة هذه المدرسة، وبعد موت إبياس، نُفى أتباعه من أديسا على يد نونوس Nonnus الأسقف الأرثوذكسي الذي جلس على كرسى أديسا بعده، وبعد نونوس، أغلق كورش وهو الأسقف الذي خلفه، المدرسة في عهد الإمبراطور زينو، وقد نتج عن ذلك كله أنَّه كان هناك رفض وحذر من أيّ كتابة من مصدر فارسي، وقد تأثرت أعمال "الحكيم الفارسي" بهذه الحقيقة. ويرى بعض الدارسين أنَّه كان نسطورياً، وبالفعل نجد اتجاهاً نسطورياً في بعض عبارات أفراهات، خاصة في مقاله عن "المسيح". |
||||
15 - 05 - 2014, 06:20 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأب أفراهات السرياني
ملامح من فكره: من مقالته عن الاضطهاد * 1) من مقالته عن الاضطهاد * Demonstration XXI. – OF PERSECUTION سوف أُعلمك الآن، بقدر ما أستطيع أنْ أفهم، عن المُضطهَدين وكيف أنَّهم ينالون جعالة عظيمة، بينما يخزى المُضطهِدين ويُحتقرون. يعقوب اُضطهِد وكان عيسو مُضطهِداً، فنال يعقوب البركات والبكورية بينما حُرِم عيسو من كليهما. * بين يوسف ويسوع يوسف اُضطهِد وكان أخوته مضطهِدين، فرُفع يوسف وجاء أخوته وسجدوا أمامه، وهكذا تحققت أحلامه ورؤاه. إنَّ يوسف الذي اُضطهِد كان رمزاً ليسوع المُضطَهَد: فيوسف ألبسه أبوه حلّة كثيرة الألوان ويسوع ألبسه أبوه (أي الآب ضابط الكل) جسداً من العذراء يوسف أحبه أبوه أكثر من أخوته جميعهم ويسوع هو الابن الحبيب لأبيه. يوسف رأى رؤى وحلم أحلاماً ويسوع أكمل الرؤى والأنبياء. يوسف كان راعياً مع أخوته ويسوع هو رئيس الرعاة. يوسف عندما أرسله أبوه ليتفقد أخوته، رأوه قادماً وخططوا لقتله ويسوع عندما أرسله أبوه ليتفقد أخوته قالوا "هَذَا هُوَ الْوَارِثُ. هَلُمُّوا نَقْتُلْهُ وَنَأْخُذْ مِيرَاثَهُ" (مت 38:21). يوسف ألقاه أخوته في البئر ويسوع أنزله أخوته إلى مسكن الأموات. يوسف صعد من البئر ويسوع قام من بين الأموات. يوسف بعد أنْ خرج من البئر، صار له سلطاناً على أخوته ويسوع بعد أنْ قام من بين الأموات، أعطاه أبوه اسماً عظيماً ومجداً (فى 9،8:2) كى يخدمه أخوته ويُوضِع أعدائه تحت قدميه. يوسف بعد أنْ عرفه أخوته، ارتبكوا وخافوا وذُهلوا من عظمته ويسوع متى أتى في آخر الأيام، ومتى اُستعلن في مجده، سوف يرتبك أخوته ويخافون ويرتعبون أمامه لأنَّهم صلبوه. يوسف بنصيحة يهوذا بيع لمصر ويسوع بيدي يهوذا الإسخريوطي سُلم إلى اليهود. يوسف عندما باعه أخوته لم يقل لهم شيئاً ويسوع أيضاً لم يتكلم ولم يعط إجابة أمام القضاة الذين حكموا عليه. يوسف أسلمه رئيسه ظلماً للسجن ويسوع أدانه خاصته ظلماً. يوسف ترك ردائيه، واحد في أيدي أخوته والآخر في يدي زوجة سيده. ويسوع ترك ثيابه للجنود واقتسموها. يوسف عندما كان له من العمر ثلاثين عاماً، وقف أمام فرعون وصار سيداً لمصر. ويسوع عندما كان له من العمر ثلاثين عاماً ذهب إلى الأردن واعتمد وحلّ عليه الروح القدس وخرج ليَكرز ويُبشر، يوسف تزوج ابنة الكاهن الشرير النجس (الوثني). ويسوع خطب لنفسه الكنيسة من الأمم النجسة. يوسف مات ودُفن في مصر ويسوع مات ودُفن في أورشليم. يوسف أخرج أخوته عظامه من مصر. ويسوع أقامه أبوه من بين الأموات، وأصعد جسده معه إلى السماء بلا فساد. * بين موسى ويسوع موسى في زمان ميلاده كان الأطفال يُغرَقون في النهر ويسوع في زمان ميلاده كان أطفال بيت لحم وتخومها يُذبَحون. موسى قال الله له "قَدْ مَاتَ جَمِيعُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَكَ" (خر 19:4). وليوسف قال الملاك في مصر "قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ" (مت 20:2). موسى أخرج شعبه من عبودية فرعون ويسوع خلص الأمم من عبودية الشيطان. موسى تربّى في بيت فرعون ويسوع تربّى في مصر عندما أخذه يوسف هرباً إلى هناك. مريم (أخت موسى) وقفت على شاطئ النهر عندما كان موسى يطفو على الماء (في سفط من البردي) ومريم (العذراء) حملت يسوع بعد أنْ بشرها الملاك غبريال. موسى عندما ذبح الحمل، ذُبِح أبكار مصر ويسوع الحمل الحقيقي، عندما صلبوه، هلك الذين ذبحوه بذبحه. موسى أنزل المن من أجل (إطعام) شعبه ويسوع أعطى جسده لكل الأمم. موسى صيّر المياه المرة حلوة بالخشبة ويسوع صيّر مرارتنا حلاوة بصليبه، بخشبة شجرة صليبه. موسى أخذ الشريعة لشعبه ويسوع أعطى عهوده للأمم. موسى هزم عماليق بفتح ذراعيه ويسوع هزم الشيطان بعلامة صليبه. موسى أخرج الماء من الصخرة لشعبه ويسوع أرسل سمعان صفا (الصخرة) ليحمل عقيدته بين الأمم. موسى رفع الحجاب عن وجهه وتكلم مع الله ويسوع رفع الحجاب عن وجه الأمم كىّ يسمعوا ويقبلوا عقيدته. موسى وضع يده على رسله فنالوا الكهنوت ويسوع وضع يده على رسله فنالوا الروح القدس. موسى صعد إلى الجبل ومات هناك ويسوع صعد إلى السماء وجلس عن يمين أبيه. * بين يشوع بن نون ويسوع أيضاً يشوع بن نون اُضطهِدَ كما اُضطهِدَ يسوع فادينا: يشوع بن نون اضطهدته الأمم الدنسة ويسوع فادينا اضطهده الشعب الأحمق. يشوع بن نون أخذ ميراث مضطهديه وأعطاه لشعبه ويسوع فادينا أخذ ميراث مضطهديه (اليهود) وأعطاه لأمم غريبة. يشوع بن نون جعل الشمس تقف في كبد السماء وانتقم من الأمم التي اضطهدته ويسوع فادينا جعل الشمس تغيب وسط النهار كي يخزِى الشعب المُضطَهِد الذي صلبه. يشوع بن نون قسّم الميراث على شعبه ويسوع فادينا وعد أنْ يعطى الأمم أرض الحياة. يشوع بن نون أعطى الحياة لراحاب الزانية ويسوع فادينا جمع الكنيسة وأعطاها حياة، رغم أنَّها كانت متدنسة بالزنا (الذي في الوثنية). يشوع بن نون رجم عخان بن كرمى لأنَّه سرق الأشياء المُحرّمة ويسوع فادينا أخرج يهوذا من بين التلاميذ لأنَّه سرق مال الفقراء. يشوع بن نون عندما كان يحتضر وضع شهادة بين شعبه ويسوع فادينا عندما صعد وضع شهادة بين رسله. * بين يفتاح ويسوع أيضاً يفتاح اُضطهِد كما اُضطهِد يسوع: يفتاح طرده أخوته من بيت أبيه ويسوع طرده أخوته ورفعوه وصلبوه. يفتاح رغم أنَّه اُضطهِد، قام وصار قائداً