صلاة رفع بخور العشية وباكر
1) أمر الله موسى في العهد القديم بتقديم ذبيحة صباحية وذبيحة مسائية يصاحبهما رفع البخور أمام مذبح البخور، ومن أسخف ما سمعت لإظهار عدم أهمية البخور، أن الله أمر بتقديم البخور بسبب روائح الدم المنتشرة، وطالما لا توجد ذبائح دموية فلا داعٍ لتقديم البخور. هذا الكلام لا معنى له لأن الذبائح كانت تقدم على مذبح المحرقة خارج الخيمة، وكان البخور يقدم على مذبح البخور داخل الخيمة. فهل ما كان يقدم في المجمرة مرتين يوميًا فقط، يكفي لأن يخرج خارجًا ويملأ الجو ويزيل روائح الذبائح الحيوانية والدماء التي كانت تُقَدَّم طوال اليوم؟! الله أمر بتقديم البخور فيجب أن يقدم. ومازالت الكنيسة تقدمه:
أ- باكر وعشية كما قال الله.
ب- في نفس المكان الذي كان يقدم فيه كهنة العهد القديم البخور أي خارج الهيكل، لأن كهنة العهد القديم كانوا يقدمون البخور أمام مذبح البخور الموجود خارج قدس الأقداس، أي أمام الحجاب.
2) يصلي الكاهن صلاة العشية وباكر كلها أمام الحجاب، أي على باب الهيكل الحالي، على الجانب الأيسر منه، ولا يقف في وسط الباب. فهو في موقف التذلل الذي يطلب بركة. صلاة رفع بخور العشية وباكر تمثل حالتنا في العهد القديم فالحمل لم يقدم بعد. وأول مرة يصلي الكاهن على المذبح تكون بعد تقديم الحمل، وفي يديه الحمل، فنحن لا قبول لنا في السماء (والهيكل رمز السماء) بدون المسيح حمل الله.
3) لذلك يصلي الكاهن صلوات رفع بخور باكر والعشية بالملابس السوداء. ولكنه يلبس الملابس البيضاء مع بداية القداس فدم المسيح بررنا وجعلنا في ملابس بيضاء (رؤ7 : 14). وبنفس الفكر نجد أنه في دورة البخور يبدأ الكاهن من جهة اليسار أولًا، ثم يتجه إلى جهة اليمين كما سيأتي فيما بعد. والسبب أننا في القداس نكرر قصة فداء المسيح وتقديم نفسه ذبيحة على الصليب مبتدئين من رموز هذه الذبيحة في العهد القديم أي صلوات رفع بخور العشية وباكر، وصلوات المزامير. ثم القداس نفسه وتقديم الذبيحة وحتى الصعود وإرسال الروح القدس (رش الماء في نهاية القداس). ونبدأ دورة البخور في عشية وباكر من جهة اليسار لأنه خلال صلوات رفع البخور نكون كما لو كنا مرفوضين في العهد القديم قبل المسيح ثم انتقلنا بذبيحة المسيح إلى جهة اليمين. وهذا يتم أيضا في دورة البولس لأن بولس الرسول كرز للأمم المرفوضين وبإيمانهم تطهروا وصاروا مقبولين في المسيح.
4) وهذا الفكر يظهر بوضوح أكثر في صوم يونان والصوم الكبير حينما نغلق الستر ونطفئ الأنوار ونقرأ النبوات والطلبات والمطانيات لتمثيل حالنا قبل المسيح وذلك أثناء رفع بخور باكر.
5) بنفس المنهج يقوم الكاهن (وليس أحد آخر) بفتح الستر وفي يده صليب إعلانًا أن المسيح بكهنوته (أي تقديم نفسه ذبيحة على الصليب فتح لنا باب السماء ومع فتح الستر يقول الكاهن "ارحمنا يا الله.." ويطلب السماح من باقي الكهنة ثم المصلين . ثم نصلي أبانا الذي في السموات فهي الصلاة التي علمنا إياها الرب يسوع وبها نبدأ كل صلواتنا.
6) صلاة رفع البخور تنقسم لثلاثة أقسام رئيسية:
أ- صلاة الشكر: فنحن لا نبدأ إلاّ بالشكر. ونشكر في كل حال.
ب- الأواشي : "أوشية الراقدين في العشية. وأوشية المرضى والمسافرين والقرابين (إن كان الحمل موجودًا) في باكر. والمعنى أننا نذكر الغائبين عنا بسبب أنهم رقدوا أو أنهم مرضى أو مسافرين.
الاستثناءات: 1) قد نصلي المرضى في أيام الفرح في العشية. وهناك رأي يرفض هذا ويقول ولماذا لا نصلي الراقدين، فهم ليسوا موتى، بل هم في السماء، ونحن في القداس نصلي "أولئك يا رب.." فما المانع أن نصلي للراقدين في العشية (والرأي الثاني أوقع).
2) أيام السبت نصلي الراقدين في صلاة باكر لنذكر المسيح الذي كان في الفردوس كل يوم السبت.
3) أيام الآحاد لا نصلي للمسافرين، فالمفروض أنه لا سفر ولا عمل يوم الأحد. هو يوم للرب.
ج- أوشية الإنجيل: لنكون مستحقين لسماع الإنجيل المقدس.
7) وبعد قراءة الإنجيل يصلي الكاهن التحاليل الثلاثة للشعب ويصرفهم.
8) ونلاحظ أن البخور كما قلنا سابقًا هو رمز للمسيح. فالمسيح هو محور كل صلواتنا وحياتنا.
9) رفع بخور العشية ورفع بخور باكر لهما نفس الطقس مع فارق الأواشي كما ذكرنا بالإضافة إلى بعض الفروق الطفيفة في التسبحة والصلاة التي يرددها الكاهن مع رفع البخور سرًا في الهيكل.
10) لاحظ دائمًا في دخول الكاهن للكنيسة أنه يسجد أمام المذبح قائلًا "أما أنا فبكثرة رحمتك أدخل بيتك وأسجد أمام هيكل قدسك بمخافتك".
11) عند فتح الكاهن للستر ممسكًا الصليب فهو يشرح أنه بذبيحة الصليب انفتحت لنا السماء، لذلك يصلي وهو يفتح الستر قائلًا "ارحمنا يا الله الآب ضابط الكل.." طالبًا الرحمة فبسبب خطايانا كان هناك حجاب بيننا وبين السماء ثم كانت ذبيحة المسيح بالصليب.