لشعبه ويسوع رغم أنَّه اُضطهِد، قام وصار ملكاً لكل الأمم. يفتاح نذر نذراً وقدَّم ابنته الوحيدة ذبيحة ويسوع رُفِع كذبيحة لأبيه من أجل جميع الأمم. * بين داود ويسوع داود أيضاً اُضطهِد كما اُضطهِد يسوع: داود مسحه صموئيل ملكاً بدلاً من شاول الذي أخطأ ويسوع مُسح بيد يوحنا المعمدان ليكون رئيساً للكهنة، بدلاً من الكهنة خدام الناموس. داود اُضطهِد بعد مسحه ويسوع اُضطهِد بعد مسحه. داود مَلَكَ أولاً على سبط واحد فقط وبعد ذلك مَلَكَ على إسرائيل كله ويسوع مَلَكَ في البداية على قليلين آمنوا به، وفي النهاية سيملك على العالم كله. داود عندما كان له من العمر ثلاثين عاماً مسحه صموئيل ويسوع عندما كان له من العمر ثلاثين عاماً وضع يوحنا عليه يده. داود تزوج ابنتي الملك ويسوع تزوج ابنتي ملوك: جماعة الشعب (أي اليهود) وجماعة الأمم. داود فعل خيراً بشاول عدوه يسوع علَّم "صَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ" (لو 28:6). داود كان بحسب قلب الله (1صم 14:13) ويسوع كان ابن الله. داود أخذ مملكة شاول مُضطَهِده ويسوع أخذ مملكة إسرائيل مُضطَهده. داود بكى بمرثاة على شاول عدوه عندما مات. ويسوع بكى على أورشليم التي اضطهدته لأنَّها سوف تخرب. داود سلَّم المملكة إلى سليمان وانضم إلى آبائه. ويسوع سلَّم المفاتيح إلى سمعان وصعد وعاد إلى ذلك الذي أرسله. داود من أجله غُفرت الخطايا لنسله. ويسوع من أجله غفرت خطايا الأمم. * بين إيليا ويسوع. إيليا اُضطهِد كما كان يسوع مُضطهَداً: إيليا اضطهدته إيزابل القاتلة. ويسوع اضطهده الشعب المُضطَهِد القاتل. إيليا منع مطر السماء بسبب خطايا إسرائيل. ويسوع بمجيئه منع الروح عن الأنبياء بسبب خطايا الشعب. إيليا أهلك خدام البعل ويسوع داس على الشيطان وقواته. إيليا أقام ابن الأرملة ويسوع أقام ابن الأرملة وأيضاً لعازر وابنة رئيس المجمع. إيليا أشبع الأرملة بخبز قليل وفادينا أشبع الآلاف بخبز قليل. إيليا اُختطف إلى السماء في مركبة وفادينا صعد وجلس عن يمين أبيه. إيليا، أليشع أخذ روحه ويسوع، نفخ في وجه رسله. * بين أليشع ويسوع أليشع أيضاً اُضطهِد كما اُضطهِد يسوع: أليشع اضطهده ابن آخاب، ابن القاتل ويسوع اضطهده الشعب القاتل. أليشع أشبع مئة رجل بقليل من الخبز ويسوع أشبع أربعة آلاف رجل بجانب النساء والأطفال بخمس خبزات. أليشع خلص الأرملة من دائنها ويسوع خلص الأمم المديونة. أليشع جعل الحديد يَسبَح والخشب يغرق ويسوع أقام ما كان غارقاً فينا وأغرق ذلك الذي كان خفيفاً. رجل ميت (سقط) على عظام أليشع، عاد إلى الحياة وكل الأمم التي كانت مائتة في خطاياها أُلقيت على عظام يسوع وعادت إلى الحياة. * بين حزقيا ويسوع حزقيا أيضاً اُضطهِد كما اُضطهِد يسوع: حزقيا اضطهده وأهانه سنحاريب عدوه ويسوع أيضاً أهانه الشعب الأحمق. حزقيا صلى وهزم عدوه ويسوع بصلبه هزم عدونا. حزقيا كان ملكاً على إسرائيل كله ويسوع مَلَكَ على جميع الأمم. لأنَّ حزقيا كان مريضاً رجع الظل إلى الوراء ولأنَّ يسوع تألم أظلمت الشمس. أعداء حزقيا صاروا جثثاً ميتة وأعداء يسوع سوف يخضعون تحت قدميه. حزقيا كان من عائلة بيت داود ويسوع كان بحسب الجسد ابن داود. حزقيا قال "يَكُنْ سَلاَمٌ وَأَمَانٌ فِي أَيَّامِي" (2مل 19:20) ويسوع قال لتلاميذه "سلاَمِي أُعْطِيكُمْ" (يو 27:14). حزقيا صلى وشُفى من مرضه ويسوع صلى وقام من بين الأموات. حزقيا بعد أنْ قام من مرضه زادت سنىّ حياته ويسوع بعد قيامته نال مجداً عظيماً. حزقيا بعد إطالة حياته، أُعطى الموت سلطان عليه أمَّا يسوع فبعد أنْ قام لم يعد للموت سلطان عليه إلى الأبد. * بين يوشيا ويسوع يوشيا أيضاً اُضطهِد كما اُضطهِد يسوع: يوشيا اُضطهِد وفرعون العاجز [في النص الأصلي "فرعون نخو" ولكن كلمة "عاجز" استعملها أفراهات هنا لأنَّها الترجمة التي يستخدمها أحبار اليهود لكلمة "نخو" لقب فرعون] ذبحه ويسوع اُضطهِد والشعب العاجز بسبب خطاياه ذبحه. يوشيا طهّر أرض إسرائيل من الدنس ويسوع طهّر وأزال الدنس من الأرض كلها. يوشيا بسبب شر إسرائيل مزق ثيابه ويسوع بسبب شر الشعب شق حجاب الهيكل المقدس. يوشيا أخرج كل نجاسة من الهيكل المقدس ويسوع طرد التجار النجسين من بيت أبيه. * بين دانيال ويسوع دانيال اُضطهِد كما اُضطهِد يسوع: دانيال اضطهده الكلدانيون الشعب الوثني ويسوع اضطهده اليهود الشعب الشرير. دانيال اتهمه الكلدانيون ويسوع اتهمه اليهود أمام الحكام. دانيال ألقوه في جب الأسود ونجى وصعد من وسطهم سليماً. ويسوع وضعوه في قبر الأموات وقام ولم يكن للموت سلطان عليه. دانيال عندما نزل إلى الجب توقعوا ألاَّ يصعد ثانية. ويسوع قالوا عنه "حَيْثُ اضْطَجَعَ لاَ يَعُودُ يَقُومُ" (مز 8:41). دانيال أُغلقت أفواه الأسود الضارية المتوحشة عنه (عن إيذائه). ويسوع أُغلق فم الموت عنه رغم أنَّه ضاري ومتوحش. دانيال ختموا الجب الذي وضعوه فيه وسهروا يحرسونه. ويسوع سهروا ليحرسوا قبره كما قالوا "فَمُرْ بِضَبْطِ الْقَبْرِ" (مت 64:27). دانيال عندما صعد خزى مُتهِموه ويسوع عندما قام خزي كل الذين صلبوه. دانيال: الملك الذي حكم عليه حزن جداً بسبب شر مُتهِميه الكلدانيين ويسوع: حزن بيلاطس جداً لأنَّه عرف أنَّ اليهود أسلموه حسداً (مر 10:15). دانيال فسر رؤى وأحلام نبوخذ نصر ويسوع شرح وفسر رؤى الناموس والأنبياء. دانيال رأى عجائب وتكلم بأسرار ويسوع أعلن أسراراً وتمم ما هو مكتوب. من أجل دانيال رُفع غضب الملك عن الكلدانيين ولم يُذبحوا ومن أجل يسوع رُفع غضب أبيه عن كل الأمم وهكذا لم يُذبحوا ولم يموتوا بسبب خطاياهم. دانيال طلب من الملك، فولّى أخوته على أعمال ولاية بابل ويسوع طلب من الله وأعطى أخوته، تلاميذه، سلطاناً على الشيطان وقواته. * بين الثلاثة فتية القديسين ويسوع حنانيا وأخوته اُضطهِدوا كما اُضطهِد يسوع: حنانيا وأخوته اضطهدهم نبوخذ نصر ويسوع اضطهده شعب اليهود. حنانيا وأخوته أُلقوا في أتون النار فصارت باردة مثل الندى على الأبرار ويسوع أيضاً نزل إلى موضع الظلمة وحطم أبوابها وحرر أسراها. حنانيا وأخوته خرجوا من الآتون والنار أحرقت مُتهِميهم ويسوع قام وخرج من وسط الظلام ومُتهِميه والذين صلبوه سوف يُحرقون بالنار في النهاية. حنانيا وأخوته عندما خرجوا من أتون النار، ارتعد نبوخذ نصر وتعجب ويسوع عندما قام من بين الأموات، ارتعب الذين صلبوه وارتعدوا. حنانيا وأخوته لم يعبدوا صورة ملك بابل ويسوع منع الأمم من عبادة الصور الميتة. بسبب حنانيا وأخوته كل الأمم واللغات تمجد الله الذي خلصهم من النار وبسبب يسوع، ستمجد الأمم وكل اللغات (الله) لأنَّه خلص ابنه فلم يرى فساداً. حنانيا وأخوته لم تكن للنار قوة على ثيابهم وعلى أجساد الأبرار الذين آمنوا بيسوع لن تقوى النار في آخر الأيام. * بين مردخاي ويسوع مردخاي أيضاً اُضطهِد كما اُضطهِد يسوع: مردخاي اضطهده هامان الشرير ويسوع اضطهده الشعب المتمرد. مردخاي بصلاته خلص شعبه من يدي هامان ويسوع بصلاته خلص شعبه من يدي الشيطان. مردخاي خلص من يدي مُضطهِده ويسوع خلص من يدي مُضطهِديه. مردخاي، إذ جلس ولبس مسوحاً، خلص أستير وشعبه من السيف ويسوع، لأنَّه لبس جسداً خلص الكنيسة وأبنائها من الموت. مردخاي بسببه كانت أستير مُرضية للملك وتقدمت وجلست بدلاً من وشتى التي لم تصنع إرادته يسوع بسببه ترضى الكنيسة الله، وذهبت إلى الملك بدلاً من الشعب الذي لم يصنع إرادته. مردخاي أوصى إستير أنْ تصوم مع جواريها كي تخلص هي وشعبها من يدي هامان ويسوع أوصى الكنيسة وأبنائها (أنْ يصوموا) كي تخلص هي وأبناؤها من الغضب. مردخاي أخذ كرامة هامان مُضطهِده ويسوع أخذ مجداً عظيماً من أبيه بدلاً من مُضطهِديه الذين كانوا من الشعب الأحمق. مردخاي داس على عنق هامان مُضطهِده ويسوع سيُوضع أعدائه موطئاً لقدميه. دم مردخاي طُلب من يد هامان وأبنائه ودم يسوع، أخذه مُضطهِدوه عليهم وعلى أبنائهم. هذه الكلمات التي كتبتها لك أيُّها الحبيب عن يسوع الذي اُضطهِد والأبرار الذين اُضطهِدوا، إنَّما كتبتها لتعزية هؤلاء الذين يُضطهَدون اليوم من أجل يسوع المُضطَهَدْ لأنَّه كتب لنا وعزّانا بنفسه إذ قال "لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنَ الْعَالَمِ، بَلْ أَنَا اخْتَرْتُكُمْ مِنَ الْعَالَمِ، لِذلِكَ يُبْغِضُكُمُ الْعَالَمُ... إِنْ كَانُوا قَدِ اضْطَهَدُونِي فَسَيَضْطَهِدُونَكُمْ" (يو 20،19:15). وقد كتب قبلاً لنا "سَوْفَ تُسَلَّمُونَ مِنَ الْوَالِدِينَ وَالإِخْوَةِ وَالأَقْرِبَاءِ وَالأَصْدِقَاءِ، وَيَقْتُلُونَ مِنْكُمْ. وَتَكُونُونَ مُبْغَضِينَ مِنَ الْجَمِيعِ مِنْ أَجْلِ اسْمِي" (لو 17،16:21)... وأيضاً علَّمنا "فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلاَ تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ، لأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ" (مت 20،19:10). هذا هو الروح الذي تكلم بفم يعقوب إلى عيسو مُضطهِده، وروح الحكمة الذي تكلم أمام فرعون بفم يوسف المُضطَهَد، والروح الذي تكلم بفم موسى بجميع العجائب التي صنعها في أرض مصر، وروح المعرفة الذي أُعطى ليشوع بن نون عندما وضع موسى يديه عليه، حتى أنَّ الأمم التي اضطهدته فنيت تماماً من أمامه، والروح الذي قال المزامير بفم داود المُضطَهَد، فبفمه اعتاد أنْ يرنم المزامير ويهدئ شاول مُضطَهِده من الروح الشرير، والروح الذي التحف به إيليا، وبه وبخ إيزابل وآخاب مُضطَهِده، والروح الذي تحدث بإليشع، وتنبأ وأعلن للملك مُضطَهِده عن كل ما سيحدث فيما بعد، والروح الذي كان حاراً بفم ميخا عندما وبخ آخاب مُضطهِده قائلاً "إِنْ رَجَعْتَ رُجُوعًا بِسَلاَمٍ، فَلَمْ يَتَكَلَّمِ الرَّبُّ بِي" (أخبار أيام ثاني 27:18) والروح الذي قوَّى أرميا فثبت بشجاعة ووبخ به صدقيا، والروح الذي حفظ دانيال وأخوته في أرض بابل، والروح الذي خلص مردخاي وإستير في أرض السبي. اسمع أيُّها الحبيب أسماء هؤلاء الشهداء والمعترفين والمُضطَهَدين: هابيل قُتل وصرخ دمه من الأرض. يعقوب اُضطهِد وهرب وصار منفياً. يوسف اُضطهِد وبيع وأُلقى في البئر. موسى اُضطهِد وهرب إلى ميديان. يشوع بن نون اُضطهِد وحارب. يفتاح وشمشون وشمعون وباراق اُضطهِدوا هم أيضاً... هؤلاء هم الذين قال عنهم بولس الرسول "لأَنَّهُ يُعْوِزُنِي الْوَقْتُ إِنْ أَخْبَرْتُ عَنْ جِدْعُونَ، وَبَارَاقَ، وَشَمْشُونَ" (عب 32:11). داود أيضاً اُضطهِد على يدي شاول وسار "فِي بَرَارِيَّ وَجِبَال وَمَغَايِرَ" (عب 38:11) وحزن على شاول. حزقيا أيضاً اُضطهِد وحل به ضيق. إيليا اُضطهِد وسار في البرية. أليشع اُضطهِد ونُفى. ميخا اُضطهِد وأُلقى في السجن. أرميا اُضطهِد وألقوه في حفرة الوحل. دانيال اُضطهِد وألقى في جب الأسود. حنانيا أيضاً وأخوته اُضطهِدوا وأُلقوا في أتون النار. مردخاي وإستير وأبناء شعبهما اُضطهِدوا هم أيضاً على يدى هامان. يهوذا المكابى وأخوته اُضطهِدوا هم أيضاً واحتملوا التعيير. الأخوة السبعة أبناء المرأة المباركة احتملوا عذابات السياط المؤلمة وكانوا معترفين وشهداء حقيقيين (2مكابيين 1:7). ألعازر رغم أنَّه كان شيخاً ومتقدماً في الأيام إلاَّ أنَّه صار مثلاً وقدوة عظيمة واعترف وصار شهيداً حقيقياً (2مكابيين 18:6). عظيم وفائق هو استشهاد يسوع، فقد فاق في ألمه وضيقه وفي الاعتراف كل الذين كانوا قبله. وبعده كان الشهيد اسطفانوس الذي رجمه اليهود. وأيضاً سمعان (بطرس) وبولس كانا شهيديْن كامليْن. ويعقوب ويوحنا سارا في أثر خطى معلمهم المسيح. وأيضاً (آخرون) من الرسل بعد ذلك في أماكن متفرقة اعترفوا وصاروا شهداء حقيقيين. أيضاً بالنسبة للأخوة الذين في الغرب، في أيام دقلديانوس، جاء على كنيسة الله كلها ضيق واضطهاد عظيم، فكانت الكنائس تُدمَّر وتُهدم، وكثير من المعترفين والشهداء اعترفوا و(الرب) رحمهم بعد أنْ اُضطهِدوا، وفي أيامنا حدثت هذه الأمور أيضاً لنا بسبب خطايانا ولكي يتم المكتوب كما قال مخلصنا "لاَ بُدَّ أَنْ تَكُونَ هذِهِ كُلُّهَا" (مت 6:24) والرسول أيضاً قال "لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا" (عب 1:12). |
||||
15 - 05 - 2014, 06:21 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأب أفراهات السرياني
من مقالته عن الرعاة * Demonstration X.- OF PASTORS إنَّ الرعاة يحرسون القطيع ويطعمون الخراف طعام الحياة، وكل مَنْ هو يقظ ويعمل بجد من أجل خرافه، هو حريص على قطيعه وتلميذ للراعي الصالح الذي بذل نفسه فدية عن خرافه، وكل مَنْ لا يُرجع قطيعه بحرص واهتمام، يشبه الأجير الذي لا يهتم بالخراف. فلتكونوا أنتم أيُّها الرعاة مثل هؤلاء الرعاة الأبرار الذين كانوا قديماً، فيعقوب أطعم خراف لابان وحرسها وعمل بجد ساهراً يقظاً فنال الجعالة، لأنَّ يعقوب قال للابان "اَلآنَ عِشْرِينَ سَنَةً أَنَا مَعَكَ. نِعَاجُكَ وَعِنَازُكَ لَمْ تُسْقِطْ، وَكِبَاشَ غَنَمِكَ لَمْ آكُلْ. فَرِيسَةً لَمْ أُحْضِرْ إِلَيْكَ. أَنَا كُنْتُ أَخْسَرُهَا. مِنْ يَدِي كُنْتَ تَطْلُبُهَا. مَسْرُوقَةَ النَّهَارِ أَوْ مَسْرُوقَةَ اللَّيْلِ. كُنْتُ فِي النَّهَارِ يَأْكُلُنِي الْحَرُّ وَفِي اللَّيْلِ الْجَلِيدُ، وَطَارَ نَوْمِي مِنْ عَيْنَيَّ" (تك 31: 38ـ40). تأملوا أنتم أيُّها الرعاة هذا الراعي وانظروا كيف اهتم بقطيعه، فقد اعتاد أنْ يسهر في الليل ليحرسه وكان يقظاً، واعتاد أنْ يكدح وقت النهار ليطعمها. ܐܦܪܗܛ وكما كان يعقوب راعياً، كذلك كان يوسف وأخوته رعاة، وموسى كان راعياً وداود أيضاً كان راعياً، كما كان عاموس راعياً فهؤلاء جميعهم كانوا رعاة أطعموا الخراف وقادوها حسناً. لماذا إذاً يا أحبائي أطعم هؤلاء الرعاة خرافهم أولاً ثم اُختيروا بعد ذلك ليكونوا رعاة للناس؟ لقد كان ذلك لكي يتعلموا كيف يهتم الراعي بخرافه ويسهر ويتعب من أجلها، وبعد أنْ تعلَّموا سلوك الرعاة، اُختيروا للخدمة الرعوية. يعقوب أطعم خراف لابان وتعب وسهر وقادها حسناً، ثم ذهب وأرشد وقاد أبنائه حسناً وعلَّمهم مثالاً للعمل الرعوي. يوسف اعتاد أنْ يرعى الخراف مع أخوته، وفي مصر صار قائداً لشعب كبير، وأعادهم كراع صالح يُرجع قطيعه. موسى أطعم خراف يثرو حماه، واُختير من رعاية الخراف إلى رعاية شعبه وكراع صالح قادهم، وحمل موسى عصاه على كتفيه وسار أمام شعبه الذي كان يقوده ويرعاه أربعين عاماً، وكان ساهراً ومجتهداً من أجل خرافه (فهو) راعى يقظ وصالح، وعندما أراد ربه أنْ يهلكهم بسبب خطاياهم لأنَّهم عبدوا البعل، صلى موسى وتضرع إلى ربه قائلاً "إِنْ غَفَرْتَ خَطِيَّتَهُمْ وَإِلاَّ فَامْحُنِي مِنْ كِتَابِكَ الَّذِي كَتَبْتَ" (خر 32:32). إنَّ هذا هو الراعي العظيم الاجتهاد، فيُسلِّم نفسه لأجل قطيعه، إنَّه قائد عظيم جداً، يبذل نفسه عن خرافه، إنَّه أب رحيم يطعم أبنائه ويربيهم. وموسى الراعي العظيم الحكيم، الذي عرف كيف يُرجع قطيعه (يخرجهم من مصر)، علَّم يشوع بن نون، وهو رجل مملوء بالروح، فقاد القطيع (بعده) بل (قاد) كل شعب إسرائيل، وأهلك ملوكاً وأخضع الأرض، وأعطاهم الأرض كمرعى، وقسَّم أماكن الراحة والحظائر لخرافه. داود أيضاً أطعم خراف أبيه، وأُخذ من رعاية الخراف لرعاية شعبه "فَرَعَاهُمْ حَسَبَ كَمَالِ قَلْبِهِ وَبِمَهَارَةِ يَدَيْهِ هَدَاهُمْ" (مز 72:78) وعندما أحصى داود خرافه، حل الغضب عليها، وبدأت تهلك، فسلَّم داود نفسه بدلاً عن خرافه عندما صلى قائلاً "هَا أَنَا أَخْطَأْتُ وَأَنَا أَذْنَبْتُ، وَأَمَّا هَؤُلاَءِ الْخِرَافُ فَمَاذَا فَعَلُوا؟ فَلْتَكُنْ يَدُكَ عَلَيَّ وَعَلَى بَيْتِ أَبِي" (2صم 17:24). كذلك أيضاً كل الرعاة المجتهدين اعتادوا أنْ يبذلوا أنفسهم عن خرافهم. أمَّا هؤلاء الرعاة الذين لم يهتموا بالخراف، فقد كانوا أجراء اعتادوا أنْ يرعوا أنفسهم فقط، لذلك يخاطبهم النبي قائلاً "أَلاَ يَرْعَى الرُّعَاةُ الْغَنَمَ؟. تَأْكُلُونَ الشَّحْمَ وَتَلْبِسُونَ الصُّوفَ وَتَذْبَحُونَ السَّمِينَ وَلاَ تَرْعُونَ الْغَنَمَ. الْمَرِيضُ لَمْ تُقَوُّوهُ, وَالْمَجْرُوحُ لَمْ تَعْصِبُوهُ, وَالْمَكْسُورُ لَمْ تَجْبُرُوهُ, وَالْمَطْرُودُ لَمْ تَسْتَرِدُّوهُ, وَالضَّالُّ لَمْ تَطْلُبُوهُ, بَلْ بِشِدَّةٍ وَبِعُنْفٍ تَسَلَّطْتُمْ عَلَيْهِمْ... مَرَاعِيكُمْ تَدُوسُونَهَا بِأَرْجُلِكُمْ, وَأَنْ تَشْرَبُوا مِنَ الْمِيَاهِ الْعَمِيقَةِ, وَالْبَقِيَّةُ تُكَدِّرُونَهَا بِأَقْدَامِكُمْ؟. وَغَنَمِي تَرْعَى مِنْ دَوْسِ أَقْدَامِكُمْ, وَتَشْرَبُ مِنْ كَدَرِ أَرْجُلِكُمْ" (حز 34: 2ـ4، +18ـ19). هؤلاء هم الطماعون والرعاة الأردياء والأجراء الذين لم يرعوا الخراف ولا قادوهم حسناً ولا خلصوها من الذئاب، لكن عندما يأتي الراعي العظيم رئيس الرعاة سوف يدعو ويفتقد خرافه وسيعرف حال قطيعه، وسوف يُحضر هؤلاء الرعاة وسيطلب منهم حساباً (عن خدمتهم) وسيدينهم عن أعمالهم، أمَّا هؤلاء الذين رعوا الخراف حسناً فسوف يُفرِّحهم رئيس الرعاة وسيُورِّثهم الحياة والراحة. "الرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ" (يو 11:10) وأيضاً يقول "لِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضًا فَتَسْمَعُ صَوْتِي، وَتَكُونُ رَعِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَرَاعٍ وَاحِدٌ. لِهذَا يُحِبُّنِي الآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضًا" (يو 17،16:10)،وأيضاً يقول "أَنَا هُوَ الْبَابُ. إِنْ دَخَلَ بِي أَحَدٌ فَيَخْلُصُ وَيَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَيَجِدُ مَرْعًى" (يو 9:10). فكونوا أنتم أيها الرعاة مثل هذا الراعي المجتهد، رئيس القطيع كله، الذي اهتم جداً بقطيعه واقترب من البعيدين وأعاد الضالين وزار المريض وقوى الضعيف وربط الكسير وحرس السمين، وبذل نفسه من أجل خرافه، لقد اختار وعلَّم قادة عظماء واستودع الخراف في أيديهم وأعطاهم سلطاناً على قطيعه كله لأنَّه قال لسمعان صفا "ارْعَ خِرَافِي... ارْعَ غَنَمِي" (يو 16،15:21) وهكذا رعى سمعان الخراف وأكمل أيامه وسلَّم القطيع كله إليكم وتنيح، فلترعونها أنتم أيضاً وتقودونها حسناً، لأنَّ الراعي الذي يهتم بخرافه لا يرتبك بأي أمر آخر، فلا يزرع كرماً ولا يغرس حدائق ولا يسقط في متاعب هذا العالم. فلم نر أبداً راعياً يترك خرافه في البرية ويشتغل بالتجارة، ولا راعياً يترك قطيعه يضل ويعمل فلاحاً، لكن إذا ترك قطيعه وفعل هذه الأمور، إنَّما يكون بذلك يُسلِّم قطيعه للذئاب. وتذكروا يا أحبائي أنني أكتب إليكم عن آبائنا في القديم، كيف أنَّهم تعلَّموا أولاً أساليب رعاية الخراف واجتازوا تجارب لمعرفة مدى اهتمامهم وحرصهم (على القطيع) وبعد ذلك اُختيروا لعمل القادة، كي يتعلموا ويتأملوا كم يعتني الراعي بقطيعه، ولكي كما اعتادوا أنْ يقودوا الخراف باهتمام وعناية ورعاية، كذلك أيضاً يصيرون كاملين في عمل القيادة هذا. وهكذا اُختير يوسف من (رعاية) الخراف ليقود المصريين في زمان الضيق (المجاعة) واُختير موسى من (رعاية) الخراف ليقود شعبه ويرعاهم، وأُخذ داود من رعاية الخراف ليصبح ملكاً على إسرائيل، وأخذ الرب عاموس من رعاية الغنم وجعله نبياً وسط شعبه، وأيضاً أليشع أُخذ من تحت النير ليصير نبياً في إسرائيل. موسى لم يرجع لخرافه، ولم يترك القطيع الذي أُوكل إليه (بنى إسرائيل)، وداود لم يرجع لخراف أبيه، لكنه قاد شعبه بكمال قلبه، وعاموس لم يرجع ليرعى خرافه أو ليجمع (ثمار) الأشجار، بل قادهم (أي الشعب) وتمم عمل النبوة، وأليشع لم يرجع لنيره، لكن خدم إيليا وشغل مكانه (بعد اختطافه)، وذاك الذي كان بالنسبة له راعياً (أي جيحزى مع أليشع) إذ أحب التجارة والكروم وغروس الزيتون والفلاحة، لم يرد أنْ يصير تلميذه، و(لذلك) لم يستودع القطيع في يديه. إني أرجوكم وألتمس منكم أيُّها الرعاة ألاَّ تستودعوا القطيع في أيدي قادة حمقى وأغبياء ولا في أيدي مَنْ لهم شهوة ومحبة للقنية. أيُّها الرعاة تلاميذ راعينا الأعظم، لا تكونوا مثل الأُجراء، لأنَّهم لا يهتمون بالخراف، بل تمثلوا براعينا الحلو الذي لم تكن حياته أغلى عنده من خرافه، ربوا الصغار وعلموا العذارى وأحبوا الحملان ودعوهم يتربون ويكبرون في أحضانكم، كي عندما تأتون إلى رئيس الرعاة، تقدمون له كل خرافكم بالكمال، فيهبكم ما وعد به "حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً" (يو 3:14). لقد أدخلني الوكيل إلى كنز الملك وأراني هناك أشياء ثمينة كثيرة، وعندما رأيتها أُسر ذهني بالكنز العظيم، وعندما نظرت إليه بهر عيني وأسر أفكاري وجعل خواطري تجول في نواحٍ عدة. مَنْ ينل منه يغتني ويُغنِى (آخرين) وهو مفتوح ومتاح لكل مَنْ يطلبه، ورغم أنَّ كثيرين يأخذون منه إلاَّ أنَّه لا ينقص، وعندما يَعطون من ذلك الذي نالوه يتضاعف نصيبهم جداً، وهؤلاء الذين يأخذون مجاناً فليُعطوا مجاناً كما أخذوا لأنَّ (هذا الكنز) لا يمكن أنْ يُباع بثمن إذ ليس هناك ما يساويه. وهذا الكنز لا ينتهي ولا يفسد، وكل مَنْ ينالونه لا يشبعون ولا يكتفون، يشربون ويظلون عطشى، يأكلون ويظلون جوعي، وكل مَنْ هو غير عطشان لا يجد احتياج للشرب، وكل مَنْ هو غير جائع لا يجد شيئاً يأكله، والجوع إليه يُشبع كثيرين، ومن العطش إليه تفيض ينابيع مياه، لأنَّ الإنسان الذي يقترب من مخافة الله هو مثل الإنسان الذي في عطشه يقترب من ينبوع الماء ويشرب ويرتوي والينبوع لا ينضب على الإطلاق، والأرض التي تحتاج أنْ تُروى، ترتوي من الينبوع لكن مياهه لا تجف، وبعدما ترتوي الأرض، تعود فتحتاج أنْ تُروى ثانية (ومع ذلك) لا يَقِلّ فيضه، كذلك هي معرفة الله. رغم أنَّه يجب أنْ ينالها كل أحد إلاَّ أنَّها لن تنقص ولا يمكن أنْ يحصرها أو يحدها أبناء الجسد، فمَنْ يأخذ منها لا يمكنه أنْ يأخذها كلها، وعندما يُعطِى لا ينقص (منه) شيء، فعندما تشعل شمعة من لهب النار، رغم أنَّك تشعل شموع كثيرة منها إلاَّ أنَّ اللهب لا ينقص في شيء عندما تأخذ منه، ولا الشمعة تنتهي أو تنطفئ عندما تشعل كثيرين، ولا يستطيع إنسان واحد أنْ يأخذ كل كنز الملك، وعندما يشرب إنسان عطشان من النبع، لا تفرغ مياهه، وعندما يقف إنسان على جبل عال، لا تدرك عيناه (بالتساوي) الأماكن القريبة والبعيدة، وأيضاً عندما يقف ويحصى نجوم السماء، لا يستطيع أنْ يبلغ إلى قوات السماء، كذلك عندما يقترب إنسان من مخافة الله، لا يستطيع أنْ ينالها كلها، وعندما ينال الكثير ممَّا هو ثمين، لا يبدو أنَّه نقص (أي الكنز الثمين) وعندما يعطى (الإنسان) ممَّا ناله لا يُنقص ولا يفرغ. |
||||
15 - 05 - 2014, 06:29 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأب أفراهات السرياني
من رسالته إلى الرهبان * 3) من رسالته إلى الرهبان * Demonstration VI.- OF MONKS نافعة هي الكلمة التي أقولها ومستحقة للقبول "لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ" (رو 11:13) ونرفع قلوبنا وأيادينا إلى الله نحو السماء حتى إذا أتى رب البيت فجأة يجدنا ساهرين (لو 37:12). فلننتظر الوقت المُعَد للعريس المجيد، ولنُعِد ما سيلزمنا في مسكننا، وما سنحتاجه في ذلك الطريق الضيق والكرب. فلنترك جانباً ونطرح عنا كل دنس، ولنرتدي ثياب العرس. فلنتاجر بالوزنة التي أخذناها كي نُدعى خداماً مجتهدين. فلنواظب على الصلاة كي نعبر الموضع الذي يقطن فيه الخوف. فلنطهر قلوبنا من الشر، كي نرى العلىّ في مجده. فلنكن رحماء، كما هو مكتوب، كي يرحمنا الله. ليكن سلام بيننا كي نُدعى أخوة المسيح. فلنجوع للبر كي نُشبع من مائدة ملكوته. فلنكن ملح الحق، كي لا نصير طعاماً للحية. فلنُنقى بذرتنا من الأشواك، كي تعطى ثمراً مئة. فلنكن أواني للكرامة، كي يطلبنا الرب ليستخدمنا. فلنَبع كل مقتنياتنا ونشترى لأنفسنا اللؤلؤة، كي نصير أغنياء. فلنضع كنوزنا في السماء، كي عندما نأتي نفتحها ونُسر ونفرح بها. فلنزر ربنا في أشخاص المرضى، كي يدعونا لنقف عن يمينه. فلنبغض أنفسنا ونحب المسيح كما أحبنا وبذل نفسه لأجلنا. فلنمجد روح المسيح كي ننال نعمة منه. فلنكن غرباء عن العالم كما كان المسيح غريباً عنه. فلنكن متواضعين وودعاء كي نرث أرض الحياة. فلنكن حارين غير فاترين في خدمته، كي يجعلنا نخدم في مسكن القديسين. فلنُصل صلاته بنقاوة، كي تصل إلى رب المجد. فلنشترك في آلامه، كي نقوم أيضاً في قيامته. فلنحمل علامته على أجسادنا، كي نخلص من الغضب الآتي،لأنَّه مخيف هو يوم مجيئه ومَنْ يستطيع احتماله؟ عظيم هو غضبه وسيهلك جميع الأشرار. فلنلبس على رؤوسنا خوذة الخلاص، كي لا نُجرح ونموت في المعركة. فلنمنطق أحقائنا بالحق، كي لا نوجد ضعفاء في الحرب. فلنوقظ المسيح، كي يُهدئ الرياح التي تهب من داخلنا. فليكن ملجأنا ضد الشرير هو استعداد إنجيل فادينا. فلنأخذ قوة من ربنا، كي ندوس الحيات والعقارب. فلنطرح عنا كل غضب وكل غيظ وحقد. فلنحرص ألاَّ تخرج لعنة من أفواهنا التي بها نصلى إلى الله. فلنكن غير لاعنين، كي نخلص من لعنة الناموس. فلنكن عُمَّال مجتهدين كي ننال جعالة مع القدماء (أي الذين سبقونا وأرضوا الرب). فلنحتمل تعب وثقل اليوم، كي نطلب جعالة أعظم وأوفر. فلنكن عُمَّالاً غير متكاسلين لأنَّه عجباً!! قد استأجرنا ربنا لكرمه. فلنكن مغروسين ككروم في وسط كرمه، لأنَّه الكرمة الحقيقية. فلنكن كروم مثمرة لئلاَّ نُقتلع من كرمه. فلنكن رائحة ذكية، كي يفوح شذانا في جميع الأرجاء. فلنكن فقراء في العالم، ولنُغنى كثيرين بعقيدة ربنا. فلنحرص ألاَّ ندعو أحد أباً في الأرض، كي نكون أبناء الآب الذي في السموات. رغم أنَّه ليس لنا شيء، إلاَّ أنَّنا نملك كل شيء. رغم أنَّه لا أحد يعرفنا، إلاَّ أنَّ الذين لديهم معرفة عنا هم كثيرون. فلنفرح برجائنا كل حين، كي يفرح بنا ذاك الذي هو رجائنا وفادينا. فلنحكم على أنفسنا بعدل ولِنَدِنْ أنفسنا، كي لا نحنى وجوهنا (من الخزي) أمام القضاة الذين سيجلسون على الكراسي ويحاكمون الأسباط. فلنتخذ لأنفسنا من استعداد الإنجيل درعاً للقتال. فلنقرع على باب السماء، كي يُفتح أمامنا وندخل فيه. فلنطلب الرحمة باجتهاد، كي ننال كل ما هو ضروري لنا. فلنفكر ونتأمل في الأمور التي فوق، في الأمور السمائية، حيث رُفع المسيح وتمجد. فلنترك العالم الذي ليس ملكاً لنا، كي نصل إلى المكان الذي دُعينا إليه. فلنرفع أعيننا إلى العلاء، كي نرى ملك المجد الذي سيُعلن. فلنُعِد تقدماتنا للملك من الثمار المقبولة، الصوم والصلاة. فلنهتم ونعتني بجسد المسيح كي تقوم أجسادنا عند صوت البوق. فلنصغي لصوت العريس، كي ندخل معه إلى حجرة العرس. فلنعد هدايا العريس ليوم عرسه ولنخرج لنقابله بفرح. فلنلبس ثياباً مقدسة، كي نتكئ في المتكئ الأول المُعد للمختار الذي يلبس ثياب العرس لئلاَّ يلقوه في الظلمة الخارجية. كل مَنْ يعتذر عن حضور العرس، لن يذوق الوليمة. كل مَنْ يحب الحقول والتجارة، لن يدخل مدينة القديسين. كل مَنْ لا يثمر في الكرم، سيُقتلع ويلقى في العذاب. كل مَنْ نال مالاً من الرب فليعيده لمعطيه مع ربحه. كل مَنْ يريد أنْ يصبح تاجراً، فليشترى لنفسه الحقل والكنز المخفي فيه. كل مَنْ ينال البذرة الصالحة، فليُطهر أرضه من الأشواك. كل مَنْ يريد أنْ يكون صياداً، فليلقى شبكته على الدوام. كل مَنْ يتدرب للحرب، فليحفظ نفسه من العالم. كل مَنْ يريد أنْ يربح الإكليل، فليجرى كفائز في السباق. كل مَنْ يريد أنْ ينزل إلى ساحة المعركة، فليتعلم (أنْ يحارب) ضد عدوه. كل مَنْ يريد أنْ ينزل إلى المعركة، فليأخذ لنفسه درعاً ليحارب به وليطهر نفسه على الدوام. كل مَنْ يقتنى لنفسه شبه الملائكة، فليكن غريباً عند الناس. كل مَنْ يريد أنْ يربح نفسه، فليُبعِد عنه ربح العالم. كل مَنْ يحب المسكن السماوي، يجب ألاَّ يتعب في بناء من طين سوف ينهدم. كل مَنْ ينتظر أنْ يُختطف في السحاب، يجب ألاَّ يصنع لنفسه مركبات مزينة. كل مَنْ ينتظر حفل عرس العريس، يجب ألاَّ يحب مسرات هذا الزمان الحاضر. كل مَنْ يريد أنْ يفرح ويبتهج في الوليمة المعدة هناك، فليُبعِد عنه السُكْر. كل مَنْ يعد نفسه (لحضور) العشاء، يجب ألاَّ يعتذر وألاَّ يكون تاجراً. كل مَنْ تقع عليه البذرة الصالحة، يجب ألاَّ يسمح للشرير أنْ يبذر زوان فيه. كل مَنْ ابتدأ يبنى برجاً، فليحسب حساب النفقة كله. كل مَنْ يبنى، يجب أنْ يكمل (البناء) كي لا يكون سخرية ومهزئة لكل مَنْ يمر بالطريق. كل مَنْ يبنى على الصخرة، فليجعل أسسه عميقة، كي لا تهدمه الرياح. كل مَنْ يريد أنْ يهرب من الظلمة، فليسير طالما له نور. كل مَنْ له رجاء أنْ يدخل الراحة، فليصنع استعداده من أجل السبت. كل مَنْ يترجى غفران الرب، فليسامح أيضاً مُدِينَه. كل مَنْ يضع فضة سيده على مائدة الصيارفة، لن يُدعى عبداً كسلاناً. كل مَنْ يحب الاتضاع، سيرث في أرض الحياة. كل مَنْ يريد أنْ يصنع السلام، سوف يكون من أبناء الله. كل مَنْ يعرف إرادة سيده، فليفعل هذه الإرادة، كي لا يُعاقب كثيراً. كل مَنْ يُطهر قلبه من الكذب والغش، ستنظر عيناه الملك في جماله. كل مَنْ ينال روح المسيح، فليُزين إنسانه الداخلى. كل مَنْ يُدعى هيكل الله، فليطهر جسده من كل دنس. كل مَنْ يُحزن روح المسيح، لن يرفع رأسه من (ثقل) الأحزان. كل مَنْ يأخذ جسد المسيح، فليحفظ جسده من كل دنس. كل مَنْ يخلع الإنسان العتيق، يجب ألاَّ يعود إلى أعماله العتيقة. كل مَنْ يلبس الإنسان الجديد، فليحفظ نفسه من كل نجاسة. كل مَنْ يرتدى درعاً من الماء (أي المعمودية) يجب ألاَّ يخلع درعه لئلاَّ يُدان. كل مَنْ يرتد للوراء لن يُسر الرب به. كل مَنْ يتأمل في ناموس ربه، لن تزعجه أفكار هذا العالم. كل مَنْ يتأمل في ناموس ربه، يشبه شجرة مغروسة بجوار مجارى المياه. كل مَنْ له ثقة بربه، يشبه شجرة مغروسة بجانب النهر. كل مَنْ يتكل على إنسان، سوف تنزل عليه لعنات أرميا. كل مَنْ هو مدعو للعرس، فليُعد نفسه. كل مَنْ أضاء مصباحه، يجب ألاَّ يدعه ينطفئ. كل مَنْ ينتظر صيحة العرس، فليأخذ زيتاً في آنيته. كل مَنْ يحب البتولية، فليقتدي بإيليا. كل مَنْ يحمل نير القديسين، فليجلس ويصمت. |
||||
15 - 05 - 2014, 06:34 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأب أفراهات السرياني
الإيمان * Demonstration I.- OF FAITH إنَّ الإيمان يتكون من أمور عدة، وبأشياء كثيرة يكتمل، لأنَّه يشبه بناء مُكوَّن من قطع كثيرة من مواد البناء، وهكذا يرتفع حتى يبلغ علوّه، واعلم أيُّها الحبيب أنَّه في أساسات البناء تُوضع الأحجار، وهكذا يستقر فوق الأحجار كل الصرح ويرتفع حتى يكتمل، وهكذا أيضاً الصخرة الحقيقية ربنا يسوع المسيح هو أساس إيماننا كله، فالإيمان مؤسس على (هذه) الصخرة، وعلى الإيمان يرتفع كل البناء حتى يكتمل، إذ أنَّ الأساس هو بداية كل بناء، فعندما يزداد إيمان الإنسان، يُوضع له الأساس على الصخرة التي هي ربنا يسوع المسيح، وهذا البناء لا يمكن أنْ تهزه الأمواج ولا تؤذيه الرياح ولا تهدمه العواصف الرعدية، لأنَّه مؤسس على صخرة الحجر الحقيقي، وعندما أُلقِّب المسيح ب"الصخرة"، فإنني لست أتحدث من فكرى الخاص، لكن الأنبياء قبلاً لقبوه بـ"الصخرة" وسوف أوضح لك ذلك. والآن اسمع عن الإيمان المبنى على الصخرة، وعن البناء المؤسس على الصخرة، لأنَّ الإنسان أولاً يؤمن، وعندما يؤمن يحب، وعندما يحب يرجو، وعندما يرجو يتبرر، وعندما يتبرر يصير كاملاً، وعندما يصير كاملاً يرتفع بناؤه كله ويكتمل، عندئذ يصير مسكناً وهيكلاً لسكنى المسيح كما قال الرسول المبارك "أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ" (1كو 16:3) وربنا أيضاً قال لتلاميذه "أَنْتُمْ فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ" (يو 20:14). وعندما يصير المنزل مسكناً، عندئذ يبدأ الإنسان يهتم بما هو ضروري لأجل ذاك الذي سيسكن فيه، تماماً كما لو أنَّ ملكاً أو رجل كريم أُعطى له اسماً ملوكياً، ينزل ويبيت في المنزل، فيكون مطلوباً لأجل الملك كل الاستعدادات الملوكية وكل الخدمة المطلوبة لأجل كرامة الملك، لأنَّه في المنزل الخاو من كل شيء صالح، لن ينزل الملك ولن يسكن في وسطه، لأنَّه لابد من إعداد أفضل ما في المنزل من أجل الملك ولا يكون أي شيء ناقص، وإذا كان هناك أي شيء ناقص في الموضع الذي ينزل فيه الملك، يُسلَّم المسئول عن المنزل إلى الموت لأنَّه لم يُعد الخدمة للملك. بالمثل أيضاً فليحترس ولينتبه الإنسان الذي يصير منزلاً بل مسكناً للمسيح، لما هو مطلوب ولازم لأجل خدمة المسيح الذي يسكن فيه، ويهتم بأي شيء يمكن أنْ يسره ويرضيه. لأنَّه أولاً يبنى بنائه على الصخرة التي هي المسيح، لأنَّ الإيمان مؤسس على الصخرة، وعلى الإيمان يرتفع كل البناء، لأنَّ سكنى المنزل تتطلب صوماً نقياً وهو بالإيمان يثبت، وتتطلب أيضاً صلاة نقية، وهي بالإيمان تُقبل، وتتطلب بالضرورة أيضاً المحبة، وهي مع الإيمان مرتبطة ومتحدة، وأيضاً لابد من الصدقة وهي بالإيمان تُعطى، وهو (أي رب المجد) يطلب أيضاً الوداعة وهي بالإيمان تتزين، كما يختار البتولية وهي بالإيمان محبوبة، وهو يصطحب معه (في سكناه في الإنسان) القداسة وهي في الإيمان مغروسة، ويهتم كذلك بالحكمة وهي بالإيمان تُنال، ويحب أيضاً ضيافة الغرباء وهي بالإيمان تزيد، ويطلب أيضاً البساطة وهي بالإيمان ممتزجة، وأيضاً يطلب الصبر وهو بالإيمان يكمُل، وهو يُقدِّر التألم الطويل وهو بالإيمان يُنال، كما يحب أيضاً الحزن وهو بالإيمان يُستعلن، ويطلب أيضاً النقاوة وهي بالإيمان تُحفظ. كل هذه الأشياء لازمة للإيمان المبنى على صخرة الحجر الحقيقي الذي هو المسيح، فهذه الأعمال مطلوبة لأجل المسيح الملك الذي يسكن في الإنسان المبنى في هذه الأعمال. لقد كتب الرسول المبارك في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس قائلاً "كَبَنَّاءٍ حَكِيمٍ قَدْ وَضَعْتُ أَسَاساً وَآخَرُ يَبْنِي عَلَيْهِ. وَلَكِنْ فَلْيَنْظُرْ كُلُّ وَاحِدٍ كَيْفَ يَبْنِي عَلَيْهِ" (1كو 10:3)،فواحد يبنى بالفضة، وآخر يبنى بالذهب والأحجار الكريمة، وآخر يبنى بالقصب والقش والحطب، وفي اليوم الأخير سوف يُمتحن البناء بالنار، لأنَّ النار لن تقوى على الذهب والفضة والأحجار الكريمة، أمَّا القش والقصب والحطب، فسوف تقوى عليهم النار وسوف يحترقون. ما هو الذهب والفضة والأحجار الكريمة التي يرتفع بها البناء؟ إنَّها بوضوح أعمال الإيمان الصالحة التي سوف تُحفظ وسط النار لأنَّ المسيح يسكن في هذا البناء الجيد وهو يحفظه من النار. فلنفهم إذاً من مثال هؤلاء الرجال الأبرار الثلاثة الذين أُلقوا وسط النار ولم يحترقوا، أي حنانيا وعزاريا وميصائيل الذين لم تقو عليهم النيران لأنَّهم بنوا بناءً جيداً ورفضوا أمر نبوخذ نصر ولم يعبدوا الصورة التي صنعها، أمَّا هؤلاء الذين تعدوا وصية الله فقد سادت عليهم النيران وأحرقتهم. لأنَّ أهل سدوم وعمورة أُحرقوا مثل القش والقصب والحطب، وأيضاً ناداب وأبيهو أُحرقا لأنَّهما تعديا وصية الله، وأيضاً مئتي وخمسين رجلاً كانوا يقدمون البخور... وغيرهم، لأنَّ البار سيُمتحن بالنار مثل الذهب والفضة والأحجار الكريمة، والشرير سوف يُحرق مثل القش والقصب والحطب والنار ستقوى عليه وسيُحرق كما قال أشعياء النبي "لأَنَّهُ هُوَذَا الرَّبُّ بِالنَّارِ يَأْتِي... لأَنَّ الرَّبَّ بِالنَّارِ يُعَاقِبُ" (أش 16،15:66) وأيضاً قال "وَيَخْرُجُونَ وَيَرُونَ جُثَثَ النَّاسِ الَّذِينَ عَصُوا عَلَيَّ لأَنَّ دُودَهُمْ لاَ يَمُوتُ وَنَارَهُمْ لاَ تُطْفَأُ وَيَكُونُونَ رَذَالَةً لِكُلِّ ذِي جَسَدٍ" (أش 24:66). والرسول أيضاً علَّق لنا على هذا البناء وعلى هذا الأساس لأنَّه قال "لاَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَضَعَ أَسَاساً آخَرَ غَيْرَ الَّذِي وُضِعَ الَّذِي هُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ" (1كو 11:3) كذلك تحدث الرسول عن الإيمان أنَّه مرتبط بالرجاء والمحبة لأنَّه قال "يَثْبُتُ الإِيمَانُ وَالرَّجَاءُ وَالْمَحَبَّةُ" (1كو 13:13) وشرح أنَّ الإيمان يُوضع أولاً كأساس. فهابيل بسبب إيمانه قُبلت تقدمته. وأخنوخ لأنَّه كان مقبولاً بإيمانه، لم يمت. ونوح لأنَّه آمن، حُفظ من الطوفان. وإبراهيم بإيمانه، نال البركة وحُسب له براً. ويعقوب بسبب إيمانه، أُنقذ وخلُص. وموسى أيضاً بإيمانه صنع أعمال قوة عجيبة: فبإيمانه أهلك المصريين بضربات عشر، وأيضاً بإيمانه شق البحر وجعل الشعب يعبرون والمصريين يغرقون وسطه، بالإيمان ألقى العصا في المياه المرة فصارت حلوة، وبالإيمان أنزل المن وأشبع الشعب، وبالإيمان فتح ذراعيه وهزم عماليق، بالإيمان أيضاً صعد على جبل سيناء، وبالإيمان أيضاً هزم سيحون وأوج ملكا الأموريين. إنَّه عمل عجيب ومعجزي ذلك الذي فعله موسى في البحر الأحمر، عندما انشقت المياه بالإيمان، ووقفت عالية مثل الجبال، لقد كانت (المياه) ساكنة ووقفت ثابتة عند الأمر، كما لو كانت في أوعية وأواني، محدودة من العلو ومن العمق، وسيولتها لم تفض عن الحدود (المقررة لها) بل غيرت طبيعة خلقتها... المخلوقات غير العاقلة صارت مطيعة، والأمواج صارت صلبة ومنتظرة للانتقام (من فرعون وجنوده) بعدما يعبر الشعب. عجيب جداً هو وقوف الأمواج ثابتة وانتظارها الأمر والانتقام، لقد اُستعلنت وظهرت الأساسات المخفية طوال دهور العالم، وذاك الذي كان منذ البدء سائلاً (أي الماء) صار فجأة جافاً "اِرْفَعْنَ أَيَّتُهَا الأَرْتَاجُ رُؤُوسَكُنَّ وَارْتَفِعْنَ أَيَّتُهَا الأَبْوَابُ الدَّهْرِيَّاتُ" (مز 7:24) لقد دخل عمود النار وأنار المعسكر كله، وعبر الشعب بالإيمان ودينونة البر أتت على فرعون وعلى جيشه ومركباته. كذلك أيضاً يشوع بن نون شق الأردن بإيمانه وعبر أبناء إسرائيل كما في أيام موسى، لكن اِعلم أيُّها الحبيب أنَّ ممر الأردن هذا فُتح ثلاث مرات: الأولى على يد يشوع بن نون، والثانية على يد إيليا، والثالثة على يد أليشع. لأنَّ الكتاب يُعلِّمنا أنَّه أمام ممر أريحا اُختطف إيليا إلى السماء (انظر 2مل 2) وعندما عاد أليشع (وحده بعد اختطاف سيده) وشق الأردن وعبر، خرج بنو أنبياء أريحا ليقابلوا أليشع وقالوا "قَدِ اسْتَقَرَّتْ رُوحُ إِيلِيَّا عَلَى أَلِيشَعَ" (2مل 15:2). وأيضاً عندما عبر الشعب في أيام يشوع بن نون (كان ذلك أمام أريحا) لأنَّه هكذا مكتوب "وَعَبَرَ الشَّعْبُ مُقَابِلَ أَرِيحَا" (يش 16:3). بالإيمان أيضاً هدم يشوع بن نون أسوار أريحا وسقطت (الأسوار) بسهولة، وبالإيمان أيضاً أهلك واحد وثلاثين ملكاً وجعل بنى إسرائيل يرثون الأرض، وبإيمانه أيضاً فتح ذراعيه نحو السماء وثبَّت الشمس في جبعون والقمر في وادي ايلون، فثبتا ووقفا ساكنيْن من حركتهما الطبيعية. إنَّ كل الأبرار، آبائنا، في كل أعمالهم كانوا منتصرين بالإيمان كما شهد عنهم الرسول المبارك "بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ... الخ" (عب 33:11) وأيضاً سليمان قال "أَكْثَرُ النَّاسِ يُنَادُونَ كُلُّ وَاحِدٍ بِصَلاَحِهِ أَمَّا الرَّجُلُ الأَمِينُ (المؤمن) فَمَنْ يَجِدُهُ؟" (أم 6:20) كذلك قال أيوب "تَمَسَّكْتُ بِبِرِّي وَلاَ أَرْخِيهِ" (أى 6:27). ومخلصنا اعتاد أنْ يقول لكل مَنْ يأتيه طالباً الشفاء "بِحَسَبِ إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا" (مت 29:9) وعندما اقترب منه الأعميان قال لهما "أَتُؤْمِنَانِ أَنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ هَذَا؟" (مت 28:9) فقال له الأعميان "نَعَمْ يَا سَيِّدُ" وإيمانهما فتح عينيهما. وقال لذاك الذي كان ابنه مريض "إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ فَكُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ" (مر 9: 22ـ26) فقال له "أُومِنُ يَا سَيِّدُ فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي" وبإيمانه شُفى ابنه. وأيضاً عندما اقترب منه الرجل الشريف، بإيمانه شفى ابنه عندما قال لربنا "قُلْ كَلِمَةً فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلاَمِي" (مت 8:8) ودُهش ربنا من إيمانه وبحسب إيمانه كان له. وعندما مات لعازر، قال ربنا لمرثا "كُلُّ مَنْ كَانَ حَيّاً وَآمَنَ بِي فَلَنْ يَمُوتَ إِلَى الأَبَدِ. أَتُؤْمِنِينَ بِهَذَا؟" فأجابته مرثا "نَعَمْ يَا سَيِّدُ" (يو 11: 23-27) وأقامه بعد أربعة أيام (من دفنه). كذلك أيضاً سمعان المُلقب صفا دُعي بسبب إيمانه باسم "الصخرة" وعندما أعطى ربنا سر المعمودية لرسله قال لهم "مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ" (مر 16:16) كما قال لرسله "كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ فِي الصَّلاَةِ مُؤْمِنِينَ تَنَالُونَهُ" (مت 22:21) فعندما مشى ربنا على أمواج البحر، مشى سمعان بإيمانه معه، لكن عندما دخل الشك في إيمانه، بدأ يغرق فدعاه ربنا "يَا قَلِيلَ الإِيمَانِ" وعندما طلب الرسل من ربنا لم يطلبوا إلاَّ هذا أىّ الإيمان، قائلين له "زِدْ إِيمَانَنَا" فأجابهم "إِنْ كَانَ لَكُمْ إِيمَانٌ وَلاَ تَشُكُّونَ فَلاَ تَفْعَلُونَ أَمْرَ التِّينَةِ فَقَطْ بَلْ إِنْ قُلْتُمْ أَيْضاً لِهَذَا الْجَبَلِ: انْتَقِلْ وَانْطَرِحْ فِي الْبَحْرِ فَيَكُونُ" (مت 21:21). فلنقترب إذاً يا أحبائي من الإيمان، لأنَّ قواته كثيرة، فالإيمان رفع إلى السماء، وهزم الطوفان، وجعل العاقر تلد، وخلَّص من السيف، وأخرج من الجب، وأغنى الفقير، وحرر الأسرى، وخلَّص المضطَهَدين، وأطفأ النار، وشق البحر، وفلق الصخرة وأعطى للعطشان ماء ليشرب، وأشبع الجوعى، وأقام الموتى وأصعدهم من الجحيم، وثبَّت الأمواج، وشفى المرضى، وهزم جيوشاً وهدم أسواراً، وسد أفواه الأسود، وأخمد لهيب النار، وأنزل الأعزاء ورفع المتواضعين. * وكل هذه الأعمال العظيمة صنعها الإيمان. |
||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|